بدأت حسينيات الكويت مساء أول من امس احياء اولى ليالي شهر المحرم ذكرى استشهاد سبط رسول الله الامام الحسين بن علي رضي الله عنهما والذي يوافق العاشر من محرم من كل عام.
واتشحت حسينيات الكويت بالسواد ولفها الحزن والاسى لتلك المأساة التي مني بها سبط الرسول الاكرم وآل بيته الاطهار، واستذكر خطباء الحسينيات تلك الحادثة الاليمة كما تحدثوا عن مناقب سيد شباب اهل الجنة.
وقال وكيل المرجعيات الشيعية السيد محمد باقر المهري: عاش الامام الحسين عليه السلام في زمان انقلبت فيه الموازين وتغيرت المقاييس واصبح المعروف منكرا والمنكر معروفا والحق باطلا والباطل حقا والجور عدلا وانتشر الفساد وساد التحلل والتميع والهزيمة الاخلاقية وفقدت الامة ارادتها وماتت ضمائرها وكأن الانسان المسلم لا يفكر الا بهمومه الخاصة ومصالحه الشخصية واصبح مشدودا الى الدنيا والى الدراهم والدنانير وكادت الجاهلية والارستقراطية تسودان مجتمع الحسين عليه السلام، وتعود النزعة القبلية والعادات الجاهلية التي قضى عليها رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ليصبح مجتمعا بعيدا عن روح الرسالة الاسلامية ولم يبق من الحق الا نفر محدود قالوا كلمة الحق امام سلطان جائر فاستشهدوا وقتلوا في سبيل الله، يقول الامام الحسين عليه السلام «الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما دارت معايشهم فاذا محصوا بالبلاء قل الديانون» ثم يصف الحسين مجتمعه الذي كان يعيش فيه ويقول: «اما بعد فقد نزل بنا من الأمر ما قد ترون وان الدنيا قد تغيرت وتنكرت وأدبر معروفها ولم يسبق فيها الاصابة كصبابة الاناء وخسيس عيش كالمرعى الوبيل ألا ترون الى الحق لا يعمل به والى الباطل لا يتناهى عنه ليرغب المؤمن في لقاء ربه فاني لا ارى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين الا برما».
وتابع بأن الامة في زمن الامام عليه السلام بالذات ابتليت بمرض ضعف الارادة وفقدان الضمير فكانت تعرف الحق واهله وتعرف الباطل واهله ولكنها ضعيفة الارادة خائفة لا تقدر ان تترجم احاسيسها ووعيها الى عمل ومواقف وحينما سئل الحسين عليه السلام والشاعر المعروف الفرزدق عن اهل العراق فاجاب: «قلوبهم معك وسيوفهم عليك» فاستشهد الحسين عليه السلام لاجل ايقاظ ضمير الامة وهز مشاعرها واحاسيسها وتحرك وجدانها وعاد الحسين عليه السلام ارادة الامة الصلبة التي كانت تقف امام جيوش كسرى وقيصر والتي قامت بفتوحات اسلامية عظيمة وانتصرت في معاركها ضد الكفر والالحاد فنهض الامام الحسين لكي يصلح الاوضاع الفاسدة وليعيد دين جده رسول الله صلى الله عليه وسلم وليصون القرآن عن التحريف، والسنة من البدعة ويهز ضمائر المسلمين الميتة وليبعث روحا جديدة في الأمة لكي يرجعوا الى رشدهم وصوابهم ويروي شجرة الاسلام اليابسة بدمه الزكي لتصبح غضة طرية تؤتي اكلها كل حين باذن ربها.
واوضح ان الحسين لم يخرج لطلب الجاه والرئاسة والسلطان ولم يكن بصدد اقامة حكومة اسلامية يتولاها بل خرج لطلب الاصلاح والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، يقول عليه السلام: «اني لم اخرج اشرا ولا بطرا ولا ظالما ولا مفسدا بل لطلب الاصلاح في امة جدي محمد اريد ان امر بالمعروف وانهى عن المنكر واسير بسيرة جدي وابي»، واستشهد الامام واولاده واصحابه في يوم عاشوراء سنة 61 هجرية في ملحمة مأساوية ولم ينسها التاريخ بل سجلها بأحرف من نور مضيئة وسطر اروع ملاحم البطولة والتضحية والفداء والبذل والعطاء على امتداد التاريخ الإلهي العام لتكون هذه الملحمة درسا وعبرة لجميع الاحرار والشرفاء ولجميع الثوار والمجاهدين، وها السؤال يطرح نفسه: هل انتصر الحسين في المعركة أم خسرها؟ نقول لقد انتصر الحسين في هذا الصراع لان مقياس النصر والفتح والغلبة هو تحقيق اهداف التأثر المجاهد وقد تحققت اهدافه عليه السلام وقد سئل الامام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام عن هذه المسألة فأجاب قائلا اسمع المؤذن لتعرف الجواب.
وبين المهري ان الحسين قتل لاجل اقامة الصلاة وايتاء الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واحياء السنة واماتة البدعة ولكي يسمع صوت الآذان في كل صباح ومساء ولكي يصل الينا اسلام نظيف نقي خال من الشوائب والاوهام والخرافات.
يقول الشاعر المسيحي انطوان:
سيكون الدم الزكي لواء
لشعوب تحاول استقلالا
ليت شعري لم البكاء
وذاك اليوم عيد تشرف الاجيالا
لقد انتصر الحسين عليه السلام حيث ان اهدافه تحققت لانه عليه السلام كان يريد الصلاة والزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحج وغيرها من الفرائض الاسلامية وفي زيارة الحسين عليه السلام نقرأ اهدافه التي استشهد لأجلها: اشهد انك قد اديت الصلاة وآتيت الزكاة وامرت بالمعروف ونهيت عن المنكر وجاهدت في الله حق جهاده.
فسلام عليك يا أبا الأحرار ويا رمز التضحية والفداء يوم ولدت ويوم استشهدت في سبيل الله وفي سبيل الاسلام المحمدي الاصيل.