- عيسى الكندري: تأكيد المحكمة انتصار للدستور ولا غالب ولا مغلوب
- رئيس مجلس الأمة: الحكم ثبّت أن الممتنع داخل الجلسة يحسب من ضمن الحضور في التصويت
- «الدستورية»: كلمة «الحاضرين» تنصرف إلى كل من كان موجوداً من الأعضاء في مكان اجتماع المجلس وحاضراً وقت التصويت
موسى أبوطفرة - ماضي الهاجري - رشيد الفعم - عبدالكريم أحمد
قضت المحكمة الدستورية امس برئاسة المستشار يوسف المطاوعة في الطلب المقدم من مجلس الأمة بتفسير نص المادة الدستورية الخاصة بانتخاب نائب رئيس مجلس الأمة لصالح النائب عيسى الكندري.
وأكد رئيس المجلس مرزوق الغانم أن صدور قرار تفسير المحكمة الدستورية بصحة إجراءات انتخاب نائب الرئيس وضع نهاية لحوار دستوري راق وثبت مبادئ دستورية لأي احتمالات مستقبلية.
وقال الغانم في تصريح للصحافيين بمجلس الأمة ان الحكم الذي صدر اليوم (أمس) اكد تفسيرنا لمواد اللائحة الداخلية والدستور، وأعيد وأكرر ما ذكرته سابقا ان الأخوين عيسى الكندري وجمعان الحربش عينان في رأس، ولم يكن الخلاف بينهما شخصيا بل دستوري راق انتهى اليوم بهذا الحكم الواضح.
وأعرب الغانم عن شكره للكندري والحربش على الاخلاق الراقية التي تحليا بها، متمنيا لهما كل التوفيق في مسيرتهما البرلمانية.
وأضاف: أخيرا ذهبنا الى المحكمة الدستورية لنحسم اي خلاف فيما يتعلق باعتبار الممتنع عن التصويت حاضرا ام غائبا عن الجلسة، مبينا ان الحكم ثبت ان الممتنع داخل الجلسة يحسب من ضمن الحضور سواء في التصويت على المناصب او غيرها من الاجراءات التي تتم داخل القاعة.
من جانبه، أصدر نائب رئيس مجلس الأمة عيسى الكندري بيانا صحافيا عقب صدور قرار المحكمة الدستورية بصحة إجراءات انتخابه نائباً للرئيس قال فيه الآتي «أحمد الله عز وجل على هذه النتيجة التي انتهت إليها المحكمة الدستورية بتأكيدها صحة الإجراءات التي أقدم عليها رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم عندما أعاد التصويت بانتخاب نائب الرئيس لعدم توافر شرط تحقق الأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين الذي يطلبه قانون اللائحة الداخلية لمجلس الأمة على ضوء التعديل الذي تم على اللائحة في مجلس 2008».
وأضاف الكندري في بيانه أنه لا غالب ولا مغلوب في هذا القرار وإنما الانتصار الحقيقي هو الحفاظ على الدستور ومكتسباته وأن نطوي هذه الصفحة خلفنا ونستمر في أداء الأمانة التي حملنا لواءها والتي ندعو الله عز وجل أن يوفقنا لأدائها على الوجه الأكمل.
واختتم نائب الرئيس تصريحه بالقول «إنني والزميل العضو د.جمعان الحربش ذكرنا بكلمتنا أثناء جلسة النقاش في هذه المسألة واستشهدنا بقول الإمام الشافعي رحمه الله بأن رأينا صواب يحتمل الخطأ ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب، وأيا ما كانت النتيجة التي انتهت إليها المحكمة الدستورية بصحة رأينا ولله الحمد فإنه يبقى الأخ جمعان الحربش زميلا عزيزا وهو نائب له وزنه ومكانته واعتباره بالمجلس».
وتمنى الكندري «أن نضع يدنا بيد بعض لممارسة مهامنا وأداء دورنا التشريعي والرقابي لما فيه خير وطننا الغالي وشعبنا الكريم».
