- مؤتمر «السابقون الأولون» أفضل المؤتمـرات التي عقـدت للتأليف والتقارب بين المسلمين وأدى دوراً كبيراً في نبذ الطائفية مقارنة بفترة انعقاده الوجيزة
- كيف نطبق وصية النبي صلى الله عليه وسلم في أهل بيته ونحن لا نعرفهم؟
- ضبط أنساب أهــل البيــت من الدين لتعلق أحكام شرعية خاصة بهم وهو مشروع ضخم لا يمكن للجهات الأهلية الإشراف عليه
- مبرة «الآل والأصحاب» أول مبرة في العـالم الإسلامي نشأت لهـذا الغرض وتحسب للكويت وأهلها لخدمة قضـايا العـالــم الإسـلامي
- القنوات الإسلامية تحتاج إلى تطوير لجذب انتبــاه المشـاهد وأن تخاطب أكبر شريحة من المسلمين ولا تكون مقصورة على أهل التدين
ضاري المطيري
طالب عضو مجلس الشورى السعودي والأستاذ المشارك في جامعة أمة القرى الشريف د.حاتم بن عارف العوني هيئات الإفتاء بالعالم الإسلامي بعدم احتكار الحلول الإسلامية والتي تصدر من علماء معتبرين، كما طالب بمراجعة الكثير من الآراء المبنية دون دراسة على «سد الذرائع»، مشيرا إلى أنه لا يجوز لولي الأمر أو الهيئات الرسمية إلزام المسلمين برأي شرعي واحد إلا إذا كانت المصلحة تقتضي ذلك أو كان غيره من الاجتهادات غير المعتبرة، وأكد أيضا على ضرورة تأييد التطوير في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الموجودة في المملكة العربية السعودية، مؤكدا في الوقت نفسه على الدور الإيجابي الكبير والفاعل الذي تقوم به هذه الهيئات في خدمة المجتمع المسلم. وحول دور الإعلام أوضح العوني أن القنوات الإسلامية تحتاج إلى مواكبة للتطورات للقيام بدورها في التوعية والتثقيف والتسلية المنضبطة، وأن تحرص على جذب انتباه المشاهدين، وألا تكون مقصورة على فئة معينة من المشاهدين وهم من يوصفون بالالتزام والتدين، بل يجب أن يكون خطابها للجميع حتى تصل إلى أكبر شريحة ممكنة من المسلمين، لافتا إلى أن التمثيل الهادف الذي يظهر الشخصيات الإسلامية والمواقف التاريخية أصبح ضرورة ملحة في زمننا الحاضر، ويجب أن تتخذ فيه خطوات سريعة وقوية في اتجاهه، خاصة أننا تأخرنا فترة طويلة جدا فيه. وأوضح العوني أن مشروع ضبط أنساب ذرية أهل البيت مشروع ضخم لا يمكن للجهات الأهلية الإشراف عليه دون الجهات الحكومية، مبينا أن ضبط أنساب أهل البيت من الإسلام لأن لهم أحكاما شرعية خاصة تتعلق بهم كحرمة أخذهم من الزكاة، كما تساءل كيف يمكن لنا ان نطبق وصية النبي صلى الله عليه وسلم في أهل بيته ونحن لا نعرفهم؟
كونك عضوا في مجلس الشورى السعودي، حدثنا عن دوره وأبرز مهامه المناطة به؟
مجلس الشورى مثل عموم البرلمانات الموجودة في العالم، حيث يشرف على العمل التنظيمي والتشريعي، كما أن له دورا رقابيا على جميع المؤسسات، ولمجلس الشورى لجان متعددة، وقد كنت سابقا عضوا في اللجنة التعليمية لمدة أربع سنوات، وأما الدورة الحالية فقد اخترت اللجنة الثقافية والإعلامية، وهي المسؤولة عن قضايا الثقافة، وبالذات ما يتعلق بالشباب وما يتعلق بوزارة الإعلام والأنشطة الإعلامية المختلفة.
تغيير المناهج
بما أنك كنت عضوا في اللجنة التعليمية، فهل ترى من داع لتخوف البعض من الدعاوى المطالبة بتطوير المناهج التعليمية؟
التخوف موجود لدى الجميع، لأننا نعرف بالفعل الضغوط الموجودة على الدول الإسلامية، كما أن محاولة التدخل في الشؤون الداخلية للدول الإسلامية والعربية صار أمرا معلنا وليس خفيا، وفي ظني أن أغلب الدول الإسلامية والعربية حريصة على التطوير، وحريصة على بيان الصورة الصحيحة لقضايا الإسلام التي تطمئن الآخرين أنه ليس لدينا نحن أتباع دين الإسلام نية اعتداء ولا بغي ولا ظلم، فإن كان هذا هو أحد مقاصد تطوير المناهج، فهذا مطلب محمود، لأنه حقيقة موجودة في دين الإسلام، ونحن حريصون على إبرازه في مناهجنا التعليمية إن شاء الله.
مواكبة التطور الإعلامي
ما رأيك في دور الإعلام في العالم العربي والإسلامي، خاصة القنوات الإسلامية منها؟
هذه مسألة كبرى، ومن باب المقارنة بين دور التعليم والإعلام، فالتعليم قام بدور كبير في توعية المجتمع وتثقيفه رغم قصور بعض آلياته، بينما الإعلام الهادف (وهو تعبير أدق من عبارة الإعلام الإسلامي) فإنه قليل جدا في العالم الإسلامي، فنحن نشاهد أن غالب القنوات التي تبث باللغة العربية ومن دول إسلامية تنحى منحى التسلية المحضة دون التفكير في المحتوى وأثره على التفكير وعلى الثقافة أو أثره على الانتماء الديني والوطني، وأما ما يسمى بالقنوات الإسلامية فإنها تحتاج إلى تطوير، وإلى محاولة مواكبة القنوات الأخرى في جلب انتباه المشاهدين، وألا يكون جمهورها محصورا على فئة معينة من المشاهدين وهم من يوصفون بالالتزام والتدين، مع تحفظي على هذا الوصف والتقسيم الجائر للمجتمعات على أساسه، بل يجب أن تخاطب جميع المسلمين، حتى تصل إلى أكبر شريحة ممكنة من أبناء الأمة الإسلامية.
التمثيل والإنشاد
في ظل تطور وسائل الإعلام وآلياته ما رأيك في دخول الإنشاد وبقوة إلى الإعلام الإسلامي، وكذلك التمثيل وإن كان أقل من الأول؟
الإنشاد نعتبر أننا منتهون من مشروعيته إذا ضبط بالضوابط الشرعية المعروفة، وهو جائز لا إشكال فيه، وهو يؤدي دورا دعويا وتوعويا وثقافيا وتعليميا، بالإضافة إلى دوره في التسلية المباحة أيضا. لكن التمثيل قضية أثقل، فأنا أعتبر خوض غماره ضرورة، وأرى أننا قد تأخرنا فترة طويلة جدا في اتخاذ خطوات سريعة وقوية تجاه التمثيل الهادف، التمثيل الذي يظهر شخصيات إسلامية ومواقف تاريخية يعزز القيم التاريخية والحضارية في أبناء الأمة، فنحن نشاهد أثر مسلسل أو فيلم واحد في المجتمع المسلم، ونرى كيف يؤثر في أغلب أبناء الأمة كلها. ولو تأملنا في واقع فيلم «آلام المسيح» الذي أنتجه الغرب، فهذا الفيلم ورغم أنه يتحدث عن قضية، وبكل صراحة، لا يقبلها العقل، وهي قضية الخلاص، والتي تحكي أن الله عز وجل أنزل ابنه الوحيد من أجل أن يقتل ليخلص البشرية من خطيئة آدم، ورغم أنها فكرة غير مقبولة فقد استطاعوا أن يخدموها أقوى خدمة قدمت لها حتى اليوم من خلال هذا الفيلم، وهي خدمة تفوق مواعظ الوعاظ وتبشير (تنصير) المبشرين والتلاوات الكنسية عندهم على مدى ألفي عام، والجميع يدرك جيدا الآثار الواضحة والكبيرة التي أحدثها هذا الفيلم، ومن بين ذلك أن بعضا من المؤسسات الدينية اليهودية استنكرت هذا الفيلم الذي يظهر العداء اليهودي للمسيح عليه السلام، فهذا المثال يبرز حقيقة أهمية استثمار الأفلام والمسلسلات في قضايانا الإسلامية، لأنه إذا استطاع فيلم «آلام المسيح» أن يخدم فكرة باطلة وغير مقبولة عقلا، فكيف ستكون قدرته في خدمة الحق الذي يقبله كل عقل؟
الشخصيات المعظمة
برأيك لماذا ترى أننا في الإعلام الإسلامي أو الهادف تأخرنا في أداة التمثيل رغم وجود فتاوى تجيزه؟
التمثيل لا إشكال في جوازه عندي، وإنما الخلاف حقيقة كان في مسألة تمثيل الشخصيات المقدسة، مثل الأنبياء والرسل وكبار الصحابة كالخلفاء الراشدين، فعامة المجامع الفقهية أصدرت قرارات وفتاوى بتحريم تمثيل الأنبياء، وقد شاهدنا في السنوات الأخيرة مسلسلات تنتج من بعض الدول الإسلامية يمثل فيها البعض دور الأنبياء مثل يوسف عليه السلام، ويحيى وزكريا، والمسيح عليهم السلام، وإن كان في الأفلام السابقة يوضع على وجه النبي هالة من النور حتى لا تظهر معالم وجهه، ولكن في المسلسل الأخير ظهرت أوجه الأنبياء كيوسف ويعقوب عليهما السلام.
إعادة نظر
وأين الخطأ لو ظهرت صور هذه الشخصيات العظيمة، وما السبب في منع ذلك؟
المسألة فيها خلاف فقهي، وكل المجامع الفقهية (حسب علمي) أصدرت قرارات بالتحريم، ولهم أسبابهم ومبرراتهم وأدلتهم العديدة، لكن الأمر عندي مازال محتاجا إلى إعادة نظر، وأنه من الممكن أن تكون هناك صياغة معينة للحكم الشرعي تحقق المقاصد المرجوة والمصالح العظيمة من التمثيل، وفي الوقت نفسه تحفظ المكانة المقدسة والعظيمة للأنبياء والرسل عليهم السلام وللشخصيات المعظمة لدى المسلمين.
سنصدع بالحق
لك مقالة أخذت صدى واسعا وكانت بعنوان «سنصدع بالحق»، فحدثنا عن حيثيات المقال وعن مطالبك التي ذكرت فيها حول دور هيئة الإفتاء بالمملكة العربية السعودية؟
المقالة ليست محصورة في منفعتها المرجوة منها عندي في دار إفتاء بعينها، بل أرجو أن تعم منفعتها التي أرجوها جميع دور الإفتاء في العالم الإسلامي، فدار الإفتاء في السعودية مثلا أعضاؤها علماء فضلاء يمثلون مرجعية دينية حقيقية لكثير من المسلمين داخل السعودية وخارجها، ولهم فضل كبير في هداية الناس وفي نشر العلم الشرعي، ولكن هذا لا يعني أنهم (هم وغيرهم) مستغنون عن التطوير، الذي سيكون من أهم آلياته النقد البناء والصريح. ومن أوجه النقد التي ذكرتها في مقالي المشار إليه: أن هناك خطأ في طريقة التعامل مع الهيئات الرسمية للإفتاء، حيث يتصور كثير من الدعاة وطلبة العلم وبعض المشايخ بل وبعض هذه المؤسسات الرسمية للإفتاء نفسها، أنها هي وحدها المخولة بإيجاد حلول إسلامية لمشكلات المسلمين، بل لقد تجاوز الأمر ذلك إلى حد مصادرة الفتوى المعتبرة، حتى الفتاوى الخاصة بالأمور الشخصية، ولذلك فلو خرج لنا حل إسلامي لا ترتضيه بعض تلك الدور الرسمية للإفتاء فإنها مباشرة تحاول أن تهاجمه لمجرد أنها لم ترتضه، دون أن يكون هذا الهجوم في أحيان عديدة مبنيا على منهج صحيح يبين ما الذي يجب إلغاؤه من الاجتهادات لكونه