محمد ناصر
تنطلق اليوم أنشطة المؤتمر السادس لرؤساء البعثات الديبلوماسية ليكون هذا المؤتمر الثالث الذي يعقد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ د.محمد الصباح على رأس وزارة الخارجية.
فبعد اكثر من سبع سنوات قضاها الشيخ د.محمد الصباح في العاصمة الأميركية كسفير ها هو يكمل السنة السابعة في أروقة وزارة الخارجية حاملا لواء الدفاع عن قضايا الكويت في المحافل الدولية وعاملا على انجاز اهداف السياسة الخارجية الكويتية.
فمنذ 17 فبراير 2001 اليوم الأول لدخول الشيخ د.محمد الصباح مبنى الوزارة كوزير دولة للشؤون الخارجية تساءل الجميع: هل يستطيع د.محمد الصباح ملء ذلك الفراغ الكبير الذي سيخلفه تخلي عميد وزراء خارجية دول العالم عن وزارة الخارجية واتى الجواب ساطعا وواضحا منذ السنة الأولى، اذ على الرغم من الحالة العاصفة التي كانت تحاصر العالم العربي من اتهامنا بالتآمر على العراق وتسهيل عملية تحريره تصدى وزير خارجيتنا لكل تلك الأقاويل ولكل الافتراءات التي كانت تشن ضدنا وعمل على تفنيدها بندا بندا.
بهذه الكلمات الصادقة عبر الشيخ د.محمد الصباح عقب تسلمه مهام وزارة الخارجية: «أنا أكثر الوزراء حظا لأنني تسلمت وزارة بنيت على اساس قوي بعدما كان يتولاها صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد وسأسير على النهج نفسه الذي بدأه سموه عندما كان وزيرا للخارجية وأول خطاب خارجي لي سيكون الالتزام بالأسس ذاتها التي تبناها سموه في الوزارة».
والشيخ د.محمد الصباح يعتبر صمام الأمان للسياسة الكويتية الخارجية، جاء الى الديبلوماسية من بين السياسة والاقتصاد فحاز على ثقة الجميع وفي مقدمتهم صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الاحمد.
نجح في ابراز صورة ومطالب الكويت على الساحة الأميركية عندما تولى مهام سفارتنا في واشنطن بدءا من يناير 1993 وعمل على تمتين علاقات الكويت مع دول العالم من خلال السفراء العرب الذين كان عميدهم في غياب السفير السعودي الامير بندر بن سلطان، كما دافع عن السياسة النفطية الكويتية في واشنطن عندما اعتبر ان الكويت تلعب دورا في رفع اسعار البترول، كيف لا وهو الحاصل على الدكتوراه في الاقتصاد الدولي من جامعة هارفارد عام 1985، ودارس الفيزياء لمدة سنتين ليتحول بعدها للاقتصاد الرياضي في كلية كليرمونت في كاليفورنيا في الولايات المتحدة، فالشيخ د.محمد الصباح يجمع بين السياسة والمؤهلات الاقتصادية خاصة انه ذو تأهيل اقتصادي متين جدا اكتسب ابرزه في الولايات المتحدة، بالإضافة لخبرته الديبلوماسية التي اكتسبها من تولي سفارتنا في اميركا.
المواجهات الديبلوماسية
دخل معترك المواجهات الديبلوماسية منذ السنة الاولى لتوليه وزارة الخارجية، فجميعنا نذكر تلك الكلمات الرائعة التي رد بها الشيخ د.محمد الصباح على البذاءة والكذب والافك التي تلفظ بها المندوب العراقي عزة الدوري بحق الكويت وشرعيتها وشعبها عندما وصف البريعصي الكويت بالتآمر بسبب خيانة حكام الكويت وتعاونهم مع الصهيونية والامبريالية، وذلك ضمن الدورة الطارئة الثانية لمؤتمر القمة الاسلامي والذي عقد في دولة قطر يومي 4 و5 مارس 2003.
وكانت كلمات د.محمد كالبلسم الذي داوى جراح الكويتيين عندما رد قائلا: هذا الكفر بعينه وهذا العهر السياسي الذي تتحدث به انت ونظامك وهذا الكذب والدجل والافتراء من عادتكم ولا اقبل ان تتطاول على بلدي.
هكذا هو الشيخ د.محمد الصباح دائما رافعا راية الحق ولا يجامل ابدا على حساب مصلحة الكويت والكويتيين.
وكما فند وزير الخارجية افتراءات البريعصي كذلك كان الامر مع أكذب وزير اعلام في التاريخ محمد سعيد الصحاف عندما تصدى له في مواجهة حادة عندما كان الصحاف وزيرا للخارجية في مؤتمر القمة العربي في عمان وبرع الشيخ د.محمد الصباح في الدفاع عن الموقف الكويتي ودحض جميع الحجج التي روجها النظام البائد لتشويه صورة الكويت.
فالصراعات السياسية المختلفة نجح د.محمد في خوض غمارها وواصل بنجاح السياسة الخارجية التي رسمها وخطط لها سلفا.
