دارين العلي
قال خبير الهيئة العلمية في المعهد العربي للتخطيط د.رياض بن جليلي ان دعم مشاركة المرأة الكويتية اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا يعتبر من الاولويات المتقدمة على جدول الاهتمام الوطني، كما انه يحظى بعناية خاصة من قبل القيادة السياسية الكويتية نسبة الى سياسات التنمية البشرية التي تضمنتها فروع خطة التنمية الخمسية 2006 - 2010 حول تشجيع المؤسسات الاجتماعية والثقافية للقيام بدور اوسع في تطوير دائرة القبول المجتمعي بدور مميز للمرأة، وتحسين الفجوة النوعية بجميع المجالات، وتذليل جميع العقبات امام تطوير دورها وممارسة واجباتها التنموية، وتدعيم مشاركتها السياسية، ومساعدتها على التوفيق بين دورها التنموي والاسري من خلال تحفيز جميع جهات العمل على توفير دور حضانة نموذجية ملحقة بها».
واوضح خلال الحلقة النقاشية حول المرأة والتنمية في الدول العربية: حالة المرأة الكويتية التي نظمها المعهد امس ان هذا الدعم يعود لأسباب ثلاثة، وهي الحرص على تفعيل المشاركة السياسية والاقتصادية كركيزة اساسية لتحقيق قيمة المواطنة وترسيخ قيمة الانتماء للوطن، كما انه لا مشاركة سياسية جادة في ظل استبعاد المرأة او تهميشها، والسبب الثالث يتمثل في ان عدم المساواة بين الجنسين تعرقل الاداء الاقتصادي وتعوق امكانية البلد في استغلال افضل طاقاته، مشيرا الى ان الحرص على تفعيل مشاركة المرأة الكويتية يتم في اطار دولي ضمن جملة معايير للتنمية البشرية تتمثل في الموقف من مكافحة الفقر والقضاء على الامية وخفض معدلات الوفيات وحماية البيئة.
واضاف: تشير البيانات والإحصاءات المتوافرة على الصعيد العربي الى ان الكويت حققت تقدما اكثر من باقي دول المنطقة من حيث تحسين وضع المرأة وتأمين المساواة بين الجنسين، حيث أظهر دليل التنمية البشرية المعدل طبقا للجنس عام 2004 توازنا لصالح المرأة في مجالي العمر المتوقع عند الولادة (79.7 سنة للمرأة مقابل 75.4 سنة للرجل) ومعدل الالتحاق الدراسي للمستويات الـ 3 (79% للمرأة مقابل 69% للرجل)، وللنساء نسبة مرتفعة من المشاركة في قوة العمل (48% سنة 2004) مقارنة بالدول العربية عموما ودول الخليج بشكل خاص، كما يتمتعن بحماية حيال التمييز ضدهن، الا ان معدل معرفة القراءة والكتابة لدى الرجل كان اعلى (ولو بفارق ضئيل) مما هو عليه لدى المرأة (91% للمرأة مقابل 94.4% للرجل)، كما ان حصة المرأة من الدخل المكتسب ظلت منخفضة، فبلغت نحو 27% للمرأة مقابل 73% للرجل.
ولفت الى انه رغم ان المرأة الكويتية شغلت مناصب عليا كمديرة لجامعة الكويت ومندوبة دائمة لدى الأمم المتحدة، الا انها ظلت والى عهد قريب فاقدة لحقوقها السياسية، الى ان حصلت المرأة الكويتية على حق الترشيح والتصويت والانتخاب او الحقوق السياسية عن طريق مرسوم اميري وتمت المصادقة عليه من قبل مجلس الامة الكويتي مايو 2005 بعد فشل المحاولة الاولى لتمرير مشروع القانون في عام 1999 نتيجة عدم موافقة اغلبية اعضاء مجلس الامة عليه، وشاركت المرأة الكويتية بصورة فاعلة في انتخاب مجلس الامة الكويتي 2006 وترشح منهن قرابة الـ 30 مرشحة من مجموع 350 مرشحا في كامل الدوائر الانتخابية، الا انه لم يفز منهن اي مرشحة.
وحول دور المرأة التنموي في الكويت اورد بن جليلي عدة مؤشرات منها المؤشرات الديموقراطية، مشيرا الى ان الاناث في المجتمع الكويتي يشكلن اكثر من نصف السكان الكويتيين بنسبة تصل الى 51% من مجمل السكان في عام 2006 وفق دراسات وزارة التخطيط، اما بالنسبة لتوزيع الاناث وفقا للفئات العمرية فالنسبة الكبرى من الاناث تتركز في الفئة العمرية من 15 الى 40 سنة وصلت الى 41% من اجمالي الاناث في نهاية 2006.
وفي مؤشر آخر طرح بن جليلي الحالة التعليمية للمرأة، مشيرا الى ان معدلات القيد الاجمالي للاناث في جميع مراحل التعليم قبل الجامعي قد سجلت مستويات اعلى منها للذكور، حيث بلغ المعدل للإناث 94.2% مقارنة بحوالي 90.4% للذكور عام 2004، اما فيما يخص الجامعة فتمثل الاناث 70.6% من اجمالي عدد المقيدين، وقد ظلت هذه النسبة ثابتة خلال السنوات الـ 4 الاخيرة.
