- لماذا لا يكـون النائب بسيطاً في استجواب الوزير؟ ولمـاذا لا يكون الـوزير صادقاً في الرد؟
- لابـد مـن وضـع ضوابط للمحافظة على هيبة القـاضي عنـد سـن قانـون لمخاصمـة القضاء
- أتمنى أن تكون شروق الفيلكاوي أول وكيلة نيابة في تاريخ الكويت
- بعض الخصوم يتعامل مع محامي خصمه كما لو كانت هناك عداوةبينهما
- أتمنى أن يتم الإبعاد الإداري من خلال القضاء لأنه ليس عملاً سيادياً
- المحـامـاة مهنـة إنسانـية مشرفة تدافـع عن الحق وتدافع عن كل مظلوم
- هناك نــوع مـن فقدان الثقة بيـن المواطــن والحكومة لابد من الانتباه له
محام قدير وكبير ولكنه بسيط ومتواضع رغم ثقله المهني ومهارته القانونية الفذة، عمل بالمحاماة لأكثر من ثلاثين عاما خاض فيها غمار القانون بكل أنواعه وعاصر كبار رجال القانون المعاصرين والراحلين، نهل من كتب القانون حتى أصبح من رجال القانون المميزين والمتميزين. إنه المحامي الكبير عبداللطيف صادق الذي يثريك بالحديث معه ويجعلك تنهل من العلم القانوني ببساطة لم أعهدها من قبل في رجل بحجمه. فهو، رغم علمه الغزير ومكانته العالية ومواقفه المشرفة، إلا أنه بسيط بساطة يندر أن تجد مثلها في عالم اليوم.
أرجو تعريف القارئ بالمحامي عبداللطيف صادق؟
عبداللطيف عبدالعزيز جاسم صادق، خريج كلية الحقوق جامعة الكويت عام 1978، عضو جمعية المحامين الكويتية وكنت عضوا بمجلس إدارة الجمعية من 1998 إلى 2002، ومن عام 2002 إلى 2006 نائبا لرئيس مجلس الإدارة، وبفضل الله وصلنا إلى سدة مجلس الإدارة وأصبحت رئيسا للمجلس.
ففي عام 2006 تم ترشيح عبدالرحمن الحميدان، رئيس مجلس إدارة الجمعية في ذلك الوقت، بالمجلس البلدي وأصبح فيما بعد رئيسا للمجلس البلدي وترك رئاسة مجلس إدارة الجمعية، فتم تعييني رئيسا للجمعية كوني نائبا للرئيس في ذلك الوقت، وكان هذا في 2006 واستمرت رئاستي للجمعية حتى نهاية 2008.
بعثة دراسية لم تتم
كيف كان مشوارك مع المحاماة منذ التخرج حتى الآن؟
كان تخرجي في جامعة الكويت عام 1978 كما ذكرت لك، وفور تخرجي التحقت بالعمل لدى شركة نفط الكويت بالإدارة القانونية بقسم العلاقات الصناعية المتعلقة بالنزاعات العمالية وطلبات العاملين بالشركة مع مجلس الإدارة، واستمر عملي بالشركة لنحو خمس سنوات، وبعد زواجي تركت العمل بالشركة وتفرغت لمهنة المحاماة.
وقد كان أملي عندما التحقت بالعمل لدى شركة نفط الكويت أن أحصل على بعثة دراسية، ولما لم تأت البعثة المرغوبة تركت العمل بالشركة وبدأت ممارسة العمل الحر بمهنة المحاماة، ورغم ذلك كونت صداقات كبيرة وعديدة بالشركة ظلت معي حتى اليوم، وخلال هذه الفترة تم تجنيدي بالجيش لمدة تسعة أشهر، وتزوجت أيضا خلال عملي بالشركة.
وفي البداية عملت مع المحامي الكبير مصطفى الصراف الذي تدربت وتتلمذت على يديه وتعلمت منه أصول المهنة، وقد عملت مع الصراف لمدة ستة أشهر تقريبا ثم عملت مع علي حسين دشتي رحمه الله لمدة سنتين، ومن ثم قمت بفتح مكتبي الخاص الذي أمارس فيه المهنة منذ 1986 وحتى اليوم.
