- الإعلاميون بعد سقوط الإخوان نسوا أن يعودوا إلى مواقعهم
- مصر بها مساحة من حرية التعبير لكنها تصطدم ببعض الأجهزة داخل الدولة
- الإعلام بعد الثورة أصبح فاعلاً رئيسياً ومحرضاً
- قانون الإعلام سيثير ضجة وقد يتعثر قليلاً
- دخلت «ماسبيرو» بمفهوم إعلام الدولة وخرجت بقناعة أن المحك الرئيسي للملكية يظهر وقت الأزمات
- «السوشيال ميديا» المصرية لا تبذل الجهد المطلوب للتواصل مع المجتمعين العربي والعالمي
- مصر والعالم العربي يمران بمرحلة من أخطر المراحل وأي تغير في مصر سينسحب على المنطقة كلها
- في انتظار «ضربة صحافية» ونتمنى ألا يكون ثمنها غالياً على المنطقة العربية
- لن نستطيع اجتياز هذه المرحلة الخطرة إلا بتعاون عربي - عربي
- المنطقة العربية تبدو كرقعة شطرنج يتم ممارسة ألعاب عالمية عليها
- مفهوم الحرية أصبح ملتبساً ومتعدد الاتجاهات
- الدولة مسؤولة عن عدم وجود إستراتيجية إعلامية واضحة
- بعد أحداث يناير تخلى الإعلام عن دوره الطبيعي وتحول إلى مشارك سياسي
حاورته: دعاء خطاب
شخصية من أبرز شخصيات الإعلام المصري، وجوده في الكواليس أتاح له قدرا كبيرا من المعلومات، وألقى على عاتقه تحمل أكبر للمسؤولية، بقيادته للإعلام الرسمي للدولة في مرحلة تغيير النظام المصري عاصر عهدين للإعلام كان خلالهما شاهد عيان على أدق التفاصيل وأكثرها خطورة، خرج منهما بقناعات جديدة، وترسخت لديه اعتقادات أكثر، قد تتفق معه أو تختلف لكنه قدم خلاصة موقفه مما كان يجري على أرض مصر، ورؤيته لطرق الحل والنهوض بالوطن، وكيفية الخروج من المأزق الذي كان يعاني منه.
هو الإعلامي ورئيس قطاع الأخبار السابق بالتلفزيون المصري عبداللطيف المناوي.
«الأنباء» التقته وكان لها معه هذا الحوار الذي فتح لنا قلبه خلاله وأطلعنا على رؤيته لحرية الإعلام إبان الثورة وقانون الإعلام الذي يتم المطالبة به، وقدرة الإعلام المصري على التواجد في المنطقة العربية، كما تطرق للحديث عن أهم القضايا المطروحة على الساحة وأكثرها إثارة للجدل.
فإلى التفاصيل:
أود أن أبدأ بسؤال نمطي وتقليدي لمعرفة رؤيتك تجاه حرية الإعلام بعد الثورتين؟
٭ مصر بعد أحداث يناير من الصعب أن نسقط عليها المعايير العلمية التقليدية بعد أن تخلى الإعلام عن دوره الطبيعي كإعلام إلى مشارك سياسي، حيث حدثت حالة من حالات الالتباس في طبيعة الإعلام، وهناك تبعات لهذه الهزة الشديدة التي مر بها المجتمع المصري وجزء من هذه التبعات هو ما نحن فيه الآن، فقد أصبح مفهوم الحرية مفهوما ملتبسا ومتعدد الاتجاهات، وإذا حاولنا أن نبسط ذلك في الوضع المصري فسنقول: مصر قبل 2011 مباشرة كان الإعلام المصري يتمتع بمساحة من حرية التعبير، والتأثير هنا يأتي في مرحلة ثانية بالتفاعل أو عدم التفاعل، كانت هناك حرية ملحوظة ولكن النظام كان يسمح بهذه المساحة وفي الوقت نفسه يفعل ما يراه، أما في 2011 فقد اختلفت المواقع وأصبح الإعلام فاعلا رئيسيا ومحرضا، ونتيجة الأجواء العامة أصبح كل من يستطيع الوصول إلى مساحة في صحيفة أو في محطة تلفزيونية أو في إذاعة أصبح «إعلاميا» وبالتالي الكل كان يمكنه أن يعمل في الإعلام وأن ينجح بهذه المعايير المرتبكة والمختلفة والملتبسة.
