تابع التحالف الوطني الديموقراطي جلسة استعراض ملف الكويت أمام مجلس حقوق الإنسان والتي عقدت في جنيف مؤخرا، وما انتهت اليه الجلسة من توصيات دولية عديدة قبلت منها الكويت 114 توصية، فيما رفضت عددا آخر ووعدت بدراسة توصيات أخرى على أن يتم الرد عليها لاحقا.
ويرى التحالف أن جلسة الاستعراض تعتبر فرصة مهمة للسلطتين التشريعية والتنفيذية للوقوف على الملاحظات الدولية تجاه ملف الكويت الحقوقي، وأخذها في الاعتبار للارتقاء بوضع حقوق الإنسان داخل الكويت أولا، وتحسين صورة الكويت أمام المجتمع الدولي، لافتا الى أن التوصيات التي قبلت بها الكويت هي توصيات متناغمة مع روح الدستور الذي يرعى ويحفظ كرامات الأفراد، بل هي مواد موجودة في الدستور يتم تجاهل تطبيقها على أرض الواقع، سواء من ناحية السلطة التنفيذية أو التشريعية التي بدأت تسن قوانين تتعارض وحقوق الإنسان.
لقد قال رئيس الوفد الكويتي، وزير الشؤون الاجتماعية والعمل د.محمد العفاسي في جلسة الاستعراض، ان قبول الكويت بالتوصيات جاء لأنها مطبقة على أرض الواقع، غير أن أرض الواقع تختلف تماما مع ما تفضل به الوزير العفاسي، ويكفي القول انها لو كانت مطبقة لما كانت هناك توصيات دولية توجه الى الكويت، وان كانت هناك قوانين تتطابق مع تلك التوصيات فعلى الوزير العفاسي كونه المعني بملف حقوق الإنسان في الكويت أمام المنظمات الدولية أن يقر بأنها قوانين حبر على ورق، لأن وضع حقوق الإنسان في الكويت في تراجع عام وان كانت هناك بعض التحسنات الطفيفة في بعض الملفات.
وما أدل على ذلك سوى تقرير الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان لعام 2009 والذي استعرض جملة من الملفات التي مازالت معلقة، ومنها حقوق المرأة الاجتماعية والمدنية، وحقوق العمالة الوافدة بشكل عام والمنزلية منها بشكل خاص، وملف غير محددي الجنسية «البدون» وتردي أوضاعهم الإنسانية، وتراجع مستوى حرية التعبير والرأي، وهي ذات القضايا التي طرحت على الكويت دوليا في جنيف، ونتساءل هنا، كيف يقول الوزير العفاسي ان تلك التوصيات مطبقة «فعلا» بينما كل التقارير الحقوقية المحلية والدولية تؤكد عكس ذلك.
فكم من إضراب قامت به العمالة الوافدة، واعتصام أمام مبنى وزارة الشؤون وإدارات العمل حتى يحصلوا على رواتبهم المتأخرة منذ أشهر، وأصبح هرب العاملات والعاملين في المنازل أمرا شبه يومي لسوء المعاملة التي يلقونها من مخدوميهم، فلم نر قانونا يطبق تجاههم ولا حقوقا لهم استرجعت.
وكم من شخصية منعت من دخول الكويت بأمر من السلطة لأنها تحمل فكرا وعلما لا يتوافق وأهواء التيار الديني والطائفي المتشدد.
وليس بعيدا عن ذلك، فإن عدد قضايا الرأي التي رفعتها السلطة والحكومة تجاه الصحف والكتاب مؤشر واضح على تراجع مستوى حريات التعبير في الكويت، حتى أصبحت أمرا نادرا في ظل قانوني المطبوعات والمرئي والمسموع وهما يصادران الحريات وأصبحا يطبقان بانتقائية سياسية، وما القضايا الاخيرة إلا خير شاهد على ذلك، بل وتعدى الأمر الى أن تكون قضايا النشر محل تعامل جهاز أمن الدولة وليس النيابة العامة وساحات القضاء العادل وهو ما يعرض حريات التعبير الى مخاطر كبيرة، ونؤكد في هذا الصدد أن الدول الديموقراطية لا تواجه تحديات النشر والتعبير عبر تقييدها بل عبر القنوات القانونية والدستورية، والكويت ليست استثناء من ذلك.
ولقد كانت حرية التعبير والرأي في الكويت مثار انتقاد واسع من قبل المؤسسات الحقوقية الدولية في تقاريرها الأخيرة، ونقطة سوداء كبيرة من نقاط كثيرة في ملف حقوق الإنسان الكويتي.
ان قبول التوصيات الحقوقية يجب ألا يكون قبولا شكليا، بل فعليا من خلال مراجعة حقيقية للقوانين ومدى مواءمتها مع حقوق الإنسان من ناحية، ومن ناحية أخرى مدى الالتزام الحكومي بتطبيقها.
واقرأ ايضاً:
العفاسي: دعم وترسيخ مفاهيم حقوق الإنسان وثقافة التسامح في المجتمع
الصانع: دراسة إلغاء المشروع السابع لجمع التبرعات النقدية
الزعبي: لا قصور تشريعياً في مكافحة الاتجار البشر
الكندري: الكويت لا تتردد في تعديل التشريعات لحفظ حقوق العمالة الوافدة وضمان حياة كريمة لهم