أكد رئيس الهيئة الخيرية الاسلامية العالمية د.عبدالله المعتوق ان الهيئة نجحت عبر مكتبها في اسلام آباد في تنفيذ العديد من المشاريع والبرامج الصحية والاغاثية والانتاجية وغيرها فضلا عن بناء المساجد، مشيدا بالتعاون المثمر مع جمعية الهلال الاحمر الكويتي. وقال د.المعتوق ان عشرات الآلاف من المتضررين استفادوا من ثمار حملة «الكويت معكم» التي جمعت التبرعات لاغاثة متضرري فيضانات باكستان 2010 بتوجيه من صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الاحمد حفظه الله ورعاه، لافتا الى ان الهيئة تلقت شهادات وكتب شكر من جهات باكستانية تثني على شفافيتها واحترافيتها في تقديم الخدمة الانسانية كون مساعداتها طالت صميم الحياة عند المستفيدين. وأشار د.المعتوق الى ان الهيئة تدرس انشاء مشاريع أخرى في المرحلة المقبلة وفق احتياجات المتضررين، وفي هذا الحوار ألقى رئيس الهيئة الضوء على مشاريع وبرامج الهيئة في المناطق المنكوبة بالارقام والمعلومات التفصيلية الدقيقة التي يشهدها الميدان الاغاثي وفيما يلي تفاصيل الحوار:
في البداية نود التعرف على برامج الهيئة الصحية في باكستان، وما حجم المستفيدين منها؟ وما نوعية الخدمة الصحية المقدمة للمتضررين؟ وما أفق العمل في هذا المجال؟ والى أي مدى أسهمت هذه الخدمات في تلبية احتياجات المرضى؟
بعد نجاح حملة «الكويت معكم» لاغاثة متضرري فيضانات باكستان 2010 في جمع التبرعات التي أتت بتوجيهات من صاحب السمو الأمير، تدارست الهيئة مع الجهات المعنية في ميدان الاغاثة احتياجات المتضررين وأولوياتهم، وحددت مجموعة من البرامج المختلفة التي تلبي احتياجات شرائح عديدة، ومنها البرامج الصحية، حيث قامت الهيئة الخيرية من خلال مكتبها في باكستان بتشغيل عشر عيادات صحية متنقلة موزعة في مناطق باكستان المتضررة «السند وبلوشستان وخيبر بختون خواه».
وقد رأينا ان تكون هذه العيادات متنقلة في البداية، اي ان تتحرك بكامل طاقمها الطبي ومستلزماتها من دواء وأجهزة متنقلة بين القرى المتضررة، وتمكث العيادة عادة في المكان الواحد لمدة يومين تعالج خلالهما المراجعين المرضى.
وتتكون العيادة الصحية المتنقلة من طبيب وطبيبة وممرض وممرضة وصيدلاني ومرشد صحي مع سائق وحافلة، وتقوم بالفحص وتقديم الدواء المجاني، وفي حال وجود حالات تتطلب علاجا متقدما فان الاطباء يحولون هذه الحالات الى المستشفيات الكبيرة المتخصصة.
وقد عالجت العيادات العشر الى الآن أكثر من 75 ألف مريض موزعين على 91 منطقة حسب التقارير الواردة من مكتبنا في اسلام آباد، وهذه الارقام تؤكد حجم الخدمة الصحية الواسعة التي قدمتها هذه العيادات، وستستمر في تقديمها خلال المرحلة الاولى التي حددت بـ 5 أشهر.
وهناك خطة لتمديد عمل العيادات العشر لفترة زمنية أخرى، وقد قام مسؤولو مكتبنا برفقة الاخ الدكتور محمد الشرهان رئيس رابطة أطباء من أجل الخير في الهيئة قبل أيام بزيارة بعض المراكز الصحية في المناطق المتضررة في شمال باكستان، والتقوا مسؤولين في وزارة الصحة وناقشوا معهم التحديات التي تواجه المراكز الصحية وفرص اعادة تأهيلها، كما بحثوا المشكلات التي تواجه برنامج علاج مرضى السل وامكانات اعادة تأهيل مراكزها الصحية.
ولاننا ندرك أهمية الخدمة الصحية بالنسبة للمتضررين، فنحن مستمرون بمشيئة الله في تقديم أقصى ما نستطيع من خدمات صحية.