دماثة الخلق
فالتواضع الجم ودماثة الخلق والعلاقات الطيبة مع مختلف شرائح المجتمع السياسية والاقتصادية والفكرية والثقافية والاجتماعية كلها مميزات طبعت شخصية الشيخ د.محمد الصباح الذي هو بامتياز فخر الديبلوماسية الكويتية وصاحب الاسلوب السياسي والديبلوماسي المتطور والمؤمن بأهمية وفاعلية جيل الشباب في السلك الديبلوماسي ومقدرته الفذة على الارتقاء بهذا السلك في ظل العولمة الاعلامية وصراع المصالح السياسية.
وعندما نذكر اسم وزير الخارجية الشيخ د.محمد الصباح يتبادر الى اذهاننا فورا حجم المهمات السياسية الملقاة على عاتقه، ولنا ان نتصور ان سياستنا الداخلية يتصدى لها اربعة عشر وزيرا، فيما يتصدى الشيخ د.محمد الصباح فقط للسياسة الخارجية بكل ما تحمله من قضايا ومحاور متنوعة ومختلفة من خليجية وعربية واسلامية ودولية، وما الى هنالك من مصاعب جمة في التوفيق بين السياسات المتناقضة واستخلاص مصلحة الكويت من بينها والعمل على تمتين سياسة الحياد الايجابي بين الاطراف الدولية المتصارعة.
كل ذلك والشيخ د.محمد الصباح ينتقل من نجاح الى آخر ومن انجاز الى آخر، والشواهد كثيرة والمحطات البارزة في مسيرة الاربعة عشر عاما التي قضاها من السفارة الى الوزارة اكثر من ان تذكر.
ونعيد اليوم نص كلمة الشيخ د.محمد الصباح التي ألقاها على هامش تكريم سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد عام 2004: سمو الشيخ صباح الاحمد، حفظه الله، رئيس مجلس الوزراء، انه لشرف عظيم ان أعبر باسمي وباسم زملائي اعضاء وزارة الخارجية، عن بالغ اعتزازنا وتقديرنا لاستجابة سموكم دعوتنا للمشاركة في هذا الحفل، والذي يعبر عن بعض ما نكنه لسموكم من محبة وتقدير واعتزاز بدوركم الرائد في المسيرة الديبلوماسية الكويتية طوال 4 عقود.
انه ليس من السهل ان نفي سموكم في هذه المناسبة حقكم، وما بذلتموه من عطاء سخي في خدمة بلدنا الكويت، وما تركتموه من بصمات بارزة في مسيرة الديبلوماسية الكويتية على جميع الأصعدة، تلك الديبلوماسية التي اتصفت بالوضوح، وبالمبادرات الإيجابية لدعم وتعزيز العمل الخليجي والعربي والاسلامي، وبالدور المشهود في تعزيز الاعمال الانسانية الرامية الى امن البشرية ورخائها.
وزاد: ان لبصمات سموكم دلالات بارزة في مسيرة الديبلوماسية الكويتية، وانجازات مهمة يشهد لها الجميع، تشكل بمجملها نبراسا لنا، نقتدي بنهجه النير، ونسترشد بخطاه الخير، في عملنا الديبلوماسي.
فكل ما تتصف به الديبلوماسية الكويتية من قيم عمل عليا، وروح خلاقة مبتكرة، وتميز علمي وثقافي، كان بفضل المنهاج الصائب الذي رسمه سموكم لهذه المؤسسة التي نعتز جميعا بأنها، وبفضل دعمكم اللامحدود لها، قد أثبتت علو كعبها في العديد من الأوقات العصيبة، وساهمت في إمداد البلد بالكثير من الكفاءات في العديد من المجالات، فهنيئا لنا جميعا بهذه المدرسة الديبلوماسية التي نمت وترعرعت في كفتكم وكبرت وأينعت بفضل رعايتكم.
وأضاف: تعود بي الذاكرة في هذه المناسبة إلى الأمس القريب عندما ودع سموكم ابناءه العاملين في وزارة الخارجية، واصراركم على مصافحتهم فردا فردا، وما انتابني خلالها، والعديد من ابنائكم، من شعور بالحزن ونحن نرى هذه المؤسسة وقد غادرها سموكم الى موقع آخر، الا ان عزاءنا في ذلك ان مؤسستكم تسير وترقى بفضل البنيان الصلب الذي أرسى قواعده سموكم، كما انها، واذ افتقدت وجودكم اليومي بها، الا انها تعمل وفـق تـوجيهاتكم الـــســـديــــدة وتـعـلـيـمـاتـكم الـحــكـــيـــمــة، وبالتأكيد فالمكسب الكبير الذي حققته الكويت بقيادة سموكم لحكومتها الـحـالـيـة، هـو المكسب الحقيقي لأبنائكم الديبلوماسيين الذين يفخرون بكون سموكم من أحاطهم بالتعليم والرعاية طيلة اربعة عقود.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )