والدي بدأ حياته على سفن الغوص وكان من أوائل الملتحقين بشركة نفط الكويت
السيدة الفاضلة فاطمة خميس أحمد بوعركي تقول عن نفسها: ولدت في الكويت في الحي الشرقي فريج النصف ووالدتي هي رقية ملا حسين التركيت، عشت طفولتي في الشرق وكنت ألعب مع بنات الفريج، وفي ذلك الوقت كانت البنات يلعبن أمام البيت أو داخل بيت العائلة الألعاب الشعبية التي كانت موجودة مثل الحيلة والخبصة ونط الحبل، وكانت البنات الصغيرات يلبسن البخنق، وشاهدت النساء الكويتيات يلبسن العباءة والثوب والدراعة ويغطين وجوههن بالبوشية. كانت الحياة حلوة وجميلة، وكانت بيوتنا قريبة من البحر فكنا نسمع صوت صناع السفن والبحارة والعمال، وكنا نشاهد تلك المناظر والسكك والفريج وكانت الكويت القديمة حلوة، كما كان الناس والجيران يحبون بعضهم البعض.
ومن الجيران بيت تويتان وعائلة الأنصاري والعسق ومحمد الچاركي والسدرة وكان من جيراننا إماراتيون ولانزال نتواصل معهم ويزوروننا ونزورهم، حيث امضوا سنوات طويلة في الكويت، وبيتنا في الأحمدي مواجه للشرق وبيوت الشركة كثيرة وكل ثماني بيوت متقابلة وبينها شوارع وأقرب الجيران كان ابراهيم سلمان وملا وقيان وخميس الدوب الذي كان ضابطا في الشرطة واحمد السدرة وبيت الفرح، وبنات تلك العائلات هن صديقات وكانت اكثر صديقاتي فاطمة خضير وشريفة رستم وشريفة تاج الدين (زوجها سفير حاليا).
ومجموعة من عائلات الكنادرة الطيبين جدا جدا ولا ازال اتواصل مع نساء هذه العائلات، حيث نلتقي في الأعراس والأفراح منذ اكثر من 50 سنة ولانزال نلتقي بالمواجيب الأفراح والأعراس والاتصال مع بعض وقد جمعتنا مدينة الأحمدي بمدارسها وناديها جيرانا طيبين جدا وحنونين على بعض كلنا أهل، وكنا اذا غابت الشمس كل واحدة في بيتها ممنوع الخروج من البيت.
أمضيت زهرة شبابي ومرحلة الدراسة في الأحمدي بين اخواني ووالدي.
الآباء مع بعضهم البعض والأمهات يلتقين يوميا مع بعضهن، كان المجتمع في الأحمدي خليطا من جميع الفئات وكنت اشعر اننا عائلة واحدة ولكن اذكر انه لم تكن توجد ديوانيات في ذلك الوقت في الأحمدي فكان الرجال يلتقون مع بعض في المسجد أو أثناء العمل.
وأقدم مسجد في الأحمدي كان في السوق منذ ان تأسست هذه المدينة، كما يوجد السوق الكبير واسمه (اسبني) للموظفين الكبار وكل شيء موجود فيه.
وأتذكر اننا لم نكن نختلط مع الفتيات الأجنبيات، كنا نحن الكويتيات والعرب مع بعض فقط والسبب ان مساكن الأجانب كانت في منطقة تختلف عن منطقة سكن الكويتيين ولكن اختلطنا مع البنات الكويتيات اللاتي امهاتهن اجنبيات، لأن شركة نفط الكويت كانت تبعث بعض العاملين للدراسة في الدول الأجنبية، فالكويتي يرجع متزوجا من أجنبية ثم تأتي الى الكويت ونختلط مع بناتها.
عندما كنا نسكن مدينة الاحمدي كانت الوالدة تستضيف بنات العائلة كل يوم جمعة، خاصة ايام الربيع حيث كان اخوالي وخالاتي والصديقات يزورونا، واذكر ان بيت جدي ملا حسين كان على ساحل الفنطاس وكنا نذهب في الصيف ونحن بنات صغيرات لنسبح بالبحر على الساحل الرملي فتعلمت السباحة بالفنطاس.
اذكر ان اخي احمد كان يرمينا بالبحر لكي نتعلم السباحة فتعلمنا بتلك الطريقة.
وتكمل ضيفتنا: لم اذهب الى السينما في الاحمدي ولا احب المسرح، ولكن احب قراءة كتب الطبخ حاليا اما قديما فكنت اقرأ القصص والروايات ولم احفظ الشعر سوى محفوظات المدرسة، منذ طفولتي احب الهدوء ولا احب الصخب والفوضى حتى ان المدرسات كن يمدحنني. ثم تتحدث فاطمة بوعركي عن الدراسة والتعليم قائلة: التحقت بالمدرسة الشرقية للبنات سنة واحدة وبعد ذلك الوالد حصل على بيت في مدينة الاحمدي، لأنه كان يعمل في شركة نفط الكويت فسكنا هناك والتحقت بمدرسة الاحمدي المشتركة للبنات وتعرفت على مجموعة من بنات الاحمدي، كما تعرفت في المدرسة على زميلاتي من البنات، مثل فاطمة خضير وشريفة رستم وزينة عبدالله وفاطمة مجيد.
وكنت اراجع دروسي في البيت وكان الدوام المدرسي على فترتين صباحية وبعد العصر.
وفي بعض الايام كنت اذهب مع زميلاتي الى نادي الاحمدي واستمررت بالدراسة حتى انهيت المرحلة المتوسطة في مدرسة الاحمدي المتوسطة للبنات، وكانت الباصات تنقلنا من البيت الى المدرسة واذكر ايضا خولة الجبر ومريم كنجو، واذكر ان الناظرة كانت نهى البيطار، والوكيلة شريفة بعبع من الجالية الفلسطينية وطوال سنوات الدراسة كنت هادئة ومحترمة نفسي، ومن المواد التي لم اكن احبها الرسم ولكن الاشغال اليدوية كنت ارغب في عملها، واشتركت بفريقي السلة والطائرة مع فريق المدرسة وشاركت في المباريات المدرسية وكذلك الزهرات.
من زميلاتي في المدرسة رباب والمرحومة نجمة وصفية واذكر يوم النشاط المدرسي كل طالبة كانت تحضر اكل من البيت وكل اسبوع على واحدة ونواصل اليوم الدراسي حتى المساء، ومدرسة الاحمدي فيها حديقة كبيرة ونحن الطالبات نجتمع في الحديقة واذكر ان المدرسات كن يعاملننا كأخوات وايضا الطالبات اخوات مع بعضهن.
وكانت الوزارة تقدم لنا الاكل بعد الحصة الثانية او الثالثة في الشتاء شوربة العدس والحليب والبسكويت في الصيف وكانت الحياة حلوة والدراسة اجمل، الحياة في الاحمدي حلوة جدا.
كنت مرشدة فريق المرشدات بالمدرسة وكنا نذهب الى المخيم الكشفي السنوي بالفنيطيس وكان عندنا نشاط كبير في مدرسة الاحمدي، وكنا نطبخ في المعسكر الكشفي.
وقد كنت مرشدة ولاعبة سلة وطائرة وشاركت في الخياطة، كانت الحياة الدراسية ممتعة جدا في مدارس الاحمدي، من رياضة والعاب المدارس الى رياضة الأندية في الاحمدي، كانت وزارة التربية (المعارف سابقا) قد هيأت كل شيء للطالب الأكل والملابس والكتب والمواصلات والملاعب والرياضة بأنواعها وللطالبة حرية الاشتراك.
المدرسات من احسن المدرسات في مدارس الأحمدي الحقيقية انني كطالبة منذ الخمسينيات قد استفدت من ذلك التعليم كانت الدولة مهتمة بتعليم الفتاة الكويتية، ولذلك فتحت مجال التعليم على اوسع الأبواب، فتعلمنا وحصلنا على الشهادات وحصلنا على الوظائف الحكومية من مدرسات وسكرتيرات، ومكلفات بأعمال ادارية واشرافية.
اثناء الدراسة شاركت في جميع البطولات المدرسية للسلة والطائرة كذلك عندما كنت مرشدة بفرقة المرشدات كنا نشارك مع يوم الاحمدي الرياضي منذ بداية الستينيات وكان يوما عظيما في الاحمدي حيث ان جميع الاندية الرياضية الكويتية تشارك بفرقها وكذلك الفرق الشعبية كما كان الوافدون يشاركون فيه.
حياة الوالد
وتحدثت فاطمة بوعركي عن حياة والدها قائلة: بدأ حياته العملية في البحر مع سفن الغوص والسفر ومع بداية التنقيب عن النفط الوالد رحمه الله كان من اوائل من التحق بالعمل في شركة نفط الكويت وبعد ذلك انتقل للعمل في الاحمدي بعد تصدير اول شحنة للنفط وقبلها مثلما ذكرت مع شركات التنقيب عن النفط ومطلع الخمسينيات خصص له بيت جنوب الاحمدي، فانتقلنا للسكن فيه وتعرفت على بنات الجيران والتحقت بمدرسة الاحمدي المشتركة.
ومع بداية بناء منطقة الصباحية انتقلنا للسكن فيها وبعد وفاة الوالد رحمه الله انتقلنا للسكن في منطقة سلوى مع الوالدة والاولاد والحمد لله مرتاحين في بيتنا وجيراننا ناس طيبون جدا.
منذ الخمسينيات حتى السبعينيات سكنا الشرق ثم الاحمدي ومنها الى الصباحية ومنها سلوى حاليا. اربع مناطق سكنية عشت تلك البيئة الاجتماعية والحمد لله.
كان الوالد رجلا هادئا بدأ حياته في الغوص مع شملان بن علي وجدي ملا حسين عبدالله التركيت.
وانتقل للعمل في شركة نفط الكويت، وكان يمضي حياته بين المسجد والبيت وقراءة القرآن الكريم، الوالد أيضا سافر إلى الهند وأفريقيا مع السفن الشراعية الكبيرة.
وأذكر ان والدي رحمه الله كان ملازما وصديقا للقرآن الكريم، حيث كانت حياته الأولى في منطقة الشرق مع البحر وبعدما اشتغل في الأحمدي انتقلنا معه للسكن هناك وبعد عدة سنوات سكنا الصباحية وهنا الوالد تقدم به العمر ونحن كبرنا وتخطينا مراحل الطفولة والشباب وتزوج الاولاد والبنات وانفتح ادراكنا على الاشياء المحيطة بنا.
والله وفقنا بجيران طيبين محبين للوالد الذي كانت علاقته طيبة معهم، وأذكر من جيراننا في الصباحية ناصر السهلي وعبدالله جمعة ومحمد الهاجري ومن جيراننا عتبان ومطران وسهول والعوازم بيض الله وجوههم طيبين إلى حد بعيد من الطبية والخلق والتدين.
ولا تزال العلاقة معهم وكذلك مع جيراننا في الأحمدي والحياة في الصباحية اختلفت عن حياتنا في الأحمدي.
العمل والوظيفة
وتكمل فاطمة بوعركي: انهيت دراستي والتحقت بوزارة التربية وعينت سكرتيرة إدارية في مدرسة الأحمدي المتوسطة وبعد سنوات انتقلت إلى روضة الصباحية، والناظرة كانت يسرى معروف ثم عايدة عابدين مصرية.
