محمد هلال الخالدي
قال الشيخ فهد سالم العلي ان الجميع يعرف التقلبات التي مرت بها الكويت أخيرا على المستوى الاجتماعي والسياسي، ولكن الجميع يعرف أيضا أن صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد عندما خاطب أبناءه المواطنين في حديث الأب لأبنائه قد أعاد الأمور إلى نصابها فعندما يتحدث رأس الدولة فالجميع يسمع ويطيع.
وأكد الشيخ فهد سالم العلي انه لم يتردد في قبول الدعوة للمشاركة في مؤتمر المواطنة الأول في الكويت، مشيرا إلى أن المواطنة كلمة عزيزة وتعني القول والفعل وليس مجرد شعارات لتحقيق أهداف وغايات.
وقال في كلمة افتتاح المؤتمر نحن جميعا نسعى لتحقيق المواطنة الحقة فهي الطريق الواضح المعالم والقائم على اقتناع تام بأهمية الديموقراطية ودور المنظمات الوطنية في تفعيل الديموقراطية واستمراريتها.
وأضاف أن ما يؤسف له أن بلداننا العربية بدأت تشهد مفاهيم الفئوية والطائفية والمذهبية والتمييز بين أبناء الوطن الواحد، لافتا إلى أن هذه المفاهيم تتنافى مع القيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية والحضارية.
وشدد على أهمية المؤتمر الأول للمواطنة الذي يعقد في الكويت بلاد التسامح، مبينا ان الكويت شهدت بزوغ فجر الديمو قراطية في الخليج باعتبارها أرضا صالحة لغرس هذه الديموقراطية والتي كانت مع ولادة أول دستور في هذه المنطقة على يد الشيخ عبدالله السالم طيب الله ثراه.
وأكد أن الكويت نالها أيضا ما تشهده الدول العربية من مفاهيم فئوية وطائفية وعنصرية مشيرا الى أننا نشهد حاليا صراعات عقائدية وفكرية واجتماعية دخيلة على مجتمعنا المسالم والمتآلف والمتعاون الأمر الذي يعد تهديدا لوحدتنا الوطنية ونسيجنا الاجتماعي.
ودعا الى تكريس مفهوم المواطنة بمعناه الحضاري الذي يرفض كل أشكال التمييز والتطرف والعنصرية ويدعو للتسامح والتعايش السلمي، ومطالبا بأن تكون الكفاءة هي المعيار الأول للتفاضل بين المواطنين كما نص الدستور عبر مواده الخاصة بتعزيز مفهوم المواطنة وتأصيل مفاهيم العدل والمساواة.
وتمنى ان ترعى الدولة النشء وتكفل حقوق المواطن وتوفر الرعاية لهم وترسخ العدالة الاجتماعية كما جاء في المادة 29 من الدستور والتي تضمنت ان الناس سواسية في الكرامة الانسانية وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس او الاصل أو اللغة أو الدين.
وقال الشيخ فهد سالم العلي «كما أكد صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد أن الكويت ليست لفئة دون أخرى ولا لطائفة دون غيرها، إنها للجميع عزتنا من عزتها وبقاؤنا من بقائها».
وختم بالتمني للمؤتمر ان تتكلل جهود المنظمين والمشاركين فيه بالنجاح وأن يتلمس المجتمع نتائجه الايجابية على أرض الواقع.
إشكاليات المواطنة
بدأت جلسات المؤتمر بجلسة بعنوان «المواطنة في إطارها المعرفي» حيث أكد فيها رئيس الجلسة النائب السابق عبدالله النيباري على أن المؤتمر نابع من احساس المنظمين بان قضية المواطنة تهم الكثير بعد ان ظهرت العديد من السلبيات في التعامل بين فئات المجتمع، لافتا إلى أن الولاء يتجاوز القطرية لأننا نعتقد بان هذه الولاءات تهدد النسيج الاجتماعي. ثم قدم مدير مركز الدراسات والأبحاث حول العالم العربي والمتوسط في جني? د.حسني عبيدي ورقة قيمة قال فيها ان فرنسا تشهد منذ فترة نقاشا حادا حول مفهوم الهوية الوطنية بايعاز من الرئيس ساركوزي وبتنفيذ وزير الهجرة والهوية الوطنية القادم من صفوف الاشتراكيين اريك بيسون.