غير معتبر شرعا وما الذي لا يجوز إلغاؤه منها لكونه معتبرا شرعا، فإنه قد يكون الرأي صدر من خارج الهيئة الرسمية للافتاء لكنه في الوقت نفسه يكون رأيا معتبرا شرعا فينبغي حينها أن يحترم وأن تكون له مكانته، ومن حق الجهة الرسمية أن تصف هذا الرأي بأنه قول مرجوح، لكن لا يجوز لها أن تتعامل معه وكأنه قول باطل. وهذا كخلاف الأئمة الأربعة مثلا، فنحن نتعامل مع أقوالهم واختلافاتهم على أن عامتها أقوال معتبرة، ويحق لأي مسلم أن يتدين بأي قول من هذه الأقوال، فلذلك يجب أن يتم التعامل مع الآراء الفقهية المعاصرة والمتعلقة بالقضايا المعاصرة والحلول الإسلامية للمشكلات التي تواجه المسلمين بنفس الطريقة، فلا ينبغي حصر الحل الإسلامي بالمؤسسات الرسمية، كما أن هذا لا يعني أيضا أن تخرج علينا الفتاوى الفردية في القضايا الكبرى للمسلمين لتسبب الفوضى والفتن، ولا يعني كذلك أن يتصدر للإفتاء (أو أن يصدر الإعلام) من ليس أهلا له.
لا إلزام بالفتاوى
لكن من المعلوم أن في الخلاف الفقهي المعتبر لولي الأمر الفصل فيه وإلزام الناس برأي واحد، والهيئات الرسمية تنوب عن ولي الأمر في هذا الشأن، فما تعليقك؟
حتى ولي الأمر بإجماع المسلمين لا يحق له إلزام الناس باجتهاد واحد من اجتهادات الاختلاف المعتبر، إلا في حال كان الإلزام تقتضيه المصلحة العامة، وليس له الإلزام مطلقا، فلذلك وعلى مر التاريخ الإسلامي الطويل، ومنذ زمن الخلفاء الراشدين الذين كانوا أئمة وعلماء، لم ينقل عنهم أن ألزموا الناس بآرائهم الفقهية، ولا ألزموهم بآراء جماعة مخصوصة من العلماء والفقهاء، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يجمع أهل بدر ويستفتيهم ويسألهم في قضايا كثيرة، مع ذلك كان يسمح بأن يكون لابن مسعود رضي الله عنه فتاواه، ولزيد بن ثابت رضي الله عنه فتاواه، ولأبي الدرداء رضي الله عنه فتاواه، ولم يمر على التاريخ الإسلامي أن ألزم العلماء بقول واحد، وعلى هذا إجماع من أهل العلم، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله، في كون أنه ليس للحاكم أن يلزم الناس بقوله أو برأيه، إلا إذا كان هذا الإلزام مما تقتضيه المصلحة، فمن جهة المصلحة فقط يمكن الإلزام، ولكن لا يكون الإلزام لمجرد أن هذا الاجتهاد أو ذاك صادر من مؤسسة الدولة الرسمية، فيتصور أنه ينبغي عليه أن يأخذ قولها ويترك ما سواه من الاجتهادات المعتبرة (دون غير المعتبرة). فقد عرض أبو جعفر المنصور على الإمام مالك، رحمه الله، أن يجعل من مذهبه مذهبا عاما للدولة، فرفض الإمام مالك، متعللا بهذا السبب، وقال إن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اختلفوا ولم يلزم أحدهم الآخر بقوله، فلا يجوز أبدا إلغاء الأقوال الأخرى السائغة. أضف إلى ذلك أني كنت أجد في بعض الهيئات الرسمية شيئا من المبالغة في بعض المسائل، مثل قضية «سد الذرائع»، فهناك مبالغة رغم أن هذا الأصل صحيح ومعتبر وينبغي أن يسار عليه، لكن أن يصبح عقبة أمام كل تطور بحجة «سد الذرائع» دون انضباط، فهذا خطأ وليس بصحيح، ويجب مراجعة الكثير من الآراء المبنية على «سد الذرائع» دون دراسة موفقة.
بائعات الملابس النسائية
هل هناك مثال يوضح لنا ما تعنيه، من حيث أن هيئة الإفتاء قد تصادر بعض الحلول التي لا ترتضيها؟
الأمثلة كثيرة والقائمة طويلة عريضة، أضرب مثالا على ذلك، وهي قضية طرحت عندنا في السعودية في فترة سابقة حول المحلات النسائية التي تبيع الملابس النسائية الخاصة، حيث طرحت فكرة أن تكون البائعات في هذه المحلات من فئة النساء رفضا مطلقا أو رفضا مقيدا بقيود غير لازمة وتجعله غير صالح للتطبيق، لكن مع الأسف رفض هذا المشروع رغم أنه هو المفترض أن يكون بضوابط يمكن وضعها، وكلنا يعلم أنه ليس من اللائق أبدا أن يكون من يبيع الأغراض الخاصة النسائية رجلا وليس امرأة. فما المانع من أن يبيع النساء في محل مغلق لا يدخله إلا النساء، ولا يظهر الداخلون فيه لمن كان خارج المحل. لقد كان هذا حلا ممتازا جدا، لكنه عطل بالكلية، بحجة أنه سيكون ذريعة للتبرج والاختلاط في الأسواق، والواقع الآن أنه بدأت الآن في السعودية محلات يبيع فيها النساء وبطريقة مكشوفة، كما في بقية العالم الإسلامي وغيره، وهذا الذي بدأ في الحصول لم يتم بالطريقة التي كنا نرجوها المنضبطة بالضوابط الشرعية. وهذا ما كنا نخشاه: أن يتجاوزنا الواقع دون وضع الضوابط، مما يجعل السيل الجارف يتجاوز الحل الإسلامي إلى أمر ليست له ضوابط تجعله شرعيا، أو تجعله قريبا من الشرعي إذا عجزنا عن الحل الشرعي الكامل.
لست ضد الهيئات الشرعية
هل يفهم من حديثك أنك ضد هيئة الإفتاء وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟
لا، لا، وحاشا لله، فلست ضد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا كما فهم ايضا من مقالي السابق اني ضد هيئة كبار العلماء، حاشا لله، وليس هذا هو المقصود، وليس في كلامي ولا في مقالي ما يدل على ذلك ولا ما يوهم أني قصدت ذلك. فأنا أولا لم أتعرض لهيئة الأمر بالمعروف بنقد أصلا، وإن كانت محتاجة إلى النقد البناء كغيرها، وهي جهاز حكومي كبقية الأجهزة الحكومية، والذين يقومون بواجبهم في هذا الجهاز كغيرهم قد يصيبون وقد يخطئون، وهم يحتاجون إلى تطوير، وكل الذي نرجوه أن يكون التطوير بقدر ما تحتاجه المرحلة، فلا يكون هناك تأخر كثير، فكل مرحلة تحتاج إلى قدر من التطور، فلا يصح أن نتوجس خيفة من أي تطور لمجرد أنه خلاف ما اعتدناه. ومع الأسف هناك قاعدة شائعة في العالم العربي أن الإنسان إذا تولى منصبا أو تولى قيادة مؤسسة رسمية فإن قاعدته الأولى وشعاره المحبب إليه يكون هو: دع ما كان على ما كان ليسلم لك المكان وأنه من الخير له أن يسير في قيادته لتلك الجهة كما كان السير عليه في السابق، فإن هذا أسلم له. إذ لا يخفى أن الإبداع دائما معرض للخطأ والهفوات، والخطأ سبب النقد واللوم، مع أنه لو سار في قيادته سيرة من كان قبله، فلن يتعرض لوجع الرأس من نقد الناقدين ونقمة من لا يريدون التغيير، فيختار في كثير من الأحيان راحة البال، لتستمر تلك الإدارة مع توالي المديرين والرؤساء على ما كانت عليه 50 سنة، إلى أن يأتيها رئيس لا يبالي بالنقد، ويكون شجاعا في مخالفة المألوف المرفوض. فتلك العقبة وللأسف الشديد هي وجهة نظر بعض المسؤولين في البلاد العربية، فهم يخافون من التغيير لأن التغيير فيه عرضة للخطأ. ولهذا ينبغي أن نربي المجتمع أولا على التسامح مع الخطأ الذي وقع بغرض التطوير والمبني على اجتهاد معقول، لأن الخطأ فعلا هو الذي يحقق الإبداع. ومادام المخطئ قد قام بالدراسة المطلوبة ولم يكن هناك تهور في اتخاذ القرار فإذا وقع خطأ فيمكن أن يسدد هذا الخطأ، وهو خير من أن نبقى على الخطأ القديم وعلى الجمود القديم، فخطأ جديد يوقظ الأذهان ويحرك الدوافع للتصحيح خير من خطأ قديم تنام على رتابته الهمم والأذهان، فينبغي علينا أن نشيع هذا الأمر بيننا وبين الناس، ونوضح لهم أنه ليس كل خطأ مذموما، الخطأ المذموم هو الذي يكون من غير دراسة تدعو إليه، لكن إذا بذل الجهد ثم أخطأ فلا شيء عليه، وهذا يشمل حتى أحكام الدين، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول «إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم ثم أخطأ فله أجر»، فهو على أقل تقدير له أجر واحد على اجتهاده.
الأشراف
بما أن نسبكم الشريف يعود إلى آل البيت، فما رأيكم في المؤسسات التي تشرف على توثيق نسب الأشراف وتعتني بضبط الأنساب؟
هذا الموضوع يحتاج إلى خدمة، لأن ضبط الأنساب وأنساب أهل البيت خاصة أمر من الدين، فهو متعلق بأحكام شرعية مثل حرمة الزكاة، فلا تجوز الزكاة لأهل البيت، فلابد إذن من ضبط الأنساب، خاصة أنساب أهل البيت الذين لهم أحكام شرعية خاصة، كالوصاية بهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم أوصى بهم، وقال «اذكركم الله في أهل بيتي»، فكيف نطبق هذه الوصية إذا كنا لا نعرف أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم؟ وهذا الأمر ينبغي أن تقوم به جهات حكومية لأنه مشروع ضخم، وما تقوم به الجهات الأهلية إن صح التعبير هي جهود مباركة، لكنها محدودة، وليست هي الجهود المطلوبة والكافية، فالأمر يجتاج إلى جهد أكثر.
لكن البعض يرى أن كثيرا من هذه المؤسسات الأهلية انحرفت بسبب الرشاوى وافتقدت المصداقية، فما رأيك؟
لا شك في انه ليس كل المؤسسات على مستوى كاف من المصداقية ومن مراعاة الأمانة، بعضهم استغل هذه القضية لكسب المال وكسب الجاه وللمصالح الدنيوية، وربما لأغراض سياسية أيضا. ولكن هذه السلبيات لا تشمل كل الجهات العاملة. وفي السعودية هناك توجه إلى حفظ هذا الأمر، وعناية كبيرة بهذه القضية، فقد أنشئت لجنة رسمية لمتابعة هذا الأمر، فلا يحق لأحد أن ينتسب لآل البيت حتى يعرض على هذه اللجنة، والذين هم من علماء آل البيت المعروفين بعلمهم بالأنساب وبدقتهم وأمانتهم.
مؤتمر السابقون الأولون
على ضوء مشاركتك في مؤتمر «السابقون الأولون ومكانتهم لدى المسلمين»، حدثنا عن انطباعك عن مستوى ونجاح المؤتمر.
لابد أن نشكر حاكم هذه البلاد على رعايته المباركة لهذا المؤتمر، وأيضا وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية التي رعت مثل هذه المؤتمرات الداعية للوحدة والألفة بين المسلمين، والمؤتمر برأيي هو من أفضل المؤتمرات التي عقدت في هذا المجال وهذا الموضوع، فغرضه الأساسي هو محاولة للتأليف بين المسلمين والتقريب فيما بينهم، وأن تكون هناك أسس تدعو إلى ترك الطائفية والنزاعات التي تقع بين المسلمين بسبب خلافات قديمة تاريخية، وأرى أنه أدى دورا كبيرا جدا مقارنة بقصر الفترة التي عقد فيها، كما لا يسعني مع نهاية المؤتمر إلا أن أخص بالشكر مبرة الآل والأصحاب التي يرأسها الأخ الكريم د.عبدالمحسن الخرافي، وهي مبرة رائدة، بل هي أول مبرة في العالم الإسلامي أنشئت لهذا الغرض السامي، وهذا مما يحسب للكويت وأهلها، وليست هذه هي القضية الأولى والوحيدة التي تسبق إليها الكويت لخدمة القضايا الإسلامية، بل هذه هي إحدى القضايا التي كانت الكويت فيها حكومة وشعبا رائدين فيها.
حاتم العوني في سطور
-
حاتم بن عارف بن ناصر الشريف، من آل عون، العبادلة الأشراف الحسنيين، أي من ذرية الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
-
مولده: عمره 46 عاما حيث ولد في مدينة الطائف سنة 1385 هـ.
-
حالته الاجتماعية: متزوج وله من الأولاد خمسة، أربعة من البنات وذكر واحد واسمه محمد.
-
المؤهل العلمي: دكتوراه في الشريعة الإسلامية من جامعة أم القرى بمكة المكرمة.
-
الوظائف والأعمال: عضو مجلس الشورى منذ 3/3/1426ﻫ، وحتى الآن، أستاذ مشارك في كلية الدعوة وأصول الدين بجامعة أم القرى، والمشرف العام على اللجنة العالمية لنصرة خاتم الأنبياء ﷺ، وعضو في بعض المراكز العلمية داخل المملكة، وله مشاركات واسعة في المؤتمرات والندوات والدورات العلمية والدعوية داخل المملكة وخارجها، والعديد من المشاركات في وسائل الإعلام من الصحف والإذاعة والتلفزيون السعودي وغيره من الفضائيات المختلفة.
-
تتلمذ على كثير من المشايخ أثناء مراحله التعليمية كالجامعة والدراسات العليا من الماجستير والدكتوراه، وممن انتفع منهم كثيرا الشيخ الألباني من خلال الاستماع إلى أشرطته، حيث استمع إلى مئات الأشرطة، وكذلك من شيوخه العلامة عبدالله بن غديان.
-
أما عن الإجازات التي حصل عليها من المشايخ وهم عدد طيب، يزيدون على الثلاثين شيخا، فمنهم الشيخ عبد الفتاح راوة، والشيخ عبد القادر سلامة الله البخاري، وفي بلاد المغرب الشيخ محمد بن عبدالهادي المنوني، ومنهم في جامبيا بأفريقيا الشيخ عبدالوهاب بن محمد بن عمر دكلي، وهو عضو مؤسس في رابطة العالم الإسلامي، ومن بلاد اليمن مفتي اليمن السابق محمد بن أحمد زبارة، والشيخ العمراني، وغيرهم كثير من الهند والشام وغيرها من البلاد الإسلامية.
-
أما عن تحقيقاته ومؤلفاته ورسائله فعديدة، تفوق الأربعين كتابا وبحثا مطبوعا ومنشورا: فأولا التحقيقات: له «جزء وفيات جماعة من المحدثين» لأبي إسحاق الحاجي الأصفهاني، و«ومشيخة أبي عبدالله الرازي»، و«أحاديث الشيوخ الثقات» لأبي بكر محمد العبد الباقي الأنصاري، وهو رسالته للدكتوراه، وغيرها.
-
أما المؤلفات فمنها «المنهج المقترح لفهم المصطلح»، و«المرسل الخفي وعلاقته بالتدليس، دراسة نظرية وتطبيقية على مرويات الحسن البصري» وهو رسالته للماجستير، و«نصائح منهجية لطالب علم السنة النبوية»، و«العنوان الصحيح للكتاب»، و«ذيل لسان الميزان»، و«خلاصة التأصيل لعلم الجرح والتعديل»، و«إجماع المحدثين»، و«اختلاف المفتين» وغيرها من المؤلفات.