الياسين: نؤيد زيادة عدد الوزراء والنواب وتعديل بعض مواد الدستور
محمد هلال الخالدي
جمعت «دار معرفي» مساء أمس الأول مجموعة من المثقفين والمهتمين بالشأن العام في ندوة مميزة بعنوان «المال العام بين المسؤولية والواجب» والتي تحدث فيها رئيس الجمعية الكويتية للدفاع عن المال العام أحمد العبيد والمحامي والناشط السياسي نواف الياسين، حيث استعرض العبيد نبذة عن تأسيس الجمعية وأهمية دورها في المجتمع في ظل تزايد حالات التعدي على المال العام والفساد المالي الذي بات يشكل ظاهرة خطيرة على مستوى العالم على حد قوله، وقال العبيد ان الجمعية الكويتية للدفاع عن المال العام هي إحدى مؤسسات المجتمع المدني التي تلعب دورا هاما في الدول المتقدمة جنبا إلى جنب مع بقية المؤسسات المدنية، ولكننا في الكويت نعاني من هيمنة الدولة على كل شؤون المجتمع.
وأضاف بان قضية المال العام ظهرت بقوة بعد تحرير الكويت من الاحتلال العراقي، وربما تكون إحدى مميزات هذا الاحتلال هي الكشف عن تلك التجاوزات والتعديات الصارخة على المال العام من خلال دور «السلطة الرابعة» التي كشفت العديد منها في ظل غياب قوانين رادعة لحماية المال العام رغم نص الدستور على ذلك صراحة.
وأكمل أن تأسيس الجمعية قوبل منذ البداية برفض شديد من قبل وزارة الشؤون ومع الإصرار والمثابرة أشهرت الجمعية في عام 2005 ولكن بعراقيل كثيرة وضعتها وزارة الشؤون وأهمها حرمان الجمعية من المقر والدعم المالي، وأضاف أن هذه الأمور غير مهمة لمن يؤمن بالعمل الوطني غير أن الأهم هو حرمان الجمعية من حق الاطلاع على تقارير ديوان المحاسبة وحرمانها من حق رفع الدعاوى القانونية باسم الجمعية في قضايا المال العام.
وأشار إلى أن الجمعية بالرغم من ذلك تبذل جهودا كبيرة من أجل القيام بدورها الوطني تجاه المجتمع من خلال تقديم مشاريع بقوانين لمجلس الأمة تتعلق بحماية المال العام ومنها مشروع إنشاء هيئة مستقلة لمكافحة الفساد ومشروع تعديل بعض القوانين المتعلقة بديوان المحاسبة.
الثقة بالقانون
وأشار العبيد أيضا إلى أن المعطل الأساسي للتنمية في الكويت هو فقدان الناس ثقتهم بتطبيق القانون قائلا ان هذه مشكلة كبيرة، فالقضايا الكبيرة لا خوف منها حيث ان الأضواء مسلطة عليها دائما سواء داخل البرلمان من قبل أعضاء مجلس الأمة أو من خلال وسائل الإعلام، ولكن قضايا المال العام ليست مقصورة فقط على التعديات الكبرى فهناك تعد على المال العام بأشكال عديدة منها إتلاف مرافق الدولة والتي تستهلك صيانتها ميزانية الدولة وتسبب ضياعا للمال العام كان من الأولى استثماره في التنمية، ومثل هذه التعديات اليومية ليست بحاجة إلى تشريع وإنما وعي وسلوك حضاري من المواطن.
خلل في التشريع
من جهته قال المحامي نواف الياسين اننا اليوم بحاجة إلى العمل أكثر من وصف ما يحدث، وما تقوم به الجمعية الكويتية للدفاع عن المال العام عمل وطني تطوعي مهم نتطلع إلى مشاركة شعبية فيه بصورة أكبر، وأضاف أناشد جميع المواطنين ممن لديهم أية معلومات عن شبهات تعد على المال العام الحضور للجمعية لنعمل معا في رفع قضايا أمام المحكمة مجانا. كما تطرق الياسين إلى الحديث عن قانون حماية المال العام قائلا انه بحاجة إلى الكثير من التعديلات، وقد قمنا في الجمعية بإعداد دراسة تتضمن 11 تعديلا على القانون قدمناها للبرلمان لمعالجة عيوب القانون الحالي، ومن أهمها ما يتعلق بدور ديوان المحاسبة والذي يعتبر الجهة الأساسية المسؤولة عن مراقبة حسن إدارة المال العام وحمايته من العبث والتعدي. ونبه الياسين إلى أن مفهوم حماية المال العام لا يعني فقط وقف السرقات أو التعديات غير المشروعة على المال العام، بل يتضمن كذلك جباية حقوق الدولة على المواطنين، فهناك مبالغ طائلة مستحقة للدولة لا تتم جبايتها بسبب قصور القانون. وتحدث كذلك عن دور ديوان المحاسبة في إعداد التقارير المتعلقة بمصروفات الدولة، وقال ان هذه التقارير محجوبة عن المواطن بلا سند قانوني ونحن نسعى حاليا لجعل نشر هذه التقارير في الجريدة الرسمية بقوة القانون، وأضاف أن السلطة بحسب الدستور للأمة التي هي مصدر السلطات جميعا، ومن حق المواطن أن يطلع على هذه التقارير ليتمكن بعد ذلك من ممارسته دوره في حماية المال العام.