وأضاف أنه ومن أجل ضمان نجاح تلك الحملة تم تجنيد جميع محافظي ورؤساء بلديات الجمهورية الفرنسية للمشاركة في حوارات مفتوحة بحضور المواطنين حول مفهوم مصطلح الهوية وما هي دلالات ان تكون «فرنسيا»، موضحا أنه إذا كانت فرنسا قد نجحت في حل جميع مشاكلها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لتسخر جهدا منقطع النظير حول مسألة الهوية، فإن اللافت للانتباه هو الانزلاق الخطير في مجريات النقاش العام حيث تحول إلى منبر للتحذير من التأثير السلبي للعرب والإسلام والمهاجرين من ذوي الأصول العربية على السلم الاجتماعي وعلى ما يسمونه «الارث المسيحي ـ اليهودي لأوروبا».
وأشار د.حسني إلى أن الرئيس نيكولا ساركوزي واريك بيسون نسيا أن أوروبا ليست فقط مسيحية يهودية بل كذلك مسلمة من خلال الفتح والتعايش الإسلامي وكذلك لاحتضانها لأكثر من 5 ملايين مسلم.
هذا النقاش يمكن ان يزرع الشكوك وينمي الانطواء على الذات لدى مسلمي فرنسا وحتى سويسرا بعد الاستفتاء على منع المآذن، وطرح عدة تساؤلات منها: لماذا فرنسا التي كانت نموذجا في ادماج المهاجرين المبني على المواطنة والمواطنة فقط تحولت إلى بلد تساوره الشكوك في هويته ومستقبله، ولماذا الاهتمام بالمسلمين دون غيرهم؟
ومن جهته قال رئيس أمناء مجلس المواطنين نحو التنمية سامح فوزي يقصد بالمواطنة ما يتمتع به المواطنون من حقوق وواجبات نتاج حركتهم المستمرة، والديناميكية، والمتراكمة على أرض الواقع، مشيرا الى ان هذا المفهوم المهني للمواطنة له أبعاد شتى منها البعد القانوني ويعني المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، والبعد السياسي ويعني المشاركة، والبعد الاجتماعي ويعني جودة الخدمات العامة والعدالة الاجتماعية بين المواطنين.
وأخيرا البعد الثقافي يعني الحق في التعبير عن الخصوصية الثقافية، والهوية، والذات المتميزة.
وأضاف ان المواطنة ـ بهذا المعنى ـ تحتاج إلى أساس تنموي يحققها، ووعي اجتماعي وسياسي يصونها، ويقوي دعائمها، ويحولها إلى ممارسة أكثر من كونها نصا في الدستور والقوانين، وتتحقق المواطنة من خلال المجال المدني المفتوح، أو الفضاء العام public sphere، وهو يشكل مساحة واسعة رحبة متاحة للأفراد، من مختلف الثقافات، والانتماءات الدينية، والعرقية، يعبرون فيه عن أنفسهم وقناعاتهم، آراءهم وانتقاداتهم، في إطار من الندية والاحترام المتبادل.
وأردف قائلا «في هذا الفضاء المفتوح توجد ما نطلق عليه منظمات المجتمع المدني، أو رأس المال الاجتماعي، حيث تنشأ هيئات ومنظمات مدنية كالجمعيات الأهلية، والأحزاب السياسية، والنقابات المهنية والعمالية، والأندية والمنتديات والروابط، وغيرها على أساس الانتماء الفكري أو السياسي أو المهني أو الاجتماعي أو الثقافي.