قضت دائرة تمييز الجنح أمس برئاسة المستشار نايف المطيرات وعضوية المستشارين خالد هزاع العنزي ويحيى يوسف ماضي بعدم جواز الطعن المقدم من النيابة العامة ضد حكم البراءة الصادر من محكمة الاستئناف لصالح الكاتب والمحامي محمد عبدالقادر الجاسم، وجاءت اسباب الرفض محددة بتجاوز طلب الطعن الذي تقدمت به النيابة العامة المدة القانونية ولخلو حكم الاستئناف من عقوبة الحبس.
وكانت محكمة الجنح المستأنفة قد قضت بإلغاء حكم محكمة أول درجة القاضي بحبس الجاسم ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسة آلاف دينار لوقف النفاذ وقضت ببراءته من تهمة سب وقذف سمو الشيخ ناصر المحمد أثناء ندوة بديوان العليان.
وفي تصريح خاص لـ «الأنباء»، قال الكاتب محمد الجاسم ان سمو رئيس مجلس الوزراء قرر أنه مارس حقه في التقاضي، وبعد صدور الأحكام النهائية ببراءتي فأنا أيضا سأمارس حقي في التقاضي، وسأقدم قريبا دعوى بلاغ كاذب ضد سمو الشيخ ناصر المحمد في أحد مخافر الكويت فيما يتعلق بهذه الدعوى.
من جهته، قال المحامي جاسر الجدعي (رئيس فريق الدفاع عن الجاسم) ان حكم دائرة تمييز الجنح جاء ليؤكد براءة زميلنا محمد عبدالقادر الجاسم وليؤكد استقلالية القضاء والابتعاد عن أي تأثيرات خارجية أو داخلية، وهو سندنا الحقيقي لمواجهة أي أخطار يتعرض لها الزملاء.
مضيفا: وإذ نؤكد على أحقية الأفراد، على اختلاف مستوياتهم، باللجوء إلى الطريق القانوني، نؤكد في الوقت ذاته أن الحق أحق أن يتبع، والحقيقة يجب أن تطغى. ونشكر لكل من أيد هذا النهج ودفع باتجاهه، ونعاهد كل الزملاء بالوقوف مع الحق أينما كان، وسندافع عن المهنة وأعضائها مهما كانت الأسباب.
وفيما يلي نص حكم المحكمة:
نص حكم الوقائع
أسندت النيابة العامة للمطعون ضده انه في يوم 18/10/2009 بدائرة اختصاص مخفر شرطة الروضة:
1- اسند للمجني عليه الشيخ ناصر محمد الأحمد الجابر الصباح – رئيس مجلس الوزراء – على مسمع ومرأى من آخرين غير المجني عليه لو صحت تستوجب عقابه وتؤذي سمعته وذلك بأن نسب اليه الوقائع المبينة في التحقيقات في الندوة المقامة بتاريخ 18/10/2009 تحت عنوان «الكويت وين رايحة» على النحو المبين بالتحقيقات.
2- سب المجني عليه الشيخ ناصر محمد الأحمد الجابر الصباح – رئيس مجلس الوزراء – على مسمع ومرأى من آخرين غير المجني عليه وقائع وذلك بأن وجه اليه العبارات والألفاظ المبينة بالتحقيقات في الندوة المقامة بتاريخ 18/10/2009 على نحو يخدش شرفه واعتباره على النحو المبين بالتحقيقات.
- وطلبت عقابه بالمادتين 209 و210 من قانون الجزاء.
- وعرضت الدعوى على محكمة الجنح التي قضت حضوريا بجلسة 1/4/2010 بحبس المطعون ضده ستة اشهر مع الشغل وكفالة خمسة آلاف دينار لوقف التنفيذ عن التهمتين المسندتين اليه للارتباط وفي الدعوى المدنية بالزامه بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ 5001 د.ك (خمسة آلاف ودينار على سبيل التعويض المؤقت عما اصابه من اضرار وألزمته مصروفات الدعوى المدنية وعشرة دنانير مقابل اتعاب المحاماة).
- واستأنف المطعون ضده هذا الحكم كما استأنفته النيابة العامة، وقامت محكمة الجنح المستأنفة بنظر الاستئنافين وانتهت في جلسة 12/7/2010 الى القضاء بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بالغاء الحكم المستأنف وببراءة المتهم مما اسند اليه ورفض استئناف النيابة العامة والتأييد فيما عدا ذلك.
