- التحكيــم وسيلـة سريعة وحضاريـة لحل المشكـــلات بعيـداً عـــن ساحات التقاضي وإجراءاتــــه
- الجهــاز القضائـي في الكويت جيد جـداً مـن حيث النظام والآلية
- قانون المرافعات مقبول لكنه في حاجة إلى التعديل لمواكبة متغيرات العصر
مشواري في مهنة المحاماة والحمد لله كان ناجحا وخصوصا أنني تتلمذت على أيدي أساتذة ومحامين لهم مكانتهم القانونية المرموقة وأخص بالذكر المحامي مبارك مجزع الشمري والمحامي خالد عايد العنزي الذي مازلت أعمل معه في نفس المكتب.
وأنتهز هذه الفرصة لأقدم لهما جزيل الشكر وعظيم الامتنان على ما قدماه لي من علم وخبرة. وعلى المستوى الأسري أنا اكتسبت شغفي بالقانون ومهنة المحاماة من أخي الأكبر د.خالد رميح. بهذه الكلمات بدأ المحامي فايز رميح الدجيني حديثه لـ«الأنباء» وهو خريج كلية الحقوق جامعة فيلادلفيا بالمملكة الأردنية الهاشمية سنة 2006/2007.
وعضو جمعية المحامين الكويتية وعضو اتحاد المحامين العرب «الأنباء» التقت الدجيني ومعه كان هذا الحوار:
ماذا تعني لك مهنة المحاماة؟
تعني لي رسالة الدفاع عن الحق وإزهاق الباطل والوقوف بجانب المظلوم ونصرته ومحاربة الفساد بجميع أنواعه وجعل العدالة التي هي غاية المجتمعات المتحضرة الميزان الأول والدائم لقيام مجتمعنا الحبيب.
فالمحاماة كلمة كبيرة في معناها يعجز أي وصف مهما كبر عن إتيان جزء منها لأنها رسالة حق. فهي نبراس المجتمع الذي بدونه يهلك المجتمع في غيوم من الجهل والظلم والمحسوبية. لذلك لا نرى عجبا أن المحامي في المجتمعات المتحضرة يتولى مناصب قيادية ومرموقة لما وصل إليه من علم وما أكسبته مهنته من خبرة ودراية. وأرى أن أهم المناصب التي يجب على كل محام أن يطمح إليها هي المناصب التشريعية لأنها من أكثر الناس دراية بالقانون ومتطلباته.
هموم المهنة
حدثنا عن هموم المحاماة وأبرز مشكلات المهنة؟
أرى أن مهنة المحاماة، بالرغم من كونها من أرقى وأشرف المهن، ينظر إليها دائما نظرة المتهم بأنها مهنة الهدف منها جمع الربح دون النظر إلى الوسيلة التي يأتي منها هذا الربح وأنها مهنة الدفاع عن الظالم ومناصرته. بل إنها مهنة من شأنها إفساد المجتمع. ولا عجب في أن القائل بهذا هو من جهل الغاية من المحاماة. فالمحاماة هي القضاء الواقف أمام الفساد والمدافع عن المجتمع والمحارب لأجله.
لذلك نرى أن هذه النظرة تترك أثرا سيئا لدى المحامي الشريف إلا أن المحامي أولا وأخيرا يعمل دون النظر إلى ما يقال عن مهنته. علاوة على هذا نرى أن من هموم المهنة عدم وجود وقت محدد للعمل فيها، فالمحامي كالطبيب مطلوب في أي وقت، مما يؤثر على حياته الخاصة. أما عن مشكلات المهنة فهي كثيرة متعددة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر عدم استقرار العائد المادي للمحامي للوفاء باحتياجات أسرته وإنفاق الأموال لتسليح نفسه بالعلم ليواكب متطلبات مهنته.
جيد جدا
ما أهم مشكلات التقاضي والمتقاضين؟
أرى أن أهم المشكلات التي تواجه المتقاضي هو رغبته في إنهاء مشاكله بسرعة، مع العلم أن الجهاز القضائي في الكويت والحمد لله من حيث نظامه وآليته جيد جدا إلا أن المتقاضي ينظر إليه دائما على أنه بطيء في حين أن هذا البطء ليس إلا لضمان أن يذهب الحق إلى أصحابه علاوة على أن الجهاز القضائي ليس فقط ساحات المحاكم فهناك مندوبو الإعلانات والتنفيذ وغيرها من الإجراءات.
