- الشيشان وقع ضحية مؤامرة من أطراف متعددة دفعت فيها البلاد ثمناً باهظاً وهناك محاولة لتهميش دور المسلمين
- شكّلنا لجنة من رجال الدين والعقلاء وطفنا القرى والمدن نحذّر الآباء والأمهات من انجرار أبنائهم وراء الفئات الضالة
يجلس شيخ كبير في قريته الصغيرة التي ولد فيها مع شقيقه الرئيس الشيشاني السابق احمد قديروف وابن شقيقه الرئيس الحالي رمضان قديروف، معلما ومربيا لأجيال عديدة من أهل الشيشان، ويقف الرجل مرتديا زي بلاده الديني التقليدي وبعمامة يشتهر بها أهل المنطقة عند أعلى مرتبة دينية في الشيشان فهو رئيس مجلس علمائها.
الرجل الذي استقبلنا في قريته خوسي يورت «يورت معناها قرية باللغة الشيشانية» كان كثير الحفاوة بأهل جاؤوه من الكويت التي زارها مرتين وشارك في مؤتمري الإعجاز العلمي في القرآن والسنة النبوية والوسطية منهج حياة وتعلم من مركز الوسطية كيف تكون الوسطية، وان الإسلام دين تعايش لا دين حرب ودمار وانه يتسع لجميع المسلمين باختلاف افكارهم ورؤاهم وهو دين يجمع ولا يفرق، وقام بتوزيع كتب عن الفكر الوسطي اصطحبها من الكويت بين تلاميذه وعدد من ابناء الشيشان من أهل العلم.
يعرف الرجل وهو خوجا احمد قديروف بأنه حكيم وعالم ديني كبير رفضت اسرته منذ زمن الانصياع للحكم الشيوعي فكره الملحد واستمرت الاسرة في تحفيظ القرآن لأبنائها ومن يرغب في المنطقة وهي مهمة دفع ثمنها كل من تجرأ ووقف بوجه طواغيت الشيوعية.
خلال اللقاء مع «الأنباء» اكد خوجا احمد ان الشيشان وقع ضحية مؤامرة من اطراف متعددة دفعت فيها بلاده ثمنا باهظا وكانت كبش فداء ومحاولة لتهميش دور المسلمين وتشويه دورهم فعمدوا للحرب وجعلوها لعبة لم يفطن لها البعض وفطن لها آخرون ارادوا التمصلح والاستفادة وركبوا الموجة مشددا على ان تلك الأحداث جاءت لتأخير دور الشيشان والمسلمين في روسيا عن الساحة.
وقال خوجا احمد «عندما زرت الكويت وجدت أنكم تعرفون وضعنا بشكل جيد، ولكن للأسف حينما عرفنا وضعنا بشكل واضح ضاع منا الكثير من الأرواح والأموال وعاشت بلادنا حروبا مدمرة.
واضاف قائلا «لكن ولله الحمد فقد فهم الرئيس احمد قديروف هذه الحقيقة وعمل لإنقاذ البلد، والآن ابنه الرئيس رمضان يكمل ذلك البناء والإعمار».
وطالب د.عادل الفلاح بضرورة ان يكون للشيشان العمق الكبير مع الدول الاسلامية وان يعرف الجميع في روسيا ان للشيشان ذلك العمق واذا تأثر الشيشان في شيء، فستضرر روسيا بمواقف الدول الاسلامية ـ كما حصل مع الدنمارك إبان أزمة الرسوم المسيئة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
ودعا الفلاح الى توحيد كلمة المسلمين في الشيشان وسائر الجمهوريات الروسية، مؤكدا ان كلمة صاحب السمو الامير الى مؤتمر روسيا والعالم الاسلامي تضمنت تلك المفاهيم، التعايش وان يكون المسلمون في روسيا أداة تواصل بين روسيا والعالم الإسلامي.
