ليلى الشافعي
تعرض رئيس لجنة الفتوى بالازهر عبدالحميد الاطرش لهجوم عنيف ونقد شديد من علماء ازهريين بسبب فتوى منسوبة اليه يبيح فيها للزوجة طلب الانفصال عن زوجها اذا بلغ حدا من البدانة والسمنة يحول دون اتمام العلاقة الزوجية، واعتبروها فتوى مريبة وضالة وتشبه فتوى ارضاع الكبير، وقد عقب علماء الشريعة في الكويت على هذه الفتوى فلنتعرف على آرائهم.
يرى عميد كلية الشريعة والدراسات الاسلامية د.مبارك الهاجري ان هذا الامر يعود الى القاضي، فاذا كان الضرر على الزوجة واقعا ولا يطاق ويتعذر معه العلاقة الزوجية فلينظر في ذلك، وهناك فرق بين ما يعلم وما لم يكن معلوما من قبل اذا فوجئت به الزوجة او حدثت البدانة بعد الزواج واصبحت الزوجة لا تطيق زوجها لبدانته، والامر كله يعود للقاضي واذا ثبت الضرر فلها حق الخلع من زوجها.
مقدار الضرر
واتفق مع هذا الرأي الداعية صالح الغانم فقال: طلب الطلاق للضرر حسب نصوص قانون الاحوال الشخصية جائز للمرأة التي تستشعر الضرر فلها ان تقدم دعوى لقاضي الاحوال الشخصية وبالتالي القاضي الشرعي هو الذي يقرر اذا كان هذا الضرر يعوق الحياة الزوجية ام لا.
وبين الغانم مقدار الضرر بقوله: اذا كان هذا البدين يفرز روائح كريهة من بدنه او يسمع منه «شخير» عال اثناء نومه او يتناول الكثير من الطعام واصبحت الحياة معه لا تطاق، فيكون هذا من أنواع الضرر فلها ان ترفع امرها للقاضي وهو من يقرر، وزاد: لا نستطيع ان نتسرع بالحكم لأن اساس الحياة الزوجية التوافق بين الزوجين، وفي السنة النبوية عندما قالت امرأة ثابت بن قيس «اني لا أعيب على ثابت في خلق ولا دين ولكن لن أستطيع ان اقوم بحقه وقد كرهته» ربما الأمر تافه عند كثير من الناس ولكنه وقع في نفسها وهذه الأمور تتعلق بالنفس وهي متفاوتة من شخص لآخر، فمن كانت تتأذى من بدانة زوجها أذى بليغا يستطيع القاضي ان يقول للزوج خفّض من وزنك ويعطيه مهلة سنة كما هو حال العنين يعالج نفسه، فإذا استطاع تخفيف وزنه وزالت المشاكل فلا بأس واذا تضررت من هذا الوزن فعلى الزوجة طلب الطلاق للضرر.
حاجات الزوجة
أما د.أبواليزيد العجمي فأوضح ان القضية ليست في البدانة وانما في الوفاء بحاجات الزوجة، فالبدانة وحدها لا تصلح ان تكون سببا للفسخ او الخلع وانما المعول عليه هو قدرة الرجل على القيام بواجبه الشرعي تجاه المرأة سواء كان السبب البدانة او غير البدانة لأن في هذا ضررا اذا اقتنع القاضي بأن هناك ضررا واقعا فعلا ففي هذه الحالة يقضي لها بالخلع، اما البدانة فقط فهي ليست السبب وانما هي سبب لضرر فمن حق المرأة ان تطلب مع هذا الضرر الطلاق.
ليست عيباً
ورأى د.بسام الشطي ان البدانة لا تعتبر من العيوب التي تستدعي الطلاق الا اذا كان الرجل عنينا وبه امراض ما ولا يستطيع القيام بواجبه، اما الرجل اذا كان بدينا ويؤدي واجباته الزوجية فلا يجوز للزوجة ان تطلب الطلاق لبدانته.
وأشار الى انه ليس من المعقول بعد 20 سنة من الزواج مثلا واصبح الزوج مع تقدم العمر بدينا ان تطلب الطلاق لبدانته نتيجة لمرض او لتناوله عقاقير معينة واصبح بدينا فليس لها ولا يجوز ان تطلب الطلاق والا سنفتح بابا لا نستطيع الوقوف امامه لكل امرأة أصبح زوجها بدينا، مؤكدا ان البدانة او السمنة المفرطة ليست سببا كافيا للطلاق واذا كان هناك تعذر في الجماع بسبب هذه السمنة فلابد من احالة الزوج البدين الى الطبيب للتأكد من حالته ومعرفة هل يعاني من ضعف جنسي ام لا، مشيرا الى انه ليس كل رجل بدين يواجه مشكلة في علاقته الزوجية.