الطرود الغذائية
الطرود الغذائية من الاحتياجات الملحة للمتضررين، فماذا قدمت الهيئة من برامج في هذا الاطار، وما حجم المستفيدين؟ وهل هناك حالة من الاعاشة الكاملة للمتضررين؟
بالفعل برنامج الطرود الاغاثية من أهم احتياجات المتضررين بعد ان تقطعت بهم السبل وأتت الفيضانات على الاخضر واليابس، ومن هنا اهتمت الهيئة بالمشروع الغذائي، وقد وجدت أهل الخير من المحسنين وأصحاب الشركات يتبرعون بسخاء لهؤلاء المنكوبين.
وفي هذا الصدد وزعت الهيئة كميات كبيرة من الطرود الغذائية وغيرها على قاطني مخيم المتضررين الذي أنشأته الهيئة في منطقة «لاركانا - اقليم السند»، والمخيم ضم نحو 400 عائلة نصبت لهم الهيئة خياما بالتعاون مع جمعية الهلال الاحمر الكويتي.
وشمل برنامج الطرود توزيع المواد الغذائية وغيرها على المتضررين بما يكفيهم خلال فترة تواجدهم بالمخيم وبعد اقتراب موعد رحيلهم تم توزيع طرد آخر يكفيهم لمدة شهر «حسب التقديرات» وكان الطرد يحتوي على الغذاء اليومي كالأرز والحمص والفاصولياء والشاي والسكر والملح وزيت الطبخ.
كما اشتمل الطرد الاغاثي على مواد النظافة الشخصية كصابون اليد والالبسة وأدوات الطعام، وكذلك وزع على قاطني المخيم عند رحيلهم خيمة لكل عائلة كما أسلفت وأما الطرود فقد تم شراؤها من السوق المحلي.
والى ذلك تبرع العديد من أهل الخير في الكويت بـ 173 طنا من المواد الغذائية وتم ارسالها بواسطة الطيران العسكري الكويتي وعن طريق البحر وكانت معبأة بطريقة منظمة حيث احتوى كل كرتون على كميات من الارز والسكر والعدس وزيت الطبخ والتمر والملح ومكعبات الدجاج والشاي والمياه المعدنية والكبريت وشوربة الماجي والبسكويت وغيرها.
كما احتوت شحنات البحر على ملابس نسائية جاهزة وأقمشة وملابس للاطفال، وتعاقد مكتب الهيئة مع خياطين لقص الاقمشة وتوزيعها على المستفيدين من أجل مراعاة المقاسات، وبلغ عدد المستفيدين أكثر من 50 ألف متضرر في 30 منطقة في اقليم بلوشستان الاكثر فقرا والاشد تضررا.
حفر الآبار
في مثل هذه المناطق تكثر الحاجة الى الآبار لتزويد المتضررين بالمياه النظيفة، فكم عدد الآبار التي تم حفرها حتى الآن؟ وما حجم المستفيدين منها؟ والى اي مدى واجهت احتياجات المتضررين في ظل حالة التلوث التي سادت المناطق المتضررة؟
في بداية الكارثة حذرت المنظمات الدولية والتقارير الميدانية من شح المياه واختلاطها بالمياه الملوثة، فأدرجنا بين البرامج والمشاريع التي نسعى الى تنفيذها مشروع حفر الآبار، وتشتمل المرحلة الاولى من حملة «الكويت معكم» على حفر 3000 بئر بعد مسح المناطق الاكثر حاجة ومناسبة لهذه الآبار.
ولقد أنجزنا حتى الآن 2300 بئر في «البنجاب – خيبر بختون خواه» وهي مساحة كبيرة من مناطق باكستان التي تعاني شح المياه الصحية بل ان كثيرا من المناطق الجبلية التي تم حفر آبار فيها كانت تواجه صعوبات كبيرة لتوفير المياه الصحية الضرورية خاصة بعد الفيضانات الاخيرة، ويستفيد من هذه الآبار عشرات الآلاف من المتضررين.
مشروع المساجد
أعلنت الهيئة أنها تولي مشروع المساجد اهتماما خاصا لدورها في تخفيف المعاناة النفسية للمتضررين، فكم عدد المساجد التي تم ترميمها أو انشاؤها وما حجم روادها؟
بالتأكيد، فالمساجد تقوم بدور كبير في مثل هذه الكوارث، حيث يكون المتضررون في أمس الحاجة الى خطاب روحي يخفف عنهم مصابهم الجلل، ولهذا تعمل الهيئة على انشاء 34 مسجدا، وبفضل الله قطعت الهيئة شوطا كبيرا في انجاز 26 مسجدا، وكانت هذه المساجد قد اجتاحتها الفيضانات وتهدمت اما جزئيا أو كليا، وهي مختلفة الاحجام وتسع الآلاف من المصلين.
