- الفيلي: التشريعات السابقة رسمت ملامح الدولة ونقلت الفكرة إلى التطبيق العملي
أسامة دياب
أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت د.غانم النجار أن اتجاه عدد من المجموعات لإحياء ذكرى ميلاد الدستور في 11 نوفمبر يعكس حالة من الخوف المبرر من احتمالات الانقضاض على الدستور في ظل حالة التوتر الراهنة للقبول بحالة الترهل في الممارسة السياسية، مستغربا تصرف وزارة الإعلام بمصادرتها للملصقات التي أعدتها عدة تجمعات احتفاء بيوم الدستور.
جاء ذلك في مجمل كلمته التي ألقاها أثناء الندوة التي نظمتها دار معرفي مساء أمس الأول تحت عنوان «الدستور صدر ليبقى» بمناسبة الذكرى الـ 47 لميلاد الدستور في 11 نوفمبر 1962 وبحضور عدد من الناشطين والمحللين والمهتمين بالشأن العام.
من جانبه أكد الخبير الدستوري وأستاذ القانون العام بجامعة الكويت د. محمد المقاطع أن الحديث عن الدستور هو علامة فارقة في تاريخ أي دولة لأنه يعتبر بمثابة شهادة ميلاد لها في إطار شرعي، مشددا على ضرورة تناول الدستور في سياقه التاريخي وبالتالي فان عمر الدستور الكويتي 88 عاما وترجع جذوره لعام 1921، موضحا أن الكويت مرت بـ 6 دساتير في تاريخها.
أما الخبير الدستوري د.محمد الفيلي فأكد أن موقع الدستور بين الخصوصية والقانون المقارن هي السمة التي تستحق أن تكون محل وقفة في هذه المناسبة، مشيرا إلى أن التراكم الطبيعي للخبرات والتجارب نتج عنه تراكم الوثائق الدستورية مثل وثيقة 1921 التي نظمت أسلوب الحكم، موضحا أن المجتمع بعد أن كان عبارة عن مجموعة من البدو تعيش في الصحراء بعيدا عن عواصم الحضارة الحديثة تحدث عن الانتخاب كوسيلة لممارسة الحكم عن طريق مجلس يساعد الحاكم في إدارة شؤون البلاد وعليه أتت وثيقة 1938 كرد فعل لعدم الالتزام بدستور 1921 ونصت على اختيار مجلس منتخب يمارس دور السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية وهو النهج المطبق حاليا في سويسرا.
وأشار الفيلي إلى أن كل التشريعات السابقة رسمت ملامح الدولة ونقلت الفكرة من حقل التجربة إلى التطبيق العملي أوما يسمى بمخاض الدولة، موضحا أنه لكي تقبل الدولة على المستوى الدولي كان لابد من أن يتوافق دستورها مع المعايير والمتطلبات الدولية المعتمدة وان يتلاءم هذا الدستور مع القواعد الفنية لصناعة الدساتير والتي من ابسطها الالتزام بحقوق الإنسان.
ومن جهته أكد الكاتب الصحافي أحمد الديين أن الدستور صدر ليبقى، ليفعل، يطبق ويطور لأنه ليس أيقونة أو تحفة نحتفظ بها، موضحا أنه بالرغم من افتخاره واعتزازه بدستور 1962 والمكاسب التي حققها للشعب والأسرة الحاكمة إلا أنه دستور الحد الأدنى.
«الخريجين»: نحذّر من محاولات العبث بالدستور
أصدرت جمعية الخريجين بيانا في ذكرى الدستور جاء فيه: تمر علينا ذكرى إقرار دستورنا في 11 نوفمبر 1962 ونحن في أمس الحاجة الى احترام هذا الدستور وتطبيقه والتمسك به، فقد مرت عقود من عمر بلادنا وشعبنا ونحن نتصارع ليس من خلال الدستور وآلياته وضوابطه بل نتصارع على الدستور وبقائه وتطبيقه وانقسمنا الى فريقين أحدهما يرى فيه بداية لدولة ديموقراطية حديثة تتطلع الى المستقبل والفريق الآخر يرى فيه خطأ تاريخيا يجب التخلص منه والعودة الى الماضي.
وبسبب هذا الصراع المستمر تعرض الدستور لأشكال متعددة من الانتهاكات المباشرة وغير المباشرة، فبعد عامين من اقراره استخدمت الأكثرية النيابية لتمرير قوانين مخالفة لصريح نصوصه ما دفع ثمانية نواب الى الاستقالة في ديسمبر 1965، ثم زورت الانتخابات عام 1967 لضمان أغلبية مطلقة، وحل بعد ذلك مجلس الأمة ومجالس ادارات أغلبية جمعيات النفع العام، عام 1976 ولمدة أربع سنوات، تم خلالها تشكيل لجنة لـ «تنقيح» الدستور ثم عُبث في الدوائر الانتخابية لضمان أغلبية تقر نسف الدستور وتحويل مجلس الأمة الى جسم هلامي لا قيمة رقابية له. الا ان الضغط الشعبي من خلال جمعيات النفع العام والصحافة والدواوين دفع الأغلبية النيابية الى رفض مقترح الحكومة بتعديل الدستور عام 1982، بعدها تم الانقلاب مرة أخرى على الدستور عام 1986 مع فرض رقابة مسبقة على الصحافة وتحولت الكويت الى دولة أمنية خلال فترة ما عرف بدواوين الاثنين.
ولم يكتف الطرف الراغب في التخلص من الدستور بكل ذلك بل ذهب الى انشاء ما سمي بالمجلس الوطني كبديل لمجلس الأمة فُصّلت مهامه تماما بما يحقق حالة الإجهاز الحقيقي على الدستور والمسيرة الديموقراطية ويعيدنا الى مربع ما قبل 11 نوفمبر 1962.
الا ان المدافعين عن الدستور والديموقراطية استثمروا فرصة مؤتمر جدة الذي عقد في 13 أكتوبر 1990 للتأكيد على ضرورة عودة الكويت المحررة الى حضن دستورها كما جاء في الكلمات الرسمية الثلاث للمؤتمر.
لذا فنحن في جمعية الخريجين نحذر من استمرار محاولات العبث بالدستور تحت أي مبرر وحجة، فقد أثبت هذا الدستور مرة بعد أخرى أهميته لاستقرار البلاد ونظام حكمها، فلولاه لا يعلم إلا الله سبحانه وتعالى ما كان سيحدث للكويت عندما احتلها جيش صدام أو عندما دخلت البلاد في أزمة الحكم بعد وفاة الأمير الراحل.