وأشار الياسين إلى أن لدينا في الكويت قوانين عديدة تتعلق بحماية المال العام وتنظيم المناقصات وغيرها، مثل قانون تنظيم المنافسة الذي صدر عام 2007 والذي يحفظ حقوق التاجر والمواطن والدولة، كما أن الكويت وقعت على عدة اتفاقيات لحماية المال العام ولكن المشكلة أن الحكومة لم تقم بأي شيء لتفعيل هذه القوانين وتطبيقها، فمنذ 2007 وحتى اليوم لايزال قانون تنظيم المنافسة بلا لائحة داخلية تفعل تطبيق القانون. وانتقد الياسين ما اعتبره جنوحا لدور البرلمان عن دوره الأساسي وهو التشريع من خلال تركيز أغلب أعضاء البرلمان على الدور الرقابي، وقال بأن التشريع أهم ولذلك يسمى البرلمان بالسلطة التشريعية كون الرقابة جزءا من الدور التشريعي، وأضاف بأن الخلل في هذه الممارسة لا يكمن في الأعضاء بذاتهم بل بقصور في الدستور نفسه، وطالب الياسين بعدم التخوف من تعديل الدستور منوها إلى أنه قد مضى على الدستور 48 عاما تغيرت خلالها الكثير من الأوضاع التي باتت تتطلب أن يواكبها تعديل واقعي في بعض مواد الدستور، ومنها ضرورة زيادة عدد الوزراء والنواب بسبب كثرة الأعباء إذ من غير المعقول أن يتولى شخص واحد مسؤولية ثلاث وزارات، كما أن هناك قصورا في الدستور فيما يتعلق بجمع العضو بين عضويته في البرلمان وعضوية مجلس إدارة شركة، حيث أن الدستور يمنع العضو أثناء تمتعه بالعضوية بالدخول في عضوية مجالس إدارة الشركات، ولكن إذا كان الشخص عضوا في مجلس إدارة الشركة قبل ذلك فيمكنه الجمع وهذا خلل كبير لابد أن يعالج بتعديل المادة 121 بحيث لا يسمح لعضو مجلس الأمة أن يجمع عضوية مجلس إدارة أي شركة بمجرد وصوله للبرلمان، كما ينبغي منع المحامي أيضا في حالة حصوله على عضوية البرلمان من ممارسة المحاماة أثناء تمتعه بعضوية البرلمان وهذا ما لا نجده في الدستور، فمن شأن ذلك أن يمنع تداخل المصالح الشخصية بالمصالح العامة لممثلي الشعب، وأشار الياسين أيضا إلى ضرورة تعديل الدستور فيما يتعلق بالاستجوابات بحيث تعطى للمجلس ممارسة ديموقراطية أكبر من ديكتاتورية العضو. وتمنى الياسين أن يركز أعضاء البرلمان على الدور التشريعي في المرحلة المقبلة أكثر من الدور الرقابي لمعالجة الخلل القانوني الكبير.
وفي الختام أوضح عريف الندوة ناصر معرفي أن «دار معرفي» ستستضيف مساء كل أحد جلسة حوارية من هذا النوع لمناقشة مختلف القضايا التي تهم الوطن والمواطن.
عبدالرضا: خطة التنمية طموحة ونحتاج إلى التركيز على بناء الانسان
وفي كلمة خاصة لـ «الأنباء» تحدث عملاق الفن الكويتي الفنان الكبير عبدالحسين عبدالرضا الذي كان ضمن الحضور في الندوة عن ضرورة تركيز أعضاء مجلس الأمة والحكومة على بناء الانسان أكثر من التركيز على بناء الجسور والمباني قائلا ان الكويت بلد تجاري منذ القدم وأهل الكويت جبلوا على العطاء والتجارة، والكويت كانت رائدة في كل المجالات ولسنا الدولة الوحيدة التي تتعامل بالتجارة، وأضاف أننا نشاهد تركيز الدولة بمؤسستها التشريعية والتنفيذية على قضية التنمية من خلال بعد واحد هو البعد التجاري، متناسين أهمية التنمية البشرية وبناء انسان يتحلى بالسلوك الحضاري، حتى بتنا نتمنى أن نعود خمسين عاما للوراء حيث كان الانسان الكويتي أفضل من اليوم بكثير، فاليوم لم نعد نشهد قيم التسامح والايثار والولاء للكويت كما كان في السابق بسبب تراجع وانحدار دور التعليم في ظل مناهج دراسية عقيمة وبالية. وناشد الفنان عبدالحسين عبدالرضا رئيس مجلس الأمة وأعضاء المجلس أن يركزوا على بناء الانسان من خلال دعم مؤسسات الدولة المعنية بالثقافة والفن والتعليم، قائلا بأن الفن رسالة حضارية تساهم في رفع مستوى القيم عند الانسان، ولكن من المؤسف أن الفن محارب في الكويت. . وأشاد عبدالرضا بخطة التنمية قائلا بأنها خطة طموحة ولكن مشكلتنا في الكويت اليوم تكمن في الحسد، وقال نتمنى أن تعطى المشاريع الكبرى لشركات أجنبية متخصصة حتى لا تتعطل هذه المشاريع بسبب الحسد الذي أدى الى توقف عجلة التنمية في الكويت.