العلاقة مع «الهلال الأحمر»
ما طبيعة العلاقة بين الهيئة وجمعية الهلال الاحمر الكويتي والى أي مدى نجحت في تقديم نموذج في العمل المشترك؟
تجربتنا في الهيئة الخيرية مع الهلال الاحمر الكويتي ناجحة بكل المقاييس، فقد تعاونا معا في مشروع مخيم المتضررين في «لاركانا» حيث تبرع الهلال الاحمر بـ 475 خيمة لصالح متضرري المخيم، وكان بالفعل تعاونا مثمرا حيث حصل المخيم على الدرجة الاولى من حيث التنظيم والادارة، كما ان الجيش الباكستاني كان له دور في تخطيط وتنظيم هذا المخيم وتسهيل عملية توزيع المعونات الاغاثية على قاطني هذه المخيمات بشكل منظم ومرتب.
ولاشك ان مثل هذا التعاون في هذا المشروع يبرز بجلاء أهمية التعاون بين الجمعيات الخيرية ودور هذا التعاون في تحقيق الاهداف المشتركة.
شرائح المزارعين
الهيئة نجحت في اغاثة شرائح مختلفة من المزارعين سواء بتزويدهم بالبذور أو بأعداد كبيرة من الماعز والشياه الحوامل من أجل استعادة الدورة الزراعية ونظيرتها الحيوانية، الى اي مدى نجحت هذه المشاريع في اخراج المتضررين من معاناتهم الى ميدان العمل والانتاج وما حجم هذه المشاريع؟
كما أشرت فاننا نعتمد في تنفيذ مشاريعنا وبرامجنا على دراسة الواقع المتضرر والاغاثة من خلال برامج تنموية، وقد وجدنا أعدادا كبيرة من المزارعين قد تضرروا بشكل بالغ بعد ان فقدوا مزارعهم وثروتهم الحيوانية، ومن هنا جاءت أهمية مشروع توزيع البذور الزراعية على من تضررت أراضيهم، حيث قامت الهيئة بتوزيع أكثر من 31 طنا من البذور على المتضررين في ولاية خيبر بختون خواه وولاية بلوشستان، وذلك بالتعاون مع قسم البذور في وزارة الزراعة في الولايتين المذكورتين، وكان للمشروع أثر فعال ولله الحمد من نواح كثيرة:
أولا: توفير البذور الزراعية لمن لا يقدر على شرائها وبالتالي اعادة الدورة الزراعية التي أوقفتها فيضانات 2010.
ثانيا: تنشيط الحركة الاقتصادية في المناطق المنكوبة بسبب عملية البيع والشراء.
ثالثا: اكتفاء المزارعين المتضررين بما يحتاجونه من القمح بعد حصاده سواء للاستخدام الفردي أو للزراعة لمواسم مقبلة.
رابعا: توفير كميات كبيرة من تبن «غذاء» الحيوانات وما سينتج عنه من جيل أفضل من الماشية، وهذا المشروع مع مشروع المواشي سيطور النوع الحيواني باذن الله.
خامسا: تطوير زراعة القمح في المناطق المزروعة باعتبار ان نوعية البذور التي وزعت من أجود أنواع البذور المعالجة وبالتالي تحسين نوع القمح في المحاصيل القادمة باذن الله.
سادسا: تم انشاء بنك للبذور وذلك باتفاقية مبرمة مع وزارة الزراعة في بلوشستان، وفكرة البنك تقوم على استرجاع جزء من المحاصيل ممن تسلموا البذور سابقا ثم اعادة زراعتها في مزارع وزارة الزراعة بعناية خاصة ثم توزيع المحاصيل الجديدة على مزارعين جدد، ثم تبدأ دورة جديدة تقوم على استرجاع جزء من المحاصيل ثم زراعتها مرة أخرى وهكذا ينمو الخير وتستمر الصدقة الجارية.