وكانت المحكمة الدستورية برئاسة المستشار يوسف المطاوعة قد قضت بالطلب المقدم من مجلس الامة بتفسير نص المادة الدستورية الخاصة بانتخاب نائب رئيس مجلس الامة وذلك لصالح النائب عيسى الكندري.
وقررت المحكمة الدستورية في كلمة الحاضرين الواردة بالمادتين 92 و97 من الدستور ـ محل طلب التفسير ـ تنصرف الى كل من كان موجودا من الاعضاء في مكان اجتماع المجلس، وحاضرا وقت التصويت في انتخاب الرئيس او نائبه او اصدار القرارات ايا كان رأيه فيما هو مطروح.
وكان مجلس الامة قد تقدم للمحكمة الدستورية بطلب تفسير نص المادتين المذكورتين، ونص المادة 37 من اللائحة الداخلية لمجلس الامة والخاصة بانتخابات نائب رئيس المجلس بعد اختلاف النائبين د.جمعان الحربش وعيسى الكندري على المنصب.
وباستجلاء نصي المادتين 92 و97 محل طلب التفسير الماثل، وكذا ما يرتبط بهما من نصوص اخرى في الدستور، وخصوصا نص المادة 117 منه يبين ما يلي:
أولا: ان المادة 92 المشار اليها قد تناولت طريقة اختيار رئيس مجلس الامة ونائبه، بحيث يكون ذلك الاختيار بطريق الانتخاب وبموافقة الاغلبية المطلقة للحاضرين، فإذا لم تتحقق هذه الاغلبية في المرة الاولى اعيد الانتخاب بين الاثنين الحائزين لاكثر الاصوات، فإن تساوى مع ثانيهما غيره في عدد الاصوات اشترك معهما في انتخاب المرة الثانية، ويكون الانتخاب في هذه الحالة بالاغلبية النسبية، فإن تساوى اكثر من واحد في الحصول على تلك الاغلبية تم الاختيار بينهم بالقرعة، اما المادة 97 سالفة الذكر فقد تناولت شروط صحة اجتماع مجلس الامة وحضور اكثر من نصف اعضائه، كما تطلبت لاصدار القرارات موافقة الاغلبية المطلقة للاعضاء الحاضرين، والواضح لهذه المحكمة ان هاتين المادتين قد خلتا من الاشارة الى اي اجراءات اخرى غير ما ورد بهما، وتركتا للائحة الداخلية التي يضعها مجلس الامة طبقا للمادة 117 من الدستور بيان تفصيلات اجراءات التصويت واوضاعه، وذلك بما لا يخل بالاحكام الواردة في هاتين المادتين بصفة خاصة، وأحكام الدستور بصفة عامة.
كما أن هاتين المادتين خلتا من أي ذكر لحالة امتناع عضو المجلس عن التصويت أو اعتباره في حكم الغائب على الرغم من تواجده وحضوره الفعلي، فضلا عن انهما لا تحملان هذا المفاد لا صراحة ولا ضمنا، أما ما انتهت اليه هذه المحكمة في قرارها السابق الصادر بتاريخ 8 /1/ 1997 في طلب التفسير المقيد رقم (26) لسنة 1996، فإن الخلوص إلى ذلك إنما جاء بما ورد باللائحة الداخلية لمجلس الأمة قبل تعديلها بموجب القانون رقم (8) لسنة 2007، وهو فهم وتفسير مستقل وعززته المحكمة بنصوص اللائح الداخلية لمجلس الأمة ـ في حدود ما كان مطروحا عليها ـ وهي نصوص لا تحمل صفة الثبات التي تتسم بها نصوص الدستور.
وأضافت المحكمة: كما يتضح ثانيا أنه وإن كان الأصل أن كل عضو في مجلس الأمة عليه واجب حضور الجلسات لإبداء الرأي، إلا أن هناك حالة استثنائية وهي حالة الامتناع الشخصي عن التصويت أو إبداء الرأي، والدستور لم يمنع عضو المجلس من ذلك، وللامتناع أسبابه لدى المُمتنع يحتفظ بها لنفسه وهو موقف منه يتخذه حيال أي قرار مطروح لإبداء الرأي فيه.
