في غضون العام 2009 صدر مرسوم أميري بتنظيم كادر السلطة القضائية بتوجيه ورعاية من حضرة صاحب السمو الأمير. فقد أمر سموه بتخصيص هذا الكادر للسلطة القضائية. وقد شكل هذا المرسوم نقطة فارقة في إعطاء السلطة القضائية (المحاكم والنيابة العامة) وضعها الطبيعي من التميز الفارق بينها وبين الفئات القانونية المختلفة باعتبار أن القضاء ولاية وليس مجرد وظيفة، وتقديرا لدور القاضي المتميز.
وتقول مصادر قضائية: ورغم هذا المرسوم الواضح، فقد سعت فئات قانونية أخرى بطلب مساواتها بالقضاة، منها الإدارة العامة للتحقيقات وإدارة الفتوى والتشريع وقانونيي البلدية. وقد كانت هناك ضغوط من هذه الفئات مدعية أنها من السلطة القضائية.
فنتج إزاء هذه الضغوط إقرار زيادات بنسب متفاوتة مما أدى إلى مزيد من الضغط، فتنامى إلى أسماع أعضاء السلطة القضائية نية الحكومة إقرار زيادة لأعضاء إدارة الفتوى والتشريع وباقي الكوادر القانونية باعتبارها هيئات قضائية، أو على أقل تقدير زيادة مساوية للكادر القضائي باعتبار أن المساواة في المركز المالي يعني مساواة في المركز القانوني، مما شكل موجة عارمة من الاستياء في صفوف أعضاء السلطة القضائية على كل المستويات من مستشارين وقضاة وأعضاء نيابة.
وأكدت المصادر القضائية أن أعضاء السلطة القضائية لا يعارضون هذه الزيادة الممنوحة لهؤلاء القانونيين، تأسيسا على مبدأ الفصل بين السلطات، وإنما الاعتراض مبني على معيارين أساسيين خاصين بالقضاء: أولهما ألا تكون أي زيادة باعتبار الجهة الطالبة جهة قضائية، وثانيهما ألا تكون الزيادة مساوية للكادر القضائي.
وأضافت المصادر أن تعامل الحكومة مع القضايا التي تمس السلطة القضائية أدى في الفترات السابقة إلى امتعاض من قبل أعضاء السلطة القضائية على مختلف درجاتهم، ذلك أن تعامل الحكومة مع قضايا مثل تجميد قرار زيادة رواتب أعضاء السلطة القضائية المعارين والتي أقرها المجلس الأعلى للقضاء منذ قرابة عامين وعدم تنفيذه إلى الآن خلافا لعدم تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات، هي مؤشرات تأزيم بين السلطتين التنفيذية والقضائية.
كما أن مساواة موظفي إدارات الحكومة المختلفة بأعضاء السلطة القضائية من الناحية المادية يعد نقضا للتعهدات السابقة بتمييز أعضاء السلطة القضائية عمن سواهم من القانونيين والذي تعهدت به الحكومة حين تم الاتفاق مع القضاة في دعواهم المشهورة ضدها، وذلك كاتفاق لسحب تلك الدعوى. فالإخلال بهذا الاتفاق يعيد الطرفين إلى المربع الأول، وذلك برجوع تلك الدعوى وإثارتها من جديد.
وتضيف المصادر: علاوة على أن في ذلك مخالفة صريحة لتوجيهات صاحب السمو الأمير الذي أمر بإقرار الكادر القضائي وخص به أعضاء السلطة القضائية (المحاكم والنيابة العامة) دون سواهم. كما أن المادة (50) من الدستور والمتعلقة بالفصل بين السلطات تعتبر أن السلطة القضائية سلطة مستقلة بذاتها. ويجب أن تحترم القرارات التي تصدر عن المجلس الأعلى للقضاء باعتباره هرم السلطة القضائية. وقد تداعى المئات من المستشارين والقضاة وأعضاء النيابة العامة للاجتماع واتخاذ الموقف اللازم حيال تراجع الحكومة عن تعهداتها.
وعلمت «الأنباء» من مصادر مقربة من الجهاز القضائي أنه تم عقد اجتماع موسع شارك فيه العديد من رجال السلطة القضائية، حيث تمت مناقشة جميع الخيارات المتاحة أمام أعضاء السلطة القضائية لحفظ مكانتهم بين بقية الفئات القانونية.
وذكرت المصادر أن سكوت أعضاء السلطة القضائية وتحليهم بالحلم طوال الفترة الماضية إنما جاء تمسكا بالتقاليد القضائية وترفع عن الدخول في سجالات قد تليق بمن لا تحيطه التقاليد القضائية، إلا أنها لا تتناسب وشرف الانتساب للسلطة القضائية.
كما أكدت المصادر أن عددا من المستشارين والقضاة بالمحكمة يسعون خلال الأيام القليلة القادمة إلى تحديد موعد للقاء سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد لمقابلته بخصوص الموضوع نفسه.
وأضافت المصادر أن القضاة سيذكرون سمو الرئيس بالاتفاق الذي تم بين سموه وبينهم على إعطاء ميزة نقدية للقضاة لا يشاركهم فيها أي فئة.
وصرح عدد من القضاة بأن المساواة بينهم وبين أعضاء الفتوى والتشريع غير مقبولة ومرفوضة جملة وتفصيلا، وما طلب مقابلة سمو الرئيس إلا لتبرئة النفس أمام سمو الرئيس حتى لا يلام القضاة بعد ذلك فيما يتخذونه من إجراءات.
وأكد القضاة أنه إذا كان 200 شخص قد غيروا من نهج الحكومة في التعامل مع هذا الأمر فإن عدد القضاة يربو على عددهم بأكثر من 3 أضعاف.