- معرفي: إجازة الاعتصامات فيها تجرؤ على الأحاديث الصحيحة
- الجرمان: الإسلام يأمرنا بطاعة ولي الأمر وينهى عن الخروج عليه
- النجدي: لا يوجد في النصوص الشرعية ما يدل على جواز الاعتصامات
- الحاي: المظاهرات ليست من الإسلام وإنما من مذهب الخوارج
ضاري المطيري
فتوى د.عجيل النشمي الأخيرة حول جواز المظاهرات والاعتصامات ولو لم يأذن بها الحاكم ونظامه إذا قابلها بلوغ ظلم الحاكم مداه فعطل الشرع وحارب أهله وصادر الحريات وكمم الأفواه، وملأ السجون، والتي أكد فيها أن المظاهرات لا تنافي السمع والطاعة لولي أمر المسلمين، أثارت ردودا واسعة من الرفض بين أوساط العلماء ومشايخ الدين في الكويت، حيث أكد عدد منهم لـ «الأنباء» أن المظاهرات بدعة غربية محدثة تخالف النصوص الشرعية، لافتين إلى أن إجازة المظاهرات تتناقض مع فتاوى الكبار من العلماء، وفيما يلي بعض الآراء الفقهية حول هذه الفتوى:
في البداية استنكر أستاذ كلية الشريعة د.سليمان معرفي فتوى النشمي، والتي رأى فيها مخالفات شرعية صارخة، مؤكدا في الوقت نفسه أنه يكن كل التقدير والاحترام لشخص الشيخ د.عجيل النشمي، والذي يعتبره رجل علم وبارزا، لكن لا يمنع ذلك من قول الحق، لأن الحق أكبر من كل كبير، وأعظم من كل عظيم، والمسلم عليه إذا رأى من أهل العلم مخالفة للحق أن يرد عليهم ردا علميا.
وأضاف أن فتوى النشمي الأخيرة لم تدعم بكلام أهل العلم ولا بالأدلة الشرعية الصريحة، وإنما استشهد ببعض النصوص وطوعها بحسب ما ذهب إليه من اجازة المظاهرات والاعتصامات، مخالفا بذلك فتوى كلام كبار أهل العلم كالعلامة ابن باز وابن عثيمين والألباني وصالح الفوزان وعبدالعزيز آل الشيخ وصالح آل الشيخ وغيرهم من العلماء، كما اقتصر النشمي في فتواه تلك على ذكر الرأي القائل ان وسائل الدعوة اجتهادية، مخالفا بذلك القول الصحيح الذي ينص على أن وسائل الدعوة غير اجتهادية، والتي سيفرد لها ردا موسعا مستقبلا.
وقال معرفي انه اطلع على ما نشر للداعية النشمي، ووجد فيه أمورا خطيرة كإلغاء الأحاديث الصحيحة والجرأة عليها، خاصة الحديث الصحيح «وإن جلد ظهرك وأخذ مالك»، موضحا أن هذه ليست المرة الأولى له في تجرئه على الأحاديث النبوية الثابتة، فله سابقة في هذا الشأن عبر إلغائه حديث النبي صلى الله عليه وسلم «لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة» وكأن لم يكن، وذلك في مقال سابق نشر له أيضا، داعيا مشايخ وعلماء الحديث خاصة، من داخل الكويت وخارجها، بمن فيهم اساتذة الشريعة، أن يقرأوا كلام الداعية د.عجيل النشمي حفظه الله وهدانا وإياه، خاصة في المسائل الحديثة، وتطبيق قاعدة إذا وجد الاحتمال بطل الاستدلال، وذلك لأنه لا يجوز لهم السكوت عن هذه الأخطاء تحت أي مبرر، فالنشمي وإن كان من العلماء، فهو يعلم أنه كل إنسان يؤخذ من قوله ويرد، وليس هناك عالم أعلى من الحق.
الجرمان: طاعة ولي الأمر واجبة
من جهته قال الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الداعية فيحان الجرمان ان طاعة ولي الأمر واجبة على كل مسلم ومسلمة إلا في معصية الله فلا سمع ولا طاعة في هذه المعصية، وأما ما لا معصية فيه فإنه يتحتم على المسلم السمع والطاعة وهذا لا خلاف عليه بين علماء السلف بل هو اجماع، ولذلك قال العلامة ابن عثيمين «فتجب طاعة ولي الأمر ولو كان من افسق عباد الله وذلك لعموم الأدلة الدالة على وجوب طاعة ولاة الأمور والصبر عليهم وان رأينا ما نكره».
