محمد هلال الخالدي
عقد نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية ووزير الدولة لشؤون التنمية ووزير الدولة لشؤون الإسكان الشيخ أحمد الفهد اجتماعا ضم كبار قياديي وزارات الدولة والجهات الحكومية ظهر أمس لمناقشة برنامج عمل الحكومة معهم في مبنى المجلس الأعلى للتخطيط، حيث أكد حرصه الشديد على عقد مثل هذا اللقاء معهم بدعم من القيادة السياسية، فالجميع يعي أهمية التزام الحكومة بإصدار برنامج العمل بقانون وهو تحد كبير وتجربة جديدة لم تشهد البلاد لها مثيلا منذ عام 1986، حيث سيرافق صدور الخطة بقانون التزام حكومي بتنفيذ ما فيها، وقال الفهد إن مجلس الوزراء قد اعتمد هذه الخطة، وبالتالي فهي الآن وثيقة رسمية يقابلها التزام من جانب الحكومة، وأضاف أن أي نائب يريد أن يستجوب أحد أعضاء الحكومة بإمكانه فقط أن يقارن عمله بما في هذه الوثيقة.
فلسفة الخطة
كما لفت الشيخ أحمد الفهد إلى أن هذه الخطة قد تم وضعها من قبل المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، مشيدا بجهود د.موضي الحمود التي كان لها الدور الأكبر فيها وأنه لم يمض على تسلمه المسؤولية سوى بضعة أشهر، وأضاف أن المجلس الأعلى لا يتبع جهة معينة في السلطة التنفيذية، إنما هو مجموعة من المواطنين المخلصين من كل الجهات حرصوا على تقديم أفضل ما لديهم لوطنهم، لذلك نجد الخطة بكل صراحة أكبر من قدراتنا وإمكاناتنا في بعض الأمور مثل تحويل الكويت إلى مركز مالي وغيرها، وقال أنني أعرف وضع الوزارات لدينا، فقد سبق وتسلمت حقيبة 8 وزارات وأعرف إمكاناتها وأعرف أن من الصعب تنفيذ كل الأهداف في الخطة، لكن ذلك لن يثنينا عن العمل بالجد والاجتهاد لتحقيق أكبر قدر ممكن من الأهداف، فهذه بلدنا ولابد لنا من العمل من أجلها ومن أجل المواطنين الذين سئموا الصراع، فلو استطعنا أن ننفذ 70% من الخطة فسيكون ذلك انجازا. وتحدث الشيخ أحمد الفهد للقياديين قائلا: إنني أخاطبكم ليس بوصفكم قياديين ومسؤولين بل كمواطنين تعرفون ما يدور وتسمعون كل يوم تذمر المواطنين وشكواهم، لذلك أقول أن الخطة طموحه جدا لكننا قبلنا التحدي وسنبذل كل ما في وسعنا، وأضاف الفهد: أن هذا البرنامج سيقدم إلى مجلس الأمة قبل دور الانعقاد المقبل أي بعد أقل من شهرين، وستتحمل كل وزارة مسؤوليتها في حال تأخرها عن تقديم الجزء المختص بوزارتهم، وأضاف أن القراءة الأولية للبرامج التي تقدمت بها بعض الوزارات تشير إلى أنها نفس البرامج القديمة بلا أي تطوير أو تجديد، وأشار إلى أننا نريد برنامجا قابلا للتنفيذ ويحقق طموح المواطنين ولكننا أيضا نتفهم وضع الوزارات والصعوبات التي تواجهها، لكن يبدو أن الاخوة في المجلس الأعلى للتخطيط طموحهم مع الشارع أكثر من الواقع.
شجاعة
وأكمل الشيخ أحمد الفهد حديثه مع قياديي الدولة بالقول: ان هذه الخطة هي من أكثر الوثائق شجاعة، فاللمرة الأولى تعترف الحكومة بأخطائها وتقصيرها في الخدمات، فعلى سبيل المثال الخطة تقول ان المعدل العالمي للخدمات الصحية سريرين لكل 1000 شخص بينما الوضع في الكويت أقل وكذلك في عدد الممرضين وغيرها، للمرة الأولى تعترف الحكومة بإخفاقاتها تجاه الملف البيئي والتعليمي والصحي والإسكاني وغيرها، لكنها أيضا وثيقة لا تكتفي بالاعتراف بالخطأ وهي مسألة مهمة، لكنها أيضا تقول ما يجب علينا فعله لتجاوز تلك الأخطاء والتقصير والبدء في العمل المنظم المدروس والمخطط له بدقة. وأشار الشيخ احمد الفهد إلى ضرورة أن يأخذ القياديون والمسؤولون في الدولة مسألة تسهيل معاملات المواطنين بعين الاعتبار كما هو معتمد في الخطة، وهذا أمر يتطلب دخول الوزارات والهيئات في مجال التطوير الالكتروني، كما أشار إلى وجود نوعين من المشاريع التي ستنفذ المشاريع التنموية (المستشفيات والجامعات والمدارس والأندية الرياضية.. الخ) والمشاريع النمطية التي تتعلق بمتطلبات كل وزارة أو جهة، وأكمل: أتمنى من كل وزارة وجهة أن تقدم برنامجها لهذه المشاريع بشكل مفصل وزمني ويتضمن الميزانية أيضا.