وكانت الناظرات كالأم مع العاملات والاداريات والمدرسات وأذكر أن اجتماع المنطقة في الروضة كنا كلنا نعمل يدا واحدة. الناظرة والوكيلة والمشرفة عبلة ومريم البكر تقاعدت عن العمل عام 1986، مع دخول ولدي فهد المرحلة الابتدائية فتحت مشغل خياطة للملابس النسائية وفيها مدخول ولكن بعض العاملات كن يسرقن قطع الاقمشة.
ولداي فهد وحسين بدآ دراستهما من المرحلة الابتدائية حتى أكملوا المرحلة الثانوية وكل واحد منهما اتجه للعمل حسب رغبته، حسين التحق بالعسكرية وفهد بالأعمال الحرة مع مجموعة من أصدقائه، حيث كونوا لهم شركة ولا يزالون يعملون.
وكان حسين الثالث على الدفعة لأن فيها الحرس الوطني الأول والثاني من الحرس وهو الثالث ولكن الأول على طلبة دفعته من العسكريين وواصل دراسته في أميركا.
نادي الأحمدي الرياضي
امضت السيدة فاطمة بوعركي في ذكرياتها قائلة: كنت أذهب الى نادي الاحمدي الرياضي مع زميلاتي في المدرسة وبنات الضريح وخاصة ايام العطل وكنا نلعب كرة السلة والطائرة، كنا نذهب مشيا على الأقدام من منطقة السكن جنوب الاحمدي الى النادي واذكر ان الاحمدي كانت مقسمة الى ثلاث مناطق سكنية جنوب ووسط وشمال.
وفي منطقتنا المطافئ والسوق الكبير ومسجد المنطقة ويوجد في مدينة الأحمدي ثلاثة أندية النادي الحباري ونادي الاتحاد ونادي الاحمدي الذي كنت مع زميلاتي نذهب اليه وقد وفر النادي لنا كل أسباب الراحة من ألعاب وحمام سباحة ومطاعم، ادارة النادي خصصت جزءا للفتيات، فيه ملاعب مثل ملعب للتنس وملعب للسلة وملعب للطائرة وعينوا مدرسة للخياطة علمتنا الخياطة.. وقد شاركت في إحدى الدورات وحصلت على شهادة في الخياطة وقد تسلمت هذه الشهادة خلال مهرجان.
وقد عينت مشرفة على فريق كرة السلة وكرة الطائرة للنساء في نادي الأحمدي ـ لأنني عندما كنت طالبة كنت أمارس لعبة السلة والطائرة وأذكر من اللاعبات في فريقي النادي: شريفة رستم وفاطمة خضير وزينة عبدالله.
واشتركت مع فريق نادي الشباب فريق الفتيات لأن أخي عبدالله وأخي راشد كانا يعلبان بالنادي فعينت رئيسة فريق كرة بالنادي، كذلك نادي الاتحاد في الأحمدي ايضا جهزوا لنا الملاعب، ونذهب إلى النادي بملابس الرياضة، بذلة التدريب والحذاء.
استمر هذا النشاط الرياضي لمدة ثلاث سنوات بالنادي، بنات الاحمدي ذكيات ونشيطات ومجتهدات في الرياضة وحصلنا على بطولات في السلة والطائرة بالاندية التي كانت موجودة في مدينة الأحمدي.
المطبخ المنزلي
وتسترسل ضيفتنا قائلة: كنت طالبة والوالدة أدخلتني معها المطبخ وبدأت تعلمني الطبخ وتجهيز الأكل والسفرة الكويتية، كانت الوالدة قد أجرت عملية جراحية والطبيب نصحها بالراحة التامة فكانت تجلس على الكرسي وتعلمني الكميات الرز والملح والماء، اللحم أو السمك، وكنت أطبخ الأكل احيانا مالحا ومرة ثانية ماسخا بدون ملح، ومرات العيش «نثري» يعني ناشف وأحيانا محروق وهكذا حتى تعلمت الطبخ وكانت تشجعني على الاستمرار، ومما اذكر ان ابن عم الوالد ضحك عليّ وقال خذي كمية عيش ومثلها ملح ومثلها ماء واطبخيها مع بعض وبالفعل اتبعت الطريقة وكانت بداية فاشلة هذا قبل ان أدخل المطبخ مع الوالدة.
