زيارة «الأنباء» هذا الشهر كانت مختلفة عن سابقاتها ونحن لم نقم بزيارة الى مؤسسة لرعاية المعاقين او المسنين او الاطفال الايتام، بل كانت الى دار الاحداث، انهم شباب وفتيات في عمر الزهور وضعهم القدر في هذا المكان، او وضعوا انفسهم، هل هم مسؤولون عن اعمالهم ام ان اسرهم مسؤولة عما وصلوا اليه؟ مئة سؤال وسؤال تتوارد الى الأذهان بمجرد مشاهدة مجموعة من الفتيان لا تزيد اعمارهم على 18 سنة وبدلا من ان يكونوا على مقاعد الدراسة يتابعون تحصيلهم العلمي فهم متواجدون في الدور التابعة لإدارة الأحداث لأسباب مختلفة ومتنوعة.
نظرة غريبة في عيون النزلاء، هل هي نظرة ندم ام نظرة أمل بالخروج الى المجتمع بشكل مختلف؟ لسان حال كل منهم يقول بصوت جماعي: «لن نكرر ما فعلناه إن شاء الله، كنوز الدنيا لا تساوي يوما واحدا بعيد عن «الربع»»، ويقولون: مع العلم ان الدار غير مقصرة معنا بشيء، فهي توفر لنا كل ما نحتاجه وتعمل على اعادة تأهيلنا وتوفر لنا التدريب والتأهيل والتوجيه ولو وجدنا هذا الاهتمام داخل اسرنا لما وصلنا الى هنا».
اسباب الدخول مختلفة (تفكك اسري، رفقة السوء، حب المغامرة، تحدي الذات والآخرين، وغيرها من الأسباب)، كل نزيل له وجهة نظره بالسبب، لكنهم مجتمعون على ان الحياة الآمنة والمطمئنة لا تقدر بثمن والفوضى هي سبب كل خلل، ونأمل في الخروج بشكل جديد ونفسية جديدة.
هذا بعض ما ردده نزلاء ادارة رعاية الاحداث، سواء من الفتيان او الفتيات.
مراقب الادارة عصام بن حيدر أكد لـ «الأنباء» ان الادارة تتعامل مع نزلائها على اساس ضرورة اعادة التأهيل وتوفير الفرصة لهم لإصلاح الذات عبر تأمين المساعدة النفسية والاجتماعية والتوجيه الديني.
وعن اأداد الأبناء، قال انه يتغير من شهر الى آخر، لكن الحمد لله هذه السنة في الصيف كانت الزيادة طفيفة بالأعداد.
واضاف بن حيدر: نركز في عملنا على تحسين كل اساليب الرعاية، على اساس تقويم وعلاج حالات الانحراف وسوء التكيف.
وذلك بالتعاون مع جميع الجهات الرسمية التي فتحت مجالات تعليمية جديدة عبر دورات تدريبية في العديد من التخصصات التي تساعد ابناءنا في العودة للمجتمع كعناصر مكتملة البناء، وتساعدهم في الاعتماد على انفسهم واستقرارهم في الحياة.
وعن العقبات، اكد بن حيدر ان غياب الكادر وقلة الحوافز وعدم وجود خدمة نزيل ابرز العقبات التي تواجهنا في العمل وبالتالي حولت الادارة الى طاردة للموظفين. بدوره، اكد نائب مشرف دار الفتيات احمد عبدالكريم ان الدار لديها ما يقارب 35 نزيلة مقسمات على اسرتين اعمارهن بين 14 - 18 سنة، منهن من تتابع دراستها في مدارس الاصلاح داخل الادارة، ومنهن من تم توجيها مهنيا لتكتسب حرفة تستفيد منها في حياتها اليومية بعد خروجها الى المجتمع.
وتابع عبدالكريم: والادارة تحرص على توفير جميع انواع الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية والتوعية الدينية التي نركز عليها كثيرا.
وعن العقبات التي تواجههم، قال ابرز عقبة هي عدم وجود حوافز تشجيعية بالأخص للمشرفين والاخصائيين، حيث اوضح ان العاملين في ادارة الاحداث المشرفين والملاحظين يتقاضون بدل طبيعة عمل 60 دينارا بينما بقية الدور في قطاع دور الرعاية الاجتماعية يتقاضون 80 دينارا ويرافقهم عامل من خدمة النزيل، وهذا غير متوافر لدينا.
كما اننا نتعامل مع ابناء اسوياء لكنهم يعانون من مشاكل اجتماعية وخلل نفسي، وهم بالتالي يحتاجون لعناية ورعاية اضافية ويتطلب الامر مجهودا كبيرا من المشرفين، وكل ذلك دون تشجيع لهم وهذا يدفعهم للتسرب من العمل مع الاحداث والانتقال الى ادارات اخرى اقل مسؤولية.
«الفتيات» الزيارة الأصعب على نفوسنا
كما ان الزيارة الى دار الفتيات كانت الاقسى على نفوسنا لم نكن نتخيل ان فتاة لا تتجاوز السادسة عشرة تحدث اسرتها بالرغم من توفير الاسرة لها كل ما تحتاجه - حسب تعبيرها - وتركت المنزل وانحاشت مع صديقات سوء، الامر الذي اوصلها الى دار الفتيات، وتستعرض قصتها بكل ثقة بالنفس وتقول: هذه داري وبيتي وامي وابي، هنا تعلمت ان الحياة ليست فوضى ودلعا فقط، بعد دخولي الى الدار قبل سنتين عدت الى المدرسة وحاليا في السنة الرابعة ثانوي ولن اخرج قبل ان انهي دراستي.
وفتاة اخرى لا تتجاوز الـ 17 سنة لم تستطع التكلم حيث كانت الدموع اكثر تعبيرا من الكلمات، زيارتنا لهن استمرت اكثر من ساعة وهي لم تهدأ من البكاء والندم وكل ما تقوله «نفسي امي تسامحني».
الصفحة في ملف ( pdf )