آلاء خليفة ـ محمد المجر
أكد عدد من الخبراء الدستورين بكلية الحقوق بجامعة الكويت ان إحالة استجواب رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الى المحكمة الدستورية هروب من المواجهة وكان يفترض مواجهة الاستجواب بما خلق حالة من العبث السياسي ومحاولة تفريغ الدستور من محتواه واعتبروه خطوة غير موفقة من قبل الحكومة.
من جهته، قال الخبير الدستوري د.محمد المقاطع في تصريح خاص لـ «الأنباء»: ان ما حصل في شأن طلب تحويل استجواب رئيس مجلس الوزراء إلى المحكمة الدستورية خروج صارخ على الدستور وممارسة لعبث سياسي من قبل الحكومة وذلك لأنه لا يجوز أن يزج بالمحكمة الدستورية في مواضع الخلاف السياسي وان يطلب منها رأي في نزاع سياسي بتغليف الطلب بهيئة طلب تفسير نصوص الدستور من خلال تفسير عدد من نصوص الدستور المتعلقة بالاستجواب واستجواب رئيس مجلس الوزراء.
واشار د.المقاطع إلى انه قد سبق للمحكمة الدستورية ان استنفدت ولايتها المحدودة في مجال التفسير في حكمين تفسيرين كان آخرهما في 2006، مشيرا إلى ان تسييس المحكمة الدستورية والقضاء والزج بهما في الخلافات السياسية يعني إهدار وتفريغ النصوص الدستورية وهذه من المسائل التي تبرز الاستخدام السياسي لطلب التفسير المقيد الذي تملكه الحكومة ويتحمل مجلس الوزراء بكامل أعضائه مسؤولية هذا القرار المنقح للدستور ولاشك في ان اتخاذ طلب التفسير المعيب كما اشرنا كأساس وحجة لطلب تأجيل الاستجواب لمدة سنة هو الآخر عبث بالدستور والتفاف على احكامه لان التأجيل كما أوضحنا في كتابنا حول الاستجواب لا يجوز لمجرد وجود طلب تفسير لدى المحكمة لنصوص دستورية فالتأجيل غير مرتبط بما سينتهي إليه طلب التفسير لانه حتى لو تجاوزنا عن عدم دستورية الإحالة فان تفسير النصوص لا يجوز أن يرتبط باستجواب محدد وإلا صار تحكيما في نزاع سياسي بدلا من إعطاء تفسير قانوني قضائي من جهة محايدة وهي القضاء،
وتابع د.المقاطع قائلا: وعليه فان الطلب الذي قدم للمجلس والتصويت على التأجيل لهذا السبب يعتبر ساقطا، ولا يجوز التصويت عليه من الأساس ومن ثم فإن قرار التأجيل ليس له سند خصوصا ان ما سبق ان ذكرناه في مؤلفاتنا أن تصويت الحكومة على الجوانب الإجرائية في الاستجواب ومنها التأجيل لمدة طويلة تفوق الأسبوعين يعتبر طلبا ساقطا لأنه ينهي المساءلة الدستورية وينقح نصوصها ومن ثم لا يكون هناك سبيل لممارستها لأنه إذا تأجل لمدة سنة فما الفرق بين تأجيله لسنة أو لأربع سنوات؟
مضيفا: وذلك ما يؤكد أن مثل هذا السلوك السياسي من الحكومة يعتبر تفريغا للدستور ووأدا لنصوص المساءلة من خلال الاستجواب وعبثا بأحكام الدستور.
ومن جانبه، ذكر أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بجامعة الكويت د.إبراهيم الحمود في تصريح خاص لـ «الأنباء» ان طلب الحكومة إحالة استجواب رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الى المحكمة الدستورية تأكيد على عدم رغبة الحكومة في مواجهة الاستجواب وانها لا تريد ذلك الاستجواب، مشيرا إلى ان الإحالة إلى المحكمة الدستورية تعتبر في غير محلها باعتبار انه قد سبق للمحكمة الدستورية في حكم لها بتاريخ 9/10/2006 ان اصدرت حكما تفسيريا في شأن تفسير المادتين «100» و«101» من الدستور وقد بينت المحكمة الدستورية بشكل تفصيلي حدود الاستجواب وقواعده وضوابط الاستجواب وتوقيته.
