أسامة دياب
أكد مدير عام المعهد العربي للتخطيط د.عيسي الغزالي أن هناك اتفاقا دوليا على إمكانية قياس الانجازات التنموية لمختلف الدول من خلال مؤشر التنمية البشرية الذي طوّره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وعلى أساسه تـصنف الدول في 3 مراتب هي: تنمية بشرية مرتفعة، تنمية بشرية متوسطة وتنمية بشرية منخفضة.
وفي إطار هذا التصنيف الدولي نلاحظ أن دولة الكويت قد سجلت أداء تنمويا متميزا في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية. وقد انعكس هذا الأداء التنموي المتميز في احتلال الكويت للمرتبة الأولى بين الدول العربية ذات التنمية البشرية المرتفعة وذلك وفقا لمؤشر التنمية البشرية لعام 2005.
جاء ذلك في مجمل كلمته التي القاها في افتتاح الحلقة النقاشية الخاصة بالبطالة ومستقبل أسواق العمل في الكويت التي أقامها المعهد العربي للتخطيط.
وأضاف الغزالي انه بالرغم من هذه الإنجازات التنموية المتميزة فإن هناك جدلا واسعا حول عدد من القضايا التنموية في الكويت. وقد تمحور هذا الجدل حول إمكانية زيادة دور القطاع الخاص في الاقتصاد الكويتي، وكيفية تصحيح اختلالات سوق العمل.
وحسب التصريحات الرسمية للقيادة العليا للدولة تعتبر زيادة دور القطاع الخاص في الاقتصاد الكويتي أحد الأهداف الاستراتيجية، كما يعتبر تصحيح اختلالات سوق العمل الكويتي احدى الوسائل لتحقيق هذا الهدف الاستراتيجي.
ولخص أهم خصائص سوق العمل في الكويت والتي تعكس اختلالاته فيما يلي: أولا: تجزؤ سوق العمل بين سوق للقطاع العام يشغل المواطنين، وسوق للقطاع الخاص يشغل العمالة الوافدة.
ثانيا: التفاوت في الأجور والمزايا، بحيث تتفوق حزمة الأجور والمزايا للعمالة الكويتية في القطاع العام عن نظيرتها في القطاع الخاص.
ثالثا: تدني معدلات البطالة على مستوى الاقتصاد ككل وفي أوساط العمالة الكويتية. رابعا: نزوع معدل البطالة في أوساط العمالة الكويتية نحو الارتفاع منذ عام 2000.
ولفت إلى أن الدولة في إطار الهدف الاستراتيجي الرامي إلى زيادة دور القطاع الخاص في الاقتصاد قامت بتشريع قانون العمالة الوطنية في الجهات غير الحكومية في عام 2000، وقد تضمن هذا القانون عددا من الإجراءات التي حاولت معالجة بعض الاختلالات في سوق العمل، من أهمها ما يلي: منح بدل بطالة للباحثين عن العمل، توسيع شبكات الضمان الاجتماعي التي تشمل التقاعد والعلاوات الاجتماعية، لتغطي العاملين في القطاع الخاص، تحديد نسب لتوظيف المواطنين بالقطاعات الفرعية للقطاع الخاص، زيادة تكاليف توظيف الوافدين خاصة في حالة عدم الالتزام بالنسب المفروضة وحرمان الشركات التي لا تلتزم بالنسب المقررة من الدخول في المناقصات الحكومية.
وأوضح أن الوثائق الرسمية الصادرة عن وزارة التخطيط، قبيل إعادة هيكلتها، تشير إلى أن خاصية «نزوع معدّل البطالة» نحو الارتفاع في أوساط العمالة الكويتية قد جاء نتيجة لاستحداث منح بدل البطالة للكويتيين الباحثين عن عمل، خصوصا فيما يتعلق بإقبال النساء على التسجيل كباحثات عن عمل منذ صدور القانون.
وفي ظلّ اتجاه معدّل البطالة في أوساط الكويتيين نحو الارتفاع، لعله ليس بمستغرب أن تشكل البطالة احدى القضايا التنموية المستجدة التي جذبت انتباه صناع القرار؛ وذلك باعتبار أن الكويت كانت تتميز بمعدّلات متدنية للبطالة في أوساط مواطنيها. هذا وقد تترجم هذا الاهتمام في عدد من التساؤلات التي يمكن إيجازها على النحو التالي:
هل هنالك مشكلة بطالة يعتدّ بها في أوساط المواطنين؟
ما هو مستقبل سوق العمل الكويتي على المدى الزمني الطويل من وجهة نظر خاصية تدني معدّلات البطالة؟
ومن جهته أكد عضو الهيئة العلمية بالمعهد العربي للتخطيط د.بلقاسم العباس أن دخل الفرد في الكويت قد تضاعف أكثر من ست مرات حيث ارتفع من 3670 دولارا أميركيا سنة 1963 إلى أكثر من 30000 دولار أميركي سنة 2005.
كما أن الكويت تصنف ضمن الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة حيث ارتفع مؤشر التنمية البشرية من 0.76 سنة 1975 إلى 0.89 سنة 2005 وهو أداء يعتبر الأعلى عربيا.
ولفت العباس إلى أن الكويت تواجه تحديات اقتصادية كبيرة ناجمة عن التبعية الاقتصادية على الموارد الطبيعية نظرا لاعتمادها الكلي تقريبا على تصدير النفط الخام. بالاضافة إلى أنها تواجه تحديات كبيرة في سوق العمل، وذلك بسبب توظيف أغلب المواطنين في القطاع العام بشروط مغرية، مما أدى إلى عزوف المواطنين عن العمل في القطاع الخاص، ارتفاع معدلات نمو القوة العاملة وارتفاع معدلات الالتحاق بسوق العمل خاصة لفئات الشباب والإناث، ووصول نمو القطاع العام إلى حدود التوسع ولذلك فإن الضغوطات قوية على سوق العمل قد تتحول إلى بطالة سافرة إن لم يتم تدارك الوضع من قبل صناع القرار.
وأشار إلى ضرورة معالجة أسباب الخلل عن طريق تنويع الاقتصاد وتوسيع قاعدته الإنتاجية بما يعزز نمو الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل الحكومي، تسريع معدلات النمو الاقتصادي عبر الاستثمار في القطاع الإنتاجي والخدمي غير الحكومي وتوجيه العمالة الوطنية إلى التوطين في القطاع الخاص مع مراعاة شروط الكفاءة والإنتاجية.
الصفحة في ملف ( pdf )