وأوضح الشطي ان الطلاق للضرر يختلف حسب الزمان والمكان، والفقه حدد اسباب الطلاق ومنها العجز الجنسي وعدم الانفاق على الزوجة وبالتالي فالبدانة ليست سببا للطلاق، الا اذا تحولت تلك السمنة الى مرض يمنع اتمام العلاقة الزوجية وفي هذه الحالة يحق للزوجة رفع دعوى الطلاق للضرر اما السمنة كمرض فهي جزء من الحياة، وليست سببا من اسباب الطلاق.
واعتبر د.الشطي ان هذه الفتوى بعيدة عن صحيح الدين وهي مرفوضة.
لا ضرر ولا ضرار
وبدوره قال الداعية أحمد الكوس: لا أعتقد ان البدانة من الضرر الذي يبيح الطلاق فإذا تزوجت المرأة رجلا بدينا وقبلت به على هذه الهيئة وعلى هذا الشكل وهذا العيب إذا سمي عيبا أو ضررا فلا يحق لها بعد سنوات العشرة ان تطلب الطلاق مع تقدم العمر ففي بداية حياتهما لها الاختيار أما ان كانت تظن ان البدانة عيب خلقي أو بها ضرر لا تطيقه وقبلت بها فلابد ان تتحمل ولكن لا يصح بعد مرور سنوات من الزواج ان تطلب الخلع وأشار الكوس إلى ان على الزوج ان يخفف من وزنه وإذا كانت البدانة بسبب أمراض وعلاج يتناول الزوج ويسبب للزوجة الحرج في العلاقة الزوجية ولا يستطيع الزوج القيام بواجباته الزوجية فلتلجأ الى طبيب لعلاج زوجها أما لو كان سبب طلب الطلاق هو صعوبة الجماع بينهما فلا تطلق لأنه جامعها من قبل وبالتالي فالأمر مرفوض والقاضي هو من يحدد إذا كان هناك ضرر أم لا.
يجوز الخلع
ويؤكد أيضا الداعية راشد العليمي انه اذا وجد ضرر أو أذى على الزوجة من بدانة زوجها فعلى المرأة الفراق وطلب الطلاق أو الخلع لصعوبة الحياة بينهما، والزواج مبني على التكافؤ والتوافق وإذا أراد أحد الطرفين الانفصال عن الآخر فالشرع لا يمنع ذلك مادامت الحياة الزوجية أصبحت لا تحتمل، والطلاق للضرر حدده الشرع ومنه عدم أداء الزوج لواجباته الزوجية وان كان السبب لذلك البدانة.
من جهته أوضح د.سليمان معرفي انه يجوز للمرأة ان تطلب الطلاق لعيب خَلْقي فيه من دمامة أو رائحة كريهة أو مرض مزمن أو سِمَنٍ، والدمامة قبح الوجه وقد ثبت ذلك بالسنة الصحيحة وذلك عندما جاءت امرأة ثابت ابن قيس الى الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) تشتكي دمامته قائلة: «يا رسول الله لا يجتمع رأسي ورأس ثابت أبدا، إني رفعت جانب الخباء فرأيته أقبل في عدة، فإذا هو أشدهم سوادا وأقصرهم قامة وأقبحهم وجها. فقال: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم، وإن شاء زدته، ففرق بينهما» وكانت امرأة جميلة، وفي رواية عند البخاري: «إني لا أعتب على ثابت في دين ولا خُلق ولكني لا أطيقه». وهذا ما يعرف بالخلع وهو فراق الرجل امرأته على مال يحصل عليه الزوج، قد ينشأ هذا الخلع عن كراهية المرأة للعشرة إما لسوء خلق (بفتح الخاء وسكون اللام) أو خُلُق (بضم الخاء واللام)، وقد عمل بهذا الخلفاء الراشدون عمر وعثمان رضي الله عنهما.
فيجوز للمرأة ان تطلب الطلاق ممن لا تطيق عشرته لسبب خَلقي أو خُلقي.