محملة بطموحات كبيرة، وأهداف ذات أبعاد عربية وإسلامية مهمة حطت طائرة وفد البرلمان الكويتي برئاسة رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم في مطار مدينة سان بطرسبرغ لحضور مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي الـ 137.
وبقيادة رئاسية شابة تخطت مشاركة الوفد الكويتي فكرة مجرد الوجود في هذا المحفل الدولي البرلماني الكبير، ففعلت الجهود وأيقظت الهمم وقادت التنسيق العربي والإسلامي لتحقيق جملة من المكاسب العظيمة.
الوفد الكويتي ذهب إلى سان بطرسبرغ متسلحا بإرث ديبلوماسي عريق صنعه وثبت أركانه صاحب السمو أمير البلاد، وبرلمان يحترم من الآخرين، وقيادة برلمانية حملت على عاتقها فزعة شعب لقضاياه العربية والإسلامية، فكان له ما أراد، ونجح في ترجمة أهدافه إلى واقع مشرف أسعد الكويتيين، وحصد تأييدا عربيا وإسلاميا، واحتراما دوليا.
النجاحات الكويتية في مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي توالت منذ أن حطت طائرة وفدها البرلماني في روسيا ولم تقف حتى بلغت ختام المسك في نهاية المؤتمر بطرد الوفد الإسرائيلي.
فمن تنسيق عربي إسلامي ناجح وضع برلمانات العالم أمام مسؤولياتها تجاه قضية الروهينغا الإنسانية إلى قيادة المجموعة العربية لتوحيد الجهود خلف مرشح يدين بالولاء لقضايا المجموعة العربية المستحقة، حتى خروج وفد الكنيست الإسرائيلي يجر أذيال الخيبة والمهانة مانحا الكويت شرف توجيه واحدة من أقوى الصفعات العربية الديبلوماسية لإسرائيل بتوقيع رئيس مجلس الأمة مرزوق علي الغانم.
أما بالنسبة لطرد وفد الكنيست فقد تحدث الغانم فيه بلسان عربي إسلامي ليعبر عما يكمن في صدور أكثر من مليار مسلم تجاه نظام همجي عاث في الأرض فسادا ولم يمل من ممارساته في تنكيل وتعذيب الأبرياء.
كلمة الغانم التي طردت الوفد الإسرائيلي أطلقت الإشادات العربية من كل حدب وصوب مثنية على الموقف الشجاع والتاريخي لرئيس مجلس الأمة مرزوق علي الغانم.
ولم يكن خطاب رئيس مجلس الأمة الكويتي أمام المؤتمر الـ 137 للاتحاد البرلماني الدولي الذي أقيم أخيرا في مدينة سان بطرسبرغ الروسية، هو الأول الذي يعتلي به منصة مؤتمر دولي ليعلن مواقفه، ويخاطب ضمائر البرلمانيين وعقولهم بكلام صادر من القلب، إلا أنه هذه المرة استطاع أن يعبر عن كل صوت إسلامي وعربي ليعلن الانتفاضة الحقيقية في وجه الكيان الصهيوني.
واستطاع الغانم أن يؤكد للجميع أن خطابه أمام المؤتمر الطارئ للاتحاد البرلماني العربي حول الأوضاع بالقدس والذي عقد في العاصمة المغربية الرباط خلال شهر يوليو الماضي لم يكن مجرد شعارات، بل قناعات تلخص مسيرة سياسية كويتية ونهجا ديبلوماسيا برلمانيا تجدد في الرباط وتأكد في سان بطرسبرغ.
وكان الغانم قد قال خلال المؤتمر الطارئ حول القدس «الذي يريد أن يستسلم فليذهب إلى الجحيم، لكننا لن نسمح له أن يثبط عزائمنا، وأن يوهن نفوسنا، وأن يسوق استسلامنا، وأن ينظر علينا تحت شعارات البراغماتية وقراءة الواقع وتغير التوازنات الدولية، وما إلى ذلك من الهراء السياسي، وسنبقى - بإذن الله - لبنة في طريق النصر، وسهما من سهام الحق، ومعولا لزهق الباطل، ولن نلتفت إلى أصوات المخذلين، وأراجيف المتخاذلين».
وأضاف «نحن في الكويت أبناء الشيخ صباح الأحمد - حفظه الله ورعاه- وتلاميذ مدرسته، كجزء من الأمة العربية وقطعة من الجسد الإسلامي وعضو فاعل في منظومة العالم الحر، نقولها وندعو لها، لن نلين ولن نخضع ولن نستكين».
وفي مؤتمر سان بطرسبرغ أكد الغانم في كلمته أمام الجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي ضرورة أن يتحول الاتحاد البرلماني الدولي إلى سلطة أخلاقية لها حق الانتقاد المباشر والتنبيه والتحذير والإنذار والتجميد إزاء كل من لا يلتزم بمبادئ الاتحاد.
وقال الغانم «نحن نتفهم إيمان البعض ورغبته في عدم تحويل الاتحاد البرلماني الدولي إلى محكمة، لكنني ولتعذروني، لا أتفهم في المقابل أن يكون البديل هو تحولنا إلى منتدى للكلام والفضفضة والتنظير».
وجدد الغانم الدعوة إلى ضرورة ممارسة كل أنواع الضغط السياسي والأخلاقي على الكنيست الإسرائيلي، وإلى تفعيل سلطة الاتحاد ككيان يضم ممثلي شعوب العالم المتطلعة إلى الحرية والكرامة والعدل لاتخاذ الإجراءات التي تحفظ لهذا الاتحاد هيبته وعدالته وسمعته وتحافظ على مبادئه.
وخلال الجلسة الختامية للمؤتمر تصدى الغانم لرئيس وفد الكنيست الإسرائيلي على خلفية موضوع النواب الفلسطينيين المعتقلين في السجون الإسرائيلية واصفا إياه بالمحتل وقاتل الأطفال.
وخاطب الغانم رئيس الوفد الإسرائيلي قائلا «عليك أن تحمل حقائبك وتخرج من هذه القاعة بعد أن رأيت ردة الفعل من كل البرلمانات الشريفة بالعالم.. اخرج الآن من القاعة إن كان لديك ذرة من الكرامة يا محتل يا قاتل الأطفال».
وعقب مداخلة الغانم ومداخلات وفود عربية عدة انسحب الوفد الإسرائيلي من القاعة وسط تصفيق عشرات من الوفود البرلمانية المشاركة في المؤتمر.
ووصف عدد من أعضاء الوفد الكويتي المشارك في مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي تصدى الرئيس الغانم للوفد الإسرائيلي في الجلسة الختامية للمؤتمر ومطالبته بمغادرة القاعة بالمشهد التاريخي، مشيدين بالانتفاضة العربية الإسلامية الداعمة لذلك، ما أسفر عن مغادرة الوفد الإسرائيلي قاعة الاجتماع.