- أي استجواب مصيره الفشل ما لم يتم الإعداد له والشارع أصبح يطالب المستجوب بتقديم الحجة والإقناع أثناء نقاش الاستجواب
- المعارضة موجودة في الكويت منذ عشرات السنين و معارضو رئيس الوزراء الحاليون أول من وصفوه بأنه «إصلاحي»
موسى أبوطفرة أكد السفير السابق والناشط في الشؤون السياسية جمال النصافي ان المشهد السياسي في الكويت يمر بمرحلة مخاض تعكس مدى تطور المفاهيم والقيم في المجتمع، مؤكدا ان السلطتين التنفيذية والتشريعية تتحملان معا انحدار مستوى الوعي لدى الشارع والذي لابد ان يكون اكثر وعيا وبعدا في النظر فيما يخص السياسة من اجل الاختيار الافضل لمن يمثله تحت قبة البرلمان. وقال النصافي في لقاء مع «الأنباء» ان كل حكومة يتم تشكيلها في السنوات الاخيرة تأتي اضعف من الحكومة التي تسبقها، مبينا ان على الدولة ان تتهيأ لتحقيق وجودها فأي نظام ديموقراطي مؤسسي لابد ان تخلق به مبادئ التكافؤ في الفرص وتحقيق المواطنة الحقة، موضحا ان العمل الديبلوماسي والسياسة الخارجية للدولة ما هي الا انعكاس للوضع داخل البلاد بجميع جوانبه السياسية والاقتصادية. واكد النصافي ان الديموقراطية الكويتية كانت ولاتزال مصدر فخر واعتزاز في العمل الديبلوماسي في الخارج، مبينا ان المعارضة موجودة في الكويت منذ عشرات السنين وانها تحولت إلى اشكال عديدة زادت من النضوج السياسي للديموقراطية، واوضح النصافي ان السجالات التي تحدث من وقت لآخر في مجلس الامة او عبر التصريحات النيابية هي مسؤولية الجميع، مؤكدا ان هذه السجالات لا تعمر بلدا وانما تزيد في تدميره. وإليكم تفاصيل اللقاء:
ما مشاهداتك للساحة السياسية بعد موجة الاستجوابات الاخيرة؟
تمر الساحة السياسية في البلد بمرحلة مخاض مهمة تعكس مدى تطور المفاهيم والقيم في المجتمع الكويتي والذي بدوره انعكس على الساحة السياسية، ومن ضمنها الاستجوابات الاربعة التي مرت بها البلاد خلال الفترة الماضية واهمها خروج كل من الحكومة والشارع الكويتي من عقدة الاستجوابات والتي كانت دائما هاجسا لدى كل من الشارع والحكومة وكانت بمثابة انذار حقيقي إما لحل المجلس والدعوة لانتخابات جديدة او قبول استقالة الحكومة والمجيء بحكومة جديدة وكلا الامرين ممارسة اثبتت عدم جدواها خلال المرحلة الماضية بل افرزت في كل مرة نماذج لا ترقى للطموح، اما الآن فهذه العقدة تم تجاوزها من حيث تقبل الاستجوابات كأداة دستورية وليست بالضرورة ان تسفر عن ازمة بل اسفرت عن مخرج لازمة وانفراج واعطاء مزيد من التفاؤل والقبول بقواعد اللعبة السياسية، مهما كانت نتائجها، وعليه فالكل مهيأ لمزيد من الاستجوابات ولم تعد ذلك البعبع الذي تخافه الحكومة وفي الوقت الذي اصبح فيه النائب المستجوب يعيد التفكير اكثر من مرة قبل ان يقدم على استجواب سيكون مصيره الفشل ما لم يتم الاعداد له بطريقة مقنعة وبحشد لاغلبية مطلوبة.
وايضا من الانعكاسات التي عبرت عنها مرحلة ما بعد الاستجوابات دور الشارع والذي بات يطالب مقدم الاستجواب بالحجة والاقناع حتى يحاسبه خلال الانتخابات المقبلة وكذلك ما حدث في صعود رئيس مجلس الوزراء لمنصة الاستجواب محترما قواعد الدستور واحتكم خلالها الى ممثلي الشعب بصورة غير مباشرة وإلى الشعب بكل أفراده وكذلك تقديم كتاب عدم التعاون حيث ذهب المستجوبون لأبعد من صعود الرئيس المنصة، ويقولون رأيهم بكل وضوح بعدم رغبتهم في التعاون مع رئيس الوزراء بغض النظر عما تم طرحه خلال جلسة الاستجواب.
