بشرى شعبان
عندما قررنا فتح هذا الملف حول مشكلة الاحداث في الكويت لم نكن نعلم ان هذا سيقودنا الى مكان تدمى له قلوبنا، اردنا ان نسلط الضوء على مشكلة تعمل وزارة الشؤون جاهدة على معالجتها وبعد ان تطرقنا خلال الحلقات السابقة الى حجم المشكلة من حيث العدد والانواع والخدمات المقدمة لهذه الفئة ارتأينا في هذه الحلقة ان نسلط الضوء على عدد من القصص التي ادت بأصحابها الى هذا المكان.
عندما توجهت إلى إدارة الاحداث للاطلاع على اصحاب القضية كان في ذهني انني سأجد شبابا متهورا اراد اثبات ذاته بأي طريقة، لكن كانت المفاجأة انني وجدت الأم البديلة لاخواتها التي لم تستطع تحمل مسؤولية اسرتها اكثر من سنتين لتنتقم بعدها من ذاتها ومحيطها عبر إقامة علاقات مشبوهة مع مجموعة من الشباب داخل المنزل العائلي.
واخرى لا تعلم انها مريضة، بل انها تريد اشباع غريزتها بأي طريقة الى حين بلغ الامر بوالدها ان قال: لتقم علاقة مع شباب - اثنين او ثلاثة - لا ان تحضر كل يوم الى المنزل بواسطة سيارات تضم مجموعة لا تقل عن 10 شبان كانت «وياهم».
وشاب بعمر الورد قبل ان تتفتح له الحياة اراد الانتقام من ذويه عبر تعاطي المخدرات بهدف اذلالهم لا اكثر ولا اقل.
معظم القصص التي سمعناها لا يعلم اصحابها قبل ارتكابها انها ستصل بهم الى داخل دور رعاية الاحداث، بل نظروا اليها كمغامرة.
رأيت فــي عيونهم دمعة عالقة لا تريد ان تذرف، وصرخات صامتــة في نفوسهم ندامة على فعلة ارتكبوها دون ادراك، لكنهم جميعهم اجمعوا على النــدم آملين الخروج الى خارج اســوار الدور بشكل مختلف.
م.ع شاب لم يتجاوز الـ 15 سنة «مهاوشة بين الاصحاب» دخل فيها طرفا كانت نتيجتها التسبب بعاهة مستديمة لرفيق الامس وعدو اليوم له.
عن حياته قال ابي وامي منفصلان وكل منهما تزوج من آخر وانجبا اولادا ولا احد يهتم بي منهما، لم اجد سوى رفاق اقوم وانام معهم نقضي اكثر الاوقات متسكعين في الاسواق والشوارع، واذا اراد احد ردعنا عن عمل نقوم به يكون مصيره «الطقة»، قال لم اكن اعلم اني سأدخل الى دار رعاية الاحداث، بل كل ما كنت اريده الحياة وفق مزاجي، وفي احد الايام حصلت «هوشة» بين «ربعي» تدخلت وطعنت احدهم بسكين وسببت له عاهة مستديمة، ووجدت نفسي هنا، لا احد يسأل عني لا أم ولا اب ولا اخ، عندها فكرت بما ارتكبته بحق نفسي من اذى وقررت ان اتجاوب مع المشرفين وان تعلم مهنة اخرج بها الى المجتمع بعد انقضاء المدة.
املي ان اعمل في وظيفة توفر لي الاستقرار لكي انشئ اسرة وانجب ابناء اهتم بهم، ولن ادع اي سبب يفرقهم عني.
فتاة اخرى عمرها لا يتجاوز الـ 14 سنة والدتها مريضة تعالج في مستشفى الطب النفسي، ووالدها يعمل في احد المساجد، وجدت نفسها وهي في عمر 12 عاما أما بديلة لاخوانها تحملت مسؤولية البيت وتربية الاولاد، ومسؤولية تهدئة اخوانها عندما تقع المشكلة بين الوالدين وحسب قولها كانت يومية، لم تستطع تحمل الظروف، ارادت الانتقام لنفسها ومن ذويها فلم تجد طريقة سوى اشباع غرائزها عبر مواعدة الشبان داخل منزل ذويها.
واكثر من ذلك تقول احب مغنيا عراقي هو كل حياتي بالتأكيد سيشعر بي ويأتيني في يوم من الايام لينقذني مما أنا فيه.
دخلت دار رعاية الاحداث وهي اليوم تتدرب وتخضع لمعالجة نفسية واعادة تأهيل، لكن ما زالت في بداية المشوار.
واخرى لا تدري ما بها تقول: كل ما اشعر به انني اريد اقامة علاقات مع الشبان، لو كان كل دقيقة لا اقول لا، لا ادري ما السبب، اهلي ضاقوا ذرعا بي، حبسوني في المنزل، لكني كنت ادخل الشباب رغم القيود، واذا لم اجد احدا يكون السائق او اي شخص اصل اليه.
تقول: ربما انا مريضة لكن اهلي لم يكن يدرون بذلك عندما دخلت الى الدار ابتدأت العلاج.
