- صاحب السمو أمر بمساعدات عاجلة لأبناء الشعب الليبي الشقيق ونرفض الأعمال الإجرامية للنظام السادي
- جونز: الكويت شريك لا يمكن الاستغناء عنه لتحقيق الأمن والسلام الإقليميين ضمن تحالف «القدرة والإرادة»
- نعيش لحظات تحول غير متوقعة في التاريخ ولم يعد مفهوم الأمن مقصورا على الحفاظ على حدود جيوسياسية آمنة
بشرى الزين
على ايقاع موسيقى «الجاز» التي بدأت ارهاصاتها على نهر المسيسبي الهادئ وارتبطت بألحان الزنوج الأفارقة التي أطلقوها تعبيرا عن عذابهم ومعاناتهم في حقبة الرق من التاريخ الأميركي، لكن نغماتها في باحة اقامة السفيرة الاميركية مساء امس الاول جاءت مختلفة لأن الاحتفال كان مختلفا في مكانه وزمانه لتعانق الشعب الاصطناعية التي تلونت بألوان العلمين الأميركي والكويتي في سماء علت اليها وجوه الحاضرين لأكثر من 15 دقيقة أيقنوا خلالها ان الفرحة مزدوجة كما أعرب عن ذلك نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ د.محمد الصباح لدى حضوره حفل الاستقبال الذي أقيم بمناسبة العيد الوطني الـ 235 للولايات المتحدة تزامنا مع احتفالات الكويت بالذكرى الـ 50 للاستقلال والـ 20 للتحرير والـ 5 لتولي صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد مقاليد الحكم، مشيرا الى ان التقاء هذه الأعياد يجسد اجتماع البلدين على قيم مشتركة في الحرية والعدالة وهي قيم بنيت عليها الكويت منذ نشأتها واحتضنت الأحرار الذين سكنوا هذه الأرض وبنوا هذا البلد الذي حباه الله بالمحبة والتماسك بين أبناء شعبه جميعا.
وفي سياق التطورات التي يـشهــدهـا عدد مـن الدول العربية اعلن الشيخ د.محمد الصباح ان اجتماعا لوزراء الخارجية العرب سيعقد الاسبوع المقـبل لبحث هذه التـطورات، لافتا الى ان الأشقاء في البحرين يسيــرون بخطى ثابتة نحو حوار وطني جاد لإرساء العلاقة بـين أبناء شـعب البـحريني جمـيعا على أسس صلبة، واصـفا دعوة ولي العهد البحريني لهذا الحوار بالمباركة والطيبة، آملا ان يوفقوا الى نتـيجـة مرضية ترضي الجميع.
وعلى صعيد الأحداث في ليبيا قال: صدر موقف رسمي كويتي الثلاثاء الماضي عبرنا فيه عن ادانتنا لأعمال العنف والإبادة التي تقام ضد العزل من أبناء الشعب الليبي الشقيق، مؤكدا رفض الكويت بشكل مطلق الأعمال الاجرامية التي ترتكب في حق الشعب الليبي، موضحا ان صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد أمر بإرسال مساعدات عاجلة الى الأشقاء في ليبيا، مشيرا الى ان الأعمال التي قام بها هذا النظام السادي مرفوضة طبقا لأسس القانون الدولي والمبادئ الانسانية والاسلامية، آملا ان يحمي الله أبناء الشعب الليبي من طيش هذا النظام.
شركاء عاصفة الصحراء
من جهتها قالت السفيرة الأميركية ديبورا جونز: نحتفل هذا العام بعدد من المناسبات المهمة وهي الذكرى الـ 50 لاستقلال الكويت والذكرى الـ 20 للتحرير والذكرى الـ 5 لتولي صاحب السمو الأمير مقاليد الحكم. وفي هذه الأمسية نشارك الكويت احتفالاتها خلال هذا الاسبوع باحتفالنا السنوي بعيد الاستقلال الأميركي، والذي عهدنا الاحتفاء به في الكويت في هذا الوقت من السنة في وقت قريب من «عيد الرئيس الأميركي». وأود هنا ان ارحب بأفراد القوات المسلحة الأميركية والكويتية وكبار قادتها، وبشركائنا في عملية «عاصفة الصحراء» الذين تشرفنا بحضورهم اليوم، والذين لايزالون يعملون جنبا الى جنب بعد عشرين عاما من التحرير لإرساء الأمن والاستقرار الاقليميين. كما أتوجه بخالص الشكر لأفراد الحرس القديم في الجيش الأميركي لمشاركتهم في هذه الأمسية لتكريم أكثر من نصف مليون فرد من 34 دولة شاركت مع قوات التحالف في حرب التحرير، ولتكريمهم ايضا المئات من القوات التي ضحت بأرواحها في عملية التحرير.
وأضافت أشيد بما حققه الشعب الكويتي من تقدم منذ عهد الأيام المظلمة للاحتلال الغاشم، ولما أظهره من صفات حميدة تجلت خلال تلك الفترة العصيبة، كما أثني على ما بذله من جهود للتصالح مع الأعداء السابقين. لقد قص على أصدقائي الكويتيين كيف وقفوا ليلا على أسطح المنازل ايام الاحتلال، ملوحين بأيديهم أملا في ان تراهم أجهزة المراقبة الأميركية عبر الأقمار الصناعية (الساتلايت) لتوفر لهم الحماية، لذا فهناك العديد من الأبطال المجهولين من رجال ونساء تمكنوا من الحفاظ على أسرهم ودعم أصدقائهم في أصعب الظروف.
