محمد ناصر
عادة ما تعبّر الاستجوابات عن مدى الاحتقان السياسي ودرجة المواجهة السياسية بين المجلس والحكومات المتعاقبة فالاستجواب عبارة عن اداة دستورية يستخدمها أعضاء مجلس الأمة لمحاسبة الوزراء على ادارتهم لوزاراتهم ولتبيان الأخطاء والعمل على تلافيها.
ومع تقديم كل استجواب تصاب الحياة السياسية الكويتية بحالة من الترقب والقلق فكيف والحال الآن مع استجواب يقدم لسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد وما يمكن ان يترتب على ذلك من اثار ونتائج تصيب المسيرة الديموقراطية في بلدنا.
الطبطبائي الأول
وفي متابعة لما تناولناه بالأمس عن تاريخ الاستجوابات في مجلس الأمة يتبين انه بتقديم النائب د.وليد الطبطبائي لاستجوابه سمو رئيس مجلس الوزراء يصبح بذلك اكثر النواب مشاركة في تقديم الاستجوابات في تاريخ مجلس الأمة بواقع 6 استجوابات تلاه النائب حسين القلاف بـ 5 استجوابات، فالنائب مسلم البراك والنائب فيصل المسلم بـ 4 استجوابات لكل منهما.
طرح الثقة
أما بالنسبة لطلبات طرح الثقة فقد بلغت 14 طلبا بدأت مع وزير التجارة والصناعة خالد سليمان العدساني في عام 1974 وآخرها مع وزيرة التربية ووزيرة التعليم العالي نورية الصبيح في مجلس 2006.
استقالات الوزراء
وكسر مجلس 2006 الأرقام القياسية من ناحية الوزراء الذين تقدموا باستقالاتهم على اثر الاستجوابات اذ تقدم محمد السنعوسي والشيخ علي الجراح ومعصومة المبارك باستقالاتهم اثر ذلك، ثم استقال بدر الحميضي بعد 8 أيام من تدويره وأعفي عبدالله المعتوق من منصبه في سابقة تاريخية تحدث للمرة الأولى.
أشهر الاستجوابات
مر على الكويت اثنان واربعون استجوابا الا انها لم تنل جميعها الصخب ذاته فتفاوتت بين استجوابات هادئة مرت مرور الكرام واستجوابات ادت الى الحل واستجوابات احدثت صخبا وتوترا قل نظيره.
وابرزها الاستجوابات الثلاثة التي قدمت في يوم واحد عام 1986 ضد وزراء النفط علي الخليفة والمواصلات عيسى المزيدي والمالية جاسم الخرافي، وقد افضت تلك الاستجوابات الى حل المجلس حلا غير دستوري.
واحدث استجواب وزير التربية د.احمد الربعي نقاشا سياسيا عاصفا انتهى بنيل الوزير 17 صوت ثقة كما حدث الأمر ذاته مع استجواب وزير المالية ناصر الروضان.
كما ادى استجواب وزير الاعلام الشيخ سعود الناصر في مجلس 96 الى استقالة الحكومة فيما تم حل المجلس حلا دستوريا مع استجواب وزير العدل احمد الكليب عام 1999.
وشهد استجواب وزير المالية د.يوسف الابراهيم عام 2002 صراعا اعلاميا وسياسيا حادا انتهى بعبور الوزير لجلسة طرح الثقة بسلام.
شكل استجواب سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد عام 2006 من قبل النواب احمد السعدون واحمد المليفي وفيصل المسلم سابقة تاريخية انتهت بحل مجلس الامة حلا دستوريا وشهد استجواب وزير الصحة الشيخ احمد العبدالله ووزير النفط الشيخ علي الجراح مناقشات حادة انتهت بالنسبة للشيخ احمد العبدالله باستقالة الحكومة وللشيخ علي الجراح بتقديم استقالته.
ونالت وزيرة التربية نورية الصبيح تأييدا اعلاميا بعد نجاحها ببراعة في تفنيد محاور الاستجواب ونيلها الثقة بـ 26 صوتا خاصة كونها كانت اول طرح ثقة يقدم بحق وزير.
الاستجواب في الدستور
ونصت المادة 100 من الدستور الكويتي على ان لكل عضو من اعضاء مجلس الامة ان يوجه الى رئيس مجلس الوزراء والى الوزراء استجوابات عن الامور الداخلة في اختصاصاتهم، ولا تجري المناقشة في الاستجواب الا بعد ثمانية ايام على الاقل من يوم تقديمه، وذلك في غير حالة الاستعجال وموافقة الوزير.
وبمراعاة حكم المادتين 101 و102 من الدستور يجوز ان يؤدي الاستجواب الى طرح موضوع الثقة على المجلس.
مادة 101
كل وزير مسؤول لدى مجلس الامة عن اعمال وزارته واذا قرر المجلس عدم الثقة باحد الوزراء اعتبر معتزلا للوزارة من تاريخ قرار عدم الثقة ويقدم استقالته فورا، ولا يجوز طرح موضوع الثقة بالوزير الا بناء على رغبته او طلب موقع من عشرة اعضاء اثر مناقشة استجواب موجه اليه، ولا يجوز للمجلس ان يصدر قراره في الطلب قبل سبعة ايام من تقديمه.