ولأول مرة يتبدد هاجس اللجوء الى الشارع لدى متخذي القرار السياسي وهذا المسلك الذي كانت دائما السلطة تنظر له بريبة شديدة وتتوجس من نتائجه وعليه فإننا نلاحظ ان الشارع ايضا هو من لجأت اليه الحكومة عبر بعض وسائل الإعلام قبل وبعد الاستجواب.
ولابد ان ما حدث أعطى انطباعا لدى الجميع بأنه ولأول مرة منذ عدة سنوات نتوقع الآن ان يكمل المجلس دورته ومدته القانونية والحكم قد تهيأ لممارسة أدواته الديموقراطية والتي ستحكم اللعبة السياسية خلال المرحلة المقبلة بدلا من استخدام سلاح الحل بكل جوانبه.
والساحة السياسية وان كانت تمر بمنعطف خطير فهي الآن قد خرجت من عنق الزجاجة وباتت اللعبة السياسية المتسلحة بالديموقراطية هي الوسيلة لحل اي ازمات قد تعصف بالعلاقة بين الحكومة والمجلس.
استجوابات شخصانية
برأيك هل بعض الاستجوابات شخصية؟
استخدام الاستجوبات كأداة دستورية هو امر لابد لنا ان نقبل به بصدر رحب دون الدخول في دوافعه، اما الحكم على هذا الاستجواب او ذاك فهذا شيء آخر يحكم عليه النواب والشارع الكويتي ومن دون شك لولا ان هناك شخصانية في بعض هذه الاستجوابات وانعدام صحة بعضها وعدم القدرة على الإقناع لما كان مصيرها الفشل بهذه الصورة الملفقة، ولننظر الى الاستجوابات الماضية والحالية نلاحظ ان تلك الاستجوابات كان أغلبها يؤدي لحل المجلس ودائما كانت الاستجوابات التي تعقب هذا الحل تسفر عن نتائج تؤكد صحة ما جاء في ذلك الاستجواب، اما الآن فالملاحظ ان الحكومة خرجت أكثر قوة وثقة بالنفس.
تعطيل التنمية
من يتحمل تعطيل التنمية الحكومة.. ام مجلس الأمة؟
من يتحمل هذا الشيء هي العلاقة بين هاتين السلطتين لأنهما مسؤولتان عن انحدار مستوى الوعي لدى الناخب فاستشراء ظاهرة شراء الأصوات واستفحال ظاهرة الفرعيات وتأجيج القبلية والنظرة الفئوية أفرزت ممثلين بعيدين كل البعد عن استيعاب الخدمات التي تهم المواطن وفقدان النظرة المستقبلية وللأسف أصبحت كل حكومة تشكل أضعف مما قبلها وجعلت عجلة التنمية في البلاد طموحا جامدا يحلم به كل مواطن ويتغنى به كل مرشح وتتغنى به الحكومات المتعاقبة وبالتالي متى ما اقتنعت السلطتان بأهمية تطور المجتمع الكويتي سياسيا وثقافيا واقتصاديا ومن ثم التخلص من هذه المثالب التي ساهمت في تراجع مستوى الوعي نستطيع ان نجيب ونقول ان تعطيل التنمية سببه تردي مستوى العلاقة بين السلطتين.
انطلاق الأحزاب
هل حان الوقت لانطلاق الأحزاب؟
الأحزاب مرحلة لابد ان نتهيأ لها وتسعى الدولة لتحقيقها ففي اي نظام ديموقراطي مؤسسي ومن اجل خلق مبادئ تكافؤ الفرص وتحقيق المواطنة الحقة والاندماج بين أفراد الشعب لابد من خلق مؤسسات حزبية نقضي من خلالها على النعرات القبلية والطائفية والفئوية وينخرط خلالها كل أفراد المجتمع ويكون الخلاف في الرؤى وليس في الانتماءات العصبية.
هل تؤيد إجراء تعديلات على بعض مواد الدستور او اللائحة الداخلية لمجلس الأمة؟
الوضع السياسي الراهن وممارسات الحكومة منذ سنوات ليست بالبعيدة ناهيك عن بعض الاشارات السلبية التي نلتقطها بين الحين والآخر لا تجعل من بيئتنا السياسية ووضعنا الراهن مهيأ لفتح هذه السياسة.
العمل الديبلوماسي
كيف ربطت عملك الديبلوماسي بالساحة السياسية المحلية؟
العمل الديبلوماسي او السياسة الخارجية هي انعكاس للوضع الداخلي للبلاد بكافة جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والديموقراطية الكويتية كانت دائما مصدر فخر واعتزاز لنا في عملنا الديبلوماسي في الخارجية كما ان معظم اتصالاتنا بالأحزاب الحاكمة والمعارضة والفعاليات الاجتماعية في تلك الدول ووسائل الإعلام تجعل من عملنا الديبلوماسي انعكاسا للتجاذبات والتفاعلات السياسية بالداخل.