وذكرت اننا اليوم لا نحتفي فقط بالذكرى الـ 235 على استقلال الولايات المتحدة الأميركية بل نحتفل ايضا بصداقاتنا القوية والأصيلة التي تجمع البلدين، والتي تتجاوز العلاقات الأمنية لتشمل علاقات جوهرية على مختلف الأصعدة الاقتصادية والتجارية والطبية والثقافية والتعليمية. وأتمنى لو تلقون نظرة على معرض الصور اذا لم تكونوا قد رأيتموه بعد، فهو شاهد عيان على متانة واستمرارية العلاقات واتساعها بين الدولتين، فالكويت لاتزال شريكا لا يمكن الاستغناء عنه لتحقيق الأمن والسلام الاقليميين.
يوم الرئيس
وأشارت الى انه منذ أيام قليلة مضت، احتفلت الولايات المتحدة الأميركية بعيد «يوم الرئيس» لتكرم اثنين من أشهر الرؤساء الأميركيين السابقين وهما جورج واشنطن (أبوالأميركيين) وابراهام لنكولن الذي انقذ اتحادنا وحمل منذ صباه اعجابا كبيرا بالرئيس واشنطن، كما آمن بأن الثورة الأميركية التي قادها «حققت الكثير لجميع شعوب الأرض ولمن بعدهم في قادم الأيام»، لقد كان لنكولن شديد التمسك بإعلان الاستقلال والذي تضمن المقولة الشهيرة «نؤمن بهذه الحقائق التي توضح جليا ان جميع الناس خلقوا متساوين»، وبالفعل فقد كتب لنكولن في العديد من يومياته السياسية ان السبب الرئيسي لازدهارنا كأمة كان في وجود شيء يتخطى دستورنا واتحادنا، وهذا الشيء جزء لا يتجزأ من القلب البشري، وهو مبدأ الحرية للجميع، فهو المبدأ الذي أفسح الطريق وأعطى الأمل للجميع، وبالتالي منح العمل والصناعة لكل أفراد المجتمع.
لقد أكدت أحداث الأسابيع الأخيرة تعطش العالم لمعنى الحرية كما ان ظهور وسائل الإعلام الاجتماعية مثل «الفيس بوك» و«تويتر» و«المدونات» أنعشت شيئا مماثلا للبيت الشعري الشهير لجون دون عندما قال «لا يمكن لشخص واحد ان يشكل جزيرة بمفرده. كل انسان جزء من قارة، جزء من اليابسة، وبموته يموت شيء مني، لأنني جزء لا يتجزأ من عموم الجنس البشري».
وكما يقول المثل الصيني عن «الأوقات الحرجة» فنحن نعيش لحظات تحول غير متوقعة في التاريخ. وفي عالم اليوم لم يعد مفهوم الأمن مقصورا على الحفاظ على حدود جيوسياسية آمنة ومجابهة التهديدات العسكرية والإرهابية، بل أصبح الأمر يتجاوز ذلك ليشمل توفير الغذاء والمياه وتأمين الموارد ومعالجة الأزمات الصحية والتصدي للكوارث الطبيعية وتلبية الطلب على الطاقة، بالإضافة الى الحفاظ على بنية الطاقة والمعلومات. وهذا يعني مجابهة التحديات الهائلة من سونامي التطلعات الإنسانية لأناس شعروا بالإحباط لفترات طويلة مع حفاظنا على النظام وعلى شكل متحرر من الحكم الرشيد، وكان لتويتر قوة مضاعفة لتنظيم تلك المطالب والاستجابة بها بسهولة، ولإقامة بنية تحتية متينة على المستوى السياسي وغير السياسي تحافظ على التنمية الاجتماعية والمجتمع المدني لابد من العمل الجاد والصبر والتفهم. ولذا، علينا ان نعمل سويا وأكثر من أي وقت مضى مع الكويتيين وشركائنا الآخرين ضمن «تحالف القدرة والإرادة» لمجابهة هذه التحديات.
وأضافت جونز: لقد كان لي عظيم الشرف ان أمثل بلادي على أعلى مستوى هنا في الكويت على مدار ثلاث سنوات تقريبا تشاركنا فيها صداقات فريدة مع الشعب الكويتي، وأنا على ثقة بأن الولايات المتحدة والكويت ستتمتعان بشراكات دائمة في السنوات العديدة القادمة، حيث ستقوم حكومتانا بالعمل معا لتحقيق الأهداف المشتركة المتمثلة في التصدي للاخطار التي تهدد استقرار المنطقة والعمل على إحلال السلام وتحقيق الازدهار فيها، كما اننا نتطلع الى تعميق العلاقات وتعزيز أواصر الصداقة بين شعبينا في العقود المقبلة.
دموع السفيرة في ختام كلمتها
بكلمات ممزوجة بالدموع اختتمت السفيرة الاميركية ديبورا جونز كلمتها قائلة: بما ان هذا الاحتفال هو الرابع والاخير لي كسفيرة لدى الكويت أتقدم بخالص الشكر لموظفي السفارة الموهوبين والمخلصين لما قدموه من دعم هائل لتحقيق كل ما حلمت به هنا. مضيفة «أود أن أقول أيضا اننا نفتقد الاخصائي السياسي الأول بالسفارة يوسف خليل الذي غيـبه الموت الاسبوع الماضي، ونعرف أنه معنا اليوم».