محمد ناصر
واحد من الخيارات المطروحة حول استجواب سمو رئيس مجلس الوزراء هو احالته الى المحكمة الدستورية بسبب وجود شبهات دستورية تحدث عنها العديد من الخبراء الدستوريين ابرزها ان معظم ما ورد في محاوره ليس له علاقة بالسياسة العامة للحكومة.
وبنظرة تاريخية على الاستجوابات التي مرت على الكويت فقد سبق ان تمت احالة استجوابات الى المحكمة الدستورية منها الاستجواب المقدم من خليفة الجري الى وزير الصحة العامة د.عبدالرحمن العوضي بشأن تزويده بكشف يتضمن اسماء المرضى الذين اوفدتهم الدولة للعلاج في الخارج وقدم هذا الاستجواب في الدور الثاني من الفصل التشريعي الخامس وتمت مناقشته في السادس من اكتوبر 1982 ورفض الوزير حينها تقديم البيانات ورفع الامر للمحكمة الدستورية التي ايدت موقف الوزير وتمسكه بالمادة 99 من الدستور.
استجواب باقر
كما اعتبر الاستجواب الذي قدمه النائب سيد حسين القلاف لوزير العدل احمد باقر في نوفمبر 2001 كأول استجواب في تاريخ الكويت تمت احالته الى اللجنة التشريعية والقانونية في مجلس الامة اذ كان سابقة اولى من نوعها في تاريخ الحياة البرلمانية الكويتية.
واعتبر الخبراء الدستوريون حينها ان المجلس وحده هو المخول بتحديد الوقت اللازم للجنة لدراسة الموضوع المحال اليها، مشيرا الى انه اذا لم يحدد المجلس فترة معينة فللجنة ان تأخذ الوقت الذي تراه مناسبا لدراسة الموضوع، دون التقيد بسقف زمني محدد.
واضافوا ان احالة مادة الاستجواب الى المحكمة الدستورية تتم بموجب المادة (173) من الدستور ونصها: يعين القانون الجهة القضائية التي تختص بالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين واللوائح، ويبين مدى صلاحيتها والاجراءات التي تتبعها.
ويكفل القانون حق كل من الحكومة وذوي الشأن في الطعن لدى تلك الجهة في دستورية القوانين واللوائح، وفي حالة تقرير الجهة المذكورة عدم دستورية قانون او لائحة يعتبر كأن لم يكن.
وذكروا ان المادة الدستورية السابقة وقانون انشاء المحكمة الدستورية 14/73 لم يحددا وقتا معينا للمحكمة لإنجاز الموضوع المحال اليها، بمعنى ان المدة مفتوحة امامها، مشيرا الى ان قرار المحكمة هو الملزم تنفيذه والواجب تطبيقه.
وكان مضمون الاستجواب حول سوء تطبيق مواد القانون في قضية الطفل الموؤد في السالمية وتجاوزات مالية وادارية في السلك القضائي بوزارة العدل وحفظ شيكات بدون رصيد وحفظ قضايا خاصة بالتعاطي وتجارة المخدرات داخل ادارات قصر العدل، وعرض الاستجواب في جلسة مجلس الامة بتاريخ 8 يناير 2002 وسقط لعدم دستوريته وصوت المجلس على تقرير اللجنة التشريعية بأغلبية 25 نائبا من اصل 43 نائبا وامتناع الحكومة عن التصويت وقضت المحكمة الدستورية بترك الحكومة لتفسير الاستجواب.
وبذلك نستطيع اعتبار الاستجواب الموجه من النائب خليفة الجري للدكتور عبدالرحمن العوضي عام 1982 استجوابا تاريخيا كونه شكل سابقة اولى لإحالته الى المحكمة الدستورية، أما بالنسبة لاستجواب النائب حسين القلاف لوزير العدل احمد باقر عام 2001 فكان تاريخيا ايضا كونه سابقة اولى ايضا بإحالته الى اللجنة التشريعية والقانونية.
الإحالة للتشريعية
وفي دراسة للمحامي طلال سعد الجلال ذكر ان احالة مادة الاستجواب الى لجنة الشؤون التشريعية والقانونية تأتي وفق البند رابعا من المادة 43 من القانون رقم 12 لسنة 1963 بشأن اللائحة الداخلية لمجلس الأمة «لجنة الشؤون التشريعية والقانونية وعدد أعضائها 7 ويدخل في اختصاصها الجانب القانوني في اعمال المجلس والوزارات والمصالح المختلفة خاصة ما يتعلق بشؤون وزارتي العدل والأوقاف وادارة الفتوى والتشريع كما تختص هذه اللجنة بكل الأمور التي لا تدخل في اختصاص لجنة اخرى».
