استهلت الباحثة في تاريخ الكويت المصورة الشيخة منى الجابر العبدالله كتابها «حديقة سلوى» وهي أول حديقة حيوان في الكويت ومنطقة الخليج العربي بالتأكيد على ان الحلم يمكن ان يصبح واقعا وأن إنشاء الحديقة وسط الصحراء في الخمسينيات من القرن الماضي وفي تلك الظروف الصعبة وبإمكانات بسيطة دليل وشاهد على ان الخيال والمستحيل من السهل ان يصبحا حقيقة بالعمل والإرادة.
وعن هذا الكتاب الذي يتضمن معلومات وصورا تنشر لأول مرة من مجموعتها الخاصة قالت الشيخة منى الجابر لـ «كونا» أمس ان حديقة سلوى أسسها الشيخ جابر العبدالله في عام 1954 وأطلق عليها اسم «سلوى» نسبة إلى التسلية والترفيه.
وأضافت ان إنشاء الحديقة تم في ارض فضاء لم يكن لها اسم في ذلك الوقت وتم استيراد الحيوانات لها من الهند ودول أفريقيا ومصر وقد ضمت اسطبلا من الخيول العربية الأصلية وأكثر من 55 نوعا من الحيوانات المختلفة والنادرة منها الأسود والنمور والزرافات والدببة والغزلان والوعول وكلاب الصيد والأبقار والأغنام والقردة والضباعة والأرانب والسلاحف إلى جانب الطيور بأنواعها كالصقور والنسور والحمام والنعام والبط والبجع والفلامنجو والحبارى والقطا والطاووس وغيرها.
وأشارت إلى ان الشيخ جابر العبدالله الجابر كان منذ صغره شغوفا بالزراعة وتربية الحيوانات متأثرا بذلك بوالده الشيخ عبدالله الجابر الصباح.
وذكرت الشيخة منى الجابر انه في عام 1944 سافر والدها إلى مصر للدراسة ضمن الطلبة المبعوثين في ثاني بعثة دراسية أرسلتها الكويت إلى مصر وكان اصغر المبعوثين سنا وفي مصر التحق بمدرسة «الاورمان» النموذجية القريبة من حديقة الحيوان في الجيزة وكانت اكبر الحدائق وأشهرها في الشرق الأوسط.
وقالت ان الشيخ جابر العبدالله عزم في نفسه على ان يأتي إلى الكويت بمثل تلك الحيوانات التي يراها وببعض من القائمين على حديقة مصر وفي عام 1954 عاد إلى الكويت بعد ان أتم دراسته التي استكملها في بريطانيا وبدأ في تنفيذ حلمه وتحقيق أمنيته فتملك مساحة من الأرض الفضاء في منطقه خالية كان تقع جنوب منطقة الرميثية في ذلك الوقت والتي لم يكن فيها آنذاك الا بعض شجيرات وعدد قليل جدا من المنازل. وأضافت انه لم يكن في المنطقة التي اختارها ماء أو كهرباء ولا طرق معبدة وفي مثل هذه الظروف الصعبة بدأ الشيخ جابر العبدالله في تنفيذ خطته لتخضير أرضه وزراعة الأشجار وكانت المياه تنقل في صهاريج محمولة على السيارات فكان يبذل جهودا كبيرة ونفقات كثيرة لتوفير بيئة طبيعية صالحة لتربية الحيوانات.
وأوضحت انه بعد ان نجح في تخضير الأرض اخذ في بناء أقفاص للحيوانات حسب الخطة التي وضعها لجلب الحيوانات من الخارج واختار للحديقة اسم «سلوى» نسبة الى التسلية والترفيه ليجد فيها أبناء الكويت راحة من التعب وخلاصا من الملل فقد فتحها للجمهور مجانا وخصص يوم الخميس لزيارة طلاب المدارس ويوم الجمعة لزيارة العائلات كما كانت من المعالم المهمة لزيارة ضيوف الكويت الرسميين وحكامها وكان الشيخ جابر العبدالله موفقا عندما سمى الحديقة التي انشأها «حديقة سلوى» فهو اسم يتوافق مع غايته وهدفه النبيل الذي من اجله انشأها. وبينت انه مع المد السكاني وتقسيم المناطق الحديثة في الكويت سميت المنطقة التي كانت بها الحديقة وما حولها وقريبة منها منطقة سلوى نسبة الى حديقة سلوى التي عرفت واشتهرت فيها تلك المنطقة النائية في الخمسينيات من القرن العشرين والتي كانت مبعث الترفيه والتسلية.
وقالت الشيخة منى الجابر ان حديقة سلوى لقيت تقديرا وإعجابا من كثير من كبار الشخصيات عبروا عنه بإهداء الشيخ جابر العبدالله بعض الحيوانات النادرة والأصيلة لتنضم إلى حيوانات الحديقة ومن هذه الإهداءات القيمة حصان عربي أصيل اهدي إليه من أمير الكويت آنذاك صاحب السمو الشيخ عبدالله السالم الصباح (1950 - 1965) وكان قد اهدي إليه من الملك فيصل الثاني ملك العراق آنذاك. وأكدت ان الشيخ جابر كان يعتز بهذا الحصان الذي عزز إسطبل الخيل في الحديقة كذلك اهدي إليه فرس عربي أصيل من سمو الأمير طلال بن عبدالعزيز بجانب غيرها من الخيول العربية التي كانت تتميز بسلالتها الأصيلة، مضيفة ان من الاهداءات التي وصلت الى الحديقة من سمو الأمير طلال بن عبدالعزيز مجموعة من حيوان المها العربي النادر جدا في ذلك الوقت وقد أهدى الشيخ جابر هذه المجموعة فيما بعد إلى جمعية المحافظة على الحيوانات الفطرية في لندن وكان الشيخ جابر احد المؤسسيين الذين شكلوا النواة الأساسية للقطيع العالمي للمها العربي لوضعها في محميات لتتكاثر حماية لها من الانقراض.
وأشارت الى انه عندما قرر الشيخ جابر إغلاق حديقة سلوى أهدى جميع خيوله الى أمير البحرين آنذاك صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة (1961 - 2000) كما أهدى في خمسينيات القرن الماضي الى حديقة بغداد أنواعا مختلفة مساهمة في استكمالها ونسق واشرف على عملية نقل تلك الحيوانات إلى العراق الشيخ سالم المحمد الصباح.
وذكرت انه في عام 1965 وبعد مرور أكثر من عشر سنوات على إنشاء حديقة سلوى بدأ الشيخ جابر يفكر في إغلاق الحديقة بسبب المد السكاني الذي زحف إلى المنطقة ولقيام الحكومة بالاستعداد لإنشاء حديقة العمرية وهي أول حديقة حيوان حكومية في الكويت فأهدى مجموعه من حيوانات حديقة سلوى الى حديقة العمرية لتكون نواة لإنشائها، وأضافت انه بعد إنشاء حديقة العمرية في عام 1968 دعا خالد الصالح وزير الأشغال آنذاك الشيخ جابر الى زيارة الحديقة ومشاهدة الحيوانات التي أهداها إليها والاطمئنان على سلامتها والعناية بها في مقرها الجديد ويمكن لمن يزور حديقة العمرية اليوم ان يرى في مدخلها توثيق اهداء الشيخ جابر لمجموعة من الحيوانات.