محمد هلال الخالدي
بكثير من المشاعر التي اختلطت بين الحزن على مغادرة السفير السوري علي عبدالكريم والفرح بانتقاله إلى جمهورية لبنان الشقيقة، حيث وصفه الجميع برجل المرحلة، أقامت الجالية السورية في الكويت حفلا لتكريم السفير السوري في الكويت علي عبدالكريم بمناسبة اختياره سفيرا للشقيقة سورية في لبنان.
ولأن رجلا بمكانة السفير عبدالكريم ودماثة خلقه وتواصله المحب مع الجميع كان الحضور أيضا مميزا من قبل عدد كبير من سفراء الدول العربية وأبناء الجالية السورية وأصدقائه في الكويت الذين حرصوا على مشاركة الإخوة السوريين هذه المناسبة.
السفير علي عبدالكريم ارتجل كلمة مؤثرة قال فيها: أعترف بأنني خلال السنوات الست التي أمضيتها في هذا البلد العزيز كنت قد اكتشفت فيه اضاءات متميزة من المعرفة والثقافة ساعدتني على ترميم جوانب الضعف عندي، فالكويت لها ميزة كبيرة تجعلها متفردة بحق حيث يتميز أهلها بالانفتاح على الآخر والتواصل مع الجميع وهو أمر أتاح لي أن أتواصل مع هذا الشعب الطيب، وأضاف: ان هذا الجو الأخوي الحميمي أتاح لي أن أتواصل مع زملائي السفراء الذين لم يبخلوا علي بالنصح والمشورة والرأي السديد حتى أثروا تجربتي، فكانت المحبة والمودة هي القاسم المشترك بيننا جميعا، كما أشاد عبدالكريم بأبناء الجالية السورية في الكويت والذين وصفهم بخير سفراء لبلدهم سورية في بلدهم الثاني الكويت التي أحاطتهم بالرعاية والاهتمام كما أحاطت جميع الجاليات الأخرى بالقدر نفسه من المحبة، وأكمل: ان الكويت على الرغم من تعرضها لمحنة الاحتلال الغادر إلا أنها لم تتراجع يوما عن شعورها العروبي الأصيل، ويكفي أن تتجول في شوارعها لتقرأ في كل ناصية مسميات لعواصم وشخصيات عربية.
واختتم عبدالكريم كلمته الارتجالية بالقول: أسجل شكري وامتناني لهذا البلد الطيب ولاخوتي أبناء الجالية السورية على ما قدموه، وأقول للجميع ان سورية كانت دوما وطن المحبة والسلام، وإذا كنت أغادر إلى لبنان فإنني أغادر من أهلي في الكويت إلى أهلي في لبنان، وأتمنى أن أتمكن من أداء الدور المطلوب مع تأكيد أن العلاقة بين سورية ولبنان علاقة متجذرة وراسخة في المحبة والأخوة ما يجعل المهمة أسهل.
لمسة وفاء
وفي بادرة تدل على مشاعر الأخوة والمحبة، فاجأ السفير العماني الشيخ سالم المعشني الحضور بكلمة رقيقة أشاد فيها بالسفير علي عبدالكريم حيث قال ان الكويت والأسرة الديبلوماسية والجالية السورية في الكويت تودع هذه الأيام زميلا عزيزا على قلوب الجميع استطاع أن يأخذ مكانه بيننا بلا حواجز، فقد تمكن بأسلوبه المميز من جذب المحبين حوله واستثمر مبادئه القيمة وحبه للناس في بناء لبنة علاقات اجتماعية واسعة تركت نفحاتها الطيبة لدينا، كما كان لشفافية ونقاء سريرته دور مهم في زرع نواة الصداقة مع المحيطين به فأثمر هذا الكم الهائل من المودة والتآلف معنا كزملاء له وزادت من محبة سورية العزيزة أرضا وقيادة وشعبا، وأضاف الشيخ المعشني أننا نعلم كسفراء لبلداننا أنه مهما طال البقاء في بلدنا الثاني الكويت إلا أنه لابد من المغادرة في النهاية، ومن خلال موقعنا نسعى لخلق صورة جميلة لأوطاننا ونعمل على مد جسور الأخوة بيننا ونبذل ما بوسعنا لتقوية هذه الروابط كل حسب أسلوبه ومعطياته لنترك البصمات المؤثرة بلا شك وفق اجتهادنا وأدائنا، وهنا أتوقف لأقول: إن أبا الحارث من الناس الذين لا يمكن للمرء أن ينساهم فقد غرس في نفوسنا أثرا رائعا.
السفير الشاعر
أستاذة الأدب الانجليزي في جامعة الكويت الأديبة د.ليلى المالح ألقت بدورها كلمة معبرة قالت فيها غريبة علاقتنا بما يحيط بنا من أماكن وأشخاص وأشياء، غريبة دلالاتها المتحولة ومعانيها المتبدلة، تقصيك وتدنيك حالها حال المطارات والمرافئ ومنافذ السفر، تراها أمكنة مشرقة وأنت في لحظة لقاء وتهرع بباقات الزهر تهلل لمن تحب، وتراها تشرق بالدمع عندما يحين وقت الرحيل، كذلك السفارات في علاقاتها مع مغترب بعد عن دياره ونأى عن أهله ومحبيه فتتبدل بتبدل قاطنيها، لا تراها سوى موئلا لأختام وسجلات وطوابع وإجراءات روتينية وطوابير من البشر تنتظر توقيعا هنا وختما هناك، لكن عندما يتحول الورق شعورا إنسانيا والأختام أحاسيس، عندما يورق غصن ما في مكان ما تعلم أن شاعرا حل بالمكان، وقد حل في سفارتنا شاعر فأورقت أغصانها.
حزن وابتهاج
أما الجالية السورية في الكويت فقد عبرت عن حزنها لرحيل السفير علي عبدالكريم وابتهاجها في الوقت ذاته لما حققه من انجازات، فتحدث رئيس الجالية السورية ابراهيم الحجل حيث قال «نلتقي اليوم وقلوبنا يسودها الحزن لمغادرة سعادة السفير علي عبدالكريم إلى لبنان الشقيق والتي نعتبرها خسارة كبيرة لنا ولكنها مكسب كبير للوطن في مهمته التي لا يستهان بها، نفرح ونبتهج لما حققه من انجازات للجالية السورية وتنظيمها في جو ديموقراطي تسوده المحبة والتعاون، فقد أعطانا كل وقته وكل جهده وكان يبقى معنا لأوقات طويلة وفتح ديوانيته يوما في الأسبوع للالتقاء بالمواطنين والأخوة الكويتيين والديبلوماسيين، يتقبل النقد ويستمع للجميع وكان يحثنا على أن نعطي لبلدنا سورية الصورة التي تستحقها من التقدير والاحترام. باسم الجالية السورية في الكويت نقول لأبي الحارث شكرا لوجودك بيننا ولجهودك الكبيرة ووفقك الله في مهمتك المقبلة».