اعلن وزير الكهرباء والماء د.بدر الشريعان ان خطة الوزارة لمواجهة فصل الصيف تعتمد على 3 اسس هي تطوير الانتاج وتطوير البنى التحتية للخدمات الكهربائية وتعزيز ثقافة ترشيد الاستهلاك.
جاء ذلك في بيان القاه في المجلس امس هذا نصه: في البداية، اود ان اشكر المجلس على عقد هذه الجلسة التي سنناقش فيها قضية الكهرباء التي تحظى باهتمام المواطنين وتؤرقنا جميعا كمجلس وحكومة، وسبق ان ابديت ايماني بضرورة عقد هذه الجلسة في وقت مبكر، فنحن في الوزارة نشارك المجلس القلق والحرص على تقليل تبعات القضية قدر الامكان وتوفير الكهرباء اللازمة لمواجهة الصيف الحار، وهي فرصة لاطلاع المواطنين والاخوة والاخوات اعضاء المجلس على الجهود التي تبذلها الوزارة حاليا والخطط التي تسير عليها للمستقبل.
وقبل الدخول في الموضوع، اود ان اقول كلمة للجنود المجهولين الذين سيواصلون الليل بالنهار لتأمين راحة المواطنين، وارجو منكم ان تشاركوني الآن بتسجيل عظيم الشكر والتقدير للمهندسين والعاملين في الوزارة على جهودهم، واخص بالذكر فنيي الطوارئ والمحطات الذين بينما نحن ننعم بهواء المكيف البارد في هذه القاعة هم الآن يقاسون حر الشمس والمولدات وما يصاحبها من ضغوط جسدية ونفسية لتقليل آثار زيادة الاحمال، لذلك هم الآن بأمس الحاجة لدعمنا وتشجيعنا الى ان تنتهي فترة الصيف.
قضية إنسانية ووطنية
ربما لم تفتكم الصورة التي انتشرت امس في بعض وسائل الاعلام والمسجات للافتة التي وضعها مواطن على بيته يشتكي من انقطاع الكهرباء، فهذا المواطن عبر عن رأيه ومشاعره بطريقة عفوية وبسيطة لكنها عميقة بمعانيها، واضطراره الى التعبير بهذا الشكل يبين مدى المعاناة التي يمر بها المواطنين، فهي فترة عصيبة وظروف صعبة نمر بها جميعا، مواطنين وعاملين بالوزارة على حد سواء، فلدينا على سبيل المثال مهندسون يتعاملون مع معدات تصل حرارتها الى 80 درجة، وهناك بعض المنازل التي يضطر ساكنوها لقضاء اوقات بلا اجهزة تكييف وغيرها من الاجهزة الضرورية حتى عودة التيار، المواطن صاحب اللافتة لام الوزراء والنواب معا على معاناته، الوزراء والنواب، وهو ما كان سيلومنا جميعا لو لم تتكون عنده الصورة اننا منشغلين بتقاذف الاتهامات واللوم بدلا من ايجاد الحلول والعمل عليها، لذلك فالقضية انسانية ووطنية بالدرجة الاولى ويجب التعامل معها على هذا الاساس، ولا ينبغي ان تتحول الى قضية سياسية تضيع فيها راحة المواطنين ومصالحهم، لذلك اتمنى ان نخرج من جلسة اليوم (أمس) بما يخفف من معاناة هذا المواطن وجميع اهل الكويت.
قبل عام تقريبا عندما عرض علي تولي وزارة الكهرباء، حذرني العديد من الاهل والزملاء من انها ستكون محرقة سياسية لأن التحديات في مشكلة الكهرباء والماء كبيرة، وكنت واعيا لتلك التحديات ومقدرا لتلك التحذيرات، لكنني قبلت التحدي وعزمت على مواجهتها بمسارين: الاول بحلول قصيرة الاجل نحاول من خلالها تقليل آثار زيادة الاحمال في هذا الصيف قدر الامكان، والثاني، وهو الاهم، هو الا نكتفي بالحلول الوقتية، وان نضع خططا استراتيجية بعيدة المدى تعالج اوجه الخلل في انتاج ونقل وتوزيع الكهرباء وتضمن لنا حلولا مستدامة، لكن هناك حقيقتين لابد من الاقرار بهما، الاولى وهي اننا نتعامل مع مشاكل اتت نتاج تراكمات عشرات السنين، ولأكن صريحا معكم ايها الاخوة والاخوات فهذه المشاكل ليست باستطاعة احد ان يحلها في ايام او في اشهر معدودة، وان قلت لكم اني قادر على حل المشكلة في بضعة اشهر فاعلموا يا اخوات اني لا اصدقكم القول، نريد لعملنا ان يكون منهجيا ومستداما، وهذا يتطلب وقتا حتى يتم انجاز استراتيجيتنا وادخال الاصلاحات التي نرغب فيها للخدمة، اما الحقيقة الاخرى التي اود التأكيد عليها، ثقوا تماما اننا نعمل جاهدين ونواصل الليل بالنهار لتفادي المشاكل حتى تدخل تلك الحلول للخدمة.