في البداية الوالدة علمتني جميع انواع الأكلات الهريش، مطبق السمك، مكبوس اللحم والدجاج، والجريش، والمنهنه، وخبز الرقاقق على التاوة، ومحمر شكر والمشخول والبلاليط، وچباب الربيان، وتعلمت طبخ كبة البرغل، والميدم وهو سمك الجرجور، حين يغسل وينظف ويطبخ حتى ينضج ويبرد وبعد ذلك نسلخ جلده ونقطع رأسه وبعد ذلك نضعه في الماء البارد ونضع عليه الملح حتى ينشف من الماء ويبقى لحما بدون ماء ونحمس الحشو البصل بالدهن ونقطع الجرجور لقطع صغيرة، ونضع عليه اللومي الأسود والهيل والبهارات ونضعه فوق العيش المشحول وأقدمه أكلة طيبة لها رائحة حلوة ونأكل ميدم سمك جرجور وميدم سمك المالح الخباط.. نفس الطريقة ولكن ينقع في الماء بالليل حتى ينظف من الملح ويطبخ ويقطع ويحمس مع الخميسة البصل والبهارات.
أكلات كويتية
تحدثت بوعركي عن الأكلات الكويتية والأكلات الرمضانية قائلة: منذ أول يوم في رمضان نستعد ونجهز كل ما يحتاج اليه المطبخ والاستعداد قائم والأكلات الرمضانية في الكويت يأتي على رأسها التشريبة والهريس، أما التشريبة فهي أكلة يومية وبعض البيوت عندهم رئيسية على السفرة الرمضانية، كذلك الهريس نطبخه يوم بعد آخر باللحم أو بالدجاج ولا يعمل على السمك ولم يحدث ذلك عندنا في البيت، أهم وجبة رمضانية الشوربة والتشريبة الخبز مع مرق اللحم او مرق الدجاج والخبز الرقاق المصنوع على التاوة الذي كنت أخبزه بيدي من الطحين الأسمر والماء والتمر والملح، كلما تحمر العجينة تكون أفضل وأحسن، عندنا في البيت ما نأكل الحلويات الرمضانية مثلا اذا عملنا صب القفشة ما ناكل ولكن يقدم للزوار عند الوالدة كذلك اللقيمات ومحلبية العيش في رمضان، الأكل كثير والسفرة مملوءة ورمضان مبروك.
الهريس باللحم أهم أكله مع السلطات والتشريبة رئيسية، أما العيش فقليل، آخر ايام رمضان اطبخ مرق سمك والوالدة تحب السمك، وتشريبة السمك حلوة وجميلة أنواع التشريبة: تشريبة لحم، تشريبة سمك، تشريبة خضار مشكلة، ونقول مرق هوا بدون لحم ودجاج وسمك. أيضا من الأكلات والحلويات الرمضانية مكبوس اللحم والدجاج وأحيانا مطبق سمك.
ومن الحلويات المحلبية واللقيمات وصب القفشة ومن الأكلات الكويتية الخثرة وهذه قد اختفت من على السفرة الكويتية والخثرة تتكون من العيش ونطبخ السمك مع المرق ونخرجها بعد نضجها ونستخرج الشوك من السمك ونصفي اللحم فقط وبعد ذلك نضع العيش داخل المرق ونضيف السمك عليها ونحركها ونضربها بالملعقة الخشبية، وتوضع في الصينية وتؤكل ناعمة بالقفشة (الملعقة).