انت عاصرت الكثير من الديموقراطيات من خلال عملك كسفير للكويت في كثير من الدول كيف تقيم الديموقراطية لدينا؟
الديموقراطية الكويتية ولدت ومازالت في المهد فالمشرع الكويتي عندما وضع الدستور كان يتوقع ان تشهد هذه الديموقراطية تطورات قد تؤدي لإنشاء أحزاب سياسية وان تشكل الحكومات مستقبلا بناء على اغلبية برلمانية ينتخبها الشعب وصولا الى الإمارة الدستورية الكاملة، الا انه وللأسف هذه المدة شابها الكثير من العثرات وشهدت التنشئة الاجتماعية الكويتية تراجعا ملحوظا فالاندماج بين فئات الشعب تراجع وسيطرت القبلية والفئوية والطائفية على المجتمع في الوقت الذي شهد فيه الدستور تجميدا لأكثر من ثلاث مرات كل هذا اوجد العوائق امام الوصول الى الديموقراطية التي كان يحلم بها آباؤنا واصبح جل طموحنا الحفاظ على ما تحقق من مكاسب والخوف من فتح باب التطوير الذي قد يعيدنا للوراء.
والديموقراطية الكويتية مازالت في المهد تصارع من اجل البقاء فلا ديموقراطية دون احزاب ولا ديموقراطية دون حكومة معينة تحظى بأغلبية برلمانية ولا ديموقراطية دون حس وطني بعيد كل البعد عن المحاصصة القائمة على القبلية والطائفية والفئوية.
المعارضة موجودة
هل توجد معارضة في الكويت؟
المعارضة موجودة في الكويت منذ عشرات السنين او بمعنى آخر منذ اختيار الشيخ صباح الأول حاكما على الكويت إلا انها كانت تتخذ اشكالا عدة ووجودها كان طبيعيا للاسلوب السلمي الذي تشكل فيه الحكم اي أن تمثلت في فترة من الفترات بفئة التجار، ومن ثم تحولت الى طبقة المثقفين، الى ان تطور المجتمع، واصبحت تتخذ اشكالا عدة واي معارضة في اي دولة إذا اردت ان تصنفها فلابد ان تنظر لطبيعة هذا المجتمع ومدى تطوره الثقافي واذا كنا نقول قبل قليل ان الديموقراطية الكويتية لازالت في المهد فأنا هنا اقول ان المعارضة في الكويت متغيرة ومتقلبة وفق المصالح والاهواء وحركة سير الشارع الكويتي فالاصوات المعارضة لرئيس الوزراء هي اول الاصوات التي وصفته بأنه اصلاحي واتهمت وزراءه انهم غير اصلاحيين وفي جميع الدول المتقدمة لا يوجد من يقول ان رئيس الوزراء اصلاحي ووزراءه غير اصلاحيين، مما يدل على عدم وجود خط معارض حقيقي تستطيع من خلاله رسم خارطة طريق نتعامل فيها معه. وعليه هناك تضارب مصالح يؤدي لمعارضة البعض اما المعارضة الحقيقية وللاسف كنا نتلمسها في فترة الستينيات والسبعينيات اكثر من الآن فالكل يخالف القانون ويضرب الوحدة الوطنية بطريقته الخاصة فهناك من يحاول شق الصف بتصريحاته وظهوره الاعلامي الجاهل وهناك من يشق هذه الوحدة بواسطة تأجيج القبلية والطائفية والفئوية، وما نلاحظه من انتخابات فرعية الكل يجري لها ليس سوى احد هذه المظاهر السلبية وللاسف افرازات هذه الانتخابات الفرعية هم من ينادي ويتغنى بهذه الوحدة.
سجالات نواب الامة
من المسؤول عن السجالات التي تتم بين نواب الأمة؟
كلنا مسؤولون وطبيعة مجتمعنا هي التي تجعلنا وللاسف نشارك بصورة سلبية في تغذية مثل هذه السجالات وان الغوغائية لم تبن في يوم من الايام المجتمعات والحضارات والدول بل هي التي ساهمت في تدميرها واعتقد ان المسؤولية الكبرى تقع على السلطتين.