من أقدم المهن
ماذا تعني لك مهنة المحاماة؟
مهنة المحاماة مهنة مشرفة، مهنة إنسانية، مهنة تدافع عن الحق وإثبات الحق، وتعمل على الدفاع عن كل مظلوم وكل صاحب حق، ومن خلال هذه المهنة تجد المحامي يستبسل في الدفاع عن الحق والعمل على إيصال الحق لصاحبه، كما أن المحاماة من أقدم المهن، وهي رسالة إنسانية من خلالها تظهر قوة الإنسان في إثبات أهمية القانون والإنسانية وأمور الدفاع الشرعية، وهي في النهاية اللسان الناطق بالدفاع عن المجتمع.
ظلم للمحامي
حدثنا عن هموم المهنة وأبرز مشكلاتها؟
فيما مضى، وحتى العام 1996، كان همنا الأكبر كمحامين إقرار قانون مهنة المحاماة وتوفير مقر ملائم لجمعية المحامين، ولله الحمد وفقنا الله في الحصول على المقر، وبفضل الله تم إقرار قانون المحاماة رقم 62.
ورغم ذلك هناك بعض الأمور التي تتعلق بحقوق المحامين والعمل بالمحاكم، فموضوع حقوق المحامين المتعلقة بالأتعاب موضوع شائك، حيث ان المحامي محارب من الموكل من ناحية، ومحارب من القضاء من ناحية أخرى للأسف الشديد، فليس هناك تقدير جيد لما يبذله المحامي من مجهود، كما أنهم لا يتلمسون الحقيقة بالنسبة لجهد المحامي في سبيل توصيل الحق إلى موكله.
فأحيانا تجد المحامي مشغولا بقضية موكله منذ بدايتها لدرجة أنسته تحديد قيمة أتعابه عن القضية أو أنه بدأ التحرك في القضية قبل أن يحرر عقدا مع الموكل، وعندما يقطع فيها شوطا كبيرا ويبدأ في المطالبة بأتعابه، تبدأ المشكلة مع الموكل من ناحية ومع القضاء من ناحية أخرى، فالموكل يدعي هنا أن المحامي لم يفعل له شيئا، وتبدأ مرحلة التقاضي بين الموكل ومحاميه. وللأسف الشديد تجد أن المحاكم لا تتلمس جهد المحامي ولا تقدره حق قدره، فأحيانا تستغرق القضية سنتين أو ثلاثا تكون خلالها قد بذلت الجهد الجهيد وأنفقت من جيبك الخاص الكثير والكثير، وأضعت من الوقت الكثير أيضا، كل هذا له ثمن، وتأتي المحكمة عندما تكون بينك وبين موكلك دعوى تقدير أتعاب، فتقدر لك أتعابا لا تناسب الجهد الذي بذلته أو الوقت الذي أهدرته أو المال الذي أنفقته. فالمحامي ليس جشعا ولا يفكر في استغلال موكله، بل هو يبذل جهدا معينا ويريد مقابلا لهذا الجهد بما يرضي الله، وما يرضي الموكل، وما يرضيه هو أيضا، فعندما يأتي تقدير أتعاب من جمعية المحامين في قضية ما بأن هذا المحامي قد بذل جهدا في هذه القضية قدره كذا فيجب أن يكون تقدير المحاكم في هذا الصدد موافقا لتقدير الجمعية أو مقاربا له على الأقل. فإذا قدرت الجمعية مثلا أتعاب المحامي بمبلغ 2000 دينار ويأتي حكم المحكمة ليقدر الأتعاب بمبلغ 200 دينار فهذا ليس إنصافا. هناك أيضا مسألة التنافر بين بعض المحامين، فالتنافس بين أصحاب المهنة الواحدة شيء جيد، ولكن أن يصل التنافس إلى حد التنافر والعداوة بين أصحاب المهنة الواحدة فهذا ما لا نتمناه، فرغم أننا أصحاب مهنة واحدة ونلتقي مع بعضنا البعض أكثر مما نلتقي مع أهلنا وذوينا، إلا أننا للأسف الشديد نجد أن بعض المحامين قلوبهم غير صافية، وأتمنى أن يكون جميع المحامين على قلب واحد وهدف واحد، فكلنا تنظيم واحد وأصحاب مهنة واحدة.
ففي الماضي، رغم أن المحامين كانوا قلة، إلا أنهم كانوا متكاتفين، وكانوا على قلب واحد سواء في الفرح أو الحزن وتجدهم كرجل واحد في المواقف الاجتماعية والسياسية. أما الآن، وبرغم زيادة العدد، إلا أنك تجد النفوس غير صافية كما كنا في الماضي. فنتمنى أن تسود النظرة الأخوية بين المحامين بدلا من النظرة الحالية.