ماذا عن واقع الإعلام المصري خلال فترة حكم الإخوان والوضع الراهن لمصر حاليا؟
٭ وقت حكم الإخوان تحول الإعلام إلى أداة سياسية في الفعل السياسي ويقود المعارك، ولكن بعد سقوط الإخوان نسي الإعلاميون أن يعودوا إلى مواقعهم، وبالتالي لو أردنا أن نتكلم عن الوضع الراهن اليوم فمصر بها مساحة من حرية التعبير ولكنها تصطدم في بعض الأحيان ببعض الأجهزة داخل الدولة التي تتعامل بمنطق غير قادر على استيعاب الإعلام والحوار معه وغير قادر على فهم طبيعة دور الإعلام وطبيعة إدارته، والدولة مسؤولة عن عدم وجود إستراتيجية إعلامية واضحة للتعامل من خلالها، والإعلاميون مسؤولون لأنهم برامج واضحة لطبيعة الممارسة المهنية لدور الإعلام فكما قلت هناك خلط في دور الإعلام.
إعلام الدولة
وماذا عن تجربتك كرئيس مركز أخبار في ماسبيرو إبان الثورة؟
٭ هي تجربة طويلة كتبتها في إصدارين بالعربية والإنجليزية ولكنني سأختصر نتاج التجربة في جملة واحدة وهي أنني دخلت بمفهوم إعلام الدولة أو الملكية العامة للإعلام، أو إعلام دافعي الضرائب وبالتالي هناك مساحة من حرية التعبير المتاحة، ولكني خرجت منها بقناعة وهي أن المحك الرئيسي للملكية يظهر وقت الأزمات هل هو إعلام الدولة بمفهومها العام، أم إعلام الدولة بحق، أم إعلام الحكومة؟ والتجربة أثبتت أننا لم نصل بعد إلى مفهوم الملكية العامة للإعلام، أي ملكية دافع الضريبة، واكتشفت انه ليس إعلام الناس بل إعلام السلطة التي تحكم، وفي هذه اللحظة تسقط كل الادعاءات ويصبح الإعلام فقط أداة في المعركة السياسية.
كيف ترى قانون الإعلام الذي يتم المطالبة به؟
٭ أنا مع فكرة تنظيم العمل الإعلامي في كل الأحوال، على أن يتم من خلال حوار واضح بين أطراف الإعلاميين أنفسهم، وإدارات الدولة القانونية على وجه التحديد، وممثلين من المجتمع المدني، لأن الإعلام ليس نبت منزوع الرأس، فهو ابن المجتمع وبالتالي يجب أن تحكمه قوانين تحمي الإعلام والمجتمع واستقرار الأمن، وهذه العناصر الثلاثة لا بد أن توجد ولن يتاح ذلك إلا من خلال حوار بين الأطراف المختلفة، كما أننا لسنا في حاجة إلى إعادة اختراع العجلة فهناك تجارب واضحة في المجالات الإعلامية في الدول المختلفة يجب دراستها والاستفادة منها وبالتالي توقعي أن يثير القانون ضجة وأتصور انه قد يتعثر قليلا.
لكن السؤال هو هل هناك أهمية لوجود ضوابط؟
٭ نعم ولكن هناك فرقا بين مفهوم الضوابط والقيود، فالضوابط كما قلت تحمي الصحافي والمجتمع وتحافظ على الاستقرار، فهو مثلث ينبغي أن نحرص عليه.
حدثنا عن فترة إقامتك في لندن؟
٭ أقمت في لندن مرتين في التسعينيات عندما كنت مديرا لتحرير «الشرق الأوسط»، وفي 2011 بعد أن تركت التلفزيون وعدت بشكل جزئي في نهاية 2013 والفترة التي كنت موجودا فيها كنت أكتب، ولم أتوقف عن الكتابة وعن محاربة الإخوان بأي شكل من الأشكال، وقمت بنشر ثلاثة كتب، كتابان باللغة الانجليزية وكتاب سيصدر قريبا عن الأقباط المسيحيين.
هل أصبحت الكتابة هي النافذة الوحيدة التي تعبر بها عن رأيك؟
٭ لدي مقالات أكتبها، وكتبي وبرنامجي الذي أقدمه، وفي نفس الوقت أقود حاليا قناة تلفزيونية جديدة وهي قناة الغد.