الحكومة ستقدم برنامجها الحكومي برأيك هل سينجح؟
المشكلة ليست في البرنامج بل الحكومة نفسها فهل هي قادرة على المضي قدما ام لا؟ هل لديها الثقة بالنفس ام لا؟
ظهرت في الأونة الاخيرة قضية شراء المديونيات ما رأيك بها؟
ظاهرة شراء المديونيات مسألة يجب ان ينظر لها صاحب الرأي سواء من الحكومة او مجلس الامة وللشعب الكويتي حق على حكومته وتلمس طموحه والشعور به ومعالجة هذا الامر توقف دغدغة مشاعر المواطنين وعواطف الناخبين.
متى ستحل قضية البدون؟
متى ما ولدت لدينا القناعة بأن بقاءها بهذه الصورة تهديد لأمن ومستقبل الكويت واهلها.
مواقف لا تنسى
تزامنا مع مرور ذكرى التحرير، استعاد النصافي في حديث الذكريات أيام الغزو العراقي والأحداث المحيطة بعمله كديبلوماسي عاصر العديد من الجهود لإبراز دور الكويت الدولي والسياسي في صد العدوان وعدد من المواقف التي لا تنسى آنذاك حيث يقول:
كنت أصغر ديبلوماسي كويتي في أيام غزو الكويت من قبل جحافل الغدر، فقد كان عمري 23 عاما وكنت المسؤول السياسي والإعلامي في سفارتنا بباريس وكنا نكتسب أهمية خاصة لأن سفارتنا كانت هي التي تبحث ملف الحدود بين الكويت والعراق. وعندما عقد مؤتمر جدة قبل الغزو بيومين كان سفير الكويت في باريس آنذاك د.طارق الرزوقي والذي حضر المؤتمر لأنه كان على اطلاع بتفاصيل المفاوضات الحدودية بين الكويت والعراق. وأتذكر انني قمت بالاتصال على السفير الرزوقي وأنا من أبلغه خبر الغزو مع انه كان بالكويت.
ولم نخف اننا كنا نتوقع ان تتغلغل القوات العراقية على الحدود الشمالية بشكل محدود ولكن فوجئنا انهم أكملوا طريقهم الى عاصمة الكويت وقد كان علينا إجراء الاتصالات بأقصى سرعة للتدخل الدولي.
وفي وقت الغزو كنا نأخذ التوجيهات والتعليمات من صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد عندما كان وزيرا للخارجية في وقت الغزو.
وقد قسمنا انفسنا في السفارة، حيث كان القائم بالأعمال الاخ شملان الرومي يتولى الاتصالات السياسية وانا كنت أتولى الظهور الاعلامي من خلال القنوات الفرنسية المتاحة.
والموقف الذي لا أنساه هو عندما تحدث الرئيس الفرنسي امام الجمعية العامة للأمم المتحدة وتطرق الى مسألة خيارات الشعب والديموقراطية في اختيار حكومته الشرعية حيث ان هذه الجزئية اثارت الكثير من اللغط عالميا واستغلت من قبل الدول المناهضة لتحرير الكويت استغلالا سيئا باعتبار ذلك تشكيكا بالشرعية الكويتية أو بمثابة دعوة لإجراء استفتاء حول شرعية الحكم وبطبيعة الحال كان ذلك غير صحيح وقد أجريت اتصالا بنفسي مع مستشار الرئيس الفرنسي وكانت الاجابة ان فرنسا تؤكد اعترافها بشرعية حكم آل الصباح الا اننا لثوابتنا الديموقراطية لا يمكن ان تتكلم على الكويت بقضاياها دون الاشارة الى أهمية الخيار الديموقراطي الذي ارتضاه هذا البلد على نفسه.
وكنت في السفارة وقد خرج وزير الخارجية الفرنسي في 16 يناير وبعد لقائه مع أعضاء البرلمان الفرنسي قال ان العمليات الحربية قد تبدأ بعد ساعات، ومن شدة الفرح أبلغت أعضاء السفارة والذين توافدوا الى مقر السفارة وبعد صبر طويل لاموني على هذا الشيء وقالوا لي تأكد من الخبر قبل ان تبلغنا وغادروا السفارة وبعد لحظات وأنا أتابع التلفاز واذا بقوات التحالف تدك حصون القوات العراقية وبدأت الفرحة الى يوم التحرير.
واقرأ ايضاً:
الخرافي: على البرلمانيين العرب العمل الجاد لتنقية الأجواء العربية
الزلزلة لإنشاء هيئة عامة للتعليم الخاص
الهاجري: على الحكومة حل مشاكل «الظهر»
اسيل لاستحداث مخرج لمنطقة السلام على الـ 5
الخليفة: «الدفاع» تجدد تلقائياً للعسكريين «البدون» فما الجديد على الوزارة حتى تنهي خدماتهم؟
السلمان: نقل موظفي الإدارة القانونية بـ «البلدية» لـ «الفتوى والتشريع» فيه شبهة دستورية