أما عن موضوع حصانة المحامي فهي مسألة تنبع من سلوكه الشخصي والنفسي. فالمحامي عندما يدخل على أي جهة من الجهات، سواء الحكومية أو غير الحكومية، لابد أن يعرف بنفسه قبل البدء بالكلام في اي موضوع جاء من أجله. وهنا تجده يلاقى بالترحيب والاحترام. أما إذا دخل عليهم بعصبية أو تعال، فمن الطبيعي أن يحدث احتكاك بين الطرفين لأن الجميع بشر في النهاية.
فلابد أن يراعي المحامي الجهة التي يقصدها، وأن يكون أسلوبه واضحا ومرنا وأن يقوم بتقديم نفسه بوضوح لمن يتعامل معه حتى يضمن الرقي في التعامل من هذه الجهات.
حصانة المحامي
يطالب بعض المحامين بأن يكون لهم حصانة كحصانة السلطة القضائية. فما تعليقك؟
هذه أمنية نتمنى أن تتحقق. فالمحامي، حاله حال وكيل النيابة والقاضي، لابد أن تكون له حصانة لأنه معرض لنفس المخاطر التي يتعرض لها القاضي وعضو النيابة. فأعضاء السلطة القضائية يطلق عليهم القضاء الجالس ويطلق على المحامين القضاء الواقف. فلابد أن يتمتع المحامي بنفس الحصانة على الأقل داخل نطاق المحاكم. سواء من الموكل أو الخصوم أو غيرهم.
فهناك بعض الخصوم يتعامل مع محامي خصمه كما لو كانت هناك عداوة بينهما. رغم أن هذا المحامي يمثل خصمه ولا علاقة بينه وبين هذا الشخص. فأحيانا يحدث شد وجذب بين أطراف النزاع في القضايا تتطلب حماية المحامي من أي تطاول أو تعد من خصوم موكله أو من الموكل أحيانا إذا كان يعتقد أن المحامي لم يقم بما كان يتوقعه في المحكمة لأن الموكل لا يفهم طبيعة العمل بالمحاكم كما يفهمها المحامي، ولكن كل من له قضية بالمحاكم يعتقد أن المحامي ملكه الخاص ولابد أن يقوم بما يريده هو وليس ما يجب أن يقوم به.
الإعلان والتنفيذ
ما أبرز مشكلات التقاضي والمتقاضين؟
مازالت الإجراءات الروتينية المعقدة مسيطرة على العمل بالمحاكم. فيما مضى كان هناك كتبة يجلسون أمام المحاكم يكتبون صحف الدعاوى لمن أراد أن يرفع دعوى. ثم انتقل الأمر إلى ابتداع نظام «ضباط الدعوى» وهو نظام موجود بالمحاكم حتى هذه اللحظة. وهؤلاء موظفون تعينهم وزارة العدل لكتابة صحف الدعاوى لمن أراد أن يرفع دعوى وليس لديه محام.
والآن وبعد أن زاد عدد المحامين أرى أنه لا مبرر لوجود هؤلاء. فمن أراد أن يرفع دعوى فليتوجه إلى مكتب محام ليضمن أن ترفع له الدعوى بالشكل المناسب الذي لا يخل بالقانون ولا يضيع صاحب الحق. فقد يكون ضابط الدعاوى ملم بالجانب الموضوعي للقضية، ولكنه غير ملم بالجانب القانوني. وهناك مشكلة يعاني منها كثير من المتقاضين ألا وهي مشكلة «الإعلانات». فرغم تطور المراسلات ووجود بدائل للبريد التقليدي، إلا أن وزارة العدل مازالت على عهدها القديم في مسألة إعلان الخصوم سواء في مسألة الإعلان بصحيفة الدعوى أو الإعلان بالحكم. ومن المشكلات الخطيرة أيضا والتي يعاني منها المتقاضون بشكل كبير مشكلة بطء التقاضي. فرغم أن الدوائر القضائية في ازدياد، وأصبحت المحاكم موزعة على جميع المحافظات، إلا أن الفصل في القضايا مازال بطيئا. فلابد أن تكون هناك سرعة فصل في القضايا، كما أنه لابد من تدعيم جهاز التنفيذ في المحكمة. فبسبب الضغط الواقع على جهاز التنفيذ نجد أن هذا الجهاز بطيء في إنجاز ما لديه من أحكام، كما أن المشكلة أحيانا تكون بسبب المتقاضين أنفسهم، فعندما ينتقل شخص من مكان إلى مكان في سكنه أو عمله، لا يعلن الجهات التي يتعامل معها عن مقر عمله أو سكنه الجديد، مما يؤدي إلى عدم الاستدلال على مكانه وبالتالي يتعطل الفصل في القضايا أو يتعطل التنفيذ بعد صدور الأحكام.