ضربة صحافية
وهل حققت قناة الغد التي قمت بتأسيسها الأهداف المرجوة ونسبة المشاهدة المطلوبة؟
٭ القنوات الإخبارية تحديدا تحتاج إلى أحد أمرين حتى تنتشر بشكل كبير، مع وجود الأساس المهني: تسويق وترويج طويل النفس وكثير التكلفة، الأمر الثاني هو وجود حدث ضخم أو ضربة صحافية كبيرة، واعتقد أن لدينا الأساس المهني في قناتنا بدرجة كبيرة، ونحن نعمل بالقدر المتاح من الإمكانيات كما أننا في مرحلة المحاولات، وربما لم نحقق الكثير بعد، وفي انتظار حدث أو ضربة صحافية ونتمنى أن تكون هناك ضربة صحافية ولكن ألا يكون ثمنها غاليا على المنطقة العربية.
استقالات جماعية
وماذا بخصوص الأزمة التي أثيرت أخيرا والاستقالات الجماعية؟
٭ لا يوجد استقالات جماعية تماما وكل هذا الكلام مطروح في وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع المختلفة، والمسألة ببساطة أن هؤلاء زملاء جيدون ولكن قد لا نكون في احتياج لهم في هذه المرحلة، وهناك زملاء نحتاج لهم يجب أن ينضموا، أما الاستقالات الجماعية فلم اسمع عنها غير استقالة واحدة لأسباب خاصة وشخصية لزميلنا موسى القمر في لندن.
هل الإعلام المصري قادر على التواجد في الخليج بشكل عام وبالكويت على وجه الخصوص؟
٭ أعتقد أن هناك خللا كبيرا وان هناك صحافيين كثر يعملون في الكويت لكني أتكلم عن الصحافة المصرية و«السوشيال ميديا» المصرية، فنحن لا نبذل الجهد المطلوب للتواصل مع المجتمع العربي والعالمي والخليجي بوجه خاص، وليست هناك صورة واضحة لمواقفنا السياسية أو وضعنا الاقتصادي أو حتى علاقتنا الشعبية مع الآخرين، واعتقد أن هناك بعض موجات العداء والكراهية في بعض الأحيان، وفي ظني ان سبب الغياب هو الظروف التي مرت بها مصر والتي جعلت الناس غارقين تماما في الشأن المحلي، وأتصور أن هذا احدى مناطق الخلل التي تحتاج لإعادة نظر.
رؤية مستقبلية
لك آراء استشرافية أثرتها في كتابك الذي قدمته، فما رؤيتك للمستقبل؟
٭ مصر والعالم العربي يمران بمرحلة من أخطر المراحل التي نمر بها كما نرى جميعا، فهناك إعادة رسم للمنطقة وتزخيم للقوى الدينية والاجتماعية والسياسية، وهناك صراعات تبدو في الأفق وصراعات موجودة فعلا في الوقت الحالي، والمنطقة تبدو كرقعة شطرنج يمارس عليها ألعاب عالمية فهي تتأثر ولا تؤثر، ولذلك فهذه الحالة شديدة الخطورة في العالم العربي تتميز بعدم الاستقرار وتتطلب منا البحث عن كيفية التعامل مع الواقع المحيط والحفاظ على الحد الأدنى من الهوية ومن التواجد وهذا لن يتم إلا بمساهمة عربية وتعاون عربي - عربي.
وكيف ترى مستقبل مصر في الفترة المقبلة بوجود الرئيس عبد الفتاح السيسي؟
٭ مصر تمر بوضع سيئ، وأعتقد أنها وضعت على الطريق الصحيح تماما، وقد تكون السرعة أقل مما كنا نتمناه، هناك مشكلة اقتصادية تمر بها مصر وهي اخطر المشاكل لأن الوضع الاقتصادي هو الأساس لكل الأحوال سواء سياسيا أو اجتماعيا أو فكريا، والنظام الذي يقوده الرئيس السيسي يتمتع بشعبية شديدة الصلابة واعتقد أن الاستفادة من هذه الأرضية والإصرار على نجاح هذه التجربة ينبغي الاستفادة منهما، ومن هنا فقط ينبغي إدراك أن أي تغير رئيسي في مصر سينسحب على المنطقة كلها، ويمكن أن نلمس ذلك بعد 2012 عندما سيطر الإخوان المسلمين على مصر، فلو نظرنا لحال الإسلاميين من المغرب العربي الى الكويت وقتها لوجدت الإسلاميين مسيطرين، فحزب العدالة والتنمية في المغرب حصل على أغلبية مطلقة، والإسلاميون في الكويت حصلوا على الأغلبية العظمى، لكن عندما سقط الإخوان في مصر 2013 هبط الحضور الإسلامي في المغرب حتى 27% من الأصوات، وفي الكويت حصل تراجع كبير للإسلام السياسي، من هنا ينسحب تغير المصير المصري على المنطقة كلها، وهذا ما ينبغي أن تدركه الدول العربية وتعلم أن حالة الاستقرار في مصر ليست حالة خاصة بدولة بل استقرار للمنطقة، بل ينسحب الأمر على منطقة شمال أوروبا والمنطقة بشكل عام، والاستثمار في الاستقرار المصري ليس جهدا ولا استثمارا ضائعا.