تقدير لسمو الأمير
من جهته توجه عم الرئيس الشيشاني خوجا احمد قديروف باسم مسلمي روسيا بالشكر لصاحب السمو الأمير على ما تضمنته كلمته في المؤتمر من معان وهي دليل قاطع على ان سموه يعرف أحوال اخوانه مسلمي روسيا ومهتم بأمورهم.
وتابع قائلا «ومن ناحية الانفتاح داخل المجتمع الروسي، فروسيا لا تعطينا حقوقنا فقط بل تساعدنا عليها، فبوتين جاء بنفسه قبل يوم واحد من افتتاح المسجد الكبير والمجمع الاسلامي في غروزني ليتفقد كل شيء على الطبيعة ويسأل اذا كان أهل الشيشان يريدون أي شيء، وقال بوتين خلال تلك الزيارة: ان شعبا أنجب احمد قديروف يستحق الاحترام».
باب العفو
توجهت بالسؤال للعم خوجا احمد عن اولئك الفتية الذين لايزالون خلف الجبال ويعتقدون في الجهاد ويحملون السلاح وكم عددهم الآن، وهل اغلق باب العفو تجاههم خاصة ان معظمهم كان في سن 12 الى 16 سنة؟ فأجابني قائلا «في البداية اؤكد ان باب العفو من الحكومة الشيشانية والفيدرالية مفتوح لمن خدع من الفئة الضالة، ونحن رجال الدين شكلنا لجنة من رجال الدين ومسؤولي الدولة والعقلاء من المثقفين من الشعب الشيشاني وطفنا القرى والمدن الكبيرة وعقدنا ندوات ولقاءات مع الآباء والأمهات والشباب نحذرهم من انجرار ابنائهم وراء تلك الفئات الضالة».
واردف قائلا «فرجال الدين يتحدثون عن موقف الشرع من القتل والتدمير وان المخربين ليسوا فقط مخالفين لقانون البلد وانما للقانون الإسلامي والانساني، فمن ينتحر ويقتل المسلمين هل يتساوى مع من يبني ويعمر الارض؟!
وتابع «وعمر هؤلاء الشباب بين 15 و17 سنة وربما اقل وهي مرحلة انتقالية ينخدعون فيها بسهولة ويعتقدون انهم يستطيعون تغيير العالم، والحكومة تبذل قصارى جهدها لتشغيل الشباب وإنهاء البطالة لقطع الطريق على تلك الأفكار الهدامة».
واكد في ختام حديثه ان الشيشان اليوم تعيش أجواء الحرية الدينية والديموقراطية، فالمساجد أصبحت في كل مكان والناس يعبدون الله آناء الليل واطراف النهار في جو لم تعشه الشيشان منذ قرون.
تقوم بالتدريس بمفردها في أول معهد لتحفيظ القرآن للفتيات في الشيشان
«مدينة» الشيشانية خريجة كلية البترول .. نذرت نفسها لتحفيظ القرآن لـ 118 فتاة وتعليمهن المنهج الإسلامي واللغة العربية
- تشتري الكتب والأدوات الدراسية على نفقتها وتفتخر بأنها تمتلك مصحفاً يعود لعام 1309 هجرية
البداية كانت من الحرب حيث هجر العديد من الشيشانيين بيوتهم وقراهم فكلما اقتربت الحرب من قرية كان على أهلها هجرتها الى قرية اخرى واستمر الحال على تلك الصورة الى ان اذن الله بالهدوء ليرجع كل الى داره بعد ان مات من مات وأصيب من أصيب ولايزال يعالج الى يومنا هذا.
بنت اسمها مدينة، نذرت نفسها لخدمة وطنها ودينها ولم تتزوج الى الآن، تعيش في قرية شيري يورت واسمها مدينة يوسبوا مواليد 1978 خريجة كلية البترول تخصص اقتصاد وادارة اعمال بترولية وغازية اضافة الى حصولها على معهد التمريض تخصص صيدلة عام لمداواة جرحى الحرب.
ومدينة هي اول فتاة شيشانية تفتح معهدا دينيا مجانيا للبنات في الشيشان أسسته عام 1999 وسجلته رسميا ومنذ ذلك الحين والى الآن تقوم بالتدريس مجانا لـ 118 فتاة دون راتب لوجه الله.