وتابعت: كما يتضح ثالثا أن قوام التفسير هو البيان والإيضاح، ومناطه أن يشوب النص الغموض والإبهام، وغايته استجلاء ما ران على النص من غموض وخفاء، وان كان الأمر كذلك فإن اعمال التفسير والأخذ بأدواته وأصوله يكون جزءا أصيلا في اختصاص الجهة المنوط بها التفسير، وتأصيلا لذلك ترى المحكمة أنه إذا ما عُرض عليها نص يستدعي التفسير، فلا يكون تفسير النص بمعزل عن غيره من النصوص، ويتعين النظر إليه برمته من دون تبعيض له، فضلا عن ان نصوص الدستور متكاملة، بما لازمه أنها لا تُفهم معزولة بعضها عن البعض، وإنما تأتي دلالة أي نص منهما في ضوء دلالة النصوص الأخرى، وفي اتصال ما تفيده الأخريات من معان شاملة، كما يجري استنباط الحكم من النص من خلال عباراته وألفاظه وفحواها، وإعمال مقتضيات العقل والمنطق، وتغليب التفسير الأقرب إلى روح الدستور ومراميه، وعليه يكون الحضور ـ والذي أُشتق منه لفظ «الحاضرين» ـ في المفهوم الدستوري والعرف البرلماني تواجد في مكان محدد، في زمن معين، لازم لصدور القرار البرلماني، ما يستدعي أن يحضر العضو في مكان الاجتماع وزمانه، فحضور العضو في مثل هذه الحالة هو المؤثر في الحدث، ولا يُقبل أن يتغير ذلك الوضع من الحضور إلى الغياب، أيا كانت دواعيه أو مبرراته.
وزادت: ورابعا يتضح أنه من أصول التفسير ألا تُحمل النصوص على غير مقاصدها، ولا تُفسر عباراتها بما يخرجها عن معناها، أو يؤول إلى الالتواء بها عن سياقها، والحاصل أنه باستعراض المادة (97) من الدستور أنه يشترط لصحة المجلس حضور أكثر من نصف أعضائه أي التواجد الفعلي في مكان الاجتماع وزمانه، ويشترط لاتخاذ القرارات موافقة الأغلبية المطلقة لهؤلاء الحاضرين، وذلك بغض النظر عن مواقف الاعضاء الآخرين سواء كانوا من المُصّوتين بالرفض، أو ممن امتنعوا عن التصويت، وصيغة المادة (97) تؤدي إلى التحقق والتثبت قبل الشروع في أخذ الآراء وإصدار القرارات من تكامل العدد المطلوب من الأعضاء لاجتماع المجلس صحيحا ابتداء، وبالتالي فلا يتوقف حساب عدد (الحاضرين) على موقف كل عضو من التصويت، ولما كان ذلك وكان نص المادة (92) من الدستور قد اشترطت ـ ابتداء ـ انتخاب رئيس المجلس ونائبه بالأغلبية المطلقة للحاضرين، أي بحصول المرشح الفائز على أصوات تزيد على نصف عدد الحاضرين بأي قدر وقت التصويت، وعلى ذلك فإنه يتعين الالتزام بما ورد بالمادة (97) لإعمال مقتضى المادة (92) في هذا الخصوص مع وجوب التقيد بأحكامها في هذا الشأن، ودون الخروج من صحيح الأمر في تفسيرها على النحو سالف البيان.
وأكملت: ويتضح خامسا أن عضو المجلس الممتنع عن التصويت الذي كان متواجدا في مكان اجتماع المجلس وحاضرا وقت التصويت، يتعين حسابه في عداد الحاضرين، ويسري الحكم ذاته على من شارك في التصويت بورقة بيضاء.