«الناتو» يشهد انعطافة تاريخية في أفغانستان ويسعى لتعميق علاقته مع الشركاء
مقر الناتو ـ بروكسل ـ وليد الصليبي
تصدرت حرب الناتو المتعثرة منذ سنوات في افغانستان وسبل انعاشها محادثات وزراء خارجية الدول الاعضاء في الحلف خلال مؤتمرهم السنوي الذي انعقد ببروكسل في بداية الاسبوع الاول من شهر ديسمبر الجاري من دون تجاهل ضرورة تعميق العلاقة مع شركاء الحلف في العالم.
وقرر الوزراء بث جرعة تفاؤلية في مهمة الحلف عبر الالتزام برفده بتعزيزات عسكرية مقدرة بـ 7 آلاف جندي لتجنب مواجهة مصير مشابه لما واجهه السوفييت هناك. ولم يرفض مسؤول في الحلف تحدث لـ «الأنباء» مقولة ان الاتحاد السوفييتي السابق كان اقدر من حلف الناتو الآن على تجنيد القوات وتحمل الخسائر في صفوفها، لكنه اضطر بالنهاية الى الانسحاب الكامل من أفغانستان عام 1989 بعد 10 سنوات من الاخفاق أمام ما يعرف بالمجاهدين. ولذلك لا يبدو ان التعزيزات العسكرية قادرة وحدها على تحقيق ما يطمح اليه الناتو من نجاح في غياب البوصلة السياسية للحرب، فالوعود بتحقيق نظام ديموقراطي تلاشت مع فضائح عمليات التزوير في الانتخابات الاخيرة التي لم تستطع الدول الغربية ولا الامم المتحدة التكتم عليها، كما ان اعمال العنف المتزايدة باطراد لم تحقق الوعود بالاستقرار والأمن، فيما بدا المتمردون ممسكين بزمام الأمور في البلاد.
لذلك باتت أميركا اكثر ادراكا لحدود القوة اذ تميل الى التخلي عن نهجها الامبراطوري المتمدد في العالم لصالح نهج الدولة ـ الأمة الأكثر التزاما بالقضايا الداخلية من دون تجاهل ممارسة النفوذ في العالم ضمن اطار نظام عالمي متعدد الاقطاب. ويدل على ذلك رغبة الرئيس الاميركي باراك اوباما في تحديد نهاية لنفق الحرب الطويل عبر المهلة التي حددها لبدء سحب القوات الاميركية بموازاة اعطائه الفرصة الاخيرة للحل العسكري بارساله 30 الف جندي اضافي لافغانستان.
ولا يخفي الناتو مأزقه في افغانستان اذ طلب مساعدة روسيا.
وأبدت روسيا عبر وزير خارجيتها سيرغي لا?رو? الذي شارك في اجتماعات المؤتمر الوزاري رغبتها في تقديم مساعدات تنموية لافغانستان، وقال لا?رو? ان روسيا لا تضع «?يتو» على مهمة الناتو بأفغانستان. الا ان الحلف طلب المزيد عبر أمينه العام اندرس فوغ راسموسن خلال اول زيارة له الى روسيا بعد ايام على اختتام اعمال المؤتمر. وابلغ راسموسن الرئيس الروسي ديمتري مد?يدي? خلال لقائهما في موسكو حاجة الناتو لمشاركة روسيا في تأهيل القوات الافغانية تمهيدا لاعدادها لتولي المسؤولية الامنية وحدها عبر مرحلة انتقالية تدريجية، الا ان مد?يدي? استمهل في الرد لما أبداه راسموسن من رفض لمقترحات روسيا بشأن انشاء منظومة أمنية جديدة للمجال «الاورو ـ اطلنتي». غير ان الطرفين اتفقا خلال المؤتمر الوزاري للناتو على اصدار وثيقة نهاية العام المقبل تحدد التحديات المشتركة خلال القرن الـ 21 وفقا لما قاله مسؤول في الحلف لـ «الأنباء».
وبالرغم من كون روسيا الشريك الاستراتيجي للناتو فانه لم يتجاهل خلال المؤتمر علاقته مع بقية الشركاء في العالم.
ولقد اشاد الناتو بالتطور الذي حققته كل من أوكرانيا وجورجيا ودول البلقان في مساراتها لتحقيق الشروط المطلوبة لنيل عضوية الحلف. وبشان دول مبادرة اسطنبول للتعاون والتي تضم الكويت و3 دول خليجية اخرى، اعتبر الأمين العام راسموسن ان امنها هو مصلحة استراتيجية للناتو، وقال ان الناتو ودول مبادرة اسطنبول تواجههما تهديدات مشتركة أبرزها الارهاب وخطر انتشار اسلحة الدمار الشامل.
ومثلت «الأنباء» الكويت في جلسات نقاشية أجراها مسؤولون في الناتو عبروا خلالها عن اهمية مواصلة التعاون مع الدول الاعضاء في كل من مجموعتي مبادرة اسطنبول للتعاون والحوار المتوسطي، وقد حضر تلك الجلسات صحافيون من 11 دولة يمثلون الدول الاعضاء في المجموعتين. وتنفرد «الأنباء» في الكويت بنشر وقائع تلك الجلسات اليوم فضلا عن نشرها تقريرا خاصا بشان أفغانستان غدا.
ولم تخل تلك التغطية من الاستمتاع بالتعرف على بلجيكا التي يقع فيها مقر الناتو، بالرغم من المهلة الزمنية القصيرة التي قضيتها في البلد الاوروبي. فكصحافي لم يتسن له الوقت الكافي للتعرف على تلك البلاد أقول بأمانة انه لم يواجهني اي حدث سلبي خلال 5 ايام من تواجدي هناك. ففي المطار لم تغب الابتسامة عن وجوه الموظفين ما ترك انطباعا جميلا لدي عن شعب بلجيكا، كما ان الشوارع التي زرتها بصحبة الزملاء لم تخل من ذلك الطابع اذ تجد سهولة في التواصل مع البلجيكيين الذين بدا عليهم شغفهم وحبهم للاستمتاع بالحياة بكل بساطة.
الكولونيل ميشال كرسانزي لـ «الأنباء»: ندعو الكويت لتعزيز تعاونها العسكري مع «الناتو»
يركز «الناتو» خارج إطار التزامه بالدفاع عن اراضي الدول الأعضاء في الحلف على التعاون العسكري مع مجموعة من الدول تم تقسيمها على أساس إقليمي وهي، بحسب الكولونيل في الحلف ميشال كرسانزي: روسيا الشريك الاستراتيجي، اوكرانيا وشرق اوروبا التي تشكل 3 حالات خاصة، القوقاز الذي يضم 3 بلدان حيث تم تجميد 3 نزاعات فيه، آسيا الوسطى وهي 5 دول واقعة بين روسيا والصين، البلقان الذي يضم 6 دول نصفها منضمة للحلف والنصف الآخر في طريقه للانضمام، 6 دول في اوروبا الغربية، دول الحوار المتوسطي وهي 6 بلدان عربية واسرائيل، اما دول «مبادرة اسطنبول للتعاون» فهي 4 بينها الكويت، واخيرا بلدان الاتصال أبرزها اليابان وكوريا الجنوبية.
وقال الكولونيل خلال حلقة نقاشية شاركت فيها «الأنباء» ان أجندة الناتو إزاء مجموعتي «الحوار المتوسطي» و«مبادرة اسطنبول للتعاون» هي تحقيق الشراكة والتعاون مع دولهما وفقا لرؤية اقليمية.
واضاف ان علاقة «الناتو» مع المجموعتين تهدف لدعم الأمن والاستقرار في المنطقة عبر أنشطة عسكرية يقدمها الحلف بالإضافة الى الحرب على الإرهاب والمساهمة في عمليات بقيادة الناتو.
وقال الكولونيل موضحا ان عدد الأنشطة العسكرية التي يقدمها الحلف للدول الشريكة يتجاوز الـ 400 نشاط أبرزها اجراء المحاضرات والقيام بزيارات عسكرية.
واضاف ان عدد مجالات التعاون هو 28 أبرزها مجال الاستراتيجية الدفاعية وضبط عمليات التسلح ونزع الأسلحة ومنع الانتشار النووي فضلا عن امن الحدود وضبطها ومواجهة الإرهاب والتدريب العسكري.
وقال الكولونيل ردا على سؤال لـ «الأنباء» ان الكويت مدعوة لتعزيز تعاونها العسكري مع الناتو وذلك عبر إرسال المزيد من عناصر قواتها الأمنية الى الحلف ضمن اطار عمليات التدريب العسكري التي يقدمها للدول الأعضاء في «مبادرة اسطنبول» فضلا عن التعاون في المجالات الـ 28 المذكورة أعلاه.
وتابع محاضـــرته قـــائلا ان النـــاتو يســـعى جاهدا الى تعميق الحوار وبناء الثقة مع مجموعتي اسطنبول والمتوسط.
وتطرق الكولونيل الى عمليات ومهام الناتو في العالم وقال ان الحلف يجند لها حاليا 95 ألف جندي: 90 ألفا من الدول الأعضاء والبقية من دول شريكة.
ويوجد في عداد قوة «إيساف» في افغانستان المولجة بمهام امنية وتنموية 80942 جنديا (2571 من دول شريكة) فيما يبلغ عديد قوات الناتو المنضوية تحت لواء قوة «كفور» المنتشرة في البلقان لدعم الأمن هناك 13018 جنديا (2345 من دول شريكة).
واشار الكولونيل الى مساهمة دول مبادرة اسطنبول والحوار المتوسطي في عمليات الناتو البحرية في المتوسط فضلا عن مشاركة روسيا واوكرانيا. وفي السياق ذاته ذكر ان محاولات القراصنة الصوماليين الاعتداء على سفن في خليج عدن بلغت العام الماضي حتى شهر أكتوبر 38 محاولة فيما بلغت الاعتداءات الفعلية للتاريخ نفسه 28 اعتداء.
كما تحدث عن مهمة الناتو التدريبية في العراق حيث ذكر ان الحلف درب 10 آلاف عنصر أمن منذ بداية مهمته هناك في 2004 في حين تم تدريب 900 عنصر في دورات تدريبية خارج البلاد، مشيرا الى ان قيمة التجهيزات العسكرية التي قدمها الحلف للقوات العراقية تجاوزت الـ 130 مليون يورو.
وبالنسبة لباكستان، قال ان «الناتو» يتعاون مع حكومة إسلام آباد لإيصال الإمدادات لقوات الحلف في افغانستان عبر طريقي كراتشي ـ كابول (شمال) وكراتشي ـ قندهار(جنوب).
وختم بالحديث عن دور الناتو الداعم لقوات الاتحاد الافريقي في اقليم دارفور المضطرب بالسودان.
«الصيد غير المشروع دفع بكثير من الصوماليين للقرصنة»
سجـــل عــام 2009، بحسب وثيقة صادرة عن حلف الناتو، انخفاضا في عدد هجمات القراصنة الصوماليين في خليج عدن الى نحو النصف عما كان عليه العام الماضي.
وافادت الوثيقة بأن عدد الهجمات في 2009 (حتى بداية ديسمبر الجاري) بلغ 18 هجوما قياسا بـ 32 هجوما سجل للقراصنة في خليج عدن العام الماضي.
وردت الوثيقة السبب في هذا التراجع الى ارتفاع الدوريات البحرية الدولية، والتحسن في التنسيق بين مختلف الفاعلين بعملية الإبحار، فضلا عن الالتزام الصارم لمالكي السفن بتطبيق اجراءات مشددة للحماية الذاتية.
وبالرغم من هذا الانخفاض الملحوظ، لايزال الناتو يقول ان الأوضاع مازالت هشة. ويركز الحلف على مكافحة القرصنة في خليج عدن والقرن الافريقي ضمن عملية درع المحيطات التي اطلقها «مجلس شمال الاطلسي» في 17 اغسطس 2009، وهي مكملة لجهود دولية اخرى. وعملية درع المحيطات هي قوة بحرية متعددة الجنسيات تحت تصرفها 5 سفن عسكرية: 2 اميركية، برتغالية، ايطالية وكندية.
وتتبع استراتيجيا للقيادة في لشبونة، أما أمر العمليات اليومية التكتيكية فيصدر من نورثوود.
وللمفارقة، اعتبر مسؤول في الناتو، خلال جلسة نقاشية شاركت فيها «الأنباء» ان الصيد غير المشروع في المياه الإقليمية الصومالية من قبل سفن تابعة لدول أعضاء في الناتو دفع بكثير من الصيادين الصوماليين الى احتراف القرصنة بسبب عدم قدرتهم على منافسة تلك السفن في مجال الصيد. وأردف المسؤول قائلا ان حل مشكلة القرصنة يكون بمساعدة الحكومة الصومالية على تحقيق الاستقرار على أراضيهــا.
لقطات
-
أمن دول «مبادرة اسطنبول»: قال الأمين العام لحلف الناتو اندرس فوغ راسموسن ردا على سؤال صحافي ان الناتو والدول الأعضاء في «مبادرة اسطنبول للتعاون» يواجهون تهديدات أمنية مشتركة أهمها خطر انتشار الأسلحة النووية مؤكدا ان أمن تلك الدول هو مصلحة استراتيجية للناتو.
-
اجتماعات متزايدة: أشار مسؤول في الناتو الى ان عدد الاجتماعات التنسيقية بين الناتو ودول مبادرة اسطنبول للتعاون (الكويت، قطر، البحرين، والامارات) في ارتفاع مستمر.
-
تجنب الصراع العربي ـ الاسرائيلي: يتجنب المسؤولون في الناتو التحدث عن الصراع العربي ـ الاسرائيلي، وذلك للتركيز على إنجاح تعاون الحلف مع الدول الأعضاء في مجموعة الحوار المتوسطي التي تضم 6 بلدان عربية الى جانب اسرائيل.
-
وحرص مسؤول في الحلف خلال جلسة نقاشية شاركت فيها «الأنباء» على التأكيد على ان الصراع العربي ـ الاسرائيلي الذي لم يحل منذ اكثر من نصف قرن يجب ألا يؤثر سلبا على التعاون بين الناتو ودول الحوار المتوسطي.
-
يشار الى ان الحوار المتوسطي يضم: موريتانيا، المغرب، الجزائر، تونس، مصر، الاردن، واسرائيل.
-
الجدير بالذكر ان تعاون القوات البحرية للناتو المميز مع اسرائيل، التي تفتش السفن المشكوك بحملها أي سلاح الى حزب الله في لبنان وحركة حماس في غزة، قد اثار مؤخرا اعتراضا جزائريا.
-
إزالة سوء الفهم: قال مسؤول في الناتو ان الحلف يسعى من خلال تنظيمه حلقات نقاشية مع الصحافيين من الدول الاسلامية الى إزالة حالة سوء الفهم السائدة تجاهه بين شعوب تلك الدول. واشار المسؤول، خلال جلسة نقاشية شاركت فيها «الأنباء»، الى ان شعوب الدول الاسلامية تنظر الى الناتو على انه تحالف مسيحي غير مرحب به في بلدانهم.
الجدير بالذكر ان تركيا الدولة الاسلامية ذات النهج العلماني عضو في حلف الناتو وتشارك بفاعلية في قوة ايساف في افغانستان بمقدار 1488 جنديا، كما تشارك الامارات بـ 8 جنود والبوسنة والهرسك بجنديين كمشاركة رمزية في ايساف من قبل بلدين مسلمين.
دوسانتيس لـ «الأنباء»: الناتو ودول مبادرة اسطنبول يواجهان تهديدات مشتركة تستلزم مقاربة تعددية وتعاونية للأمن
وصف رئيس مجموعتي مبادرة اسطنبول للتعاون والحوار المتوسطي في حلف الناتو نيكولا دوسانتيس خلال حوار شامل مع «الأنباء» التعاون بين الناتو ودول مبادرة اسطنبول بالناجح جدا على صعيد الانشطة العملية التي يتصاعد عددها باطراد حيث وصل الى 560 نشاطا في العام الحالي او على الصعيد السياسي الذي شهد تقدما ملموسا عبر المشاورات التي ارتقت من اللقاءات الثنائية الى لقاءات جماعية تمثلت بمؤتمرات ديبلوماسية عامة عقدت في الكويت بداية ثم في البحرين فالامارات وحضرها قادة حكومات تلك الدول وصانعو السياسات فيها فضلا عن الاكاديميين الفاعلين في المجتمع المدني. وقال دوسانتيس ان الناتو ودول مبادرة اسطنبول للتعاون تجمعها اهداف واحدة متمثلة بالسلام والأمن والاستقرار وتواجهها تهديدات امنية مشتركة كالارهاب وانتشار اسلحة الدمار الشامل والدول الفاشلة ولذا فإن الطرفين مطالبان باعتماد مقاربة تعددية وتعاونية لتحقيق الامن وهو ما يقترحه الناتو على دول مبادرة اسطنبول وهي 4، الكويت، البحرين، قطر والامارات.
وبشأن توسيع عضوية مبادرة اسطنبول للتعاون قال دوسانتيس انها مفتوحة لجميع الدول المهتمة بالمنطقة، مشيرا الى ان السعودية وعمان أبدتا اهتماما في هذا السياق.
وأضاف ان الناتو عبر تقديمه أنشطة عملية لدول المنطقة يحقق لها قيمة مضافة لتطوير قدراتها في المساهمة مع الحلف بعمليات مكافحة الارهاب ومنع الانتشار النووي والاتجار غير المشروع بالسلاح، وبالنسبة لأزمة البرنامج النووي الإيراني وما تثيره من مخاوف دولية واقليمية لاحتمال ان يكون لغايات عسكرية قال ان الناتو لديه مخاوف قوية بشأن مخاطر انتشار هذا البرنامج، فضلا عن برامج الصواريخ البالستية لإيران. وأضاف ان الناتو ليس طرفا في المفاوضات مع ايران، مشيرا الى ان دول الحلف لاتزال تأمل في التوصل لحل ديبلوماسي مع طهران، وبصفته رئيسا لمجموعة «الحوار المتوسطي» التي تضم اسرائيل و6 دول عربية، قال دوسانتيس انه في سبيل إنجاح هذا الحوار يعتمد الناتو على مبدأين هما عدم التمييز والتمييز الذاتي.
وأكد انه بالرغم من الصراع العربي ـ الإسرائيلي تمكن «الحوار المتوسطي» من النجاح لأن الحوار السياسي والتعاون العملي بين الطرفين يسيران جنبا الى جنب. واعتبر ان التعاون في مكافحة الارهاب مجال يجمع بين الناتو من جهة ودول مبادرة اسطنبول والحوار المتوسطي من جهة أخرى، مشيرا الى ان تلك الدول وقعت اتفاقيات تضمن تبادل المعلومات السرية في هذا المجال.
وتطرق دوسانتيس الى مجال التعاون في مكافحة القرصنة قبالة سواحل الصومال، حيث قال ان القرصنة لاتزال تشكل تحديا أمنيا خطيرا وان الناتو يساهم في مكافحتها عبر عملية درع المحيط وإيصال المعونات الإنسانية الى الصومال وذلك ضمن إطار جهود دولية اخرى.
وبشأن افغانستان قال ان مقررات المؤتمر الوزاري للناتو الذي انعقد في بداية الشهر الجاري ببروكسل، ذات أهمية خاصة لجهة نقل القيادة والمسؤولية الأمنية للأفغان بحسب ما تسمح به الظروف، مشيرا الى ان بعثة الناتو لتدريب القوات الافغانية ستساهم في تقريب اليوم الذي تستطيع فيه تلك القوات تسلم مسؤولية احلال الأمن في البلاد من دون استعانة بالخارج.
وبالنسبة للعلاقة مع روسيا وهي وريثة الاتحاد السوفييتي العدو السابق للناتو والقوة الصاعدة حاليا، قال دوسانتيس ان هدف الناتو هو إقامة شراكة استراتيجية حقيقية معها، مبنية على أساس الثقة والأداء والأهداف المشتركة.
وأشار الى ان مجلس «الناتو ـ روسيا» بحث على مستوى وزراء الخارجية في المؤتمر الأخير للناتو 3 وثائق تركز على تحديد برنامج العمل وتحويل المجلس الى الاهتمام أكثر بالنتائج والسياسة، فضلا عن اطلاق المراجعة المشتركة لتهديدات القرن الـ 21 التي ينتظر ان تصدر بشأنها وثيقة عن الطرفين نهاية العام المقبل.
وفيما يلي تفاصيل الحوار:
ما تقييمك للتعاون بين الناتو ومجموعة مبادرة اسطنبول للتعاون، منذ بدايتها وحتى الآن؟
أعتقد أن التعاون بين الناتو ومجموعة مبادرة اسطنبول للتعاون ناجحا جدا. فإذا نظرنا على سبيل المثال إلى انجازات التعاون العملي، فسنجد أننا انتقلنا من عدد 328 نشاطا وحدثا تعاونيا عمليا قدمها الناتو لشركائنا في مبادرة اسطنبول للتعاون في عام 2007، حتى حققنا 470 نشاطا وحدثا قدمها الناتو في عام 2008، بينما في عام 2009، وصلت قائمة الأنشطة العملية إلى 560. كذلك تم تحقيق تقدم ملموس على الصعيد السياسي مع دول مبادرة اسطنبول للتعاون. فبالرغم من أن المبادرة قد قامت بناء على مبادرات ثنائية في عام 2004 وركزت أساسا على مجالات التعاون الثنائي، فإنها منذ عام 2007 بدأت اللقاءات والمشاورات السياسية بين الناتو وشركائنا الأربعة في مبادرة اسطنبول للتعاون، سواء على مستوى مجلس شمال الأطلسي أو ضمن لجان الناتو الفرعية، للتباحث بشأن القضايا المشتركة، والتي شملت على سبيل المثال معاهدة منع الانتشار، مكافحة الإرهاب، التدريب، مكافحة القرصنة، وكذلك تقييم علاقة الشراكة وإمكانات تطويرها. وقد زار الناتو 3 من الدول الأربعة المشاركة في المبادرة، بدءا من الكويت في عام 2006، ثم البحرين في 2009، وأخيرا في أكتوبر 2009 سافرنا إلى الإمارات العربية المتحدة، في مؤتمر للديبلوماسية العامة حضره السكرتير العام للناتو ومجلس شمال الأطلسي، فضلا عن قادة الحكومات وقادة الرأي العام وصانعي السياسات وعدد من الأكاديميين من جميع دول المبادرة الذين وجهت إليهم دعوات المشاركة للتباحث حول رؤية كل منهم الخاصة. وذلك لأن الناتو وكذلك الدول المشاركة في المبادرة يضعون أهمية كبيرة على جهود الديبلوماسية العامة الهادفة الى تسهيل التفاهم وتوطيد الثقة فيما بينها وفي نفس الوقت تصحيح ما قد يتولد من إساءات للفهم أو تصورات خاطئة.
التهديدات الامنية للقرن الـ 21
من وجهة نظر الناتو، ما التهديدات الأمنية الأساسية التي تواجه دول مبادرة اسطنبول في القرن الحادي والعشرين؟ وكيف يمكن للحلف أن يساعد في مواجهة هذه التهديدات؟
تتطلع بلدان الناتو ومبادرة اسطنبول الى اهداف واحدة وهي السلام والامن والاستقرار وفي الوقت ذاته تواجه بلدان الناتو ومبادرة اسطنبول تحديات امنية وتهديدات مشتركة تتمثل في الارهاب وانتشار اسلحة الدمار الشامل والدول الفاشلة والتي لا يمكن التصدي لها من قبل أي بلد بمفرده. هذه التهديدات تتطلب مقاربة تعددية وتعاونية للأمن. وهي المقاربة التي اقترحها الناتو على شركائنا بما في ذلك من خلال مبادرة اسطنبول.
إيران
هل لدى الناتو النية والقدرة على حماية الصادرات النفطية البحرية لدول مبادرة اسطنبول في حال اندلاع حرب بين ايران واسرائيل او بين ايران والولايات المتحدة؟
لا اريد ان اتكهن بالمستقبل خصوصا وانه ليس هنالك ما هو اصعب من التكهن بالمستقبل. وفيما يتعلق بايران اظن انه من الانصاف القول ان المجتمع الدولي يواصل العمل على التوصل الى حل ديبلوماسي وبشكل خاص عن طريق الوكالة الدولية للطاقة الذرية والامم المتحدة. ومع ان الناتو ليس طرفا في المفاوضات مع ايران إلا ان لديه مخاوف قوية بشأن مخاطر الانتشار في البرنامج النووي الايراني وبرامج الصواريخ البالستية. وما يقلقنا بشكل خاص هو تقرير الوكالة الذي يبين ازدياد العدد الاجمالي لاجهزة الطرد المركزي الى 8692 جهازا، واعتراف ايران اخيرا بامتلاك منشأة جديدة بنيت سرا لتخصيب اليورانيوم بالقرب من مدينة قم.
وبشكل خاص لأن ايران لا تقبل عرض روسيا وفرنسا بشأن تخصيب اليورانيوم في الخارج. والسبب الاخر للقلق هو ان الوكالة توصلت مرة اخرى الى انها لا تستطيع استبعاد وجود بعد عسكري محتمل لبرنامج ايران النووي. لقد دعت دول الناتو ايران في اكثر من مناسبة الى التقيد بقرارات مجلس الامن الدولي رقم 1696 و1737 و1747 و1803. وهي لاتزال تأمل بحل ديبلوماسي. لقد اعلن الامين العام للناتو اندرس فوغ راسموسن اخيرا عن ان امن كل شركائنا في مبادرة اسطنبول ينطوي على اهمية استراتيجية للناتو.
توسيع عضوية المبادرة
هل هنالك أي محاولة لتوسيع عضوية مبادرة اسطنبول بحيث تنضم اليها دول اخرى في المنطقة؟ وما خطط الناتو لتطوير تعاونه مع دول المبادرة؟
اطلق الناتو مبادرة اسطنبول خلال قمة رؤساء الدول والحكومات في اسطنبول في يونيو 2004 وجعلها مفتوحة لكل البلدان في منطقة الشرق الاوسط الراغبة والقادرة على التعاون مع الناتو من اجل المساهمة في تعزيز الامن والاستقرار الاقليميين. وهذا ما يمكن تحقيقه من خلال انشطة عملية يمكن فيها للناتو اضافة قيمة لتطوير قدرة بلدان المنطقة على العمل مع بلدان الحلف بما في ذلك المساهمة في عمليات الناتو ومكافحة الارهاب ووقف تدفق مواد اسلحة التدمير الشامل والاتجار غير المشروع في السلاح وتحسين قدرات البلدان على التصدي للتحديات والتهديدات المشتركة مع الناتو. ولدى اطلاق مبادرة اسطنبول في يونيو 2004 شرع الناتو في دعوة كل بلدان مجلس التعاون الخليجي الستة. وبلغ عدد الدول التي انضمت الى المبادرة حتى الان اربع دول هي الكويت وقطر والبحرين والامارات. وابدت السعودية وعمان اهتماما بالمبادرة ونحن نحافظ على حوار مفتوح معهما بعد دعوة الناتو لهما للانضمام مع انهما لم تنضما بعد الى المبادرة. ومن الواضح ان هذا القرار يرجع اليهما. ولأنها تقوم على مبدأ الشمول فان مبادرة اسطنبول مفتوحة لكل البلدان المهتمة بالمنطقة التي تشاركها هدفها ومضمونها بما في ذلك مكافحة الارهاب وانتشار اسلحة التدمير الشامل.
«الحوار المتوسطي»
فيما يتعلق بالحوار المتوسطي، ما رؤية الناتو للنزاع العربي ـ الاسرائيلي الذي يشكل تهديدا رئيسيا للأمن في المنطقة؟
ليس الناتو جزءا من الجهود الرامية الى حل النزاع العربي الاسرائيلي كما انه لا يسعى الى مثل هذا الدور. ولكن لدى اطلاق رؤساء دول وحكومات الناتو لمبادرة اسطنبول في يونيو 2004 اعلنوا بوضوح ان التنفيذ الكامل والسريع لخارطة الطريق الرباعية تشكل عنصرا اساسيا في الجهود الدولية لتشجيع حل الدولتين للنزاع الاسرائيلي ـ الفلسطيني حيث تعيش اسرائيل وفلسطين جنبا الى جنب في سلام وأمن. وقالوا ايضا ان خارطة الطريق عنصر حيوي في الجهود الدولية لتشجيع احلال سلام شامل على كل المسارات بما فيها المساران السوري ـ الاسرائيلي واللبناني ـ الاسرائيلي. هذا هو الموقف الذي شرحه رؤساء دول وحكومات الناتو عن النزاع العربي ـ الاسرائيلي.
الموازنة بين العرب وإسرائيل
كيف يمكن للناتو ادارة حوار ناجح مع كون الدول العربية واسرائيل أعضاء فيه؟
اطلق وزراء خارجية الناتو في ديسمبر 1994 الحوار المتوسطي الذي يبلغ عدد اعضائه اليوم 7 بلدان هي الجزائر ومصر واسرائيل والاردن وموريتانيا وتونس والمغرب. ويوفر الحوار المتوسطي حوارا سياسيا متينا وتعاونا عمليا لكل اعضائه. ويقوم الحوار المتوسطي على عدد من المبادئ من بينها مبدأ عدم التمييز الذي يعني ان كل بلدان المبادرة تعطي الاساس ذاته للتعاون مع الناتو. ولذلك فان البلدان العربية واسرائيل على السواء تحصل على الانشطة ذاتها للتعاون العملي والفرص ذاتها للمشاورات السياسية. والمبدأ الآخر للحوار المتوسطي هو التمييز الذاتي الذي يسمح بمقاربة مصممة خصيصا تحترم المصالح والاحتياجات الخاصة لكل بلد في الحوار المتوسطي. ان وجود توازن جيد بين هذين المبدأين وفي الوقت ذاته ضمان شفافية العملية بأكملها هما عنصران اساسيان لضمان نجاح حوارنا المتوسطي.
تعززت مواقف المتطرفين في الشرق الاوسط بعد اخفاق ادارة اوباما في دفع عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل. وفي هذا السياق كيف يمكن للناتو ان يتعاون مع دول الحوار المتوسطي المعتدلة؟
يمتلك الناتو خمسة عشر عاما من التعاون مع الدول العربية الست التي تشارك في الحوار المتوسطي. هذا الحوار هو الاطار التعاوني الامني الدولي الوحيد الذي يجمع بين بلدان الناتو الـ 28 من اوروبا وأميركا الشمالية وست دول عربية واسرائيل. وبعد اطلاقه عام 1994 تحول الى شراكة حقيقية من قبل رؤساء دول وحكومات الناتو في قمتهم في اسطنبول في يونيو 2004. ومنذ ذلك الحين تعززت الى حد كبير الابعاد السياسية والعملية للحوار المتوسطي. وعقدت ثلاثة اجتماعات لوزراء خارجية بلدان الناتو ودول الحوار المتوسطي السبع في مقر الحلف في بروكسل في 2004 و2007 و2008. وعقد اجتماعان لوزراء دفاع الناتو والحوار المتوسطي في تاورمينا عام 2006 وفي اشبيلية عام 2007. وكان هنالك اكثر من 800 نشاط ومناسبة تعاون عملي بين الناتو وبلدان الحوار المتوسطي عام 2009. وجرى التوصل الى برامج تعاون منفصلة لتنظيم علاقات تعاون خصوصية مع الناتو من قبل كل من اسرائيل ومصر والاردن. وفي هذه الاثناء تعمل كل من المغرب وتونس وموريتانيا والجزائر على تنظيم برامجها الخاصة، وكما ترون فقد حققت بلدان الناتو وبلدان الحوار المتوسطي الكثير معا، واجمالا يمكنني القول ان حوارنا المتوسطي ناجح لأن الحوار السياسي والتعاون العملي يسيران جنبا الى جنب.
مكافحة الإرهاب
هل الناتو راض عن تعاونه الامني مع اعضاء مبادرة اسطنبول والحوار المتوسطي لوقف الارهابيين في المنطقتين؟ وهل يمكنكم توضيح التعاون في هذا المجال بالتفصيل؟
مكافحة الارهاب هي واحد من مجالات التعاون بين الناتو والبلدان المشاركة في مبادرة اسطنبول والحوار المتوسطي، هنالك طرق مختلفة للمساهمة التي يمكن للناتو ولشركائنا في مبادرة اسطنبول والحوار المتوسطي المساهمة بها في مكافحة الارهاب. كالمشاركة في المعلومات الاستخبارية على سبيل المثال. لهذا السبب وقعت بلدان الناتو وبلدان الحوار المتوسطي السبعة وبلدان مبادرة اسطنبول الاربعة اتفاقيات حول حماية المعلومات تسهل تبادل المعلومات السرية. المثال الآخر هو امن الحدود للحد من الاتجار غير المشروع بالاسلحة الصغيرة والخفيفة. وهنالك مثال التعاون البحري من خلال العرض الذي قدمه الناتو عام 2004 بالمساهمة في عملية الجهد النشط البحرية التي بموجبها تقوم سفن الناتو بأعمال الدورية في المتوسط ومراقبة السفن وتوفير المرافقة للسفن غير الحربية للمساعدة في الاكتشاف والردع والحماية ضد الاعمال الارهابية في المتوسط، وهذه كلها طرق عملية يمكننا العمل فيها معا للمساهمة في منع الارهاب ومكافحته.
مكافحة القرصنة
ماذا كانت اجراءات الناتو لوقف عمليات القراصنة الصوماليين في خليج عدن؟ وما الخطط المستقبلية؟
في اكتوبر 2008، تولى الناتو عملية المزود المتحالف لمرافقة السفن المستأجرة لمصلحة برنامج الغذاء العالمي التابع للامم المتحدة من اجل المساهمة في ايصال المعونات الانسانية الى الصومال بشكل آمن وفعال. وتم ايصال 29.000 طن متري من المساعدات الانسانية لبرنامج الغذاء العالمي الى الصومال تحت حماية الناتو والتي من دونها كان اكثر من مليوني صومالي سيعانون من الجوع، ويواصل الناتو مشاركته في الجهود الدولية الاوسع لمكافحة القرصنة والسطو المسلح في البحر قبالة القرن الافريقي. وبين مارس واغسطس 2009 شن الناتو عملية الحامي المتحالف ضد القرصنة لتحسين شروط السلامة للطرق البحرية التجارية والملاحة الدولية، وقامت القوة بمهمات المراقبة ووفرت الحماية لردع وكبح القرصنة والسطو المسلح اللتين تهددان الخطوط البحرية للاتصالات والمصالح الاقتصادية. واستمرارا لمهمات مكافحة القرصنة السابقة التي قام بها الناتو تركز عملية درع المحيط على عمليات مكافحة القرصنة في البحر قبالة القرن الافريقي، وتساهم هذه العملية التي نالت في 17 اغسطس 2009 موافقة مجلس شمال الاطلسي في الجهود الدولية لمكافحة القرصنة في المنطقة، كما انها تقدم لدول المنطقة التي تطلبها المساعدة في تطوير قدراتها الخاصة على مكافحة اعمال القرصنة. ولاتزال القرصنة قبالة الساحل الصومالي تشكل تحديا امنيا خطيرا. لقد جرت عمليات مكافحة القرصنة ولاتزال تجري في المنطقة بالتنسيق والتكامل مع دول ومنظمات اخرى بما فيها قوة المهام المجمعة ـ 151 وعملية أتلانتا التابعة للاتحاد الاوروبي.
افغانستان
فيما يتعلق بأفغانستان، هل تأمل في أن مهمة حلف الناتو من شأنها أن تحقق نجاحا عقب 8 سنوات من الفشل في إقامة نظام ديموقراطي ووضع حد للعنف هناك؟
حلف شمال الأطلسي موجود في أفغانستان بتفويض من الأمم المتحدة، وهو ما سبقه 11 قرارا صادرا عن مجلس الأمن الدولي. مهمة حلف الناتو تم تحديدها وفقا لمؤتمر بون لعام 2001. وقد أجريت انتخابات رئاسية وبرلمانية وانتخابات مجالس للمحافظات التي حدثت لأول مرة في أفغانستان مع حق التصويت للنساء واللاتي يشاركن حاليا في البرلمان. ويتمكن الملايين من الأطفال الأفغان الآن من الذهاب إلى المدرسة، وثلثهم من الفتيات. أكثر من 85% من الأفغان يحصلون حاليا على الرعاية الصحية، مع غالبية الشعب الأفغاني يعيش في مدى أقل من 5 كيلومترات من أقرب عيادة اليوم. خمسة ملايين لاجئ عادوا إلى ديارهم. ويعمل حلف شمال الاطلسي على توفير المساعدة الأمنية الدولية، ومساعدة الحكومة الأفغانية على تهيئة بيئة مستقرة وآمنة لإعادة الاعمار التي تقوم على التنمية المستدامة. لتحقيق ذلك، فإننا أيضا نساعد على تطوير هياكل الحكومة الأفغانية بما يكفل لها التمكن من الحفاظ على الأمن في جميع انحاء البلاد من دون مساعدة من القوات الدولية. يجب على الأفغان أن يصلوا إلى مرحلة يكونون عندها قادرين على تولي المسؤولية الرئيسية عن الأمن في بلادهم، من دون مساعدة من خارج البلاد. منظمة حلف شمال الأطلسي تساعدهم على تحقيق ذلك. هذا هو السبب في أن القرارات الأخيرة التي اتخذت في اجتماع وزراء الخارجية لحلف شمال الأطلسي في ديسمبر هي في غاية الأهمية. فانتقال القيادة والمسؤولية الأمنية إلى الأفغان ومن بعدها القيادة في المجالات الأخرى هو الهدف الذي يسهم فيه الناتو مع الحكومة الافغانية. نقل مسؤولية قيادة الأمن إلى كابول كان خطوة أولى وسيتم نقل المزيد من المسؤوليات مع توافر الشروط التي تسمح بذلك في جميع انحاء البلاد، نحن بالتالي نقوم بتكثيف الاستثمار في تدريب وتجهيز والحفاظ على قوات الأمن الوطنية الأفغانية، من خلال بعثة الناتو للتدريب، لبناء القدرة الأفغانية. مهمتنا ستكتمل عندما تتمكن القوات الافغانية من تأمين بلادها، وبعثة التدريب والتبرعات للصندوق الائتماني للجيش الوطني الأفغاني سيساعد في تقريب ذلك اليوم.
العلاقة مع روسيا
الناتو وروسيا هما القوتان الاكثر قدرة على الاتفاق على منظومة للسلام والامن في العالم، ما آراء الجانبين التي بحثت في الاجتماع الاخير لمجلس الناتو ـ روسيا الذي عقد في ديسمبر ببروكسل؟
ان هدف الناتو هو بناء شراكة استراتيجية حقيقية مع روسيا تقوم على الثقة والآراء والاهداف المشتركة، لهذا اتفق الناتو وروسيا في اجتماع ديسمبر لمجلس الناتو-روسيا على مستوى وزراء الخارجية على ثلاث وثائق. الاولى هي برنامج عمل مجلس الناتو ـ روسيا لعام 2010 التي تحدد عددا من الاولويات مثل الحوار السياسي والتعاون العملي والتعاون العسكري. وهنالك قائمة شاملة للمشاريع تغطي التعاون بشأن افغانستان والحرب ضد الارهاب والدفاع الصاروخي والتخطيط للطوارئ المدنية والحماية المدنية والتعاون العلمي والديبلوماسية العامة وعددا من المجالات الاخرى. والثانية هي مجموعة من الاجراءات الهادفة الى تحسين اساليب عمل مجلس الناتو- روسيا لجعله منبرا اكثر اهتماما بالنتائج واكثر ارتباطا بالسياسة. والثالثة هي اطلاق المراجعة المشتركة للتحديات الامنية المشتركة للقرن الحادي والعشرين بناء على فكرة طرحها الأمين العام للناتو راسموسن في كلمة له القاها في سبتمبر من هذا العام. وحددت الدول الاعضاء الـ 29 في مجلس الناتو ـ روسيا المواضيع التالية للمراجعة: أفغانستان والارهاب، بما في ذلك البنى التحتية الحساسة المهددة، والقرصنة وانتشار اسلحة التدمير الشامل ووسائل ايصالها اضافة الى الكوارث الطبيعية والكوارث التي من صنع الانسان، وسيعمل الناتو وروسيا معا على هذه المراجعة التي يتوقع ان تصدر عنها وثيقة بنهاية العام المقبل.
الجزء الثاني