دارين العلي
أكد رئيس المجلس الإسلامي الاعلى العراقي السيد عمار الحكيم ان الثقة المتبادلة بين الكويت والعراق هي الكفيلة بمعالجة كل الملفات العالقة بين البلدين، مشيرا الى أنه كلما تعززت هذه الثقة صغرت الإشكاليات، ومشددا على عدم صحة تأجيل أي من هذه الملفات التي يجب أن تعالج من خلال المناقشة في أجواء من الثقة للوصول إلى حلول مقنعة للطرفين، جاء ذلك خلال اللقاء الذي أجراه الحكيم أمس الأول مع وسائل الاعلام في جمعية الصحافيين بهدف تبادل الآراء حول «الهموم العامة التي يشهدها العراق والمنطقة وكذلك العلاقات الثنائية بين الكويت والعراق».
وقال الحكيم ان زيارته للكويت تأتي تعبيرا عن تقديره لسمو الأمير الشيخ صباح الأحمد ولأبناء الشعب الكويتي لمواساتهم ومواقفهم النبيلة عند وفاة السيد الحكيم، كما اعتبرها فرصة مهمة للتداول في الشؤون العامة التي تمر بها العراق والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين والتي يجب أن تصان وتعزز، خصوصا أن القيادة السياسية والشعب الكويتي لديه تفهم كبير للواقع السياسي الجديد في العراق، كما أن الكويت دائما مساندة للعراق والشعب العراقي منذ مطلع التسعينات وحتى سقوط النظام الصدامي، وتبادر دائما الى دعم العملية السياسية الجارية في العراق.
وتحدث الحكيم عن المشهد السياسي العراقي الذي يشهد تطورا متزايدا سواء من حيث الثقة المتبادلة أو القدرة على الحوار بين الجهات المختلفة والتواصل على رؤى مشتركة بين الأطراف العراقية تصبح أفضل من الماضي، ولعل قانون الانتخابات الذي أنجز منذ يومين كان من الإنجازات، مؤكدا أن صرف عدة أشهر للحوار والمداولة للوصول إلى الإجماع لصالح مشروع يوحد العراقيين خير من أن يتم المضي بأسس الديموقراطية والنصف زائد واحد لإنجاز قانون يعطل البلد، مشيرا إلى أن الهدف أن يشعر الجميع بالماركة الحقيقية فالعراق لا يحكم من حزب واحد أو طائفة واحدة أو قومية واحدة، بل من جميع ابنائه في ظل الديموقراطية التوافقية، حيث تبذل الجهود الكبرى للوصول إلى ما يصب بمصلحة العراق وجميع الأطراف، لافتا إلى أن تحديد تاريخ لإجراء الانتخابات في 6 مارس العام المقبل يجعل العراقيين يتحضرون للعملية الانتخابية ودخول حملة انتخابية تعزز المسار الديموقراطي دون أن تؤدي إلى تقاطعات بين العراقيين.
وأشار إلى أن الائتلافات الموجودة في العراق حاليا في مجملها وطنية، إذ تضم من مختلف الأطياف وهذا يعني الخروج من الخنادق الضيقة إلى الخيمة الأوسع وهي الانتماء لهذا الوطن، مشيرا إلى أن الائتلاف الوطني وكتلته النيابية تمثل أحد أكبر القوى المتنافسة في العملية الانتخابية وعن الوضع الأمني العراقي، قال انه يشهد تطورا مهما وإيجابيا بالرغم من بعض الاختراقات، لافتا إلى أن الاستقرار هو الحالة السائدة اليوم والتفجيرات هي الحالة الاستثنائية، آسفا لما حدث بالأمس في العراق من تفجيرات راح ضحيتها العديد من الأبرياء محملا المسؤولية للتكفيريين والبعث الصدامي في هذه الممارسات، لافتا إلى أن ما يحدث اليوم يدفع إلى التساؤل عن أسباب هذه الاختراقات الأمنية، مؤكدا أنه على المؤسسة الأمنية كيف حصلت مثل هذه الاختراقات والثغرات، إذ كيف يمكن أن تدخل مثل هذه السيارات المفخخة إلى الأماكن التي يفترض أنها مجهزة بوسائل لكشف المتفجرات متسائلا عن وجود تواطؤ أو اختراقات أو إشكالية لدى المؤسسة الأمنية، خصوصا أن القادة الأمنيين أكدوا أن لديهم معلومات استخباراتية عن عمليات أمنية ممكنة في بغداد.
وأكد أن الأمن في العراق بيد العراقيين أنفسهم والقوات الأمنية الأجنبية موجودة خارج المدن، وأن التطلع إلى اليوم الذي لا نجد فيه عنصرا عسكريا أجنبيا في العراق.
وعن مدى استقرار الأمن في العراق بالرغم من وجود تفجيرات قال انه يجب أن نقيس الأمور بما كانت عليه وما آلت إليه وتقييم الوضع الأمني في العراق يختلف عنه في الدول الأخرى المستقرة والتي تعيش في ظروف طبيعية، مشيرا إلى أنه وبالمقارنة مع العراق بالأمس نجد أن هناك تطورا ولكن الاختراقات تفرض التساؤل عن خلل في المؤسسة الأمنية، لافتا إلى اجتماع سيحصل الخميس المقبل لمجلس النواب العراقي يحضره رئيس الوزراء والقادة الأمنيين للإضاءة على ذلك والتحاور في أسباب هذه الاختراقات الأمنية، وفي معرض رده على التساؤلات حول الوضع العراقي الأمني فان جميع القوى السياسية منزهة عن التفجيرات الحاصلة التي تدل بكل ظروفها على أنها مشابهة للعمليات الأمنية التي تورط التكفيريين والبعثيين الصداميين مؤكدا عدم وجود قوى سياسية تلطخ أيديها بدم العراقيين من أجل مكاسب سياسية، وعن توقع مدة للوصول إلى عراق آمن قال الحكيم ان جميع المؤشرات البيانية آخذة بالصعود وبشكل سريع على أمل أن نجاح الانتخابات سيؤدي إلى الاستقرار السياسي والثبات والانفتاح الدولي ما من شأنه أن يساهم في السيطرة على الشأن الأمني لافتا إلى أن كل خطوة تتخذ في مجال تعزيز المصالحة في العراق ستخفف من وتيرة العنف معربا عن اعتقاده أن الهجمات التي تحصل في العراق بحاجة إلى إسناد ودعم يفوق الإمكانات المحلية داخل العراق، وأعرب عن اعتقاده أن الحوار البناء هو الكفيل بمعالجة المشاكل في العالم العربي والإسلامي والمنطقة بشكل عام مشيرا إلى طرح نظرية الاحتواء الإقليمي لمعالجة هذه المشاكل عبر فتح القلوب والعقول من أجل تحقيق شراكة حقيقية في جميع الملفات السياسية والاقتصادية والأمنية، وردا على سؤال حول اتخاذ الكويت كمادة انتخابية لبعض الكتل قال الحكيم ان التشدد ليس ظاهرة عراقية أو كويتية بل ظاهرة إنسانية وهو موجود في كل مكان وإذا تم النظر إلى العلاقات الثنائية من هذه الزاوية وسنصطدم بأصوات في العراق أو الكويت ولا يمكن لأي من البلدين النظر لهذه الأصوات وتجاهل الشريحة الواسعة من أصحاب القرار الذين ينظرون إلى المصالح المشتركة التي تجدونها في التواصل الإيجابي والبناء وحسن الجوار وتعزيز الروابط قائلا «فليقل المتشددون ما يريدون ونحن دورنا تنوير الرأي العام لأهمية هذه العلاقة والمصالح المشتركة بين البلدين، وحول تعامل الدول الإقليمية مع إصدار قانون الانتخابات في العراق قال انها حريصة على أمن العراق واستقراره مشيرا إلى أن دول المنطقة تعاملت مع إصدار القانون بكل إيجابية وتمنى أن يكون للعراق فرصة مع مجلس التعاون الخليجي لأنه بلد عربي له حدود خليجية مؤكدا أن من حقه أن يكون ضمن هذه المنظومة، وعن العلاقات مع دول الجوار قال ان العلاقة الإيرانية – العراقية طيبة ويجب أن تكون جيدة بصفتها الجارة الكبرى مشيرا إلى أن المشكلة في عدم تمكن العراق من بناء علاقات جيدة مع أشقائه العرب لذلك فإن من الأولويات في هذه المرحلة العمل على الانفتاح العراقي على العالم العربي لتشجيع العرب على لعب دور بناء في المشهد العراقي وإسنادهم للواقع العراقي مما يسهم في تثبيت الهوية العربية للدولة مشيرا إلى أن الحضور العربي سيسهم في مساعدة العراق على بناء علاقات متوازنة مع جميع جيرانه، وفي هذا السياق قال إن النبرة المستخدمة لدى بعض المسؤولين العراقيين في التحدث عن المملكة العربية السعودية ناتجة عن العتب وليست إلا مسيرا إلى مآخذ بعض المؤسسات العراقية المتخصصة لوجود أشخاص أساءوا للعراق على الأراضي السورية متمنيا أن تشهد العلاقة السورية - العراقية تطورا مع التأكيد على عدم التهاون بالدم العراقي وملاحقة كل مسيء للعراقيين، وعن تراجع حظوظ التيارات الإسلامية قال ان الأمر لا يقتصر على التيارات الإسلامية فقط بل جميع التيارات بسبب تراجع نسب التصويت ولم يحافظ أي طرف على حجم الأصوات التي نالها في الانتخابات الأولى وحول عدم تسمية سفير عراقي للكويت حتى اليوم اوضح أن الأمر يعود لمشكلة فنية مشيرا إلى أن مجلس النواب العراقي قام بتسمية 56 سفيرا وأدخلوا دورة خاصة قبل إرسالهم إلى مختلف الدول وستكون الكويت على رأس قائمة هذه الدول التي سيرسل إليها سفير.