ولفت الى معدلات الامية، حيث تشير المؤشرات الى انخفاض مستوى الامية على مستوى الكويت بين الذكور والإناث حيث اظهرت معدلات الامية لديهن تحسنا ملحوظا خلال السنوات الماضية، فبلغت في 2004 اقل من 4% بانخفاض قدره 67.3% مقارنة بعام 1990 (27.4%).
وعن مشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية، قال انها تمثل 42% من اجمالي قوة العمل وهي نسبة في ارتفاع ملحوظ مقارنة بما كانت عليه عام 2003 كما ان البيانات من وزارة التخطيط تشير الى ارتفاع معدلات مساهمة المرأة في النشاط الاقتصادي التي بلغت 44.3% في عام 2006 مقارنة بمعدل 37.2% عام 2003 اي ارتفاع بنسبة 19%.
اما بالنسبة لأهم المهن التي تعمل بها فأشار بن جليلي الى ان المعطيات الخاصة بالسمات الأساسية للسكان والقوى العاملة ان حوالي 45.3% من عمالة الاناث يعملن بالمجموعة المهنية (كتبة ورجال مطافئ والشرطة) باجمالي 63.6 الف مشتغلة عام 2006، كما تعمل حوالي 24% من الاناث كمدرسات باجمالي 33 الف مشتغلة بينما تعمل حوالي 4% من عمالة الاناث كفنيات في الطب والعلوم باجمالي 5.4 الاف مشتغلة، لافتا الى ان المطلقات اكثر النساء مساهمة في النشاط الاقتصادي بمعدل 57.7%.
وحول المرأة في مواقع اتخاذ القرار قال ان المرأة الكويتية أصبحت في الوقت الحاضر قادرة تماما على تولي مهام القيادة في المجالات المختلفة وتفعيل مشاركتها في عمليات النمو والتنمية، كما استطاعت ان تحقق تقدما ملحوظا في المشاركة في الحياة العامة واظهار دورها في المجتمع من عملها ومشاركتها في الانتاج. ولكن على الرغم من ذلك، وعلى الرغم من اكتساب المرأة الكويتية الحق والحرية في امتلاك والاستغلال الكامل والمستقل للعقار، للمتلكات والدخل والأموال، فمازالت مشاركتها في وظائف الإدارة العليا محدودة جدا مقارنة بالرجل، وذلك كما يتضح من دراسات انخفاض أعداد الاناث في وظائف الادارة العليا القيادية في القطاع الحكومي المدني. فلم تبلغ حصة النساء الكويتيات من الوظائف القيادية مقارنة بالرجال سوى 5.8% عام 2004 وهذه النسبة في انخفاض مقارنة بما كانت عليه سنة 2001 (6.1%)، كما يتبين من الواقع الحالي لمشاركة المرأة الكويتية في النشاط الاقتصادي حسب المجموعات المهنية في عام 2006 ضعف نسبة النساء المديرات والمشرفات في اجمالي الوظائف التي تشغلها المرأة. اذ لم تتجاوز هذه النسبة 2.3% مقارنة بحوالي 28% لدى الرجال.
وأضاف بن جليلي انه على الرغم من المعطيات سابقة الذكر الا ان المشاركة النوعية للمرأة في سوق العمل الكويتي مازالت ضعيفة رغم أهمية مساهمة المرأة في النشاط الاقتصادي اذا ما قورنت بالبلدان العربية عموما، وببلدان مجلس التعاون الخليجي بالخصوص، اذ ان للاتجاه التصاعدي لتعليم المرأة الكويتية تأثيرا محدودا على مساهمتها النوعية في سوق العمل، حيث ان مشاركتها أقل من امكاناتها، وغالبا ما تتخصص المرأة الكويتية في مجالات العلوم الانسانية والاجتماعية، كما ان مكاسب التعليم وزيادة مشاركة المرأة في العمل لم تمكن الا نسبة ضئيلة من النساء من الوصول الى مراكز اتخاذ القرار. وكان تمتع المرأة بسلطة اتخاذ القرار محدودا حتى في القطاعات التي تتركز فيها وتعتبر ثقافيا مجالات مناسبة لها كمجلات التعليم والصحة والشؤون الاجتماعية.
وكان وكيل المعهد العربي للتخطيط د.علي عبدالقادر قد تحدث في افتتاحه للحلقة النقاشية عن تعريف التنمية الموسع على انها عملية تعنى بتوسيع الحريات الحقيقية التي يتمتع بها البشر ليعيشوا الحياة التي يرغبون في تحقيقها.
ومن ابرز مقوماتها الحصول على التعليم والخدمات الصحية والاستمتاع بمستوى معيشة مرتفع وصولا الى صنع القرارات التي تمس الحياة والتعبير الحر عن الآراء بالوسائل القانونية، وهذا التعريف عبرت عنه الأمم المتحدة ضمن أهدافها الاغاثية لعام 2000 التي تضمنت العناية بالمرأة بطريقة واضحة كتعزيز المساواة بين الجنسين، وتمكين المرأة وبتخفيض معدلات الوفيات النفاسية بمقدار ثلاثة أرباع خلال الفترة بين 1990 و2015.
ولفت الى ان الاهتمام بدور المرأة في المجتمع يتضح من خلال عدة مؤشرات كنسبة البنات الى البنين في مراحل التعليم الثلاث، ونسبة الاناث الى الذكور فيما بين 15 و24 سنة ممن يلمون بالقراءة والكتابة وحصة النساء من الوظائف ذات الأجر في القطاع الزراعي ونسبة المقاعد التي تحتلها النساء في البرلمانات الوطنية.
الصفحة في ملف ( pdf )