وتحكي مدينة حكايتها بالقول «حين بدأت الحرب الشيشانية الثانية عام 1999 استضافت عائلتي 11 عائلة مهاجرة من الحرب من مناطق مختلفة كان من بين تلك العائلات 23 طفلا، بدأت ادرس لهؤلاء الأولاد واجمع أولاد الجيران في منزلنا في قرية شيري يورت وهي بعيدة عن العاصمة 35 كم الى الجنوب».
وتابعت قائلة «يدرس بالمعهد حاليا 118 طفلة من سن 6 سنوات الى 25 سنة، يدرسون منهجا كاملا للتعليم الديني منه مادة أسس الإسلام واللغة العربية وحفظ القرآن وتاريخ الشيشان والثقافة والتقاليد والآداب الشيشانية واصول الدين».
ومدينة هي المدرسة الوحيدة في المعهد وتقوم بالتدريس بمفردها لـ 118 بنتا مؤكدة ان «هذه المدرسة ليس لها مثيل في الشيشان كلها وانا اقوم على تدريسهم دون أي مقابل واطلب المقابل من الله، فأنا خريجة كلية البترول ومعهد الممرضات وكنت اعمل بالحكومة وتركت العمل وتفرغت لهذا العمل لله دون أي مقابل.
وحتى كتب التدريس تقوم مدينة بشرائها من مالها الخاص، وتوزيعها على الطالبات دون أي مقابل، وهي ليست غنية او سيدة اعمال ولكن ربنا يسترها معها ومع اسرتها حيث تقوم ببعض الأعمال الحرفية التي تبيعها وتنفق منها على هؤلاء الفتيات.
وأمنية مدينة ان تعيد تأسيس معهدها الديني الذي احترق قبل سنة بسبب اشتعال الغاز ولم يبق منه الا صفحة من القرآن الكريم وهي بداية سورة «المؤمنون» كما انها تريد توسعة البيت الذي تدرس فيه والمكون من 3 غرف فقط وساحة أمامه ليصبح مكانا يستوعب كل هؤلاء الفتيات خاصة في فصل الشتاء حيث البرودة القارسة.
وعما اذا كان هناك أي تمويل لمعهدها من الدولة قالت مدينة «انا ادرس وحدي ولا يوجد تمويل من الدولة، الدولة منحتني رخصة فقط، ونحن في بلد علماني، الدين منفصل فيه عن السلطة وليس هناك دفع أموال لتلك المعاهد الدينية، وليس لدي اموال لأدفعها للمدرسات اللاتي درسن في الخارج ويعرفون العربية ويحفظون القرآن.
وطلبت مدينة التي تفتخر بأنها تمتلك نسخة قديمة من القران الكريم يعود تاريخها الى 1309 هجرية مساعدة أهل الخير من الكويتيين «وانا اعرف انهم ولله الحمد أهل خير ان يساعدونا في بناء معهد ديني للفتيات وهذه أمنية لوجه الله تعالى فأنا عملي لله وليس لأي منفعة خاصة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم «انما الأعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى» وانا كرست حياتي لهذا العمل الخيري الذي اشعر فيه بقمة السعادة ان اخدم بلدي وديني.
واكدت انه مع توسعة المبنى سيكون هناك تدفق اكبر من الفتيات وسيكون بإمكاننا افتتاح فصول مختلفة لتعليم الفتيات لأن المعهد ليس فقط للدين وانما للغة العربية والثقافة والتاريخ.
كما تمنت ان يكون لها تواصل مع اخواتنا المسلمات في العالم الاسلامي الناشطات على الساحة الدينية كما تريد دراسة الشريعة في أي جامعة من الجامعات في الدول الاسلامية خاصة الكويت التي تتميز بمنهجها الوسطي وأعود وأكمل ما بدأت من هذا العمل الخيري لعل الله ينفع بنا اخواننا المسلمين.