أتعاطف مع الأحوال الشخصية
ما نوع القضايا التي تحب أن توكل إليك؟
القضايا كلها تشبه بعضها، ولكنك أحيانا تتعاطف مع نوع معين من القضايا،، فالقضايا المدنية تستغرق منك وقتا كبيرا، خاصة المنازعات العقارية، والقضايا التجارية أيضا تستغرق وقتا رغم أن البعض منها يتم البت فيها بسرعة، إلا انها تستغرق وقتا كبيرا، وكذلك الحال بالنسبة للقضايا الإدارية. أما القضايا التي تتعاطف معها دائما فهي القضايا المتعلقة بالشؤون الأسرية وأقصد بها طبعا قضايا الأحوال الشخصية، فأحيانا تصل الخلافات في قضايا الأحوال لارتكاب جرائم، فعملية الزواج قائمة أساسا على المودة والرحمة، كما وصفها الله تعالى في كتابه العزيز. فإذا انتفت المودة والرحمة فالتسريح بإحسان يكون أفضل. وحفاظا على الروابط الأسرية وحفاظا على الأولاد من الضياع لابد من التعامل مع قضايا الأحوال الشخصية بنوع من الحيطة والحذر والتأني، وأنا أتعاطف مع القضايا الأسرية وأحيانا أقوم بفض النزاع بين الطرفين قبل اللجوء إلى المحاكم بطريقة ودية.
قضية طلاق انتهت بجريمة
ما أهم قضية مرت عليك خلال حياتك المهنية؟
هناك قضية بدأت بقضية أحوال شخصية عادية وانتهت بجريمة شروع في قتل. وقد وقعت أحداث هذه القضية بعد التحرير، فقد أتاني أحد المواطنين لرفع دعوى ضد زوجته يريد طلاقها، وقد طلبت الزوجة واستمعت إليها قبل رفع الدعوى. ثم بذلت جهدا طيبا لإثناء الزوجين عن فكرة الطلاق ووفقني الله تعالى في إقناعهما بذلك وخرجا من مكتبي وهما على خير ما يرام.
ووصلا إلى منزلهما وقضيا سهرة جميلة على حد ما علمت به بعد ذلك ثم خلدا إلى النوم. وفي صباح اليوم التالي قامت الزوجة لإعداد الإفطار لزوجها فحدث شيء تافه لا أذكر تفاصيله مما أغضب الرجل بشدة فقام بسكب البنزين على زوجته ثم أشعل النار فيها. وتم نقل الزوجة إلى المستشفى وقد أصابتها حروق من الدرجة الثالثة.
وبعد شفائها قدمت شكوى جزائية ضد زوجها متهمة إياه بالشروع في قتلها. وقد تم حبس الزوج احتياطيا على ذمة القضية، واستمرت محاولاتنا مع الزوجة لإقناعها بالتنازل عن شكواها ضد زوجها، وقد تمكنا بفضل الله من إقناعها بذلك، وعقب التنازل وخروج الرجل من الحبس تمكنا أيضا من إعادة المياه إلى مجاريها مرة ثانية بين الزوجين.
أمر قانوني بحت
هل يمكن أن تترافع عن متهم وأنت تعلم أنه مرتكب الجريمة؟
هذا حق قانوني، فأنت عندما تدافع عن متهم أنت لا تنفي عنه الواقعة، فأحيانا تكون هناك مبررات للجريمة وأحيانا تكون هناك أسباب لا تعفي المتهم من المسؤولية. ولكننا عندما ندافع عن متهم
فنحن نبحث عن القصور في النواحي الإجرائية، سواء في ضبط المتهم أو الواقعة. فحق الدفاع عن المتهم هو أمر قانوني بحت لدرجة أن المحكمة الجزائية إذا وجدت أن المتهم ليس لديه محام يدافع عنه تقوم المحكمة بندب محام للدفاع عن المتهم لأن المتهم في القضايا الجزائية لابد أن يكون له دفاع.
فعلى سبيل المثال، أذكر محاولة اغتيال صاحب السمو الراحل الشيخ جابر الأحمد رحمه الله، فقد انتدبت المحكمة للمتهم وقتها محام للدفاع عنه، فهذا حق مشروع لابد منه.
