عمر راشد
شن النائب السابق حسين القلاف هجوما حادا على نظام الدوائر الخمس، واصفا اياه بأنه نظام ظالم يعزز النفس الطائفي والفئوي بين ابناء المجتمع الواحد ويزيد من حدة الانقسامات بين افراد المجتمع الذين هم احوج ما يكونون لمظلة الوحدة الوطنية اكثر من اي وقت مضى.
وناشد، في لقاء جماهيري اول من امس امام حشد من جماهيره ومؤيديه في منطقة الرميثية، صاحب السمو الامير الشيخ صباح الاحمد تغيير نظام الدوائر الخمس الى دائرة واحدة واصدار مرسوم ضرورة بذلك، بحيث تضم الدائرة كل الكويت ويحق فيها للناخب صوتان ويتم تحديد الـ 50 عضوا لمجلس 2008 للاعلى صوتا، وذلك لمنع الفساد والطائفية والقبلية وحماية المجتمع من اخطار الفتن التي قد تؤدي الى امور لا تحمد عقباها على الامد البعيد.
وقال القلاف ان مجلس الامة صار مجلس مصالح شخصية واصبحت تلك المصالح معيار اختيار المواطن لنائب دون آخر، وقد تصل بالمواطن الى بيع صوته الذي هو واجب وامانة وطنية بـ 150 دينارا فقط، موضحا ان هناك ايادي خبيثة تعبث بمصالح الامة وتحرك الناس للعمل داخل مناطق طائفية وقبلية خبيثة ليس لها شأن بالصالح العام ولا هم المواطن.
وعلق ترشيحه في الانتخابات البرلمانية على اصلاح الاوضاع القائمة.
الانتخابات الفرعية
وفسر القلاف، في معرض حديثه، ما يحدث من اقتتال على انتخاب الفرعيات بانه في واقع الامر حرب من اجل زيادة عدد المرشحين لطائفة او قبيلة او جهات معينة، موضحا ان من يملك العدد الاكبر هو في واقع الامر من يملك السلطة والنفوذ الواسع في مجلس الامة، وقال ان مجلس الامة هو مجلس الكم وليس الكيف.
واشار الى ان الشيعة هم ابعد الناس عن اجراء انتخابات فرعية، فهي الطائفة التي لا يجمعها خط واحد للدفاع عن مصالحها، كما انها لا تستطيع ان توحد صفوفها وتختار من يمثلها انما هناك جهات «ذات نفوذ» هي من تقف وراء المرشحين وتحرك افرادها كيفما شاءت يمينا او يسارا، داعيا الشيعة الى اختيار من يمثلهم ووقف من يعبث بحقوقهم ومصير ابنائهم ومستقبلهم دون ان تكون لديه القدرة على التعبير عنهم، وقال ان المجلس القادم هو مجلس «الكم» وليس «الكيف»، وعليكم ان تعززوا هذا المبدأ، فمن يملك اعضاء اكثر فسيملك «الكلمة» داخل المجلس.
وتناول القلاف مسألة «الوحدة الوطنية» وفقدان المجتمع لها هذه الايام، مشيرا الى ان الكويتيين بحاجة الى معجزة تشبه معجزة النبي الاكرم عليه الصلاة والسلام في توحيد الاوس والخزرج بالمدينة المنورة او التآخي بين المهاجرين والانصار، وهي معجزة باتت مستحيلة في ظل التأزم الطائفي والقبلي والفئوي وتغليب المصلحة الشخصية على المصالح العامة.
ربط مظاهر بسيطة بالدين
واستغرب من ربط مظاهر بسيطة بقضية الدين، ضاربا المثل بانتخابات الجمعيات التعاونية التي تعزز النفس الطائفي وتكرس الفئوية حال انتخاب شيعي لمجلس ادارتها او سني كذلك، وايضا الصراع في المجلس البلدي قد ينقلب الى حرب طائفية، بل ان الامر يتعدى الى تأثر الساحة السياسية الكويتية بما يحدث في دول مجاورة، فحرب في الفلوجة بين السنة والشيعة تؤثر بالسلب على علاقة شيعة الكويت بسنتها وكذلك اعدام المقبور صدام حسين ليلة العيد يؤثر سلبا في العلاقة بين الجانبين فالشحن الطائفي جاهز في أية لحظة وعلى اتفه الامور، وقال القلاف ان الوحدة الوطنية بحاجة الى صوت العقلاء والحكماء لتدارك مثل هذه التوافه ووأدها في مهدها قبل تفاقمها.