علاوة على هذا نجد أن هناك فئة من مدعي مهنة المحاماة الذين يلجأ إليهم بعض المتقاضين رغبة منهم في تقليل مصاريف التقاضي، وهذا يسبب الكثير من المشاكل حيث انهم قد يجهلون القانون ويتسببون في أخطاء تفقد أصحاب الحق حقهم علاوة على أنه لا يستطيع أحد مساءلتهم لأنهم ببساطة ليسوا محامين.
القضايا الجزائية
ما نوع القضايا التي تحب أن توكل إليك؟
تستوي جميع القضايا بالنسبة إلي من حيث أهميتها، ففي القضايا الجزائية أدافع عن المتهم المظلوم لنجدته، ومن ثم العبور به وبأسرته إلى بر النجاة. وفي القضايا المدنية يمكن أن تكون سببا في تحطيم آمال أسرة وطموحات أفراد وذلك إذا أخذ الحق من ليس له الحق فيه. علاوة على أن قضايا الأحوال الشخصية من شأنها الحفاظ على كيان الأسرة والجيل القادم في حالة، لا قدر الله، انفصال الزوجين.
البراءة
ما أهم القضايا التي ترافعت فيها أو صادفتك؟
بالنسبة لي جميع القضايا التي أوكل بها تكون مهمة ومهمة جدا فلا أفرق بين القضايا الجنائية والمدنية ولا حتى بالنسبة للأحوال الشخصية. وبذكر القضايا أخيرا قد وكلت في قضية جنائية وهى الاتجار وتعاطي المخدرات ولله الحمد قد حصل موكلي على البراءة من التهم المنسوبة إليه حيث ترافعت موضحا لعدالة المحكمة عدم كفاية الأدلة وبطلان إجراءات القبض والتفتيش.
المحامي كالطبيب
هل يمكن أن تقبل الدفاع عن متهم وأنت تعلم أنه مرتكب الجريمة؟
بداية أود أن أوضح أن الهدف من وراء الدفاع عن فرد ليس هو نجاة هذا الشخص من العقوبة إنما مراعاة الإجراءات التي اتبعت ليتم القبض على هذا الشخص ومن ثم تقديمه للمحاكمة. فنحن حينما ندافع عن فرد مجرم بالفعل فإننا ندافع عن مجتمع بأكمله إذ انه بفرض أنه فعلا ارتكب هذه الجريمة إلا أنه لم يتم القبض عليه بالطريق القانوني مما يهدد غيره من الأبرياء أن يزج بهم في السجون دون أن يفعلوا شيئا.
ويراودني في هذا السؤال حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «لأن يخطئ الإمام في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة». فالرسول صلى الله عليه وسلم اختار أن يعفو صاحب الأمر خير من أن يعاقب وهو شاكك في إتيان الجرم. علاوة على أن المحامي كالطبيب، فالمحامي لم يعلم أن الشخص ارتكب الجريمة إلا بسبب ممارسته مهام مهنته شأنه في ذلك شأن الطبيب عندما يعرف أن المتهم ارتكب جريمة وهو تحت تأثير المخدر فيمتنع عليه البوح بها بسبب ممارسة وظيفته.
نطمع في المزيد
ما رأيك في قانون المحاماة الحالي؟
أرى أن قانون المحاماة الحالي جيد في بعض نواحيه إلا أنه غير مفعل. غير أن المحامين يطمعون في مزيد من التعديلات بما يتماشى مع مقتضيات المهنة. ولذلك نناشد الأخوة بجمعية المحامين وضع أسس لقانون جديد يحقق طموحات المحامين وتقديمه إلى مجلس الأمة عن طريق النواب المحامين.
تحفظ وحيد
هل لديك تحفظات على قانون الأحوال الشخصية؟
لي على قانون الأحوال الشخصية تحفظ وحيد وهو الخاص بتنفيذ الأحكام. فأرى أن يتم استثناء أحكام الأحوال الشخصية من ضرورة الإعلان لتنفيذ الحكم وخاصة الأحكام الصادرة في قضايا النفقة لما في ذلك من ضرر في حالة المراوغة من الجانب الآخر.
مقبول ولكن
ماذا ترى في قانون المرافعات؟
أرى أن قانون المرافعات الكويتي من حيث مقارنته بقوانين الدول الأخرى فهو مقبول إلا أنه شأنه شأن أي قانون آخر من خلق البشر يحتاج إلى التعديل ليواكب متغيرات العصر. فالكويت اليوم بخلاف الكويت قبل خمس سنوات. لذلك لابد للقوانين من أن تكون مرنة ومواكبة للمتغيرات التي تمر بالدول التي تحكم بها هذه القوانين.