أما الاچار فكنا نعمله في البيت وأجيد عمله، نحضر الخل والوالدة تعمله من تمر الزهدي والدبري ولمدة 40 يوما ونكبر ونتشهد عليه، ونضع الخل في البستوك مثلا اچار باذنجان نطبخ الباذنجان وبعد ذلك نضعه في المشخال ونضع عليه الملح طوال الليل حتى اليوم الثاني ونجهز البهارات والثوم والفلفل علوب ونحشي الباذنجانة، ونطبخ ثوم الجبل ونضع الباذنجان بالخل ونطبخه واليوم الثاني نصفي الباذنجان ونضعه في البستوك، وهكذا لكل انواع الاچار الطماط لا يطبخ يوضع بعد تنظيفه كل فاكهة يابسة بعد التنظيف نضعها بالخل مع البهارات ولمدة 40 يوما ونوزع على الاقارب والصديقات هذا صنع الاچار مع ثوم الجيل.
صنع وعمل المربى في البيت مثل مربى مشمش ومربى سفرجل ومربى خوج والترنج.
نطبخ الفاكهة وبعد نضجها توضع مع السكر وبعدما تبرد نضعها بالفرشة مربى كذلك التفاح يقشر وينظف ونطبخه ونضع معه الزعفران.
حلوى الناريل وتصنع بعقد الشيرة، السكر يطبخ ويوضع معه الهيل والزعفران وماء الورد وبعد ذلك نضع عليه الناريل المبشور ونخلطه معه حتى يتم الخلط ونضعه بالصينية حتى يبرد ونقطعها قبل البرود.
السمسمية: حب السمسم والدبس او الشكر يطبخ ويكور ويوضع في الصينية هذه ايضا من حلويات رمضان مع الغريبة والزلابية والسمسمية المحلية من العيش او النشا.
الساقو: حلوى الساقو وله طريقة خاصة حيث ينقع الساقو بالماء ولمدة ساعات ونحمس الشكر حتى يتغير لونه للاحمرار ونضيف الساقو على الشكر ونضع الزيت والهيل والزعفران والماء ورد ونصبه في صحون صغيرة ويقدم للأكل.
وتطرقت فاطمة بوعركي للحديث عن شهر رمضان قديما وحديثا في الكويت، حيث قالت قديما كانت العائلات تتحرى رؤية شهر رمضان كان الطوب او الوارة المصدر الرئيسي عند الكويتيين للاعلان عن اول ليلة لصيام شهر رمضان، لا يوجد قديما تلفزيون ولا اذاعات منتشرة كانت العائلات تبلغ بعضها بعضا.
ويبدأ الصيام وتبدأ المساجد بالاستعداد لأول ليلة كصلاة التراويح. الأكل كان محدودا وكل حسب قدرته على تجهيز الفطور والسحور. حاليا ومنذ سنوات طويلة جميع المأكولات موجودة في الأسواق والجمعيات التعاونية والفلكيون عندهم حساب الأيام وهم يعرفون ولجنة الرؤية الشرعية تجتمع لالتماس رؤية الهلال ويذاع الخبر بالتلفزيون والإذاعة وقديما كان الأكل انواعه قليلة، العيش وهريس وتشريب وليس كل البيوت او العائلات قديما يقدمون الاكل قديما وحديثا الاكل في الديوانيات عند الاغنياء.
حاليا تعددت اماكن الافطار في المساجد والديوانيات والجمعيات الخيرية جزاهم الله خيرا.
الفواكه بجميع انواعها والألعاب والمشروبات الغازية والمياه في الزجاجات هذا ما كان له وجود قديما الناس كانوا يأكلون، حاليا الشهوة للأكل محدودة مع وجود جميع الاصناف من الأكلات والحمد لله الزيارات مستمرة والتجمع لايزال موجودا.
ذكريات الوالدة رقية التركيت
انتقلنا للحديث مع السيدة الكريمة الوالدة رقية ملا حسين العبدالله التركيت حيث سألناها عن بعض العادات والتقاليد الكويتية القديمة وخاصة ايام رمضان وما قبله، فقالت: اولا اقول اسمي رقية ملا حسين عبدالله التركيت ولدت في بيت والدي ملا حسين التركيت بالحي الشرقي وكان رجل دين وتاجرا وصاحب ديوان كبير وعنده مكتبة كبيرة تضم مجموعة من الكتب الدينية والادبية ويحضر مكتبته مجموعة من الادباء والشعراء ورجال الدين ومن الشعراء صقر الشبيب وغيره وقال فيها صقر الشبيب عندما اكلت العنز الكتب قال: كلوا عنزكم قبل ان تفنى الكتبا.
