الكل يعرف ويدرك ويوقن أن العم خالد يوسف المرزوق – رحمه الله – لم يكن من مؤسسي البنك العقاري فحسب، لكنه كان من أبرز الرواد الذين أدركوا منذ أكثر من ربع قرن ان القطاع العقاري الذي كان يومها في مرحلة نموه التأسيسي بحاجة الى بنك متخصص يوفر لهذا القطاع الحيوي التمويل الكافي والمؤازرة الضرورية ويمكنه في الوقت نفسه من اقتحام المشاريع الكبرى التي كانت تتطلع اليها الكويت في ذلك الوقت في اطار طموحاتها الحضارية والاقتصادية، ولم يكتف خالد المرزوق بالإسهام البارز في وضع الأساس، بل حرص على ان يرتفع بالبناء سنة بعد أخرى ليتحول البنك العقاري الى صرح اقتصادي له دوره المتميز واسهامه الإيجابي في سوق العقار في الكويت بشكل عام. ولم يكن ذلك غريبا عنه وهو كما كان يقول دائما (رحمه الله) انه «رجل بناء» لاسيما ان البناء يعنى بكل المفاهيم والطموح الواسع والإخلاص الصادق والدقة في العمل والمصداقية في الجهد والتفاني في العطاء.
فالراحل الكبير قام بتأسيس البنك العقاري وتطويره طوال 25 عاما، حيث كان رئيس لجنة تأسيس البنك وساهم في نهضة ونمو البنك على مدى 25 عاما، ومن قراراته الحكيمة والإنسانية توحيد رواتب الخليجيين العاملين في البنك العقاري ومساواتهم بنظرائهم الكويتيين، وكذلك مساهمته في إصدار مجلة عالم العقار والاستثمار، وهي أول مجلة كويتية متخصصة في عالم العقار والاستثمار.
وفي مايو 98 اعتذر عن عدم ترشيح نفسه للمجلس الجديد رغم موافقة البنك المركزي على ترشيحه وتمسك المساهمين به وإصرارهم على عدوله عن الاعتذار. وقال: «لقد أسست البنك – العقاري – والبنك التجاري، واحتفال البنك العقاري بعيده الخامس والعشرين هو احتفال بعيدي».
وأبدى – رحمه الله – رغبته في التفرغ لإدارة أعماله الخاصة، مشيرا الى تاريخه في انه «رجل بناء»، وقال: اترك البنك على محبة واخلاص وتفاهم مع الاخوة أعضاء مجلس الادارة الجديد، واني رهن الاشارة في خدمة «العقاري» وهو بنك قوي سيستمر بالقوة ذاتها إن شاء الله ولن يتأثر بفضل الاخوة العاملين من الكفاءات الكويتية، وليس لي إلا ان أسلم الأمانة الى هؤلاء الأكفاء.
والراحل صاحب عطاء استمر بلا كلل أو ملل طوال أكثر من ربع قرن، ومع ذلك فإن كل هذا التواصل في البذل والجهد والإيثار لم يثن صاحب العطاء وصاحب المواقف عن ان يطلب وبإلحاح ان يترك موقعه القيادي مفسحا المجال لمن يواصل المسيرة، مع حرصه في الوقت نفسه على الاستمرار في العطاء باخلاص وصدق، ولكن بعيدا عن شكليات الكرسي القيادي، معتبرا نفسه جنديا مثابرا بغض النظر عن موقعه أو منصبه.؟
فقد أصر الفارس النبيل على ان يترك الكرسي رغم إصرار الجميع حينها على استمراره فيه ولم يدل هذا الموقف فقط على الزهد في المناصب ولا على الترفع عنها، بقدر ما أكد ان الرجال الحقيقيين هم الذين يصنعون المناصب والقيادة والريادة وليست المناصب هي من تصنعهم ولا المقاعد هي التي تبرزهم مهما كانت وثيرة أو فخمة أو براقة. كما ان هذا الموقف بيّن ان الافراد، خاصة الذين يتصدرون العمل العام هم الرجالات الصادقون، وهم الذين لا يسعون الى المنصب مؤمنين بأن العطاء الصادق لا يحتاج الى موقع قيادي ولا يتطلب كرسيا وظيفيا للتربع عليه.
وفي 29 يونيو 1998 احتشدت الأسرة المصرفية في لقاء للوفاء أقامه مجلس ادارة البنك العقاري الكويتي لتكريم العم خالد يوسف المرزوق رئيس مجلس الإدارة السابق ومؤسس البنك العقاري – رحمه الله – ونائب الرئيس والعضو المنتدب السابق محمد أحمد الفرحان، والمدير العام بالوكالة سابقا وفاء القطامي.
وقد استهل حفل التكريم الشيخ علي الخليفة العذبي الصباح رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب للبنك العقاري حينها بكلمة قال فيها: يسعدني تشريفكم بالحضور لهذا الاحتفال البسيط جدا الذي أعده البنك العقاري اعترافا بفضل ثلاثة كان لهم دور كبير في تأسيس البنك وتطويره وهم الاخوة الكرام والأخت الكريمة المحتفى بها اليوم.
وتابع الشيخ الخليفة قائلا: الأخ خالد يوسف المرزوق كان كما تعرفون يرأس لجنة تأسيس البنك العقاري حيث كان «الدينامو» لها قبل 25 سنة ماضية، والأخ خالد له أفضال كبيرة على البنك وأنا وأعضاء مجلس الإدارة الآخرون وباقي حملة الأسهم كنا نرجوه الى يوم قبل اجتماع الجمعية العمومية الأخير آملين منه ان يبقى معنا كرئيس حتى إذا ما كان عنده وقت لانشغالاته الكثيرة كي يتفرغ، وانما اختار ان يرعى البنك من الخارج.
واضاف الشيخ خليفة قائلا: نحن نقدر للأخ خالد المرزوق جهده سواء في البنك أو خارجه فهو المؤسس للبنك والذي رعاه خلال فترة الخمس والعشرين سنة الماضية، واذا كان هناك فضل في انشاء البنك العقاري وتطويره سواء الأخ خالد في مجلس الادارة أو خارج مجلس الادارة في السابق وفي المستقبل فهو يعود للأخ الكريم خالد المرزوق.
وعقب ذلك ألقى العم خالد المرزوق – رحمه الله – كلمة بهذه المناسبة ردا على تظاهرة الوفاء والتكريم التي أحاطت به قال فيها: بفضل من الله ومن المساهمين والعاملين ومجالس الادارة المتعاقبة كان نجاح البنك العقاري، وأنا بالعكس لم أفعل أي شيء واعتبر نفسي جزءا من الجهاز المصرفي حيث ساهمت في تأسيس البنك التجاري ثم البنك العقاري، وهذه هي سنة الحياة، ان الانسان عندما يشعر بأنه أعطى ما عنده يترك المجال لغيره لتدور سنة الحياة.
واضاف – رحمه الله – مخاطبا الحضور قائلا: «أنا شاكر الاخوان علي الخليفة وأعضاء مجلس الادارة والعاملين في البنك والقطاع المصرفي كإخوة وزملاء وكل رؤساء البنوك على ما غمروني به، وهذا شيء أنا لا أستحقه لأن كل ما نعطيه.. نعطيه لكويتنا الغالية، وألف شكر.