كان التقرير الذي اصدرته الخارجية الاميركية حول اتهام الكويت بالاتجار بالبشر محل اهتمام نيابي واسع امس، وفي هذا الاطار انتقد رئيس مجلس الامة جاسم الخرافي التقرير الاميركي في شأن «انتهاك حقوق الانسان في الكويت»، مؤكدا ان الكويت حريصة على تطبيق القوانين ذات الصلة بمعاقبة كل من يتجاوز على حقوق الانسان.
وقال الرئيس الخرافي في تصريح الى الصحافيين قبيل خروجه من المجلس، انا كررت مرارا بأن الكويت ليست دولة ملائكة، لكن ما آلمني ان الولايات المتحدة تعتقد نفسها دولة ملائكة، مؤكدا ان الصورة التي خرج بها التقرير الاميركي لم تكن صحيحة ولا مناسبة.
السفارة الأميركية
ورأى الخرافي ان من أعد التقرير لم يبادر اساسا باستشارة السفارة الاميركية في الكويت، او التنسيق معها، معربا عن امله في ان تدرك القيادة الاميركية أنها ليست شرطيا العالم وليست وصية على العالم في هذه المواضيع، واذا كانت تريد ان تكون كذلك فعليها التأكد من جميع المعلومات قبل صدورها وتضمينها تقارير رسمية.
اضاف: ان لدى الكويت مجلس الامة ولجنة حقوق انسان برلمانية تتابع مع الجهة المختصة «وزارة الشؤون» اي شكاوى تردها من اي طرف او سفارة، وكل من كانت لديه مشكلة يحصل على حل لها. واكد ان لجنة حقوق الانسان تستقبل الشكاوى والمظالم من الجميع في الكويت، سواء كانوا مواطنين او مقيمين يسعون الى كسب الرزق الحلال.
وطالب الخرافي الجهات الرسمية المحلية بالرد على التقرير الاميركي بطريقة مفصلة وليس بتصريح مختصر لان من حقنا كبلد تفنيد مثل هذه التقارير المتعسفة، وخاطب الجهات الاميركية التي اعدت التقرير قائلا اتقوا الله فيما تكتبون.
تقرير الخارجية
وفي هذا السياق اعربت النائب د.اسيل العوضي عن اسفها لما ورد في تقرير وزارة الخارجية الاميركية حول الاتجار بالبشر في الكويت، مشيرة الى ان التقرير يدخل في خانة دق نواقيس الخطر حول الاوضاع غير الانسانية للعمالة الوافدة في الكويت والتي يعاني من تبعاتها العديد من الكويتيين كالمواطنين القاطنين في منطقة خيطان الذين يدفعون بشكل يومي ضريبة التعامل الحكومي السيئ مع ملف العمالة الوافدة.
وقالت العوضي في تصريح صحافي امس ان على الخارجية الاميركية ألا تغفل دور الولايات المتحدة في تفاقم هذه المشكلة، كاشفة عن العديد من الكوارث التي تحدث في العراق للعديد من العاملين الآسيويين الذين يتم جلبهم من الكويت لاداء بعض الاعمال للقوات الاميركية ووزارة الخارجية الاميركية تحت غطاء كفيل كويتي، مشيرة الى ان الازمة التي طالت مئات العمال من الفلبين الذين استقدمهم مقاول كويتي للعمل في الكويت ليفاجأوا بإخبارهم تحت وطأة السلاح بأنهم سيذهبون للعراق للعمل في بناء مشروع السفارة الاميركية، وقد لقي العديد من هؤلاء العمال وغيرهم ممن استجلبوا بنفس الطريقة حتفهم في العراق دون ان يعلم ذووهم اي شيء عن مصائرهم، مشددة على ان على الخارجية الاميركية ان تعي تماما دورها في المساهمة في تفشي هذه الظاهرة المخزية المتعلقة بأرواح البشر، فأبسط ما يمكنها فعله هو وضع ضوابط على العمالة التي يتم استجلابها للعمل لصالحها في العراق، كاشفة ان المعني بهذه الظاهرة عمال يحملون العديد من الجنسيات الآسيوية، مشيرة الى انه اذا كانت الولايات المتحدة تتحدث عن الاتجار بالبشر فهذا اكبر نماذجها.
الحكومة والمجلس
وشددت العوضي على انها لا تبرر ما جاء في تقرير الخارجية الاميركية حول الكويت الا انه ينبغي وضع الامور في نصابها الصحيح، مبينة ان هناك دربا طويلا للحكومة الكويتية ومجلس الامة ممثلا بلجنة الدفاع عن حقوق الانسان في هذا الصدد لوضع التشريعات اللازمة كقانون مكافحة الاتجار بالبشر، وقانون العمل في القطاع الاهلي، بالاضافة الى الدور الحكومي المتمثل في توعية العمالة بحقوقها عبر برامج اعلامية وتواصل مباشر مع هذه العمالة، مشددة على ان نظام الكفيل يعد العنصر الاساسي الذي يساهم في تفاقم مشكلات العمالة في الكويت، اذ بات العمال مملوكين لكفلائهم بما ينافي حقوق الانسان، لافتة الى انها تدعم وبقوة الغاء هذا النظام غير الانساني، وتأسف لعدم تبني الحكومة هذا الحل، مشيرة الى ان المملكة العربية السعودية اتخذت بعض الخطوات في هذا الاتجاه بالاضافة الى قطر، الا ان الكويت لم تحرك ساكنا، لافتة الى المشاكل التي تعاني منها العمالة المنزلية والتعديات على حقوقهم كبشر، مشددة على ان هذه الفئة لا تقع مسؤوليتها ضمن مسؤولية الحكومة ومجلس الامة فحسب، بل هي مسؤولية اجتماعية تتطلب من الجميع العمل على حلها وتفادي هذه المشاكل.