والقصيدة طويلة موجودة في ديوانه الشعري.
اما شهر رمضان الكريم فإن العائلات الكويتية كانت تستعد وتجهز له منذ بداية شهر شعبان، من ذلك: دق الهريس، وليلة السهر منتصف شهر شعبان، والقريش آخر يوم من شهر شعبان، هذه انتهت حاليا.
وأما والدي ملا حسين عبدالله التركيت فبيته كان ينقسم الى ثلاثة اقسام، بيت الحرم، حوش الديوانية، وبيت الخدمات والديوانية كما ذكرت فيها المكتبة.
وكان الوالد رحمه الله دائم قراءة القرآن الكريم وخاصة في شهر رمضان له غرفة خاصة فوق السطح يجلس فيها ويقرأ القرآن، تتذكر الوالدة رقية التركيت ايام زمان القديمة وتقول بعض الاهازيج والاغاني عن دق الهريس.
-
يا الله يا الله يا كريم يا هو
-
عمي محمد وانا اشقلت لك
-
هذا تر و... لا تمشي وراه
-
وعمي محمد انا اشقلت لك
-
ايضا من الاهازيج وقت دق الهريس يقول النسوة: جلي جلي مونة
-
يدقوني بالشرقية
-
باعوني بسبعين مية
ويرددن هذه الأهزوجة:
-
العرب دينوا واللعب ما يلعبون
-
لي يومي من الجبلة تجينا نمونة
-
سورة ما قرا فيها النبي والصحابة
-
تركوه من الهواء ون تركوا من التعابة
-
راعي القرن الاشقر شق قلبي وتله
-
هي هي يا بو جديل منه يتدله
-
ايضا يوم دق الهريس النساء مجتمعات يرددن هذه الأغاني ويصفقن وبعضهن يدققن القمح بالمنحاز ويقلن:
-
سلام يا مرعب بالتالي
-
من رمي عسى الحيا دايم يسقي مداهيله
-
غرو شجا عيني عش خلا يومه
-
ذباح حيل تقلطها رجاجيله
-
يا زين طيورك صفاة فوق الاوكاري
-
يا زين صفاة طيوره مع رجاجيله
-
ويا عسى يرزقكم الله ياهل الشوعي
-
في دناة الهير عسى ربي يهيأها
وتستمر النسوة في دق الهريس، والهريس يطبخ في شهر رمضان والعائلات الغنية توزع على الفقراء والاقارب والجيران، وتواصل الوالدة رقية التركيت حديثها عن القديم وتقول: كان الحج الى بيت الله قديما بواسطة الجمال والرحلة مدتها ثلاثة اشهر ذهابا وإيابا وبعد مكة يذهبون إلى المدينة المنورة لزيارة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وفي إحدى السنوات ذهب الكويتيون إلى الحج بواسطة الباخرة وليس عن طريق البر وذلك بعد معركة الجهراء خوفا من قطاع الطرق او بقايا الذين غزوا الكويت.
