- المطيري: تطبيق الدستور الحالي واحترامه أولى من المطالبة بتعديله والبرلمان تخلى عن صلاحياته
- الدابس: الوزير الذي لا يملك القدرة على الرد والدفاع عن سياساته لا يستحق المنصب والمسؤولية
محمد هلال الخالدي
أكد أستاذ القانون بجامعة الكويت عبيد الوسمي أن تعديل اللائحة الداخلية لمجلس الأمة أمر بسيط مادام أنه قانون يخضع مثله مثل غيره للاجراءات الدستورية، ولكن الخطورة في تبعات أي تعديل مقترح ومن هنا تأتي خطورة تصريح الحكومة على لسان أحد الوزراء عن عزمها تقديم اقتراح بقانون لتعديل اللائحة الداخلية لمجلس الأمة بحيث يصبح من حق الوزير المستجوب أن يفوض وزيرا آخر للرد نيابة عنه على الاستجواب، وأضاف أن مثل هذا الاقتراح غير دستوري في محتواه ومضمونه ويعني أن الحكومة تتحول إلى وزير واحد هو بالنهاية بمثابة «محامي» عن الوزراء. وأكمل د.الوسمي خلال ندوة بعنوان «تعديل اللائحة الداخلية لمجلس الأمة بين المشروع والممنوع» والتي نظمها المرصد الكويتي لتأصيل الديموقراطية مساء أمس الأول بأن المسؤولية السياسية ذات طبيعة خاصة تختلف عن المسؤولية الجنائية وبالتالي فالعقوبة أو المحاسبة بالنسبة لمن يتولى المسؤولية السياسية تختلف أيضا، وكما لا يجوز تفويض شخص آخر في تحمل المسؤولية الجزائية عند ارتكاب جريمة، لا يجوز أيضا تفويض وزير محل وزير آخر لتحمل المسؤولية السياسية نيابة عنه. ووصف د.الوسمي محاولة الحكومة بهذا الاتجاه بأنها نسف لكل قواعد الدستور ويدل على عدم فهم الحكومة لدورها الدستوري. وأضاف أن أي وظيفة في العالم تقتضي توافر بعض الشروط والمعايير للقيام بها والمنصب السياسي يتطلب قدرات لابد من توافرها في الوزير ومن بينها قدرته على وضع السياسات العامة في قطاعه والدفاع عن هذه السياسات والرد على الاستجوابات التي تقدم إليه.
وعي سياسي
كما تطرق د.عبيد الوسمي إلى مسألة هامة تتعلق بالوعي السياسي في المجتمع الكويتي قائلا ان الحكومة تمارس كثيرا لعبة التعديل الواقعي لبعض مواد الدستور بغير الإجراءات القانونية ومع ذلك مرت كثير من هذه التعديلات بحكم الواقع دون وقفة بسبب قلة الوعي السياسي مثل استقالة الحكومة أو الوزير المستجوب قبل جلسة طرح الثقة ثم عودة الوزير مرة أخرى، فهذا التفاف صارخ على مفهوم الاستجواب وطرح الثقة، وكذلك قامت الحكومة بتعديل الدستور بحكم الواقع من خلال قضية عدم صحة انعقاد جلسات مجلس الأمة إلا بحضور الحكومة وهذا يعني أن البرلمان أصبح رهينة بيد الحكومة وهذا خلل كبير في التوازن بين السلطتين. وأكد الوسمي أن الحكومة لا تعي أهمية الدستور ولا تعرف أنه مصدر حمايتها أساسا وقد ساهمت في تجهيل المجتمع، وقال إن الدستور بحاجة إلى الحماية اليوم أكثر من أي وقت آخر وأول صور حماية الدستور هي أن نحافظ عليه من التغيير العشوائي أو التعديل بحكم الممارسة التي تفرض.
