أسامة دياب
أعلن النائب د. فيصل المسلم رفضه للمبادرة التي تقدم بها النائب عسكر العنزي والتي جاءته عن طريق رسالة هاتفية مفادها الوصول لاتفاق بين المستجوبين ورئيس مجلس الوزراء لحل القضايا العالقة في خلال 6 أشهر، مشيرا إلى أن هذه المبادرة تؤجل آلامنا والمفترض أن نعجل بحلولنا.
وأكد المسلم على أننا نعيش أسوأ مراحل العهد الدستوري في هذه السنوات وهذا بحد ذاته كارثة لا يمكن أن نقبل باستمرارها، مشيرا إلى أن حل مجلس الأمة وإن كان وشيكا إلا انه ليس الحل الأمثل لمشاكلنا السياسية.
جاء ذلك في مجمل كلمته التي ألقاها أثناء الندوة التي أقامتها مظلة العمل الكويتي «معك» بعنوان خوفا من الاستجواب؟ أم خرقا للدستور؟ بحضور لفيف من الناشطين السياسيين والمهتمين بالشأن العام.
وأشار إلى الواقع المرير الذي يعيشه أهل الكويت والذي يفرض عليهم إما القبول بالفساد الظاهر للعيان برموزه وأشخاصه أو يحل مجلس الأمة.
وتحدث عن المعايير التي تحكم الاختيار في المناصب العليا والتي قد يعتبرها البعض حديثا عن المثاليات، مشيرا إلى أن الناس في أميركا استجابوا لرجل اسود ليس من أصول أميركية لمجرد أنه رفع شعار الأمل.
وأكد د.المسلم على أن المشرع أعطى الحكومة العديد من الصلاحيات التي تمكنها من الهيمنة وإدارة البلاد، لا بل زاد أن جعل جميع الوزراء أعضاء في مجلس الأمة يجوز لهم اقتراح القوانين والتصويت على التشريعات، لافتا إلى أن الدستور الكويتي أعطى الحكومة صلاحيات لم تتوافر لأي حكومة في العالم إلا انه وفي ذات الوقت لم يعطي للبرلمان حق طرح الثقة في مجلس الوزراء.
وحول مصروفات ديوان رئيس الوزراء التي هي محور استجوابه الوحيد المقدم لرئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، استعرض المسلم أهم ما ورد في تقرير ديوان المحاسبة والتي تشير إلى وجود مخالفات مالية، مشيرا إلى ان مصروفات الديوان تنقسم إلى ثلاثة أقسام (مشتريات ـ هدايا ـ متحف السيارات)، ولفت إلى أن قسم الهدايا بلغ إجماليه 23 مليون دينار منها 9 ملايين اعتمدت تحديدا يوم 9 أبريل 2008 أي في وقت الانتخابات البرلمانية العام الماضي.
وتابع د.المسلم: الأمر خطير جدا إذا كان يتعلق بمصروفات مكتب سمو رئيس مجلس الوزراء وإذا كان مرتبطا بالمال العام، ولفت إلى وجود 577 فاتورة شراء ومستندا لا يعرف المصدر البائع لها بحسب تقرير ديوان المحاسبة الذي أشار أيضا إلى ضعف إجراءات الرقابة الداخلية وعدم إتباع الدورة المستندية عند الشراء في ديوان رئيس الوزراء وشيوع المسؤولية وإلى القيام بعمليات شراء من دون موافقة ديوان المحاسبة عليها وعدم تحرير عقود مع الموردين، اقتصار الشراء على عدد محدد من الموردين والتركيز على الشراء بالأمر المباشر وتجزئة بعض عمليات الشراء بقصد النأي بها عن موافقة الجهات الرقابية، وسداد إجمالي القيمة الإجمالية قبل التوريد، هذا بالإضافة إلى متحف السيارات الذي خصصت له أرض بمساحة 54 ألف مترمربع في منطقة الشويخ ولم ينشأ حتى الآن.
فحجم الخطأ كبير ولا يمكن أن نقبل إلا بتبني تقرير ديوان المحاسبة.
ولفت د.المسلم إلى أن إحالة مصروفات ديوان سمو رئيس مجلس الوزراء إلى النيابة العامة ما هي إلا إجراء شكلي، منتقدا ردود فعل بعض النواب من الاستجواب الذي تحدث البعض عن توقيته غير المناسب وآخرون تحدثوا عن الشخصانية في تقديم الاستجواب، مؤكدا على أن التصويت على إحالة الاستجواب إلى المحكمة الدستورية يعتبر تصويتا على خرق الدستور وكل يتحمل مسؤوليته في هذا الجانب.
وأكد د.المسلم على انه استشار مستشار مجلس الامة عبد الفتاح حسن قبل تقديم الاستجواب، مشيرا إلى أن الشق الجنائي في مصروفات ديوان رئيس الوزراء في الاعتبار ولا يجوز الخوض فيه، مستشهدا بالعديد من أحكام المحكمة الدستورية في استجوابات سابقة والتي من شأنها ان تفرق بين التحقيق الجنائي والتحقيق السياسي.