ولم ترتض النيابة العامة ما انتهت اليه محكمة الجنح المستأنفة فتقدمت لادارة كتاب محكمة التمييز بتاريخ 12/7/2010 مقررة بالطعن بالتمييز واودعت اسباب طعنها في تاريخ 9/8/2010 امام محكمة التمييز وسجل تحت رقم 567/2010 ثم قامت بايداع ذات الاسباب امام محكمة استئناف الفروانية بتاريخ 19/9/2010 لتنظرها هذه الدائرة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الاوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
وحيث من المقرر قانونا ان الطعن بالتمييز هو طريق استثنائي من طرق الطعن في الاحكام خصص له الباب الثاني من القانون رقم 40 لسنة 1972 بشأن حالات الطعن بالتمييز في المواد الجزائية، واضيفت المادة 200 مكرر بالقانون رقم 73 لسنة 2003 للقانون رقم 17 لسنة 1960 باصدار قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية بشأن جواز الطعن في الاحكام الصادرة من محكمة الجنح المستأنفة بعقوبة الحبس امام محكمة الاستئناف العليا – بهيئة تمييز – طبقا للحالات والمواعيد والاجراءات المقررة للطعن بالتمييز والطعون الجزائية المنصوص عليها في القانونين رقمي 17 لسنة 1960 و40 لسنة 1972 والمرسوم بالقانون رقم 38 لسنة 1980.
ولما كانت المادة 200 مكرر بالقانون 73/2003 قد احاله الى القانون 40/1972 بخصوص مواعيد واجراءات الطعن بالتمييز بالجنح، وقد تناول الباب الثاني من القانون 40/1970 تلك المواعيد والاجراءات بشأن الطعن بالتمييز في المواد الجزائية في المواد 9، 10، 13، 15 اذ ان المادة 9 تنص: «ميعاد الطعن بالتمييز ثلاثون يوما من تاريخ النطق بالحكم»، بينما تنص المادة 10: «يحصل الطعن بتقرير في قلم كتاب محكمة الاستئناف العليا ويجب ايداع الاسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد المنصوص عليه في المادة السابقة. اذا كان الطعن مرفوعا من النيابة العامة، فيجب ان يوقع اسبابه رئيس نيابة على الاقل. اذا كان مرفوعا من غيرها فيجب ان يوقع اسبابه محام. لا يجوز ابداء اسباب اخرى امام الدائرة غير الاسباب التي سبق بيانها في الميعاد سالف الذكر»، بينما تنص المادة 13: «لا يتعدى تمييز الحكم الاوجه التي بني عليها، ما لم تكن التجزئة غير ممكنة. اذا لم يكن الطعن مقدما من النيابة العامة فلا يقبل الطعن الا بالنسبة الى من قدم الطعن ما لم تكن الاوجه التي بني عليها التمييز تتصل بغيره من المتهمين معه، وفي هذه الحالة يحكم بتمييز الحكم بالنسبة اليهم جميعا ولو لم يقدموا طعنا ولو كانت التهم الموجهة اليهم من الجنح». وتنص المادة 15 «يجري على الطعن المنظور امام دائرة التمييز القواعد والاجراءات التي تجري على الطعون الجزائية امام محكمة الاستئناف العليا، ما لم ينص القانون على غير ذلك».
