محمد هلال الخالدي
استضافت الجامعة الأميركية في الكويت د.معصومة المبارك ود.رولا دشتي في محاضرة قيمة حول دور المرأة في الحياة السياسية في الكويت وذلك ضمن نشاط الجامعة بمناسبة يوم المرأة العالمي مساء امس الأول،
في البداية تحدثت د.رولا دشتي عن التغير الاجتماعي الكبير الذي حدث بالمجتمع ونظرة الرجال لدور المرأة خاصة في الآونة الأخيرة وبعد اقرار الحقوق السياسية للمرأة عام 2005 وذلك نتيجة لجهود طويلة ومستمرة من العمل على تصحيح العديد من المفاهيم الخاطئة في المجتمع، واشارت الى تجربة احدى السيدات الكويتيات ممن ترشحن في انتخابات مجلس الأمة قائلة ان هذه السيدة رشحت نفسها وهي من منطقة الجهراء التي يغلب عليها الطابع المحافظ اكثر من غيرها من مناطق الكويت، وكان الجميع ينتقدها ويهاجمها وتعرضت لكثير من المضايقات وحتى السخرية، ومع ذلك اصرت على موقفها برغم انها لم تكن تحمل أجندة سياسية سوى المطالبة بحقوق للمرأة الكويتية المتزوجة من غير كويتي، ومع انها لم تحقق نجاحا في تلك الانتخابات الا انها حققت الكثير من التغيير في المفاهيم وأعطت دفعة قوية لبقية النساء لخوض هذه التجربة وتأصيل هذا الحق.
كما اشارت د.رولا دشتي الى ان هناك حقوقا مكتسبة للمرأة الكويتية كان سببها الثروة والتطوير الطبيعي للمجتمعات حيث لم يبذل الكثير من الجهد فيها، مثل التعليم والعلاج حيث ان وجود الثروة كان عاملا مساعدا لانشاء مدارس للبنات بجانب مدارس البنين، ولكن التغيير الحقيقي والذي جاء من خلال الجهود الحثيثة والمتواصلة هو التغيير في المفاهيم والعادات التي حرمت المرأة من حقها السياسي.
وأكدت د.دشتي على ان التغيير في المفاهيم أمر صعب ويتطلب وقتا طويلا ومثابرة وبذلا من الجميع، قائلة ان مثل هذا التغيير يقوم على البناء وليس المصادفة حيث تقوم المفاهيم الجديدة بالتطور وبصورة تدريجية. ولذلك حثت الشباب على الاستمرار في لعب دور أكبر في الحياة السياسية وعدم الاكتفاء بالحياة الخاصة في الأسرة، مؤكدة ان كل دور له قيمته مهما كان صغيرا.
وأعطت د.دشتي عدة أمثلة بينت من خلالها كيف تطورت عملية قبول دخول المرأة الى معترك الحياة السياسية حيث كان الرفض قويا في البداية ولكن اليوم اصبح القبول كبيرا بل والدعم اصبح اكبر من الرجال انفسهم فأصبحت المرأة تدعى للديوانيات والمقار الانتخابية لأن الناس أدركوا ان لديها شيئا لتقوله وتشارك به، وانها قادرة على العطاء والمشاركة بفاعلية وألمحت الى الانجازات الكبيرة التي تحققت للمرأة خاصة خلال فترة الانتخابات حيث وفرت الحملات الانتخابية فرصة جيدة للمرأة لتقديم نفسها بصورة تليق بمكانتها العلمية وقدراتها السياسية، وقالت د.رولا دشتي في ختام كلمتها إنها على ثقة بوصول المرأة الكويتية للبرلمان في الانتخابات المقبلة.
ومن جانبها تحدثت د.معصومة المبارك عن تطور الحياة الديموقراطية في الكويت بصورة عامة وكيف انتقلت من الشورى الى المشاركة البرلمانية التي تطورت بتطور الدستور وأكدت على تمسك الكويتيين بدستور 62 الذي يمثل للكويتيين مصدر اعتزاز وفخر ونتاج تجربة تاريخية غنية.
واشارت الى ان دور المرأة يرتبط دائما بالعادات والتقاليد والقيم الدينية السائدة، مؤكدة ان هذا واقع في كل المجتمعات، كما تحدثت عن دور المرأة الكويتية في الحياة العامة قديما حيث لعبت دورا كبيرا في بناء الأسرة وتربية الأبناء وفي مجال التعليم والصحة أيضا، ثم تطرقت الى الوضع الحالي للمرأة، مشيرة الى ان المرأة الكويتية لاتزال تناضل من أجل ترسيخ حقوقها وممارسة حقها السياسي بشكل خاص حيث لاتزال كثير من المراكز المتقدمة تخلو من وجود المرأة.
كما أكدت د.معصومة المبارك على ان الوصول للبرلمان ليس هدفا بحد ذاته كما انه ليس الوسيلة الوحيدة لتمارس المرأة دورها التنويري والتنموي تجاه المجتمع، وقالت ان مجرد دخول المرأة في عملية الترشيح ساهم كثيرا في احداث تغيير كبير في مفاهيم المجتمع عن المرأة فأصبحنا نلاحظ تقبل المجتمع لفكرة دخول المرأة الى البرلمان بصورة أكبر منذ اقرار الحقوق السياسية للمرأة عام 2005 وهذا عائد الى الدور الكبير الذي بذل من قبل المرشحات خلال الحملات الانتخابية حيث اثبتن قدرة فائقة على ايصال صوت المرأة.
واضافت د.معصومة أن دور المرأة السياسي خلال الفترة من 1900 حتى 1971 كان معدوما بسبب ثقافة المجتمع حيث كان الاعتقاد بأن السياسة هي مهمة الرجال فقط، ولذلك جاء دستور 1962 ليؤكد على حصر التصويت والترشيح على الرجل، وهذا الوضع كان مقبولا في المجتمع الى بداية السبعينيات ولكن مع التطور الكبير وخاصة في مجال التعليم بدأت المطالبة باعطاء المرأة حقها السياسي للمشاركة في الحياة السياسية، واستمرت محاولات تقديم مشاريع قوانين بذلك من عام 1999 وتوجت تلك المساعي باقرار الحقوق السياسية للمرأة عام 2005 حيث كان لسمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد وصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد دور كبير في هذا الانجاز التاريخي.
واختتمت د.معصومة حديثها بالقول ان الطريق لايزال طويلا أمام المرأة لتصل الى البرلمان ولكنه ليس مستحيلا، مؤكدة على ثقتها بقدرة المرأة على تحقيق هذا الانجاز لأنها تملك من الامكانات العلمية والمواهب السياسية ما يؤهلها لتحقيق هذا الانجاز، وقالت ان كثيرا من الأفكار السائدة في المجتمع اليوم كانت توصف بأنها غريبة او مستحيلة في السابق، والتغيير موجود وهو نتاج جهود كثيرة وبالتالي لابد من بذل المزيد من الجهد ومواصلة مسيرة الكفاح.
صفحات الجامعة والتطبيقي في ملف ( pdf )