هناك تزايد كبير في أعداد المحامين، فهل هذه ظاهرة إيجابية أم سلبية؟
في ظل الظروف الاقتصادية الحالية هي مسألة صعبة، لأن مهنة المحاماة من المهن الحرة، فإذا كان لدى المحامي مورد رزق شخصي فبإمكانه أن يستمر أما إذا كان يعتمد فقط على المهنة فهناك صعوبة في استمراره. ولله الحمد نحن في دولة توفر الدعم اللازم للقطاع الخاص بما يكفي أي صاحب مهنة حرة ليواصل السير ولا يتعثر، لكن الآن هناك صعوبة بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية.
أما بالنسبة لتزايد أعداد المحامين، فقد لاحظت عندما كنت رئيسا لمجلس إدارة جمعية المحامين أن هناك محامين يسجلون أسماءهم كممارسين لمهنة المحاماة لفترة مؤقتة، لحين تحديد موقفهم من النيابة العامة إذا كانوا متقدمين لها، أو أي جهة من الجهات الحكومية كالفتوى والتشريع والتحقيقات، أو الشركات الكبرى.
هل ترشح أبناءك لممارسة مهنة المحاماة؟
هناك واحد من أولادي امتهن بالفعل مهنة المحاماة وهو الآن يكمل دراساته العليا في الخارج، وأنا أشجعهم بالطبع لامتهان المحاماة لأنها كما ذكرت لك مهنة سامية ومشرفة رغم متاعبها. وهذا الابن الذي امتهن المحاماة، رغم أنه خريج القسم العلمي وحصل على تقدير مرتفع، إلا أنه فضل دراسة القانون على أي كلية عملية كالطب أو الهندسة.
القانون مفخرة في حد ذاته
ما رأيك في قانون المحاماة الحالي؟
صدور قانون تنظيم المهنة مفخرة في حد ذاته، وقد كان هذا القانون من جملة مطالبنا السابقة أثناء تواجدي بمجلس إدارة الجمعية. إلا أن هناك نقصا في بعض المواد المتعلقة بالقانون. فقد طرح البعض عددا من التعديلات والاقتراحات، وجميعها معروضة الآن أمام مجلس الأمة من خلال اللجان التشريعية الموجودة بمجلس الأمة، ونأمل إن شاء الله أن ترى النور قريبا.
وهناك من هذه التعديلات المقترحة مطالبة بحصانة المحامي وكيفية حصول المحامي على أتعابه وكثير من المقترحات الإيجابية التي تعتبر في صالح المحامين.
زيادة قضايا الطلاق
هل لديك تحفظات على قانون الأحوال الشخصية؟
هناك أمران في غاية الأهمية في قانون الأحوال الشخصية: الأول يتعلق بقضايا الطلاق للضرر، والأمر الثاني يتعلق بالحضانة. أم قضايا الطلاق فتجد أن الزوجة بمجرد أن تقوم برفع دعوى طلاق للضرر تجد أن المحكمة تستجيب فورا لطلبها وتقوم بتطليقها دون النظر إلى ما يتبع الطلاق من مشكلات غاية في الخطورة.
فالمحكمة لا تعطي فرصة للطرفين للتأني أو التفكير بروية في مسألة الطلاق رغم أن هناك حكما من أهل الزوج وحكما من أهل الزوجة وحكما مرجحا، إلا أنني أرى أن المحاكم يجب أن تتأنى في مسألة تطليق الزوجة. فلا تستجيب للزوجة وتطلقها لمجرد أنها ادعت أن الزوج اعتدى عليها بالضرب أو السب أو خلافه. فلابد من المحافظة على كيان هذه الأسرة والمحافظة على الأولاد من التشتت والضياع.
أما فيما يتعلق بموضوع الحضانة، فتجد أن الأب هو سادس شخص يحق له الحضانة بعد الأم والجدة للأم والجدة للأب والخالة والعمة، وهذا أمر غير منصف رغم أن الأب مكفول له حق رؤية أولاده، لكن حق الرؤية هذا لا يكفي. وأنا أقترح أن تكون الحضانة أولا للأم ثم تنتقل إلى الأب، وعند البلوغ يتم تخيير المحضون كما هو الحال في المذهب الجعفري، سواء كان المحضون ولدا أو بنتا.
