تثير الأغاني الوطنية الحماس وتشحذ الهمة وتكرس وتقوي المعاني الوطنية النبيلة بين أبناء الشعب الواحد على اختلاف مذاهبهم وانتمائهم، حيث تجمعهم داخل سور الوطن الواحد، خصوصا اذا كانت كلمات الأغنية صادقة ومعبرة عن حال الوطن في أفراحه ومحنه كونها حتما تلامس الوجدان والأحاسيس.
وقال عميد المعهد العالي للفنون الموسيقية د.بندر عبيد لـ «كونا» ان اغنية «آن أن نحمي الحمى والوطنا..آن أن ندفع عنه الايحنا.. آن أن نصمد صفا واحدا.. آن أن نقصي العدو الأرعنا» تعد أول أغنية وطنية حماسية كويتية ألهبت مشاعر المواطنين للدفاع عن وطنهم وكانت بمناسبة استقلال الكويت في 1961 ومحاولة الرئيس العراقي آنذاك عبدالكريم قاسم الفاشلة للاعتداء على ارض الكويت وتم تسجيلها وبثها على شاشات تلفزيون الكويت.
ويضيف ان «العرضات» قديما تعتبر مصدر الأغاني الحماسية، حيث كانت تصور ساحة المعركة بفنونها القتالية مصحوبة بحركات خاصة لسيوف وحركات الكر والفر مع صيحات خاصة تغنى على إيقاع ضربات الطبول لكي تثير الحماس داخل نفوس المواطنين وهي تعتبر حجر الأساس للأغنية الوطنية خصوصا في مناطق الجزيرة العربية.
وأشار الى أن كلمات هذه الأغنية للشاعر عبدالله سنان وألحان أحمد باقر وغناء شادي الخليج وقد تبعها أغنية أخرى وطنية للفنان سعود الراشد تقول «رفرف يا علم بلادي فوق السهل والوادي» ثم أغنية عوض دوخي «الفجر نور» وتعتبر هذه الثلاثية من أول وأفضل الأغاني الوطنية الحماسية التي قدمها تلفزيون الكويت.
ويكمل د.عبيد حديثه قائلا: ان أهم ما يميز الأغاني الوطنية الكويتية، خصوصا خلال فترة النهضة والاستقلال في حقبة الستينيات انها ركزت على حب الحياة والحرص على العمل من أجل الكويت ومثال على ذلك أغنية «الفجر نور يا سلام بانت أيامه السعيدة يا سلام الفجر نور» وأيضا أغنية «طاب النشيد فاليوم عيد عيد الكويت» وهي من ألحان وكلمات حمد رجيب وهذا النوع من الأغاني يجنح الى السلام والعمار.
وذكر ان هناك ظاهرة تميزت بها الأغنية الوطنية الكويتية وهي مشاركة العديد من الفنانين العرب في المناسبات الوطنية من خلال ألحان أو كلمات ومثال ذلك الراحلة كوكب الشرق أم كلثوم عندما غنت «يا دارنا يا دار يا موطن الأحرار» وهي كلمات الشاعر الكويتي أحمد العدواني وألحان الملحن رياض السنباطي وأيضا المطرب الراحل محمد عبدالوهاب الذي غنى «الكويت العربي بلدي وفداه روحي ودمي والدي وولدي».
وعن الأغاني الوطنية التي عاصرت الاحتلال الغاشم ولعبت دورا كبيرا في إلهاب الحماس من أجل مقاومة الاحتلال أوضح د.عبيد أن منها أوبريت «الليلة المحمدية» الذي غني في القاهرة للمطرب عبدالله الرويشد اضافة الى أغان أخرى تؤكد الشرعية الكويتية والثقة بالعودة منها «يا كويت يا أحلى بلد» لنبيل شعيل و«حمام البيت» لسناء الخراز.
وبعد تحرير الكويت استمرت سلسلة الابداعات الوطنية من خلال «وطن النهار» و«وجار النجوم» و«حبيب الوطن» لمحاكاة مشاعر الكويتيين في هذه الفترة والتعبير عن حبهم لوطنهم خصوصا عندما تكون هذه الاغاني بعذوبة كلمات الشاعر بدر بورسلي.
وقال ان الهدف لم يكن فقط تصوير هذه الاغاني وما تحمله من مشاعر ومدى الحنين والشوق للوطن إنما حفظ هذه الاغاني لتشهد على تاريخ مرت به الكويت ايا كان نوعه ثم تلاها أوبريت «وطني وردة البحر» للشاعرة سعاد الصباح واوبريت «طفوا نارها» الذي غني بمناسبة إطفاء آبار النفط المحترقة التي أشعلها النظام العراقي البائد ثم تصوير أغنية رسالة الى كل العالم التي تتحدث عن معاناة الأسير وأوبريت «حنا العرب» لشادي الخليج و«عهد الوفا» لنبيل شعيل وغيرها الكثير.
وأشار الى ظهور أغان وطنية خاصة ولأول مرة في تاريخ الكويت والتي تتناول قضايا الأسرى ومعاناة الأسير منها «رسالة الى كل العالم» لعبدالكريم عبدالقادر و«يمه لا تبكي» لعبدالله الرويشد.
وأوضح د.عبيد ان تصوير هذه الاغاني تلفزيونيا لعب دورا كبيرا في تكريسها وانتشارها.
وذكر ان من الاغاني الوطنية المميزة اوبريت «مذكرات بحار» الذي أخرجه الاعلامي محمد السنعوسي ويعد شاهدا على تطور الاناشيد الوطنية من خلال عملية صنع السيناريو الحديث وحركات الكاميرا المتطورة والتي نقلت حركات وأحاسيس فرقة التلفزيون التي أدت هذا الاوبريت بصورة رائعة وجميلة.
وتطرق الى دور الثنائي المميز شادي الخليج وسناء الخراز وحفلات وزارة التربية وتلك الأناشيد الوطنية المصحوبة بالرقصات الشعبية المعبرة عن حب الوطن والتي أصبحت مرجعا أساسيا في جميع دول المنطقة الخليجية.
وقال ان هناك أغاني كويتية وطنية صورت جوا منها «الله يعز شأنك» والتي صورت بمناسبة احتفال الكويت يعيدها الوطني الـ 25، مضيفا ان التصوير والإخراج التلفزيوني يؤديان دورا كبيرا في توثيق تاريخ الأغاني الوطنية من ناحية ومن ناحية اخرى يقدمها بصورة جمالية تجذب وتحمس المشاهد.