منهجنا في التعامل مع القضية القائمة قائم على ثلاثة اسس: الاول هو تطوير الانتاج بما يواكب تطلعاتنا كدولة، والثاني تطوير البنى التحتية للخدمات الكهربائية، والثالث تعزيز ثقافة ترشيد الاستهلاك وجزء من هذه الحلول سنرى اثره على المدى القصير والجزء الآخر على المدى البعيد.
اسمحوا لي الآن ان اعرض عليكم جهود الوزارة للتعامل مع القضية على المدى القصير، واستراتيجية الوزارة للمستقبل، وما تم تحقيقه منها الى الآن، وسأبدأ بالمدى القصير لاطلاع المجلس والمواطنين على جهود الوزارة خلال الصيف الحالي:
ـ شبكة توزيع الكهرباء في الكويت تحوي 28 الف محول، ووجدنا ان 5 آلاف منها لا تلائم حرارة صيفنا التي بلغت معدلات قياسية وصلت الى 53 درجة خلال الايام الماضية، وهذا ما ادى الى احتراق بعض المحولات مؤخرا، بالاضافة الى محولات اخرى بحاجة الى استبدال، وقد قمنا منذ الصيف الماضي باستبدال 750 محولا تقريبا وسنصل الى 1000 مع نهاية عام 2010، علما انه في السابق كانت تستبدل 250 محولا سنويا فقط، وهذا يعني اننا قمنا بمضاعفة الجهد 300%، والمحولات الجديدة التي تم تركيبها الآن تحتمل حرارة 52، بعكس المحولات السابقة التي كانت تتحمل درجات اقل، وسنرفعها الى 55 حتى تواكب تغير المناخ والحرارة القياسية.
ـ من جانب آخر، فإن احد المشكلات التي نواجهها في الكويت هي الهدر في النقل والتوزيع، فهناك حوالي 10% من الطاقة يفقد في النقل والتوزيع نتيجة عدم كفاءة بعض المحولات والمعدات والخطوط، لذلك قمنا بتركيب اجهزة معاملات القدرة في مواقع الاستهلاك العالي، وهذه سترفع من الكفاءة وتوفر هذا الفاقد لاعادة استخدامه بدلا من هدره.
ـ ايضا بدأنا فعليا بتطبيق فكرة الـ live washing، وهي غسل خطوط الضغط العالي، اذ ومع تناوب موجات الرطوبة والغبار تقل كفاءة هذه الخطوط واحيانا تصل الى انقطاع التيار فيها، وهذا ما حصل عام 2008 عندما خرجت 500 ميغاواط من الخدمة بسبب تعطل احد الخطوط ناحية الدائري السادس ـ في السابق كانت الوزارة تضطر الى ايقاف التيار في هذه الخطوط لساعات حتى تتمكن من غسلها بالـ live washing والآن نستطيع غسلها اثناء عملها دون توقف، وهذا العمل جار حاليا.
بالاضافة الى ما سبق، فنحن الآن نقوم بدراسة بعض الخيارات لتعزيز الطاقة الكهربائية الحالية بأساليب متعددة متبعة في بعض دول الخليج، وامكانية ادخال هذه الاوجه المبتكرة للخدمة قبل شهر رمضان.
اما في مجال ترشيد الاستهلاك، فقد طورنا من كفاءة آلية تحصيل الفواتير خلال السنة الماضية من خلال الانترنت بالاضافة الى تفعيل فريق التحصيل، واستطعنا تحصيل 10 ملايين دينار من اجمالي 270 مليونا قيمة الفواتير المستحقة، وهذا بالتأكيد سيعطي قيمة للطاقة التي يستهلكها المواطنون والمؤسسات والمصانع، وبالتالي يعزز ثقافة الترشيد التي ستساهم في تخفيف الاحمال مستقبلا، بالاضافة الى التشديد في اجراءات التحصيل للمتخلفين عن السداد في القطاعين الصناعي والاستثماري.ولتحقيق سرعة الاستجابة لطوارئ الكهرباء والماء وتسهيل عملية وصول المواطنين لطوارئ الكهرباء والماء، فسنطلق اليوم الخط الساخن لطوارئ الكهرباء والماء 152 او 1870000 ليستجيب لاستفسارات وشكاوى المواطنين من جميع المحافظات.