ويظهر ذلك بشكل واضح إذا كان المحضون ولدا، فالولد يصل إلى سن معينة ولا يستطيع الاستغناء عن والده من الناحية العملية والتربوية ومن حيث توجيهه وتنشئته. لذلك تجد قضايا جنوح الأحداث في ازدياد أيضا بسبب غياب الرقابة العائلية على المحضون الذي يصاحب رفقاء السوء وينجرف إلى المشاكل والقضايا التي تبدأ بمشكلات بسيطة كالهروب من المدرسة ثم تتعاظم المشكلات إلى أن تصل إلى أفظع القضايا.
ما رأيك في قانون المرافعات؟
قانون المرافعات به بعض الثغرات أيضا، إلا أنها تعالج من خلال أحكام المحاكم، فمن ناحية الواقع العملي تجد أن هناك أحكاما للمحكمة الدستورية تقضي بعدم دستورية نصوص بعض المواد وبالتالي يتم إلغاء أو تعديل هذه المواد. كما أن هناك أحكاما تراعي التطبيق العملي فيما يتعلق بالتنفيذ أو الإعلان.
قضايا في ازدياد
ما رأيك في الدعاوى الإدارية بالكويت؟
كانت المحاكم الإدارية فيما مضى لها جلسة أو جلستان بالأسبوع، أما اليوم فهناك أكثر من دائرة إدارية والجلسات على مدار الأسبوع لنظر القضايا الإدارية. فالقضايا الإدارية في ازدياد وفي كثرة والقضاة ولله الحمد متفهمون للجانب الإداري وأحكامهم جيدة، فنحن نتابعها من خلال الصحف التي تقوم بنشر هذه الأحكام التي لها صدى ولها قوة، وهي تبين أن هناك رجالا قادرين على تولي القضاء الإداري.
ما سلبيات وعيوب قانون المرئي والمسموع الجديد؟
هذا القانون لم أطلع عليه بشكل موسع، لكن من تطبيقاته ألاحظ أن هناك تحجيما لحرية الرأي والبحث العلمي من خلال ما نراه وما نسمعه من أحكام صدرت بعد هذا القانون. فالنقد مباح وحرية النقد مكفولة والبحث العلمي مكفول، لكن وضع ضوابط قوية وقاسية سواء للصحافي أو للباحث أو للناشر أو لصاحب الجريدة فيه تقليص لحجم الحريات. فكل واحد لديه القدرة على النقد ولكن في نفس الوقت هناك رقابة ذاتية. فمن الممكن نشر أي مقال صحافي بأي جريدة بحيث تكون هناك رقابة ذاتية من الكاتب نفسه، فنحن لدينا حرية والحمد لله ليست موجودة عند كثير من الدول. لكننا نأمل أن تكون الحرية مفتوحة أكثر مع وجود الرقابة الذاتية بحيث تكون هناك ضوابط بحيث لا نصل إلى حد السب والقذف أو الطعن في الذات الإلهية أو المساس بذات الأمير، أما الأمور الأخرى التي يباح فيها النقد فلا مانع من الكتابة فيها بأي شكل طالما الرقابة الذاتية موجودة. فهناك أمور كثيرة تحتاج للنقد كالتجاوزات المالية والفساد الإداري المنتشر في البلد في هذه الفترة، وهذا يصب في صالح الوطن وينبغي أن ننتقده بكل ما أوتينا من قوة ومن قدرة.
الروبية عملة كويتية
ما ملاحظاتك على قانون الجزاء الكويتي؟
للأسف الشديد منذ صدور هذا القانون، وحتى الآن لم يتم إحداث تغيير كبير فيه، لكن هناك ملحقات كثيرة تصدر في قانون الجزاء كما حدث في قانون المخدرات وقانون حيازة الأسلحة وقانون المؤثرات العقلية وغيرها، إلا أننا مازلنا نرى في قانون الجزاء مواد تتعلق بالغرامات وهي مذكورة بالروبية التي كانت العملة الكويتية القديمة قبل الدينار. فلابد من مجلس الأمة أن يراعي هذا الأمر وتقوم لجنة من المختصين بسن القوانين بغربلة قانون الجزاء من كل ذكر لهذه العملة التي تم إلغاؤها منذ زمن ومازالت موجودة في بعض مواد القانون.