وتابع: المحكمة الدستورية لا تعوق استمرار الاستجواب وان ما يثيره البعض حول الشبهات الدستورية إنما هو خوف من مواجهة الاستجواب والرد على محاوره، ولا مفر فإما الصعود إلى المنصة أو الاستقالة.
ولفت د.المسلم إلى اجتماع الأسرة الذي تم الأسبوع الماضي، مؤكدا على العلاقات المتينة التي تربط الأسرة الحاكمة بالشعب وان الكويت هي البلد الوحيد في العالم الذي تحكمه أسرة بحب وموافقة الشعب ودعمه وتأييده لها، «لكن هذا الاجتماع الأخير ما كان ينبغي أن يكون»، منتقدا الحديث عن الحل غير الدستوري الذي روج له البعض وفق التسريبات التي نشرت في العديد من وسائل الإعلام وفي الوقت نفسه لم تخرج الأسماء التي نسب إليها هذا الكلام لا للتأكيد او للنفي.
وفي سياق متصل ثمن المسلم موقف الشيخ أحمد العبدالله الذي أعلن تمسكه بالمبادئ الدستورية خلال اجتماع الأسرة على الرغم من أنه سبق وطبقت عليه نصوص الدستور خلال استجواب قدم له في فترة سابقة.
وأكد د.المسلم على أن أحد خيارات الحل للخروج من الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد هو تأهيل الجيل الثاني من أبناء الأسرة لتولي القيادات في البلد، لطالما أن الكبار يجتمعون ويضربون بالنصوص الدستورية عرض الحائط، مؤكدا على أن حالة الانهيار السياسي التي نعيشها ستكون لها مواقف عكسية، مشيرا إلى أن الحديث عن الحل غير الدستوري لم يعد مناسبا للمرحلة التي نعيشها، مناشدا الجميع الالتزام بالمبادئ الدستورية والاحتكام إلى العقد الاجتماعي الذي ينظم علاقة الحاكم بالشعب ويؤسس لآليات العمل في البلاد في جميع المجالات وعلى كل الأصعدة.
وأعلن تأييده لبيان الشخصيات السياسية، مؤكدا تأييده لما جاء في البيان من ضرورة المحافظة على الثوابت الدستورية، ومنتقدا في الوقت ذاته صمت القوى السياسية وعدم إعلان مواقفها بشكل واضح وصريح سواء من الاستجوابات المقدمة لسمو رئيس مجلس الوزراء أو من الأزمة السياسية بشكل عام، موضحا أنه لا توجد شبهة دستورية في الاستجواب وما يحدث هو محاولة لإلغاء واجب أصيل لدور مجلس الأمة في الرقابة.
وعرض لبعض اللاءات المقدرة للنواب منها لا للدستورية، لا للتشريعية، لا للسرية ولا للتأجيل وأضاف عليها نعم للنصوص الدستورية.
ومن جهته أكد الأمين العام لمظلة العمل الكويتي «معك» أنور الرشيد أن الكويت تمر بأوضاع خطيرة وغير مسبوقة يتمني الجميع أن نخرج منها بأقل خسائر وأفضل المواقف لننقذ ما يمكن إنقاذه على الصعيد المحلي.
وأوضح الرشيد أن «معك» قامت بعدد من الأنشطة والمبادرات في الآونة الأخيرة تمثلت في إصدار بيانين الأول في 25 فبراير بمناسبة الأعياد الوطنية وأعياد التحرير بالاشتراك مع مجموعة من الأكاديميين والمثقفين والمهتمين بالشأن العام لتعرب عن موقفها من الأحداث على الساحة الكويتية.
أما البيان الثاني فكان عبارة عن تعبير عن الاستياء من حالة البلبلة والشائعات الموجودة في الشارع السياسي الكويتي بعدما تناولته المنتديات والرسائل الهاتفية وبعض وسائل الإعلام عما دار في اجتماع الأسرة الحاكمة وتحريض بعض أعضائها للانقلاب على الدستور وخصوصا أن هذا الموقف لم يتم نفيه ولا تأكيده، بالإضافة إلى ما يتم تداوله عن حل البرلمان وإصدار مرسوم ضرورة الذي أعتبره خطيرا وسيؤثر على الوضع الحالي ومستقبل الأجيال القادمة.
وأعرب عن أسفه لعدم وجود متحدثا رسميا باسم الحكومة يوضح للشعب الكويتي والشارع السياسي ووسائل الإعلام الموقف الحكومي الصحيح تجاه كل ما يثار في الشارع السياسي الكويتي وخصوصا في ظل الأجواء المتأزمة التي تعيشها البلاد.
وسجل اعتراضه على أي مرسوم سيصدر ما لم يحمل ضرورة واضحة وقصرية، مشيرا إلى أن تعديل نظام الدوائر الانتخابية يجب ألا يصدر به مرسوم ضرورة بل يجب أن يتم في ظل وجود مجلس الأمة.