بشرى الزين
من الواضح ان النزاع الجورجي – الروسي حول الاقليمين الانفصاليين اوسيتيا الجنوبية وابخازيا لايزال يمد بخيوط التوتر بين روسيا والولايات المتحدة وحلفائها من جهة وبين البلدين الجارين المتنازعين وتبادلات الاتهامات والانتقادات من جهة اخرى.
الوزير والقائم بأعمال السفارة الجورجية لدى البلاد غريغوري تاباتدزي يرى ان الوضع المتأزم بين روسيا وبلاده لن ينفرج الا بتطبيق روسيا لاتفاق «مدڤيديڤ – ساركوزي» واحترام سيادة الاراضي الجورجية قائلا انه لا توجد اشارات لانسحاب القوات الروسية من نقاط النزاع.
تعليق تاباتدزي يأتي في سياق رده على ما جاء على لسان السفير الروسي لاكسندر كينشاك خلال مؤتمر صحافي نشر في عدد من الصحف المحلية في 28 اغسطس الماضي، ان الحكومة الجورجية تضم وزيرين من الجنسية الاسرائيلية، في اشارة الى علاقة جورجيا باسرائيل ودعم الاخيرة لها، ويرى الديبلوماسي الجورجي ان قول السفير بهذا انما يهدف الى شق الاجماع الدولي ودعم المجتمع الدولي لبلاده، نافيا ما ذكره السفير الروسي قائلا: ليس لدينا وزيران اسرائيليان وبلادنا تحترم جميع الديانات وتؤمن بقيم التعايش السلمي وتعدد الثقافات والحضارات.
الخطوة التي اتخذتها موسكو باعترافها باستقلال اوسيتيا الجنوبية وابخازيا توضح التهديد الروسي لسيادة جورجيا، كما يقول تاباتدزي، في حين يرى ان الدعم الذي حظيت به بلاده من المجتمع الدولي، خصوصا الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي في المرحلة المتأزمة التي تمر بها، يأمل ان تزنه روسيا كقوة كبرى وديموقراطية كما يصفها المسؤولون الروس.
ويستقرئ تاباتدزي افق الازمة قائلا: ان حلها لن يكون الا بتطبيق كامل لاتفاق «مدڤيديڤ – ساركوزي».
قطع العلاقات الديبلوماسية بين روسيا وجورجيا والابقاء على مكاتب قنصلية توقفت مهامها ايضا الاسبوع الماضي بايعاز من موسكو، يرى تاباتدزي الا سبب لاستمرارها في ضوء النزاع والتهديد الروسي لسيادة الاراضي الجورجية التي يتمسك الجورجيون بالدفاع عنها والمحافظة عليها وفقا للقرارات والمبادئ والمواثيق الدولية التي اقرت بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، علما اننا حاولنا ومنذ استقلال بلادنا عن الاتحاد السوفييتي سابقا في مسار اللعبة الدولية ونتطلع الى الانضمام الى حلف شمال الاطلسي والاتحاد الاوروبي وان نكيف النظام السياسي والاقتصادي مع المعايير المطلوبة.
ويشير الديبلوماسي الجورجي ايضا الى الدعم الذي تحظى به بلاده، مذكرا بان هذا الدعم هو عبارة عن اشارات جيدة لاعادة اعمار البنية التحتية في جورجيا وبناء ما خلفته المواجهات العسكرية الاخيرة بين جورجيا وروسيا، لافتا الى ان عملية اعادة الاعمار تحتاج الى تكلفة بمقدار ملياري دولار، مشيرا الى ان جورجيا ستحصل على مليار دولار من الاتحاد الاوروبي وفقا لاقتراح مؤتمر المانحين الى جانب دعم حلف شمال الاطلسي لبلاده في مسارها للتطور الديموقراطي فيها، متسائلا عن ماهية التصريحات التي يدلي بها المسؤولون الروس من ان الحلف سيخسر بدعمه جورجيا، قائلا: كيف يمكن لحلف الناتو ان يخسر بدعمه جورجيا الصغيرة؟ مشيرا الى ان الاعلام الروسي يوجه «ماكينته» ضد جورجيا الآن.
الدور التركي يصفه تاباتدزي بأنه مهم وايجابي نظرا لأن تركيا عضو في حلف شمال الاطلسي وجار لروسيا ولم تقم بأي تهديد للاتحاد السوفييتي في السابق، فكانت لها تجارب للتعايش السلمي وتريد بدورها الحالي المساهمة في بناء ارضية امنية في القوقاز من خلال المفاوضات الاخيرة، كما ان تركيا ترتبط بمشروعين كبيرين في المنطقة عبر وجود انبوبين لنقل النفط والغاز من منطقة ازيري في البحر الاسود مرورا بتبيليسي وصولا الى الاتحاد الاوروبي، وبالتالي فإن لتركيا ان تلعب دورا موسعا مع الاتحاد الاوروبي، اضافة الى حاجتها الى العضوية فيه، اما ايقاف مفاوضات اتفاق الشراكة بين روسيا والاتحاد الاوروبي بعد نزاعها مع جورجيا فهو مقدمة لعزلتها كما يشير تاباتدزي وتقويض لطموحاتها على المستوى العالمي.
كما يرى ان جورجيا التي تبنى سياستها الخارجية على احترام المواثيق الدولية ودعم السلام لا تبتغي افتعال المشاكل، وستعرب عن سعادتها اذا حلت الازمة مع روسيا عبر المفاوضات، اذ ان هدف بلاده ليس فرض عقوبات على روسيا في القرن الـ 21 وان كانت الاخيرة لا تقبل بالتطور الديموقراطي في جورجيا وتريد ان تبتز الاتحاد الاوروبي في موضوع النفط والغاز، مشيرا الى ان هذا الاجراء سينشئ ضغطا لدى روسيا لأن الطرفين يستفيدان من هذه الحركة ذات الاتجاهين، سواء الدول الاوروبية التي تمثل الزبون او روسيا البائع وما يترتب على ذلك من عائد مادي لها، كما ان دول الاتحاد الاوروبي يمكن ان تلجأ الى مصادر للطاقة في مناطق اخرى في بحر الشمال وايران وغيرها.