وأضاف ان الإسلام بآياته وأحاديثه يأمر بطاعة ولي الأمر وينهى عن الخروج عليه باليد او اللسان، او كل ما يؤدي إلى إثارة الضغائن والأحقاد عليه وهذا هو منهج الإسلام الصحيح فهذا الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله يضربه السلطان بالسياط في مسألة خلق القرآن ويجره بالبغال حتى يغمى عليه وادخل السجن وهو امام أهل السنة والجماعة ومع ذلك كله لم ينزع يده من طاعة السلطان بل كان يدعو له ويسميه أمير المؤمنين ولم ينتقم لنفسه أو تأخذه الحماس غير المنضبطة بضوابط الشرع.
دخيلة على الإسلام
وتابع قائلا: هذا شيخ الإسلام ابن تيمية تسلط عليه الخليفة وأذاه وسجنه ومات في السجن ومع ذلك امر الناس بطاعة ولي الأمر بقوله، وأما لزوم طاعتهم وان جاروا فلأنه يترتب على الخروج من طاعتهم من المفاسد أضعاف ما يحصل من جورهم بل في الصبر على جورهم تكفير السيئات ومضاعفة الأجور فإن الله ما سلطهم علينا الا لفساد أعمالنا والجزاء من جنس العمل، ولم يقولوا هذا الكلام تقربا للسلطان فإنهم قالوا بهذا القول وهم من ابعد الناس عن السلطان ولكن تحكمهم النصوص الشرعية وتسيرهم.
وأوضح الجرمان أن الاحتجاجات والمظاهرات والاعتصامات هي دخيلة على الإسلام ولا يجوز العمل بها لما يترتب عليها من مفاسد يدركها من له أدنى بصيرة والمظاهرات تجمع الغوغاء من الناس وربما يكون من بينهم من يريد الشر للبلد ولا اعلم من علماء السلف ممن شهد له بالاستقامة وسلامة المنهج من يجيز هذه المظاهرات، وإذا كانت الدساتير الوضعية تجيز ذلك وولي الأمر لا يريد ذلك فيجب طاعة ولي الأمر لأن النصوص تحث على ذلك وأما الدستور فليس بوحي او حكم شرعي وإنما هو كلام للبشر فيه الصواب والخطأ وإذا تعارض كلام ولي الأمر مع الدستور قدم كلام ولي الأمر ولو خالف الدستور لأن طاعة ولي الأمر من طاعة الله ورسوله.
النجدي: بدعة مفسدة
أما رئيس اللجنة العلمية التابعة لإحياء التراث الإسلامي الداعية د.محمد النجدي فقال «إننا لا نعلم في النصوص الشرعية من الكتاب والسنة، وعمل السلف، ما يدل على جوازها، أو ما يدل عليها، والمسلم عليه أن يكون متبعا لا مبتدعا، ففي ذلك الغنية والكفاية عن الأمور المحدثة، بل فيها من المفاسد الكثيرة، والأضرار بالأنفس والممتلكات، ودخول ذوي الأغراض الفاسدة فيها، ما هو معروف لكل ذي بصيرة، ما يقضي بحرمتها ومنعها، وقد منع منها كبار أهل العلم في هذا العصر كالشيخ العلامة عبدالعزيز بن باز، والشيخ المحدث الألباني، والشيخ الفقيه محمد بن صالح العثيمين، رحم الله الجميع».
الحاي: ليست شرعية
وأما الداعية حاي الحاي فقال إنه لاشك في أن ما يسمى بالمظاهرات أو مسيرات الاحتجاج ليست من الإسلام في بل هذا مذهب الخوارج النتن والمرجئة العفن والمبتدعة فمذهب السلف لا يرى المظاهرات ولا يراها وسيلة شرعية بل هذه طريقة أوروبية أما الإسلام فبريء من المظاهرات.