وتابع د.الحمود قائلا: وهذا الحكم أوضح ان محاور الاستجواب ذاتها لا يمكن للمحكمة الدستورية ان تتدخل بها، فالمحكمة الدستورية لا تتدخل في مدى ملاءمة هذا الاستجواب من عدم ملاءمته وصحة موضوعه من عدمه، فهذا ليس من اختصاص المحكمة الدستورية، موضحا ان المحكمة فسرت المادة «100» فيما يخص متى وأين وما شروط الاستجواب، ومن ثم فان نص المادة «100» واضح وحكم المحكمة الدستورية أيضا واضح. وأكد د.الحمود انه كان يفترض على الحكومة ألا تحيل الأمر إلى المحكمة الدستورية من جديد وكأنها تتهرب من هذا الاستجواب للحصول على وقت إضافي أو دور انعقاد جديد لأنه مما لاشك فيه ان لدى المحكمة الدستورية الكثير من الموضوعات المطلوب منها ان تحسمها كما أننا على أبواب العطلة الصيفية وبالتالي فقد يأخذ الحكم مدة سنة أو أكثر حتى يصدر وهذا من وجهة نظري تهرب حكومي واضح من مواجهة الاستجواب.
مشيرا إلى ان ما قامت به الحكومة من إحالة الاستجواب إلى المحكمة الدستورية يعتبر خطوة غير موفقة من قبل الحكومة، فبالتأكيد من حق الحكومة ان تلجأ للمحكمة الدستورية في جميع الأحوال وفقا لقانون إنشاء المحكمة الدستورية وأيضا وفقا للدستور وذلك لطلب تفسير نص ولكن كما سبق ان أشرت فقد سبق ان قامت المحكمة الدستورية بتفسير النص، وبالتالي فان الإحالة ستبين لها مدى مسؤولية هذه الحكومة عن أعمال حكومة سابقة كما ان الاستجواب قدم في نفس جلسة القسم وكان بإمكان رئيس مجلس الوزراء ان يصعد إلى المنصة ويبين تلك المسألة ويقنع الأعضاء فيما إذا كان يقصد من وراء ذلك الأمر شخصانية او عدم وجود الشخصانية او ان يبين فيما يخص موضوع «زين» أو «ابو فطيرة» انه ليس من اختصاصه كونه منسقا بين الوزراء وان الاختصاص في تلك المواضيع يعود إلى وزير المالية أو البلدية كل حسب اختصاصه وبالنسبة للمحور الأول من الاستجواب فكان بإمكان رئيس مجلس الوزراء ان يطلب تقديم الاستجواب للشيخ احمد الفهد بصفته وزير التنمية، موضحا ان الشيخ ناصر المحمد لو قام بتنفيد الاستجواب لكان سيكتسب أصواتا ايجابية ويبين قوة الحكومة،
واستطرد د.الحمود قائلا: وان كنت اعتب على الحكومة كونها لم تستعن بما لديها من خبراء قانونيين، فلديها قاض متمرس وهو علي الراشد وأيضا محام لامع وهو احمد المليفي وكان بإمكان الحكومة ان تستفيد من خبرة هؤلاء الأشخاص وتفند وتتحدث بشكل جوهري وتقارن الحجة بالحجة وبالتالي تكسب تأييد الجمهور ولكن ما قامت به الحكومة جعلها تتخذ نقاطا سلبية كونها فرت من المواجهة وهذه ليست طريقة تعاون بين المجلس والحكومة بأي حال من الأحوال.
وأردف قائلا: وفيما يخص التصويت على مدة السنة فهو في غير محله، فقد تمت إحالة الاستجواب الى المحكمة الدستورية ومن ثم عندما يصدر حكمها يعاد الموضوع الى المجلس وهو يقرر حسب رأي المحكمة ماذا تريد المحكمة وماذا يريد المجلس.
من جانبه اكد الخبير الدستوري د.محمد الفيلي انه من الناحية العلمية لا يحول الاستجواب المقدم الى رئيس الوزراء الى المحكمة الدستورية لان المحكمة الدستورية لا تفحص دستورية الاستجواب ولها الحق في النظر في طلب تفسير مادة من مواد الدستور ومن هذا المنطلق نقول ان المحكمة الدستورية لن تفحص الاستجواب المقدم حاليا وهذا ما يؤدي الى ان اتصالها بطلب موضوع التفسير لا يوقف الاستجواب وهذا ما يؤدي الى نتيجة أخرى بان يلزم المجلس بالتصويت وفق اجراءات المادة 135 لتأجيل الاستجواب وبعد ذلك انتهى الأمر الى صدور قرار تفسير علما ان هناك قرار تفسير سابقا صدر في 2004 في ذات الموضوع وقرار التفسير لا ينزل بذاته على واقعة الاستجواب ويلزم المجلس ان ينزل مفهوم قرار التفسير على واقعة الاستجواب المعروضة، مشيرا الى ان انتهاء دور الانعقاد لا يعني سقوط الاستجواب وانما يتم ترحيله الى دور الانعقاد المقبل.