ماذا ترى في الإبعاد الإداري؟
الإبعاد الإداري، وإن كان من اختصاص وزارة الداخلية أو وزير الداخلية بالذات، فإنه لابد أن يراعى فيه الجانب الإنساني وأن يؤخذ قرار الإبعاد بحزم وبدقة وبعد بحث وتأن، وليس مجرد إشاعة لا تقوم على معلومات دقيقة أو أدلة دامغة فلابد أن تتأنى الوزارة في اتخاذ شتى الإجراءات المتعلقة بالإبعاد الإداري قبل أن تقوم بإبعاد أي وافد مع بيان أسباب إبعاده موضحة أن هذا الشخص المبعد يسيء للكويت وهنا يكون من حق وزارة الداخلية أن تقوم بإبعاد الشخص غير المرغوب فيه.
كما أنني أتمنى أن يتم الإبعاد الإداري من خلال القضاء لأنه ليس عملا سياديا وإنما هو عمل إداري. فنحن لا نطالب لأحد بالجنسية الكويتية أو أمر من أمور السيادة، إنما هو قرار إداري قابل للنقاش. ففي كثير من الحالات أسيء كثيرا لقرار الإبعاد الإداري وقد تم إبعاد أشخاص كثيرين لم يرتكبوا ذنبا واحدا يستحقون عليه الإبعاد، فلابد من إعادة النظر في مسألة الإبعاد الإداري.
مشكلة أزلية
ما رأيك في قضية «البدون»؟ وما أفضل حل لهذه المشكلة؟
هذه مشكلة أزلية ولكن من وجهة نظري قد يكون لها حل بمنحهم إقامة دائمة بعد التحقق من وضع كل منهم وتحديد أصله وفصله، من منهم يستحق البقاء في الكويت يتم منحه إقامة دائمة، إذا كان من المستحيل منحه الجنسية، فمشكلة البدون الآن أنهم أصبحوا من دون تعليم، من دون عمل، من دون رعاية صحية، من دون أي شيء وهذا أمر غير إنساني لا يتيح لهذه الشريحة من الناس أن تعيش بالحلال، مما يدفع الكثير منهم لارتكاب الجرائم، ونحن نساهم معهم في ارتكاب هذه الجرائم.
دور التحكيم
ما رأيك في التحكيم؟
التحكيم هو إجراء قانوني قديم كان مطبقا في الكويت من خلال الأعمال التجارية القديمة سواء كان بالسفر أو بالقروض أو بالتجارة، وكان لغرفة التجارة والصناعة دور قوي في هذا المجال عندما كانت تنشأ منازعات تجارية بين التجار، وحاليا هناك إقبال على التحكيم وهناك انتشار أكثر للتحكيم نتيجة الروتين وبطء إجراءات المحاكم التقليدية لأنه أسهل وأبسط وأسرع في حسم الخلافات والنزاعات خاصة في القضايا التجارية، لدرجة أن هناك كثيرا من المحامين يلجأون إلى مركز التحكيم في جمعية المحامين في سبيل حصولهم على أتعابهم في حالة نشوب نزاع على الأتعاب بين المحامين وموكليهم.
ما أهم القضايا العامة التي تهم المواطن الكويتي؟
من أهم القضايا التي تلفت الانتباه في الشارع الكويتي أنك تلاحظ شيئا من فقدان الثقة بين المواطن والحكومة، وفقدان الثقة يترتب عليه أن المواطن يفكر في كثير من الأمور، وسأضرب لك مثلا على ذلك، فالحكومة تأتي اليوم وتقرر أنه ليست هناك زيادة في رواتب الموظفين، وليست هناك نية لإسقاط القروض، وغيرها من الأمور التي تلامس دخل المواطن ومعيشته بشكل مباشر، وفي نفس الوقت تجد أن الحكومة تساهم بتبرعات خارجية، التي من الممكن أن يكون لها مردود إيجابي على الدولة، إلا أن المواطن البسيط لا يرى ذلك ويعتقد أنه هو أولى من غيره بهذه الأموال التي تنفق في الخارج على شكل تبرعات أو غيرها. فمن المنطقي أن أفكر في المواطن الكويتي قبل أن أفكر في غيره. فمسألة التعليم في حاجة إلى تطوير، والصحة محتاجة إلى تعديل، والإسكان في حاجة إلى تعديل، فقد ينتظر المواطن الكويتي لعشر سنوات أو أكثر حتى يحصل على قسيمة ليبني عليها بيتا يقطنه هو وأولاده رغم أننا والحمد لله لدينا القدرة المادية ولدينا سيولة ووفرة وفائض في كل شيء، والكل يأمل في حدوث تغيير.