تيران وصنافير
هل تأثرت شعبية الرئيس السيسي بالجدل القائم حول ملكية مصر لجزيرتي «تيران وصنافير»؟
٭ ليس هناك نظام مثالي وكل نظام له أخطاء، ولكن يجب أن نتعلم من الأخطاء، وأعتقد أن هناك شكلا من أشكال الخطأ في تناول الموضوع الخاص بالجزر، وأرى ان الرئيس السيسي يتمتع في هذه المرحلة بمساحة ومستوى من الشعبية أقوى مما كان يتمتع به حتى جمال عبد الناصر، فلم يكن في عهد جمال عبد الناصر ما نراه الآن من وسائل تواصل اجتماعي أتاحت التواصل بين أنحاء العالم، وعلى الرغم من ذلك فإنه يمتلك هذه الشعبية، والقرارات الصعبة التي يتم اتخاذها تتخذ بالرهان على هذه الشعبية، ورغم ان هناك مؤيدين للسيسي ومعارضين له الا ان كل الأطراف تجمع على أهمية نجاح السيسي ونجاح النظام في مصر وبالتالي فإن هذه قوة دفع ودعم كبيرة، ولذلك لن أشغل نفسي بالشعبية نزلت أو لم تنزل ولكن سأشغل نفسي بكيفية التقدم للأمام.
وجودك في كواليس الأحداث دائما هل يجعلك أكثر حساسية في التعامل مع وسائل الإعلام لأنك تمتلك من المعلومات ما ليس لغيرك؟
٭ ليس لدي أي حسابات ولم أسألك قبل الكلام عن نوعية الأسئلة ولم اترك أي سؤال إلا وأجبتك عنه، فلك حق السؤال ولي حق الإجابة.
مقتل سعاد حسني
إذن لماذا تم الزج باسمك في مذكرات الفنانة سعاد حسني التي كانت سببا لرحيلها ؟
٭ لا أعرف لماذا، فهناك مرحلة كانت الناس تبحث فيها عن أي شيء، ربما لأني أعرفها معرفة شخصية وكانت لي علاقة طيبة معها وكنت أقدرها تقديرا كبيرا، ونتيجة هذا التقدير رفضت أن أتكلم عنها بعد وفاتها لأن علاقتي بها علاقة شخصية ولا أريد المتاجرة بها.
ليست متاجرة ولكنها معلومات وحق للغير؟
٭ المعلومات الخاصة ليست حقا للغير، كل ما استطيع التأكيد عليه أنها إنسانة أصيلة وفاضلة وآخر مرة رأيتها قبل وفاتها بسنتين ولم تفكر في كتابة مذكراتها ولم تسجلها.
لكن أحد الصحافيين نشر 3 حلقات عنها!
٭ بالفعل احد الصحافيين كان قد حصل على ثقة سعاد حسني، وكان يقيم في لندن، وهناك تقريبا شخص كتب كتابا أو عمل حلقات للنشر، لكن هناك فرقا بين شخص يسجل المكالمات بدون علم لأنها كانت تتحدث كثيرا في الهاتف، وبين أن تسجل بمعرفتها، وإذا كان هناك من سجل لها فقد سجل لها بدون معرفتها لأنها لم تكن مهتمة بكتابة مذكراتها.
هل انت من كتب بيان التنحي للرئيس الأسبق محمد حسني مبارك؟
٭ بيان عمر سليمان قال فيه الرئيس مبارك تنحى فقط، لكنني كتبت فقط خطاب الرئيس مبارك.