مستشارون
وردد الشيخ أحمد الفهد أكثر من مرة على أن برنامج عمل الحكومة تجربة جديدة وتحد لا نقبل بأقل والنجاح فيه بإذن الله، وقال للقياديين: نعلم أن هذا الوضع جديد على الوزارات ولذلك أقول لكم لابد من الاستعانة بالخبراء والاستشاريين مع التأكيد على أن هذا الباب مفتوح وهناك دعم وتشجيع لهذا التوجه مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار تدريب الكوادر الوطنية والاستفادة من خبرات الاستشاريين في تنمية أبناء البلد، ونحن نشجع على الاستعانة بالاستشاريين ونسعى لتذليل كل العقبات من أجل تحقيق أكبر عدد ممكن من الأهداف والمشاريع.
معضلة واحدة
كما أشار الشيخ احمد الفهد إلى وجود معضلة واحدة كبيرة تواجههم حاليا وتتمثل في تداخل السياسات العامة بين الوزارات والجهات الحكومية، فالتركيبة السكانية تتداخل فيها الشؤون والإسكان والصحة والداخلية وغيرها، وأضاف: اننا نسعى إلى تفكيك هذا التداخل، وأعلم أن فترة شهرين غير كافية لتفكيك هذا التداخل ولكنني أدعوكم إلى التركيز على هذا الموضوع والانتهاء منه بأسرع وقت ممكن. وقال الفهد للقياديين اننا مقبلون على وضع جديد وتجربة جديدة وتحد جديد أتمنى أن يكون التذمر الشعبي وغضب الشارع بمنزلة وقود يحركنا ويدفعنا للعمل والانجاز، وأبشركم أننا بصدد مشاريع كبيرة جار تنفيذها ووقعنا كثيرا من المناقصات، هناك كمية من المشاريع التي نتمنى أن تلبي الطموح وتضع بلدنا في المكانة التي تستحقها.
صراحة وشجاعة
بكل صراحة وشجاعة قال الشيخ أحمد الفهد: اننا سنعمل ونجتهد بأقصى ما نملك من قدرات وطاقات وسنعمل، وسوف نقف أمام الشعب الكويتي قبل مجلس الأمة ونقول هذا هو اجتهادنا فإن أخطأنا فسنتحمل المسؤولية، المهم أن ينطلق المركب ونعمل. كما شجع الفهد القياديين بالقول أكثر من مرة: لا تتخوفوا من الخطة، ولا تخشوا من الالتزام، نعم الخطة طموحة جدا ومعقدة وتتطلب جهودا مخلصة ولكنها أيضا ليست مستحيلة وبالإمكان تحقيق عدد كبير من أهدافها، هذا تحد كبير لبناء بلدنا والخطة ستكون دافعا للعمل لمن يريد أن يعمل بصدق.
بعد ذلك فتح باب النقاش حيث أعطى الفهد قياديي الدولة فرصة الاستفسار ومناقشة أي أمر، فتحدثت وكيلة وزارة التعليم العالي د.رشا الصباح، حيث أشادت بجهود الشيخ أحمد الفهد وحماسه الكبير، كما أشادت بخطة عمل الحكومة قائلة: انها فعلا جريئة وطموحة لكن نلاحظ بعض التناقضات بين بعض الأهداف، فمثلا نجد هناك هدفا مهما وهو تنويع إيرادات الدولة من غير النفط حيث ان الاستهلاك أكبر من إيرادات النفط وهذا جميل ومهم بالتأكيد، وكذلك الدعوة إلى إشراك القطاع الخاص، وبالنسبة للتعليم العالي نجد هناك توجها لإشراك القطاع الخاص بخصوص البعثات الداخلية ولكن بنسبة 10% فقط في حين تتحمل الدولة 90% من مصاريف كل طالب يبتعث في بعثة داخلية، فهذا تناقض. فرد الشيخ أحمد الفهد: ان هذا يجب أن يكون دافعا لكل جهة للعمل وتقديم تصوراتها وبرامجها بشكل أفضل، الخطة لا تتحدث عن الوضع الحالي بل عن القادم، ولذلك نريد منكم العمل ومضاعفة الجهود وتقديم الأفكار والحلول وهذا ما سيساهم في نهضة بلدنا، وأشار الفهد مرة ثانية إلى أن تحقيق أكبر قدر ممكن من الأهداف سيكون انجازا كبيرا لا يستهان به، المهم أن ننطلق ونبدأ.