الحرية المطلقة
ما ملاحظاتك على قانون الجزاء الكويتي؟
رغم أن القانون الكويتي قد أصاب حين أعطى القاضي الجزائي الحرية المطلقة في أن يمتنع عن النطق بعقاب المتهم إذا رأى أن الظروف التي واكبت الجريمة كانت ظروف من الصعب على المتهم تحملها، إلا أنه في بعض الجرائم لم يصل فيها بدرجة العقوبة لما تخلق الردع للمتهم المتجه إلى إتيان هذه الجرائم.
فالرأي أن النظر في عقوبات هذه الجرائم وللقاضي الحق في تخفيض العقوبة بما يتراءى له من ظروف القضية علاوة على أن قانون الجزاء الكويتي لم يتعرض حتى الآن للجرائم الإلكترونية والجرائم التي تتم عن طريق الإنترنت بالرغم من كونها أصبحت تفرض نفسها على ساحة القوانين الجزائية.
قانون الإيجارات
هل هناك مثالب أو عيوب في قانون الإيجارات؟
قانون الإيجارات يعتبر من أهم القوانين بدولة الكويت. وبالرغم من أنه حاول سد جميع العيوب والثغرات به إلا أننا نلاحظ وجود بعض العيوب في هذا القانون، منها أنه أنصف المالك حين يراوغ في تسلم الإيجار ليتحصل بذلك على حكم بطرد المستأجر.
وأرى أن القانون المصري كان في هذه الناحية أفضل حالا، إذ أعطى المستأجر الحق في إنهاء الدعوى إذا قام بسداد كامل الإيجار في المرة الأولى قبل قفل باب المرافعة. علاوة على أن قانون الإيجارات بالغ كثيرا في نسبة الزيادة المفروضة بعد مضي خمس سنوات من تاريخ بدء عقد الإيجار. وأخيرا أنه حصر أسباب الاستئناف في دعوى الإيجارات وبالتالي التمييز في سببين اثنين فقط وهو ما يعتبر إخلالا بحق الدفاع المخول للفرد بالدستور.
منصة الجمعية
ما رأيك في اتحاد مكاتب المحامين؟ وهل لهذا تأثير سلبي على جمعية المحامين؟
يهدف إلى إيجاد حلول لبعض المشاكل التي تواجهها جمعية المحامين الكويتية والتي لم تحل من قبل أعضاء مجلس الإدارة والتي سعى معظم المحامين لإيجاد حلول لها تحت منصة الجمعية. إلا أنهم اصطدموا بواقع مرير وهو التجاهل من قبل أعضاء مجلس الإدارة.
وهذا الشيء قد لمسته في الاجتماع الأخير لأعضاء الجمعية العمومية حيث كان هناك تكميم للأفواه وعدم السماح بمناقشة التقريرين الإداري والمالي على النحو الذي يطمح إليه المحامون. وللأسف فإن إشهار اتحاد مكاتب المحامين وإن كان حلا لبعض المشاكل التي تواجهها الجمعية إلا أنني أرفضه لأنه يسبب انفصالا في وحدة صف المحامين. كما أنه يسبب شرخا وانقساما لكيان المحاماة مما يؤثر سلبا على قوة وهيبة جمعية المحامين وبالتالي على المحامي ذاته.
مراقبة القضاء
ماذا ترى في الإبعاد الإداري؟
أرى أن الإبعاد الإداري في حد ذاته وسيلة لمواجهة المشاكل التي يتسبب فيها بعض المقيمين، إلا أنني أرى أنه لابد من أن يخضع الإبعاد الإداري لمراقبة القضاء، شأنه في ذلك شأن أي قرار إداري تصدره الجهة الإدارية خوفا من أن يتخلل هذه الوسيلة الممنوحة للجهة الإدارية سوء استغلال السلطة.
مشكلة شائكة
ما رأيك في قضية «البدون»؟ وكيف ترى الحل الأمثل لها؟
أرى أن مشكلة البدون مشكلة شائكة وهذا ببساطة بسبب كثرة الحديث عنها وتضخيم أثرها. وأنا هنا لا أعني بهذا التبسيط التقليل من آثار هذه المشكلة، بل بالعكس فأنا أرى أنه من الخطر الشديد أن تسمح الدولة لأشخاص بالبقاء فيها دون أن تحدد هويتهم ودون أن يعترف بهم سواء منها أو من دولة أخرى.