المرأة والقضاء
ماذا ترى في موضوع المرأة والقضاء؟ وهل توافق على اعتلاء المرأة منصة القضاء؟
أولا أنا أوافق على اعتلاء المرأة منصة القضاء فليس هناك ضير في ذلك، فلدينا ولله الحمد قانونيات على مستوى عال جدا من الثقافة القانونية والعلم القانوني والإدراك القانوني وكثير منهن وصلن إلى مراكز عالية في إدارة الفتوى والتشريع وفي الإدارة العامة لبلدية الكويت، وفي الإدارات القانونية بالشركات والبنوك وجميع أجهزة الدولة.
وبفضل الله وصلت المرأة الكويتية إلى مرحلة من النضج القانوني الذي يمكنها من اعتلاء منصة القضاء، وأتمنى أن تكون «شروق الفيلكاوي» التي رفعت دعوى تطالب فيها بإلغاء قرار وزير العدل بصفته والذي يقضي بتعيين الذكور دون الإناث في وظيفة «باحث مبتدئ قانوني» أول وكيلة نيابة في تاريخ الكويت، فالله يوفقها.
مخاصمة القضاء
ما رأيك في مسألة سن قانون لمخاصمة القضاء؟
أنا مع الفكرة، وهو مبدأ قانوني مطبق في مصر فهناك قانون مخاصمة القضاء، فالقاضي في النهاية إنسان يصيب ويخطئ، ورغم أن هناك ثلاث درجات للتقاضي من أجل حفظ الحقوق، إلا أن هناك اختلافا يحدث في مبادئ التمييز من محكمة لأخرى، وهذا الاختلاف قد يثير نوع من الغموض أو الشك لدى المتقاضين ولدى رجال القانون أنفسهم.
وبالتالي فمخاصمة القضاء حق مكفول، وهو طرح إيجابي ولكن لابد من وضع ضوابط في هذا الخصوص للمحافظة على هيبة القاضي ومركزه الحساس، وأنت هنا لا تحاسب الشخص وإنما تحاسب الخطأ المهني الذي قد يقع فيه القاضي.
ما تعليقك على اتحاد مكاتب المحامين؟
هي فكرة جيدة وأهدافهم جيدة إن شاء الله، ولكن كنت أتمنى أن يكون تعاونهم وما ينادون به من أفكار ومن طرح ومن مبادئ من خلال جمعية المحامين الكويتية حفاظا على وحدة الصف، فعندما ينادي اليوم مجموعة من الأشخاص بإنشاء اتحاد لمكاتب المحامين وتأتي غدا مجموعة أخرى تنادي بإنشاء جمعية أو اتحاد آخر فهذا بالطبع يدعو للتشتت، فإذا أردت أن تفيد المحامين فلتقدم ما لديك من خلال الجمعية.
ما رأيك فيما يدور في كواليس السياسة من شد وجذب بين النواب والحكومة؟
هذا وضع طبيعي وهذه أمور صحية في بلد ديموقراطي كالكويت، ولكن لماذا نصل في الاستجواب لدرجة من الحدة تفقده معناه وجوهره؟ لماذا لا يكون النائب بسيطا في طرحه وفي أسئلته للوزير؟ ولماذا لا يكون الوزير في رده على الاستجواب صادقا مقنعا، وأن تتسم إجاباته بالشفافية؟ لماذا لا نؤدي عملنا بإخلاص وأمانة وشفافية حتى نتجنب كل هذه الأمور. فلنأخذ مثلا على هذا الاستجواب الأخير لوزير الإعلام، فقد كان استجوابا سريعا غير مدروس، كما أن طرح الاستجواب جاء متأخرا، فلو كان توقيته قبل التعديلات التي حدثت لقانون المرئي والمسموع لكان معقولا، كما أن الاستجواب الذي قدمه قبله النائب مبارك الوعلان لوزير الأشغال لم يكن هناك توافق بين أعضاء مجلس الأمة أنفسهم بشأن هذا الاستجواب.
ما الدرس الذي تعلمته من مهنة المحاماة؟
علمتني المهنة الصبر، والصبر، والصبر، فالمحامي يتعرض لضغوط كثيرة تصل أحيانا لدرجة أنك لا تجد من يعينك عليها، ولا تجد إلا أن تستعين برب العالمين وتتحلى بالصبر حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا، فإذا كان الموكل لا يدفع أتعابك، والقاضي لا يرحمك، فأنت واقع تحت ضغوط كبيرة لا يخلصك منها إلا الصبر والاستعانة بالله عز وجل.