واشار الى غياب الحقيقة والوعي لدى المواطن بما يحاك ضده من مؤامرات خبيثة يمسك بتلابيبها «اخطبوب مصالح» يحرك المجتمع كيفما يشاء وعليهم قراءة ما بين السطور والا ينجرفوا وراء شعارات شعبوية رنانة تلعب على الوتر الطائفي لكسب اصوات سياسية بحتة لتحقيق اغراض وحسابات شخصية ضيقة.
وقال ان الدستور والقانون خط احمر ومن قام برشق رجال الامن بالحجارة هو في واقع الامر خائن لوطنه وعلى الكويتيين جميعا ان يتذمروا ويقفوا صفا واحدا ضد من يكسر هيبة القانون.
وحذر من ان العبث بالدستور هو تعد على الخطوط الحمراء فهو مظلة الكويت الآمنة وهو في واقع الأمر من يحمي البلد وهيبتها بين المواطنين وتجاه الآخرين.
واوضح ان «الجنسية» ليست ورقة في يد حامليها ولكنها واجب وطني تفرض على حاملها الدفاع عن الوطن وليس خيانته، قائلا: هناك من كانوا يحملون الجنسية وغدروا بالبلد وقت الاحتلال وهناك من لم يأخذها ودافع عن البلد بما له وعياله دون تردد وقدم النفس والنفيس في سبيل تراب هذا البلد، مشيرا الى ان من هؤلاء كويتيين وغير كويتيين وهم من يستحقون ان يحملوا اسم هذا البلد.
وشدد على ان من يملك الموقف الصادق للدفاع عن الوطن ومن يخدمه بامانة واخلاص هو كويتي بغض النظر عن «الجنسية» التي وصفها بـ«الورقة السوداء».
الوحدة الوطنية
واشار القلاف الى ان الوحدة الوطنية لا تعني التجرد من المذهب وانما تعني وضع الشخص المناسب في المكان المناسب وليس عيبا ان يختار السني سنيا مثله او ان يختار الشيعي شيعيا مثله، فهو أمر طبيعي جدا، ولا يؤثر في الوحدة الوطنية، فمن يقول لي رشح نفسك بكيفان فهو واهم لانني لن احصل على صوت واحد ، واذا اعطاني احد صوته فهذا امر خارج عن المألوف، موضحا ان اختيار الافراد على اساس مذهبي لا يعني انهم خارج حسبة الوحدة الوطنية بل العكس هو الصحيح.
وتطرق القلاف الى طبيعة حرب «انتخابات الفرعيات»، مشيرا الى ان الاستقتال في هذه الانتخابات انما يأتي في اطار السعي لتعزيز «الكم» على حساب «الكيف»، موضحا ان البعض يستخدم شعارات طائفية تعبوية لزيادة عدد طائفة أو فئة على أخرى وتحقيق مصالح شخصية بحتة، موضحا ان من يملك اعضاء اكثر فهو يملك حق تعيين وزير أو لواء او محافظ ومن ثم تحقيق خدمات شخصية قد تصل في قيمتها الى 150 دينارا فقط، وصارت تلك الشعارات الطائفية وسيلة لتسطيح الحقيقة وابتعاد المواطنين عن همومهم الحقيقية وحصرها في زيادة الـ 150 دينارا والـ 120 دينارا وشراء المديونيات وضاعت الكويت وسط هذا الزخم من الشعارات الفئوية الضيقة التي لم تتق الله في هذا الوطن.
طرح شعارات لزيادة الناخبين
وبين القلاف ان من السهل طرح شعارات مثل هذه، بل ان طرحها سيضاعف من اعداد الناخبين والاصوات التي يمكن الحصول عليها ومنها مثلا القول ان الشيعة طبقة ثانية في هذا البلد او انهم لا يأخذون حقوقهم كاملة الا ان النتيجة فتن طائفية وتمزق المجتمع وضياع حقوق الاجيال القادمة التي هي امانة في اعناقنا جميعا.
وقال: لقد نبهت البعض الى ان مثل هذا الطرح سيضيع البلد ويذهب بها في اتون حرب طائفية إلا ان تغليب المصالح الفئوية كان صاحب الصوت الاعلى ما دفع البعض الى القول «سنكون اكثر عددا منهم والانتخابات المقبلة ستكون شاهدا على ذلك».