شبهات دستورية
بعد ذلك تحدث أستاذ القانون الدستوري بجامعة الكويت د.تركي المطيري قائلا إنه ربما يكون ما أثاره أحد الوزراء حول نية الحكومة التقدم باقتراح لتعديل اللائحة الداخلية من أجل السماح للوزير المستجوب بتفويض وزير آخر للرد على الاستجواب لا أستطيع الجزم بعدم دستوريته ولكنه بالتأكيد يحتوي شبهات مخالفة دستورية خاصة للمادة 101 التي تتحدث عن مسؤولية الوزير ومنها المسؤولية السياسية والمادة 117 والتي تختص بوضع اللائحة الداخلية للمجلس، وقال إن اللائحة الداخلية هي أصلا من صميم عمل مجلس الأمة وبإمكان المجلس إصدارها بقرار بعيدا عن سلطة الحكومة ولكن مجلس الأمة تخلى عن حقه وأصدرها بقانون وبات للحكومة بالتالي دور فيها. وأضاف د.المطيري إن البعض يروج للقول بأن الدستور تشريع بشري وليس قرآنا وهذا صحيح ولكن تعديل الدستور لا يجب أن يكون إلا من أجل المزيد من الحقوق والحريات وليس من أجل التهرب من المسؤولية والتعدي على صلاحيات البرلمان. وأكمل بأن مثل هذا الاقتراح يدل على فضيحة سياسية إذ إنه إعلان صريح ومباشر عن عجز الحكومة وكأنها تقول وتعلن على الملأ بأن بعض الوزراء غير قادرين على الرد والدفاع عن سياساتها، وهذا أمر خطير فكيف يؤتمن على مصالح الناس شخص عاجز عن المواجهة والرد والإجابة على تساؤلات نواب الأمة. كما أكد د.المطيري أن هذا الاقتراح يتعارض مع مفهوم الاستجواب، فالاستجواب عبارة عن محاكمة سياسية مكتملة الأركان ولا يجوز التفويض في تحمل المسؤولية السياسية في هذه المحاكمة وقال إن تعديل الدستور مسألة تحتاج إلى حرص كبير وعلى المطالبين بتعديل الدستور أن يحرصوا أولا على تطبيق الدستور الحالي بصورة سليمة أولا قبل الحديث عن تعديله.
خلق الأزمات
ومن جانبه تحدث نائب رئيس المرصد الكويتي لتأصيل الديموقراطية فيصل الدابس قائلا إن الحكومة أثبتت من خلال هذا الاقتراح أنها هي من يختلق الأزمات وأنها لا تملك بوصلة سليمة لتحديد الأوليات، وبدلا من الاهتمام بالمشاريع التنموية وحسن إدارة الدولة تخرج علينا كل يوم ببدعة جديدة تشغل فيها البلد بصراع سياسي يعطل مسيرة التنمية والبناء، وأضاف الدابس أن الوزير الذي لا يملك القدرة على مواجهة الاستجواب والرد على محاوره وتوضيح الأمور لنواب الأمة والدفاع عن سياساته لا يستحق أن يكون في هذا المنصب، وأكمل بأن الهدف من وراء هذا الاقتراح قد يكون تهيئة المجال لإيجاد وزير آخر يرد على الاستجواب المحتمل لوزير الدفاع ولكننا نقولها بصوت عال بإن الشعب الكويتي لا يقبل بمثل هذا الأمر ولا يرضى بوأد الدستور وحق النواب في محاسبة الوزراء.
تداخل السلطات
أما رئيس جمعية مراقبة الأداء البرلماني ناصر الشليمي فتحدث عنما أسماه بتداخل السلطات بين البرلمان والحكومة قائلا إن جميع البرلمانات في الدول الديموقراطية المتقدمة تحتوي على مجلسين أحدهما للشورى والآخر للنواب المنتخبين والحكومة لا تكون شريكا في البرلمان، أما في الكويت فنجد الحكومة جزءا من البرلمان وتشارك في اختيار لجان المجلس بل وفي اختيار رئيس مجلس الأمة، وأضاف أن الحكومة التي تستطيع اختيار رئيس مجلس الأمة ستكون قادرة على تعديل اللائحة والسبب أن هناك الكثير من لوائح المجلس غير مفعلة وفيها تجاوز من قبل النواب أنفسهم. وقال إن المجلس مطالب بتفعيل اللائحة الداخلية واحترامها قبل كل شيء.