ونأمل ان يغطي البنك مناطق شاسعة من ولاية بلوشستان التي تشكل 42% من مساحة باكستان كلها وهي أفقر الولايات، وقد حصلت الهيئة على شهادة من وزارة الزراعة في كل من خيبر بختون خواه واقليم بلوشستان تؤكد بنجاعة هذا المشروع.
مشروع توزيع المواشي
أما بالنسبة لمشروع المواشي فانه يصب في ذات الهدف الذي وضعته الهيئة وهو ان تجعل من أصحاب الكوارث أناسا منتجين لاحقا وليس فقط ان تقدم لهم الطعام والشراب والمأوى بل تجعلهم ينشطون أكثر لكي يصبحوا أصحاب مشاريع.
ولاشك ان مثل هذه المشاريع تنشط الاقتصاد المحلي، فتمكن المحليين من الزراعة، وتمليكهم للماشية ينشط الدورة الاقتصادية لما تستلزمه من حركة بيع وشراء وعمالة.
وعلى العموم كل هذه العوامل تسهم بحول الله وقوته في تحسين الوضع العام لجميع المتضررين واعادتهم الى حياة كريمة بل تطور المنطقة المنكوبة ككل.
ومشروع المواشي اشتمل على توزيع 10 آلاف عنزة حامل على المتضررين بحيث حصلت كل عائلة على عنزة واحدة وكونها حاملا سيختصر المدة لتبدأ دورة جديدة عند هذا المحتاج، وقد تقرر توزيع 2500 رأس ماشية في كل ولاية من ولايات باكستان الاربع الرئيسية.
وقد ألزمنا المستفيد الاول تقديم أنثى ماعز لمستفيد ثان بعد ستة أشهر من الولادة، وكذلك المستفيد الثاني ملزم بتقديم أنثى لمستفيد ثالث وهكذا ينتشر الخير.. وقد وضع مكتب الهيئة خطة لانجاز المشروع ومتابعته على الشكل الافضل.
وفي حال ولادة الذكور فانه تم تأسيس بنك للماشية لاستقبال ذكر واحد من كل مستفيد، ثم بيع ذكرين لشراء أنثى حامل ثم تسليمها لمستفيد جديد.
وماذا عن ردود فعل المسؤولين الباكستانيين ازاء البرامج والمشاريع الاغاثية التي تقدمها الهيئة؟
لقد وصلتنا كتب شكر من أكثر جهة باكستانية، كما أفادت التقارير الواردة من مكتب الهيئة بأن المسؤولين المحليين يشعرون بارتياح كبير ازاء جهود الهيئة لاسباب عدة:
أولا: الهيئة تخفف العبء عن الوزارات المعنية «كوزارة الزراعة والثورة الحيوانية أو وزارة الصحة وغيرها»، لان الوزارات المذكورة مسؤولة عن اعادة تأهيل المتضررين.
ثانيا: يدرك المسؤولون المحليون عدم شفافية بعض المنظمات الناشطة في الحقل الانساني، وقد ضربت الهيئة في هذا الاطار – وبشهادتهم - أروع المثل في الشفافية والاحترافية والحرص على توصيل المساعدات الى مستحقيها واختيار التنمية وسيلة للتعامل مع المتضررين، ويرى البعض ان المشكلة الاقتصادية ليست ناتجة فقط عن قلة الموارد بل بسبب سوء التوزيع والاستخدام.
وختاما.. ماذا عن مساحة التنسيق بين الهيئة الخيرية وغيرها من المنظمات العاملة في الحقل الاغاثي؟
أما التنسيق بين الهيئة وغيرها من المنظمات العاملة في المجال الاغاثي فانه قائم، وقد بدأ بالتعاون مع الهلال الاحمر الكويتي في مخيم لاركانا للمتضررين كما أسلفنا، وكذلك مشروع العيادات الصحية المتنقلة فهو يتم بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية التابعة للامم المتحدة من حيث الادوية وكذلك مع منظمات محلية متخصصة من حيث المشاركة في التنفيذ.
وأما مشروع توزيع البذور فقد جرى تنفيذه بالتعاون مع وزارة الزراعة المحلية ومع شركة البذور الحكومية، وأما مشروع الماشية فكذلك ينفذ بالتعاون مع منظمة حكومية وهكذا، ونحن باذن الله ماضون في التعاون مع مختلف المنظمات الانسانية من أجل تخفيف معاناة المنكوبين من الفيضانات في باكستان.