وفي الاطار ذاته، اكد النائب عدنان عبدالصمد انه على الولايات المتحدة الأميركية ان تدافع عن حقوق الإنسان في الولايات المتحدة بدلا من القاء التهم على دول اخرى كالكويت.
وفي تصريح له للتعقيب على تقرير الخارجية الأميركية الذي تتهم فيه الكويت بالاتجار بالبشر وانتهاك حقوق الانسان، قال عبدالصمد: ان مصدر التقرير لا يمثل له اي اهمية، فعلى الولايات المتحدة الاميركية الاعتناء بمظاهر التجاوز على حقوق الانسان، وأضاف: جميعنا سمعنا عن نوايا لإغلاق غوانتانامو وحتى الآن لم يغلق نهائيا، مؤكدا ان هناك تجاوزات عديدة بحقوق الانسان في اميركا.
واستدرك عبدالصمد: بغض النظر عن مصدر التقرير، ينبغي على الكويت الاهتمام بما جاء فيه، وقد سمعت من مصادر صحافية عن ممارسات سيئة وخاصة في مخافر الشرطة ضد بعض العاملات الوافدات، وكان حري بهذه المخافر ان تصون حقوق الايدي العاملة بدلا من ارتكاب ممارسات مشينة، مطالبا الحكومة بالتحقق من كل هذه المعلومات والبحث في كل الملاحظات مهما كانت مصادرها.
اهتمام بالغ
واكد عبدالصمد، باعتباره عضوا في لجنة حقوق الانسان، ان اللجنة ستعير هذه القضية اهتماما بالغا، مضيفا انه قد نما الى علمه ان ممارسات تعسفية تمارس ضد طلبة كويتيين في الولايات المتحدة الاميركية، حيث يتم تأخيرهم وانتهاك حقوقهم كبشر في المطارات الأميركية بحجة اجراءات روتينية وامنية قد تمتد لساعات عديدة.
وبين النائب صالح عاشور ان هناك تجاوزات في الكويت تتعلق بالعمالة الوافدة، فنحن لا ندعي اننا في المدينة الفاضلة، مستدركا: ولكن هناك رقابة شديدة سواء من السلطة التشريعية أو التنفيذية على التجاوزات، والاجراءات كافة تتم عن طريق القانون، وتجري احالة المتجاوزين الى الجهات القانونية، وهناك من تتم محاسبتهم اداريا.
وقال عاشور في تصريح للصحافيين: المشكلة تكمن في ان هناك اكثر من 70% من سكان الكويت من الوافدين، وتاليا تحدث بعض التجاوزات، مشيرا الى ضرورة معالجة ما ورد في التقرير، وهناك تجاوب رسمي أو على مستوى الجهات المستقلة لمعالجة الاخطاء الموجودة في التقرير، وعموما التجاوزات موجودة في العالم قاطبة، حتى في الولايات المتحدة الأميركية وفي اوروبا.
الى ذلك، قال عاشور ان وزارة الصحة عليها ان تتعاون مع المنظمات الدولية بخصوص مرض انفلونزا الخنازير في كيفية التعامل مع هذا الوباء، وان تكثف من استعداداتها والاجراءات الاحترازية لأن الدولة الصغيرة ينتشر فيها المرض بصورة أسرع، داعيا الى التعامل بشفافية مع حالات انتشار المرض حتى يأخذ الجميع الحيطة والحذر.
من جانبه، دعا النائب خلف دميثير الى عدم اثارة المواضيع المتعلقة بحقوق الانسان اذا كانت مجرد حالات ولا يمكن اعتبارها ظاهرة.
وقال في تصريح صحافي: على الحكومة ان تقف سدا منيعا امام الممارسات ان وجدت، وتطبق القوانين الرادعة، خصوصا ان قانون العقوبات واضح، وهناك تشريعات جديدة تحاسب كل من يعبث بسمعة الكويت عالميا، مؤكدا ان الاتجار بالبشر يجب ان ننظر له من الناحية الدينية، وعلينا ان نعرف ان ديننا يحض على احترام جميع الناس، وعدم الاساءة لمن يعملون لدينا، يجب ان نحمي مجتمعنا، وعلى الحكومة ان تضرب بيد من حديد وتفعل دورها في محاربة من يسيئون الى سمعة الكويت. من جهته، قال النائب فيصل الدويسان ان هناك خصوصية في التعامل مع مشكلة الاقامة في الكويت في ظل التعاطي السيئ لبعض الشركات في استخدام العمالة الوافدة.
ودعا الى محاسبة هذه الشركات التي وضعت الكويت بهذه الصورة، مشيرا الى انه ربما هناك جانب من الحقيقة في هذا التقرير لكن ليست بهذه الصورة التي وضع الكويت بها.