من جانبه، قال مدير عام الهيئة العامة للإطفاء اللواء جاسم المنصوري انكم تعرضون علينا سيارة جميلة وممتازة لكن للأسف ليست لدينا رخصة لقيادتها، الخطة طموحة وشجاعة ونتمنى أن ننفذها وننهض ببلدنا ولكننا لسنا خبراء في التخطيط، أنا رجل إطفاء فكيف تريدون مني وضع خطط واستراتيجيات دون تدريب، لابد من تدريب القياديين على ذلك أولا فالخبرة التي لدينا مهما طالت لا تكفي إلا للتعامل مع أعمالنا أما التخطيط فلسنا مختصين به، ورد عليه الشيخ أحمد الفهد بانه ذكر أهمية الاستعانة بالخبراء والاستشاريين واشار إلى دعم القيادة السياسية لهذا التوجه مع التأكيد على الاستفادة من تلك الخبرات لتدريب وتطوير الكوادر الكويتية.
متابعة من صاحب السمو الأمير
كما أكد الشيخ أحمد الفهد أن صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد لديه اهتمام وحرص شديد على متابعة كل ما يتعلق ببرنامج عمل الحكومة وأداء كل وزارة أو جهة حكومية، وأن هناك تقارير مستمرة لمتابعة عمل كل جهة، كما أن سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد وسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد لديهم نفس الحرص والاهتمام والمتابعة، لذلك أقول لكم ان عملكم الآن تحت المجهر وعلينا جميعا وأنا معكم بالتأكيد ولدي في وزارة الإسكان تحديات كبيرة ولكن علينا أن نعمل ونضاعف الجهود. لابد أن تتحرك الجهات نفسها وتبادر من تلقاء نفسها ونحن في المجلس الأعلى للتخطيط مستعدون لتقديم أي مساعدة وتفسير أي شيء غامض في الخطة، كما شدد الفهد على ضرورة ألا ترعبنا خطة العمل مشيرا إلى أنه من الذكاء الاستفادة من البيانات الموجودة فيها لتطوير العمل والنهوض بالمؤسسة ومعرفة ما يجب عمله، وقال للقياديين أتمنى أن تقدموا خططكم وبرامج عملكم بصورة جريئة وطموحة، قولوا هذه متطلباتنا نريد كذا وكذا لنقدم لكم كذا وكذا، بهذه الروح والتعاون والمسؤولية نحقق الكثير، لا نريد الانتقادات النظرية وتكسير المجاديف، كما حصل مع شركة ڤيڤا، فكان هناك الكثير من المشككين وأنا واحد منهم ووقفت ضدها في البداية خوفا على مصلحة بلدي، لكن كنت فقط أنتقد نظريا أما اليوم فها هي الشركة تحقق نجاحا كبيرا والكل مستفيد، المواطن وصلت أسهمه لقيمة دينار و900 فلس والخدمات زادت وتحسنت وتم توفير فرص عمل للمواطنين، علينا ألا نتخوف من البرامج والمشاريع الطموحة ونقبل بهمة عالية ونشاط، تعرفون أنني تسلمت العمل منذ أشهر معدودة وكان بالإمكان أن أطلب 6 أشهر لدراستها ولكنني قبلت التحدي لأننا لا نريد أن نضيع المزيد من الوقت، هذا بلدنا وعلينا أن نعمل من أجلها. كما أكد الفهد أن هذا الاجتماع لن يكون الأخير بل ستكون هناك اجتماعات ثنائية وجماعية مع الجهات والوزارات المختلفة بالدولة. كما قال اننا سنسعى إلى رفع قيمة سقف المناقصات التي تتبع ديوان المحاسبة من 5 آلاف إلى 100 ألف فالسوق تغير ولابد من إيجاد مرونة في العمل وتقليص الدورة المستندية للمشاريع والمناقصات، الوقت يتحرك ولابد من استغلاله بصورة جيدة.
تقصير وحسن نية
توقف الشيخ أحمد الفهد مع الإعلاميين بعد انتهاء الاجتماع وتحدث عن أهم ما دار فيه بالرغم من التعب وتأخر الوقت، وقال الفهد انه تمت مناقشة عدة قضايا تتعلق ببرنامج عمل الحكومة بصورة جادة تناولت عدة ملاحظات في مختلف الجوانب، وأضاف أن برنامج عمل الحكومة تضمن لأول مرة اعترافات من الحكومة بتقصيرها وأخطائها وهي خطوة كبيرة ومهمة لتشخيص الوضع، وأتمنى أن يكون بمثابة حسن نية ويتم التعامل للأفضل.