وأرى أن البدون ليسوا إلا مجموعة من الأفراد كانوا أساسا من جنسيات أخرى حجبوها طمعا في الجنسية الكويتية أو هم كويتيون أساسا وأرى أن الحل الأمثل لهذه المشكلة تطبيق القانون عليهم سريعا بحيث إما أن يعطوا الجنسية الكويتية وإما أن يرحلوا عن البلاد ويتم تحت رقابة القضاء.
حق ال?يتو
ما رأيك في محكمة الجنايات الدولية؟
أرى أن محكمة الجنايات الدولية أنشئت أساسا لمعاقبة مجرمي الحرب ومرتكبي الجرائم الإنسانية. والحقيقة أن شأنها في هذا شأن جميع مؤسسات الأمم المتحدة المغلولة الأيدي بسبب استخدام حق ال?يتو.
لهذا فإنني أري أن محكمة الجنايات الدولية لابد أن تكون لها استقلالية تامة عن مؤسسات الأمم المتحدة وأن تكون سيدة قرارها شأنها شأن القضاء العادل في أي من البلاد المتقدمة وأن يتم تنفيذ أحكامها عن طريق مجلس الأمن دون أن يعطي أحد حق وقف أو تغيير حكمها سواء باستخدام حق ال?يتو أو غيره.
الاذن أولا
هل يحق لمحام كويتي أن يترافع أمام المحاكم الأخرى في دول مجلس التعاون؟
يحق للمحامي الكويتي الحضور أمام محاكم دول مجلس التعاون أما باقي الدول العربية والأجنبية فيحق له الحضور فيها بعد أخذ إذن بذلك من وزير العدل بهذه الدول واتباع الإجراءات الخاصة بها.
وسيلة سريعة
ماذا ترى في التحكيم؟ وهل يمكن أن يحل التحكيم في يوم ما محل المحاكم التقليدية؟
التحكيم وسيلة سريعة وحضارية لحل المشكلات بعيدا عن ساحات التقاضي وإجراءاته، علاوة على أنه يخفف الحمل على كاهل القضاء الذي يتحمل فوق طاقته ويتناسب مع المشاكل الاقتصادية بصفة خاصة لما فيها من متطلبات التدخل السريع. وأرى أن يتم تطبيق التحكيم في جميع المشاكل الاقتصادية وأن يتم هذا تحت ضوابط يتم الاتفاق عليها مسبقا بما يحقق مصلحة أطرافه.
ولا يمكن للتحكيم أن يحل محل المحاكم التقليدية، فمكان التحكيم الصحيح المشاكل الاقتصادية ولا يمكن للتحكيم أن يأتي في القضايا الجزائية أو المدنية علاوة أنه قد لا يأتي بثماره أيضا أن القضايا الأسرية. لذلك فإن التحكيم والمحاكم التقليدية لابد أن يعملا كخطين متوازيين. فكل واحد منهما يعمل في مجاله ولا يمكن لأحدهم أن يحل محل الآخر.
الشارع الكويتي
ما أهم القضايا العامة التي تهم الشارع الكويتي في الوقت الراهن؟
هناك قضايا كثيرة تهم الشارع الكويتي وتؤثر عليه إيجابا أو سلبا أهمها القضايا السياسية والاختلافات بين الحكومة وأعضاء مجلس الأمة التي أرى أنها تهدم ما تم تشييده منذ بداية الحياة السياسية بالكويت من ديموقراطية وثقة متبادلة بين الحكومة وأعضاء مجلس الأمة اللذين يمثلان جناحي تقدم الحياة والازدهار والتنمية ببلدنا الحبيب الكويت.
الكثير والكثير
ما الدرس الذي تعلمته من مهنة المحاماة؟
العمل بمجال مهنة المحاماة أكسبني بصفة خاصة الكثير والكثير من الدروس التي أرى أن أهمها الصبر والاطلاع وقراءة ما بين السطور وصولا إلى إعطاء كل ذي حق حقه.
وإني أقر من خلال ممارستي لمهنة المحاماة أنه لا يضيع حق وراءه مطالب. وهناك ثلاث حكم تعلمتها أيضا من المهنة وهى الابتعاد عن فتنة الشهرة وفتنة المال وفتنة النساء.
المشاحنات الشخصية
هل لديك ما تريد إضافته أو ترى أننا نسينا شيئا لم نسألك عنه؟
أجل أتمنى من رئيس وأعضاء جمعية المحامين الابتعاد عن المشاحنات الشخصية وصغائر الأمور وأن يسعوا وراء المصلحة العامة التي تفيد المجتمع في الدرجة الأولى، ومن ثم المحامين، والمطالبة بتحريك ملف تعديل قانون تنظيم مهنة المحاماة بتقديمه إلى أعضاء مجلس الأمة.