ومما تقدم فان الطعن بطريق التمييز يتم بتقرير في قلم كتاب محكمة الاستئناف العليا، وميعاد تقديم التقرير الطعن ثلاثون يوما تحسب من تاريخ النطق بالحكم المطعون فيه، وكذلك محل وميعاد ايداع اسباب الطعن، وتجاوز ميعاد ايداع الاسباب يترتب عليه الحكم بعدم قبول الطعن شكلا حتى ولو تم التقرير بالطعن في الميعاد، اذ انه متى كانت مذكرة اسباب الطعن بالتمييز لم تقدم لقلم كتاب محكمة الاستئناف العليا في الميعاد المحدد قانونا فانها لا تنتج اثرها القانوني، اذ ان التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وان تقديم الاسباب التي بني عليها في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وان التقرير بالطعن وتقديم اسبابه يكونان معا وحدة اجرائية لا يقوم احدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
وحيث لما كان ذلك وكان الثابت من الاطلاع على تقرير الطعن بالتمييز انه موقع من قبل الاستاذ المحامي الاول ممثلا عن النيابة العامة بتاريخ 9/8/2010 ومذيل بتوقيع منسوب للمحامي الاول وتوقيع كاتب محكمة التمييز ومدير ادارة كتاب محكمة التمييز وسجلت تحت رقم تمييز 567/2010، بينما ثبت من مذكرة اسباب الطعن انها مذيلة باسم الاستاذ رئيس النيابة، ومؤشر عليها بتاريخ 9/8/2010 من قبل الاستاذ المحامي العام الاول بعبارة نظر وتودع ملف الدعوى وتم ايداعها في تاريخ 9/8/2010 بالطعن الجزائي رقم 567/2010 لدى محكمة التمييز ثم اودعت بعد ذلك لدى محكمة استئناف الفروانية دائرة جنح التمييز بتاريخ 19/9/2010، فان الطعن في هذه الحالة لم يستوف الشكل القانوني، وذلك لعدم التقرير به وايداع اسبابه في الميعاد القانوني وهو ثلاثون يوما من النطق بالحكم الصادر 12/7/2010، فالاوراق قد خلت من تقرير طعن مودع لدى ادارة هذه المحكمة وايداع الاسباب امام هذه المحكمة لم يتم الا في 19/9/2010 وفق الثابت من ختم الايداع على متن الاسباب، ولا يقدح في ذلك تقرير الطعن بالتمييز الثابت في الاوراق لكونه تقريرا مقدما امام محكمة التمييز الخاصة بالجنايات وليس امام هذه المحكمة وذلك ثابت في بياناته ولا يغير من ذلك ما ادخل عليه من تغيير بخصوص عبارة محكمة التمييز الثابتة على متنه بشطب كلمة التمييز واضافة كلمة استئناف، اذ ان العبرة بالبيانات الواردة بالتقرير والثابت فيها حضور المحامي العام الاول بتاريخ 9/8/2010 وتوقيعه على ما قرره من بيانات الطعن امام ادارة كتاب محكمة التمييز وهو يظهر واضحا وجليا بتوقيع كاتب محكمة التمييز ومدير ادارة كتاب محكمة التمييز مما يؤكد ان التقرير بالطعن بالتمييز هو امام محكمة التمييز وليس امام قلم ادارة كتاب هذه الدائرة التابعة لمحكمة الاستئناف، وان الرقم المدون على متن التقرير تحت رقم 567/2010 يؤكد اخذها رقم دعوى امام محكمة تمييز الجنايات كما هو ثابت في الختم الوارد على مذكرة اسباب الطعن بالتمييز الذي قدم ابتداء امام محكمة التمييز بتاريخ 9/8/2010 وتسجيله تحت رقم 567/2010 طعن جزائي، ولما كان ذلك وكانت الدعوى قد خلت من تقرير الطعن بالتمييز امام هذه الدائرة، فضلا على ان اتصال المحكمة باسباب الطعن لم يتم الا في تاريخ 19/9/2010 اي بعد ميعاد الطعن المقرر قانونا، مما كان يتعين معه عدم قبوله شكلا، الا انه لما كان عدم الجواز مقدما على عدم القبول شكلا، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر ببراءة المتهم وبالتالي فليس من الاحكام الجائز الطعن فيها بالتمييز اعمالا لحكم المادة «200 مكررا» من القانون رقم 17 لسنة 1960 باصدار قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية المضافة بالقانون رقم 73 لسنة 2003 قد قصرت الطعن امام هذه المحكمة – محكمة الاستئناف العليا بهيئة تمييز – على الاحكام الصادرة من محكمة الجنح التمييز المستأنفة بعقوبة الحبس فحسب، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى ببراءة المطعون ضده، ومن ثم قد خلا الحكم من عقوبة الحبس مما يكون الطعن فيه بطريق التمييز غير جائز.
ولما كان ذلك وكانت يد المحكمة مغلولة من التعرض للحكم المطعون فيه الا ان ذلك لا يمنعها من التنويه الى ان ما شاب منطوق الحكم المطعون من غموض ولبس بخصوص عبارة «والتأييد فيما عدا ذلك» محله حكم المادة 125 مرافعات في طلب التفسير امام محكمة الجنح المستأنفة التي اصدرته.
فلهذه الاسباب
حكمت المحكمة بعدم جواز الطعن.