ويكون سحب الثقة من الوزير باغلبية الاعضاء الذين يتألف منهم المجلس فيما عدا الوزراء ولا يشترط الوزراء في التصويت على الثقة.
مادة 102
لا يتولى رئيس مجلس الوزراء أي وزارة ولا يطرح في مجلس الامة موضع الثقة به، ومع ذلك اذا رأى مجلس الامة بالطريقة المنصوص عليها في المادة السابقة عدم امكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، رفع الامر الى رئيس الدولة، وللامير في هذه الحالة ان يعفي رئيس مجلس الوزراء ويعين وزارة جديدة، او ان يحل مجلس الامة.
وفي حالة الحل، اذا قرر المجلس الجديد بذات الاغلبية عدم التعاون مع رئيس مجلس الوزراء المذكور اعتبر معتزلا منصبه من تاريخ قرار المجلس في هذا الشأن، تشكل وزارة جديدة.
تفسير المحكمة الدستورية
طلب مجلس الوزراء من المحكمة الدستورية تفسيرا للمادتين 100 و101 من الدستور والمتعلقتين بالاستجوابات النيابية، وقد عقدت المحكمة جلسة علنية في التاسع من اكتوبر من عام 2006 برئاسة المستشار راشد عبدالمحسن الحماد رئيس المحكمة لمناقشة الطلب المقيد بسجل المحكمة الدستورية برقم 8 لسنة 2004 تفسير دستوري، وبعد ايراد الاسباب قررت المحكمة في شأن تفسير المادتين 100 و101 من الدستور، وذلك بالارتباط مع المادتين 130 و133 منه، وفي ضوء بقية مواده الاخرى المرتبطة بهذا الخصوص ما يلي: اولا: ان الاستجواب يجب ان يكون موضوعه واضحا، محددا بوقائع تحصر اسانيدها، حتى يتخذ المستجوب عدته، ويستعد لمناقشته، ويتمكن من الادلاء بحجته، ولا يجوز اقحام موضوعات جديدة اخرى على طلب الاستجواب اثناء مناقشته الا ما كان متعلقا بوقائع تفصيلية ترتبط بحكم اللزوم بموضوع طلب الاستجواب.
ثانيا: ان استجواب الوزير يكون عن الأمور الداخلة في اختصاصه، وعن اعمال وزارته، والإشراف على شؤونها وقيامه بتنفيذ السياسة العامة للحكومة فيها ورسم اتجاهات الوزارة وإشرافه على تنفيذها، وعما يمارسه من سلطة متاحة له قانونا في مجال التوجيه والإشراف والرقابة على المؤسسات العامة والهيئات العامة والإدارات المستقلة التابعة له او الملحقة به او بوزارته لتنفيذ السياسة العامة للحكومة، وبمراعاة القدر الذي منح قانونا للوزير من السلطة والاختصاص بالأعمال المراد استجوابه عنها بما يمكنه من القدرة على الاتيان بها، ولا يجوز استجواب الوزير عن الأعمال السابقة التي صدرت منه قبل توليه الوزارة التي يحمل حقيقتها ايا كانت صفته وقت صدورها، كما لا يجوز استجواب الوزير عن الاعمال السابقة التي صدرت من وزير آخر او من الوزراء السابقين الذين تولوا الوزارة قبل تعيين الوزير المراد استجوابه، وزيرا لها متى كانت هذه الاعمال السابقة قد تمت ولم تستمر في عهده.
الدستور وطرح الثقة
فرض الدستور الكويتي عدة قيود على طلب سحب الثقة وهي:
-
ان يكون طرح الثقة على اثر استجواب موجه ضد الوزير والانتهاء من مناقشته.
-
يكون طرح الثقة بناء على طلب كتابي موقع من عشرة أعضاء بالمجلس.
-
يجب عند طرح موضوع الثقة ان يحضر الجلسة الأعضاء مقدمو الطلب وعلى رئيس المجلس قبل عرض الاقتراح ان يتحقق من وجودهم بالجلسة.
-
لا يجوز التصويت على الثقة لا بعد مضي سبعة ايام من تقديم طلب طرح الثقة.
-
قبل التصويت على الثقة يأذن رئيس المجلس بالكلام في موضوع الثقة لاثنين من مقدمي اقتراح الثقة واثنين من معارضته.
-
يكون بالتصويت بالمناداة بالاسم لان القرار يشترط لصدوره هنا اغلبية خاصة.
-
واخيرا لا يصدر قرار عدم الثقة الا بأغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس فيما عدا الوزراء فتحسب هذه الأغلبية الخاصة على أساس عدد الأعضاء المنتخبين بالمجلس.
-
والوزير الذي صدر قرار بسحب الثقة منه يعود الى عضويته في مجلس الأمة اذا كان عضوا منتخبا اما اذا لم يكن كذلك فإنه يفقد عضويته بالمجلس لأنها عضوية تابعة لمنصبه الوزاري.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )