ثامر السليم
استنكر عدد من الأكاديميين جريمة تزوير الشهادات التي أعلنت عنها وزارة التعليم العالي أمس الأول حيث وصل عدد الشهادات المكتشفة حتى أمس إلى 400 شهادة، مشيرين إلى أن ما حدث لا يمكن السكوت عليه وتجب محاسبة المسؤولين عنه وإيقاع أقصى عقوبة عليهم حتى يكونوا عبرة لغيرهم ومن أجل أن يتم القضاء على مثل هذه الممارسات الهدامة.
وقال الأكاديميون لـ«الأنباء»، التي سعت إلى رصد ردود أفعالهم وآرائهم في كيفية التعامل مع هذه القضية المهمة، إن ما حدث ناتج في جزء منه عن خلل بالإجراءات ويجب التعامل مع هذا الموضوع بجدية، مؤكدين انه على وزارة التعليم العالي معالجة معادلة الشهادات بطريقة صحيحة تحتاج الي المزيد من التدقيق والآلية العالية التي تضمن جودة التعليم.. في السطور التالية مزيد من التفاصيل.
في البداية أكدت النائبة السابقة د.سلوى الجسار ان ما حصل في وزارة التعليم العالي هو كارثة على التعليم وعلى الدولة ولا يمكن السكوت عليها وتجب محاسبة كل الأطراف المتعلقة في مثل هذا الأمر لان الفساد متى ما طال التعليم فإن النتائج تكون كارثية، مشيرة إلى ان من ثبت تورطه يجب احالته إلى النيابة العامة واتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بعدم تكرار مثل تلك التجاوزات التي تحدث في التعليم.
وأكدت الجسار ان وزارة التعليم العالي عليها الدور الكبير وقد اكدنا مرارا وتكرارا على أن طريقة معادلة الشهادات في الوزارة تتم بطريقة غير صحيحة وتحتاج إلى المزيد من التدقيق والآلية العالية التي تضمن جودة التعليم، مستغربة اننا ندعو إلى المطالبة بجودة التعليم والعمل على الارتقاء بالعملية التعليمية لنتفاجأ بكارثة التزوير التي صدمنا بها جميعا.
وتساءلت الجسار: اين دور وزارة التعليم العالي في مثل هذه الأمور بكافة طواقمها؟ بل أين دور المكاتب الثقافية؟ وهل هي تقوم بالدور الموكل بها من اجل ان تحدث لنا هذه الكارثة؟ لافتة إلى ان الشهادات المزورة اكتشفت وكان وكيل التعليم العالي في ذلك الوقت هو الوزير الحالي د.حامد العازمي مما يثبت لنا ان وزارة التعليم العالي تعاني من خلل كبير في قضية المعادلات والشهادات لاسيما عندما يكون وافد هو المشارك الرئيسي في تزوير الشهادات، مما يدل على ان الخلل منذ فترة طويلة وتم اكتشافه بطريق الصدفة مما يدل على ان الإجراءات التي تقوم بها وزارة التعليم العالي بعيدة عن الدقة والشفافية والموضوعية وبها جانب من الإهمال.
وطالبت بضرورة تشكيل لجنة من خارج وزارة التعليم العالي ومراجعة كافة الشهادات عبر ادخالهم لجنة دون اظهار أسمائهم وبياناتهم عبر استخدام تقنية الباركود حفاظا على عوائلهم وأسرهم من الناحية الاجتماعية، مؤكدة انه لا يمكن التهاون في مثل تلك الأمور والتي تتعلق بجانب التعليم.
خلل «الاعتماد»
من جانبه قال نائب رئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس بجامعة الكويت د.شملان القناعي اننا نكتشف أخيرا بأن الخلل الأكبر يكمن في الإدارات الصغيرة داخل التعليم العالي بمعنى أن هناك خللا في منظومة الاعتماد وتوزيع صلاحياتها خاصة على موظفين غير كويتيين، مشيرا إلى أننا قلناها ونكررها الآن بأنه إن كانت الشهادة مزورة فهذه مصيبة ومؤشر خطير لانحدار في مستوى أخلاقيات وقيم شريحة كبيرة من المجتمع، ولكن المؤشر الأخطر أن هؤلاء وجدوا من يعتمد لهم هذه الشهادات رسميا!
وأضاف القناعي ان الطامة الكبرى هي أن المزورين من 3 فئات تكاد تشكل عصب الحياة وهم من نلجأ لهم في الضراء محام ورجل دين وطبيب وممرض، لافتا الى انه انحدار لا مثيل له سببه الرئيسي ضعف آلية الرقابة المتابعة سواء اللاحقة أو السابقة لاعتماد هذه الشهادات.
واشار الى انه يجب أن نفرق بين الشهادة المزورة والشهادة غير المعتمدة فشتان ما بين الاثنتين، مؤكدا اننا كنا في السابق نعاني من عدم الاعتماد ولربما حاملها يتمتع بالعلم المطلوب أما الآن فهو تزوير أي ان حاملها لا علم له ألبتة في التخصص.
وتابع قائلا: نشد على أيدي الوزير والوكيل ونبارك جهودهما في نبش عش الدبابير، مشيرا إلى ان جامعة الكويت أكدت على تفوقها من خلال اللجان المختلفة التي شكلت للتحقيق في شهادات بعض من منتسبيها ممن هم من غير المبتعثين وخلصت اللجان على أنه لا غبار عليها.
واكد انه جاء الدور الآن على كل من يحمل شهادة جامعية عليا تم الحصول عليها من غير مراقبة ومتابعة التعليم العالي له دراسيا في مختلف قطاعات الدولة ولاسيما في المؤسسات غير الأكاديمية، مبينا ان كل الجهود العظيمة هذه ستذهب مع الرياح إن لم تتبعها محاسبة جادة وصريحة وعلنية وشفافة من إحالات إلى النيابة والفصل من الوظيفة والإبعاد لغير الكويتيين، فمن غير أي عقوبات، ستعاد الأمور إلى سيرتها الأولى فلا طبنا ولا غدا الشر!
الدفاع عن المزورين
من جانبه، قال الأستاذ بقسم التمويل في كلية العلوم الادارية بجامعة الكويت د.سليمان الجسار انه للأسف وصل المجتمع الى شبه القبول بالتزوير في الكثير من المستندات الرسمية الأكاديمية من سنوات، مشيرا الي ان الأمر لم يقتصر فقط على تزوير شهادات وابحاث بل تعداه الى ان البعض (حتى نواب مجلس الأمة) يدافع عن المزورين وعن عقابهم تحت ذريعة الا تقطع أرزاقهم.
وتابع قائلا: إن الكشف عن تزوير الشهادات مؤخرا يبين ان الخلل داخلي منذ سنوات وان هذه الثغرة أوقفت الآن، الحمدلله، مشيرا إلى انه تبقى الآن الكشف عن الشهادات المزورة وهذا يتطلب الجهد والتعاون من كل المؤسسات مع التعليم العالي بإبلاغهم عن اي شك في شهادة موظفيهم.