وابدى القلاف اسفه لانعكاس تلك المصالح الفئوية على المواطن البسيط الذي اصبحت قاعدته الرئيسية هي تحقيق مصالحه الشخصية من شراء شاليه على البحر، مد طريق الى منزله، علاج في الخارج له ولذويه، تعيين اقاربه في الدواوين الحكومية او القطاع الخاص، وصارت هذه الامور هي شغله الشاغل والاساسي وهمه الرئيسي وليست مصالح وطنه التي وصلت قيمتها الى 150 دينارا وهذا ما فعله «مجلس المصالح» بالمواطن الكويتي للأسف.
نفق مظلم
وقال ان هذه الامور تشعر كل مواطن غيور على هذا البلد بالأسى والحزن، مشيرا الى ان الكويت تسير الى نفق مظلم فملايين الدنانير التي تحملها باطن ارضها (يقصد البترول) لم تستطع حل مشكلة البطالة، ولا المديونيات، ولا الغلاء وهي امور تدخل في نطاق «العيب»، فبلاد مثل ڤنزويلا ومصر اتخذت قرارات حاسمة للقضاء على مظاهر الغلاء الفاحش لدى بلدانها وعجزت الكويت بمجلسها وحكومتها عن حل مشاكل مواطنيها، بل على العكس قامت بجر مواطنيها لمشاكل فرعية قبلية وفئوية لا طائل منها.
وحول مسألة ترشحه قال القلاف: انني لن اهين العمامة بسبب كرسي في مجلس الأمة فهي اشرف واكبر من ذلك بكثير، موضحا انه منذ 1992 قام بالتصدي للشأن العام فلم اترك قضية او حدثا إلا وقمت بالتوحيد بين الشيعة والسنة وتوحيد الصف الشيعي والسني فكلنا مسؤولون امام الله عن تلك الامانة وكلنا مطالبون بالعمل على حماية هذا البلد وامنه، وقال الى متى يستغل البعض الوضع الشيعي لتحقيق مصالحه وتقومون بقيادة هذا الصف من الامة باتجاه التشرذم والابتعاد؟ ولماذا لا تنظرون الى الامور بنظرة اعمق واشمل؟ موضحا ان هؤلاء يقومون بتطبيق مذهب بوش «اذا لم تكن معي فأنت ضدي» موجها اليهم النقد لمسؤوليتهم عن حقوق ابناء تلك الطائفة.
وقال ما ذنب طفل تم فصله من المدرسة لأنه جادل زميلا له بالقول ان «مغنية شهيد»؟ وآخر قام بالشطب على القرآن؟ وهم وان كانوا اجرموا إلا ان براءتهم وطفولتهم تعفيهم من هذا الجرم وهم لا يدركون.
وانتقد من قام بهذا العمل بالقول لماذا اقوم بتحميل البعض ذنب آخرين؟ مضيفا الى متى يغط الشيعة في سبات عميق دون الدفاع عن حقوقهم موضحا ان الشيعي مواطن له كل الحقوق وعليه كل الواجبات وعلى الشيعة ان يسألوا انفسهم من ينضوون تحت امرته وارشاده؟ مستغربا هذا الاتجاه قائلا: لماذا لا تكون لنا كلمة في تحديد مصيرنا فكل التيارات قامت بترشيح ممثليها الا الشيعة يقوم الغير بتحديد المرشحين لهم. واشار الى ان الطائفية كانت موجودة في الدوائر الـ 25 والان تأصلت تلك الطائفية بنظام الدوائر الخمس، وقد قلت لصاحب السمو الامير ان نظام الدوائر الخمس جريمة في حق الكويت ويؤصل الطائفية في البلد وسيذهب بها الى مصير العراق الا ان بعض الحاقدين ايدوا الأمر وقالوا «لو جاء الملا عمر الى الخليج لبايعته اميرا للمؤمنين وانتظروا فسنكون الاكثر عددا» ما ادت اليه الدوائر الخمس الطائفية والقبلية واثارة العنف.
واشار القلاف في حديثه الى اننا في الدوائر الـ 25 كنا نعرف من يتحرك ويدبر الا ان الدوائر الخمس لا نستطيع ان نعرف من يعمل فيها ولا نعرف تكتيكاته ومناوراته والتي تحمل في طياتها خبثا شديدا وهو امر سيذهب بالبلد الى حافة الهاوية.
وقال ان قرار ترشيحي من عدمه يخضع لتوصيل رسالة الى الناس مفادها تحقيق الصالح العام وابراز عيوب الامور لاستجلائها والمساهمة في صياغة قوانين وتشريعات تعالج المثالب والاخطاء لمشكلات عديدة يعاني منها المجتمع الكويتي، موضحا ان قرار النزول لم يتخذه الى الآن لاسباب معلنة واخرى من الصعب التحدث فيها الان.
الصفحة في ملف ( pdf )