واما الفتى س. فقال: اردت ان «اروش» نفسي في احدى المناسبات، فطلبت الفلوس من والديّ فقالا «مافيش»، فكرت ولم اجد امامي سوى سرقة مصوغات احدى اخواتي، بعتها واشتريت ما اريد، وبعد فترة علموا اني السارق دخلت الى هنا ولكن هذه التجربة قاسية جدا لا اريد ان اتذكرها ارجوك اذهبي عني، لا اريد ان اتكلم.
وج.ح قال: أبي وامي منفصلان لا احد يسأل اردت ان اذلهما عبر اي عمل اقوم به، قال لي واحد من اصدقائي خذ هذه الحبوب تريحك كثيرا، بدأت أتعاطى وامام عيوني «حاجة واحدة» الانتقام من امي وابي، اصبحت اخرج الى الشوارع اصرخ واهدد واشتم كل من يقف بوجهي حتى ضاق بي صديقي وكانت النهاية للحالة والبداية الجديدة عندما امسكتني الشرطة وانا في حالة من «الهزيان» لا ادري ماذا افعل وادخلوني الى هنا، اقول لأمي وابي لن اسامحكما اطلاقا انتما السبب.
لكن سأتعلم واخرج وعندما اخرج من هنا بالتأكيد سأكون انسانا جديدا، اريد ان اتزوج واحب زوجتي، سأمنحها كل الحنان والعطف هي وابنائي، ولن أتخلى عنهم يوما مهما كانت الظروف.
وسآخذ ملفي معي عندما اغادر لكي يطلع عليه ابنائي لكي لا يقعوا في الخطيئة التي وقعت فيها.
التقت «الأنباء» بعدها مدير الادارة عبداللطيف السنان وسألنا عن الحالات وكيف تتم معالجتها بالنسبة لمشكلة «الام البديلة» طلبنا من ابيها ان يقوم بزيارتها بشكل مستمر، ووضعنا لها برنامجا يعيد اليها طفولتها واخضعت لعلاج نفسي وتبين انها تعاني من تخلف عقلي بسيط وبطء بالتعلم، وللاسف اسرتها لم تكن تعلم شيئا عن هذا الوضع.
اما الاخرى، فعرضت على المعالج النفسي ايضا، وتمت معالجتها لأنها تعاني من مرض نفسي مزمن وايضا عولجت بأدوية خاصة بالهرمون الانثوي من قبل طبيب مختص.
وكشف لنا السنان عن وجود حالات داخل دور الضيافة من اسباب الاحتلال العراقي الغاشم منهم فتى في عمر 17 سنة امه تعرضت للاغتصاب من قبل العراقيين وحملت به ولد بعد التحرير اخفت الأم عن عيالها امره وهو الآن اصبح في عمر 17 سنة ولا توجد لديه اوراق ثبوتية او اي مستند وهو موجود لانه من فئة المعرضين للانحراف.
وولد آخر امه في المستشفى الاميري لانها تعاني من امراض تفرض بقاءها في المستشفى وهي هناك منذ سنوات وايضا تعرضت للاغتصاب من العراقيين وانجبت هذا الولد الذي يجهل والديه وهو موجود هنا لانه يعاني من اضطرابات نفسية جعلته عرضة للانحراف.
وهناك ايضا فتى كان يقف امام بقالة يريد شراء غرض، حصلت «هوشة» بينه وبين ولد آخر لا يعرفه ولا تربطه به اي صلة من قبل ضربه بسكين اودت بحياته والجاني موجود بالدور بعدما حكم عليه بالحبس خمس سنوات.
وقال السنان: نحن نعاني من مشكلة محاكمة الاحداث مع الكبار في محاكم مشتركة، علما اننا حرصنا على اعادة تأهيل محكمة الاحداث لفصلهم عن الكبار لكي لا يتأثر الحدث بأصحاب السوابق، وقد حصلت حادثة مع ولد انه كان بالمحكمة قرب احد المجرمين من ذوي السوابق، حيث قال له: لو كنت مكانك لهربت قبل الدخول الى دار الاحداث تأثر الحدث بكلامه وعندما عاد من المحكمة «باق احدى السيارات وهرب بها»، لذلك نأمل ان يتم في اقرب وقت اعادة تأهيل محكمة الاحداث للتخفيف من ظواهر انتقال الجريمة.
وعن اغرب حادثة حصلت قال السنان في مناسبة عيدي التحرير والوطني كان فتى عمره 12 سنة يحتفل مع اصحابه عبر رش الرغوة بالهواء اتت على «كيكة» تحملها سيدة وافسدتها، لم يكن من السيدة الا ان تلجأ للمخفر وتسجل قضية ضد الفتي ويتم احضاره الى الاحداث، عندما اطلعت على الملف استغربت احالة ولد مهذب بسبب كيكة ثمنها 3 دنانير، يوم مثوله امام مدير النيابة طلبت منه احضار 4 او 5 قوالب كيك ووضعها امام مدير النيابة ويقول له ارسلها الى منزل الشاكية بطلب من مدير ادارة الاحداث وبالفعل هذا ما حــدث فأرسلنا 5 كيكات الى منزل الشاكية ولم تجد امامها سبيل سوى التنازل عن القضية.
تقرير خاص في ملف ( pdf )