كما ذكر عدة حالات منها عندما احال الى المحكمة الدستورية طلبا للفصل في المنازعة التي اثيرت في جلسته بتاريخ 23/5/1981 عن مدى دستورية المادة 114 من اللائحة الداخلية له خلافا لم تنص عليه المادة 97 من الدستور وفصلت في ذلك المحكمة الدستورية.
- سبق لمجلس الأمة ان احال الى المحكمة الدستورية عام 1996 طلب تفسير المادة 92 من الدستور بشأن احتساب الأصوات وفق الأغلبية الخاصة أو المطلقة ووضع الممتنع بالورقة البيضاء.
- نصت المحكمة الدستورية على ان اللائحة الداخلية لمجلس الامة وثيقة مكملة لأحكام الدستور في مجال العمل البرلماني.
- سبق ان قررت المحكمة الدستورية تفسير المادة 173 من الدستور عام 1986 بناء على طلب الحكومة اثر تقدم مجلس الامة باقتراح تعديل المادة الاولى من القانون رقم 14 لسنة 1973 بشأن انشاء المحكمة الدستورية وجاء التفسير في نهايته كاشفا فيه عدم دستورية الاجراء النيابي الذي كان مزمعا اتخاذه وهو ما يمثل رقابة وقائية مسبقة مارستها المحكمة بما يحول دون الوقوع في المخالفة الدستورية.
- تأكيد المحكمة على اختصاصها في التفسير لما يثار من السلطتين التشريعية والتنفيذية او فيما بين اعضاء مجلس الأمة او فيما بين اعضاء مجلس الوزراء تجلية للغموض فيما لو ثار وجود اكثر من رأي حول النص الدستوري من اجل ضمان وحدة التطبيق الدستوري واستقراره.
- كان للمحكمة الدستورية دور في حسم مدة الفصل التشريعي في الطلب الحكومي المحال الى المحكمة في ديسمبر 2002 قبل البدء في اجراء فض دور الانعقاد والدعوة لانتخابات جديدة وهي اجراءات سابقة على اتخاذ اي اجراء.
مدى استمرارية مادة الاستجواب بانتهاء دور الانعقاد في حال الإحالة للمحكمة الدستورية وعدم الفصل فيه في حينه.
- المادة 142 من القانون رقم 12 لسنة 1963 بشأن اللائحة الداخلية لمجلس الأمة.
وفي غير الأحوال السابقة اذا انتهى دور الانعقاد دون البت في الاستجواب يستأنف المجلس نظره عند بدء الدور التالي.
دستورية التأجيل
كما ذكر المحامي الجلال في دراسته ان دستورية وقانونية تأجيل الاستجواب اكثر من اسبوعين بحسب الفقرة الثانية من المادة 135 من القانون رقم 12 بشأن اللائحة الداخلية لمجلس الأمة ولمن وجه اليه الاستجواب ان يطلب مد الأجل المنصوص عليه في الفقرة السابقة الى اسبوعين على الاكثر فيجاب الى طلبه ولا يكون التأجيل لأكثر من هذه المدة إلا بقرار من المجلس.
المادة 80
وذكر عن مدى جواز بحث موضوع معروض على اللجان البرلمانية وشمول ذلك مادة الاستجواب.
- تنص المادة 80 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة في الفقرة الثانية على «لا يقبل طلب الكلام في موضوع محال الى احدى اللجان بعد تقديم تقريرها».
وابدت في ذلك القانونية في مجلس الامة فاطمة العبيدان رأيا بدراسة لها عن لجان التحقيق البرلمانية اشارت فيها الى ان مادة الاستجواب تدخل في مفهوم «الكلام» المشار اليه في المادة السالف ذكرها لعدم امكانية الحكم على الموضوع بصورة متكاملة فيما يخص اداء الوزير، واشارت الى ان ما اثير في مجلس الأمة خلال استجواب وزير الإعلام الأسبق الشيخ سعود الناصر الصباح بشأن ازمة عدم منع كتب في معرض الكتاب والتي كانت منظورة لدى لجنة شؤون التعليم والارشاد بمجلس الامة حيث تساءل الوزير آنذاك خلال جلسة الاستجواب حول مدى دستورية ذلك حيث يمتنع وفق نص المادة 80 على الوزير والاعضاء الحديث في ذلك والذي ينطبق عليها نص المادة وفق دراسة للدكتور ابراهيم الحمود عام 1998.