والدي كان واحدا من اولئك الذين ذهبوا بالباخرة الى جدة مع زوجته ومجموعة من الكويتيين، ثم تحدثت الوالدة رقية التركيت عن الاكلات الكويتية قائلة: قديما اشتهر الكويتيون بالأكلات الخاصة بهم، ويوم الجمعة ذلك اليوم تجتمع العائلات ويطبخون المحمر مع السمك ويطبخ الرز مع الدبس او الشكر والسمك خباط مالح او طازج (طري) ومن الاكلات المشهورة مطبق سمك مجبوس لحم والبعض يحب اكل سمك الچموة، وتقول هذه الاهزوجة:
-
يا بو (فلان) خلنا انتطرب
-
ليلة العيد ما نبقى فضيله
-
طوال العمر أبكي وتحمر
-
واوجودي على لقمة محمر
السدرات الأربع
السدر مفردها سدرة شهر الكنار وكان في منطقة الشرق بدسمان أربع شجرات سدر والعائلات والفرق الشعبية ايام الربيع يذهبون الى البر تحت السدرات الاربع.. يجهزون اكلهم وماءهم ويحملون جميع الاغراض والمستلزمات ويحملونها على رؤوسهم ـ والفرق الشعبية النسائية، تقيم الحفلات وتغني السامري والقادري.
قصة طريفة
تقول الوالدة رقية ملا حسين التركيت اشتري والدي فناجيل قهوة ملونة وبعدما وصل الى البيت راح يتفحصها فاكتشف ان فنجانين فيها متلاصقان وحاول ان يفكهما عن بعض بواسطة الماء الحار فلم ينفصلا والوالد احتفظ بهما لعدة سنوات وأذكر عددا من دواوين رجالات الكويت القديمة في الحي الشرقي، ومنها ديوان ملا حسين التركيت ديوان عبدالرحمن الرومي، ديوان محمد بن بشر، ديوان شملان بن علي، ديوان العسعوسي (العساعيس)، ديوان النصف، ديوان هلال المطيري، ديوان المضف ومجموعة من الديوانيات بعضها تفتح بعد صلاة المغرب حتى صلاة العشاء وبعضها تفتح في الصباح مع شروق الشمس، وكل صاحب ديوان حسب وقت فراغه وعمله.
أبناء ملا حسين عبدالله التركيت
تقول الوالدة رقية التركيت اخواني من الرجال احتلوا مناصب كبيرة ومتقدمة في الدولة ومنهم المرحوم عبدالسلام ملا حسين التركيت تاجر ورجل أعمال والاديب الشاعر المرحوم محمد ملا حسين التركيت عضو مجلس المعارف عام 1950، وعضو مجلس الأمة، ومختار منطقة الشرق وهو من ادباء الكويت وشعرائها وله عدد كبير من القصائد وقد جمعها المرحوم خالد سعود الزيد في كتاب.
وكذلك المرحوم عبدالرحمن ملا حسين عبدالله التركيت كان وكيل وزارة مساعد في الجمارك والموانئ وايضا المرحوم عبدالعزيز خريج الازهر وهو من الدفعة الأولى الذين سافروا الى القاهرة للدراسة هناك واول كويتي يعين مسؤولا عن بيت الكويت في القاهرة أول كويتي مديرا للمعارف.
واول مندوب الى جامعة الدول العربية ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء ومستشار للمغفور له الشيخ جابر الاحمد رحمه الله وكذلك خالد ملا حسين عبدالله التركيت طبيب جراح في المستشفى الاميري رئيس الصحة المدرسية وهو أول طبيب كويتي للصحة المدرسية.
أما اخواتي منهن من انتقلت الى رحمة الله ومنهن الموجودات.
وزوجي هو خميس أحمد بوعركي واولادي أحمد جامعي ماجستير ومدرس تربية بدنية سابق، وعبدالله مدرس تربية بدنية حاليا متقاعد وراشد عسكري، والله سبحانه وتعالى وفقهم بالزواج وعندهم اولاد وبنات واحفاد.
الختام الحمد لله على نعمه وعطائه وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين، اللهم احفظ الكويت من كل سوء ومكروه واحفظ صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد وسمو ولي العهد الشيخ نواف الاحمد، واللهم احفظ الكويت والكويتيين آمين يا رب العالمين.
الديوانية النسائية
قالت السيدة فاطمة بوعركي منذ عدة سنوات استقبل الصديقات والاقارب من الاهل، في ديوانيتي النسائية ليلة واحدة في الاسبوع، اعداد كبيرة من النساء مع بناتهن يحضرن الديوانية.