هذه حلول على المدى القصير ستساهم بالتأكيد في التقليل من آثار زيادة الاحمال وتحسين الخدمة ولكنها لن تكون الحل الدائم للمشكلة، لذلك لدينا خطط مستقبلية مستدامة:
القصور في الإنتاج
ـ فالمشكلة الاهم هي القصور في الانتاج، ولا يخفى عليكم يا اخوة واخوات ان آخر محطة انتاج كهربائي تم اقرارها في العام 1988 ودخلت الخدمة في منتصف التسعينيات والتوسع العمراني والسكاني الذي شهدته الكويت يفوق القدرة الانتاجية الموجودة حاليا، ناهيك عن الزيادة في التوسع المرتقبة مع خطة التنمية، لذلك كان يجب علينا الاسراع في بناء محطات جديدة، ولله الحمد بدأنا العمل بمحطة الصبية التي ستضيف لنا 1320 ميغاواط في صيف 2011 و680 ميغاواط اضافية في صيف 2012.
ـ وقد حاولنا الاستعجال بانشاء محطة اخرى وهي محطة الزور الشمالية التي ستكون من اولى المشاريع ضمن قانون الشركات المساهمة، وهذه المحطة ستضيف لنا 4800 ميغاواط من الكهرباء في المستقبل وتساهم في تغطية احتياجات خطة التنمية، اما الجانب المستعجل منها فهو توفير المياه، فهناك هاجس فعلي لقصور في المياه خلال السنوات القليلة المقبلة، وهذه المحطة ستوفر 280 مليون غالون لتخرجنا من هذا الهاجس.
ـ اما المحطات الحالية فسنقوم خلال الايام المقبلة بتوقيع عقد تركيب المفاعل المتوالي في محطة الزور، وهو الذي سيمكننا من زيادة كفاءة المحطة بـ 560 ميغاواط اضافية، وسيتم الاستفادة منها الصيف المقبل ان شاء الله.
هذا بالنسبة الى الانتاج، اما النقل والتوزيع:
ـ فحاليا نقوم بانشاء محطة توزيع رئيسية في منطقة الزور ستمكننا من استيراد طاقة اضافية تصل الى 1200 ميغاواط من الربط الخليجي عند الحاجة.
ـ اما ما يخص محولات التوزيع فسيستمر العمل على استبدال وتحديث المحولات غير الملائمة لمناخ الكويت حتى ننتهي منها، كما اننا نجرب الآن استخدام اصباغ عازلة تساهم في عزل معدات المحولات الداخلية عن الحرارة الخارجية لتفادي الاحتراق، ومع ذلك قمنا باعتماد جهاز حماية المحولات من الانفجار الذي يفصلها عن العمل تلقائيا في اوقات الحمل الزائد.
ـ في موازاة ذلك، سنطور سياسة الصيانة الحالية بحيث نزيد معدل الصيانة الدورية للمحولات حتى نستطيع اكتشاف المشاكل مبكرا وتفاديها، كما تم اعتماد ثلاثة عقود للصيانة بدلا من الاعتماد على عقد واحد كما كان الحال في السابق، وذلك سيزيد من كفاءة عمل الصيانة.
ـ ايضا من سياساتنا المستقبلية اننا سنتعاقد مع شركات عالمية في الدول الرائدة في مجال الكهرباء كفرنسا والمانيا وكوريا واليابان والولايات المتحدة لتقديم خدمات كمستشار مقيم لمراجعة الشبكات واجراءات التعديلات الفورية.
هذا ما يخص شبكات النقل والتوزيع، اما الاساس الثالث لاستراتيجيتنا فيتعلق بتعزيز ثقافة ترشيد الاستهلاك:
ـ ان المعدل الاساسي في تعزيز ثقافة الترشيد هو وعي المواطن والمقيم بضرورة ترشيد الاستهلاك من خلال تحصيل الاموال والاحساس بالقيمة التي يدفعها مقابل الطاقة المستهلكة.
ـ لذلك نحن الآن ننسق مع شركة k-net لتطبيق التحصيل الالكتروني بالاضافة الى التحصيل اللاسلكي من خلال فرق التحصيل.
ـ كما قمنا بالاتفاق مع بعض الوزارات الاخرى لربط الخدمات بحيث لا يتم انجاز اي معاملة اذا كان صاحبها غير منتظم بالسداد.
ـ وعلى ارض الواقع، طرحنا عدة مناقصات لتوريد وتركيب عدادات الدفع المسبق للقطاعات التجارية وعدادات ذكية لباقي القطاعات بما فيها القطاع السكني والتي سيجري تركيبها خلال اشهر قليلة، وذلك بغرض خلق الوعي بأهمية الترشيد لدى المواطن.هذه الحلول من شأنها ان تعزز من ثقافة ترشيد الاستهلاك لدى المواطنين، ولدينا خيارات استراتيجية اخرى نعكف على دراستها الآن، منها تحويل وزارة الكهرباء والماء الى مؤسسة مستقلة لتطوير كفاءتها بتقديم الخدمات والتحصيل، بالاضافة الى ذلك نحرص على مواكبة التطور العالمي في تبني التكنولوجيا الحديثة، كاستخدام الطاقة الشمسية في المباني الحكومية واستخدام الطاقات البديلة بطريقة آمنة وفاعلة.