وأضاف انه لابد من العلم بأن للمظاهرات مفاسد وأضرارا وما أجمل تسديدا من كلمة المؤرخ عبدالرحمن بن خلدون رحمه الله عندما بين ضرر المظاهرات بأنه قد يندس ويختبئ بها بعض الغوغائيين فيحدثون فتنا ويزداد الأمر سوءا ـ وإمام أهل السنة والجماعة عندما دخل عليه بعض الناس وقالوا الخليفة الواثق يقول بخلق القرآن ورأوا الخروج عليه والمظاهرات: قال أحمد: الدماء الدماء، وكفهم عن ذلك.
بن باز: المظاهرات الرجالية والنسائية من أسباب الفتن وظلم الناس
سئل العلامة عبدالعزيز بن باز رحمه الله عن حكم المظاهرات فأجاب قائلا «المظاهرات الرجالية والنسائية من أسباب الفتن وظلم الناس، ولكن الأسباب الشرعية النصيحة والدعوة إلى الخير التي شرعها أهل العلم وأصحاب النبي بالمكاتبة والمشافعة مع الأمير والسلطان ومكاتبته ومناصحته دون التشهير به».
وقال في موضع آخر «والأسلوب السيئ العنيف من أخطر الوسائل في رد الحق وعدم قبوله أو إثارة القلاقل والظلم والعدوان والمضاربات ويلحق بهذا الباب ما يفعله بعض الناس من المظاهرات التي تسبب شرا عظيما على الدعاة، فالمسيرات في الشوارع والهتافات ليست هي الطريق الصحيح للإصلاح والدعوة، فالطريق الصحيح، بالزيارة والمكاتبات بالتي هي أحسن».
ابن عثيمين: المظاهرات فيها من الفوضى والشغب ما يجعلها أمراً ممنوعاً
أما العلامة ابن عثيمين رحمه الله فقال عن المظاهرات «إن المظاهرات أمر حادث، لم يكن معروفا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولا في عهد الخلفاء الراشدين، ولا عهد الصحابة رضي الله عنهم، ثم إن فيه من الفوضى والشغب ما يجعله أمرا ممنوعا، حيث يحصل فيه تكسير الزجاج والأبواب وغيرها ويحصل فيه أيضا اختلاط الرجال بالنساء، والشباب بالشيوخ، وما أشبه من المفاسد والمنكرات.
وأما مسألة الضغط على الحكومة، فهي إن كانت مسلمة فيكفيها واعظا كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا خير ما يعرض على المسلم، وإن كانت كافرة فإنها لا تبالي بهؤلاء ـ المتظاهرين ـ وسوف تجاملهم ظاهرا، وهي ما هي عليه من الشر في الباطن.
لذلك نرى أن المظاهرات أمر منكر، وأما قولهم إن هذه المظاهرات سلمية، فهي قد تكون سلمية في أول الأمر أو في أول مرة ثم تكون تخريبية، وأنصح الشباب بأن يتبعوا سبيل من سلف فإن الله سبحانه وتعالى أثنى على المهاجرين والأنصار، وأثنى على الذين اتبعوهم بإحسان».
الألباني: التظاهر فيه تقليد للكفار
قال العلامة ناصر الدين الألباني رحمه الله «التظاهر ظاهرة فيها تقليد للكفار في أساليب استنكارهم لبعض القوانين التي تفرض عليهم من حكامهم أو إظهار منهم لرضا بعض تلك الأحكام أو القرارات.
وهذه التظاهرات الأوروبية ثم التقليدية من المسلمين، ليست وسيلة شرعية لإصلاح الحكم وبالتالي إصلاح المجتمع.
ومن هنا يخطئ كل الجماعات وكل الأحزاب الإسلامية الذين لا يسلكون مسلك النبي صلى الله عليه وسلم في تغيير المجتمع، لا يكون تغيير المجتمع في النظام الإسلامي بالهتافات وبالصيحات وبالتظاهرات، وإنما يكون ذلك بالصبر على بث العلم بين المسلمين وتربيتهم على هذا الإسلام حتى تؤتي هذه التربية أكلها ولو بعد زمن بعيد، فالوسائل التربوية في الشريعة الإسلامية تختلف كل الاختلاف عن الوسائل التربوية في الدول الكافرة».