كان الياس أبوالعظام، وهو فلسطيني من عرب 48 ويحمل الجنسية الإسرائيلية، يهم ليل الأربعاء الماضي بركوب طائرة تابعة لشركة دلتا من مطار مدينة أطلنطا، عاصمة ولاية جورجيا الأميركية، مغادرا الولايات المتحدة إلى تل أبيب، حين انقض عليه 6 من عناصر الشرطة واعتقلوه وكبلوه بالأصفاد وزجوه وراء القضبان. وسبب اعتقال أبوالعظام، البالغ من العمر 33 سنة، هو اشتباه قوي يرقى إلى مستوى التهمة في أنه الرجل الذي اثار الذعر طوال 3 أشهر مضت في 3 ولايات أميركية ارتكب فيها على مراحل 20 جريمة دموية قتل فيها 5 أميركيين أبرياء، لا يعرفهم ولا يعرفونه، ومعظمهم من السود.
وفي السيناريو المستمد من بيانات الشرطة وما ورد في بعض وسائل الإعلام الأميركية أن أبوالعظام اختار ولايات ميتشيغن وفرجينيا وأوهايو كمسارح لسلسلة جرائم قام بمعظمها في الشوارع والمنعطفات مسببا الذعر الفعلي، لذلك كانت الشرطة تجهد وتسعى لتعثر عليه إلى أن وقع في قبضتها، وهو اعتقال حمل قائد شرطة فرجينيا، جوزف برايس، على القول في مؤتمر صحافي له أمس: «أنا اليوم أسعد بكثير مما كنت عليه قبل 3 أو 4 أيام».
واعتاد أبوالعظام أن يرتكب جرائمه بطريقة خاصة ابتكرها، فقد كان يطلب من أي شخص يراه مارا مثله في الليل بشارع مقفر مساعدة ما، كأن يسأله مثلا أين يقع الشارع الفلاني أو شيء من هذا القبيل، وعندما كان المار يلبي طلبه ويدير ظهره ماشيا في سبيله، فإن أبوالعظام كان يسرع بسحب سكين يخفيه عادة بين ملابسه ثم يهاجمه من الخلف مسددا له عدة طعنات حتى يراه مضرجا بالدم أمامه، ومن بعدها يلوذ فارا وسط العتمة بدم بارد، هكذا بكل بساطة.
ولم يكن أبوالعظام يصر على القتل كما يبدو، بل الطعن لمجرد ارتكاب اعتداء ما والتلذذ بالمشهد الدموي، والدليل أن من قتلهم كانوا 5 فقط، فيما لايزال 15 ممن تعرضوا لطعناته أحياء، ومعظمهم ذكروا للمحققين أوصافه وملامح وجهه بشكل خاص، فقام فنيون من دوائر الشرطة في الولايات الثلاث برسم تقريبي لوجهه ثم وزعوا الرسم في كل الولايات المتحدة، لعل وعسى يعرفه احدهم فيدل عليه، أما هو فلم يهتم ولم يكترث، بل تابع جرائمه كالمعتاد.
وفي السيناريو المستمد من بيانات الشرطة وتصريحات مسؤوليها وما ورد في وسائل إعلام أميركية عن أبو العظام الذي اضطرت الشرطة لتوزيع صوره ونشر اسمه كوسيلة ليتعرف إليه بواسطتها من تعرضوا لاعتداءات بحيث يتصلون للتأكيد على هويته فتتحول الشبهة في حقه إلى اتهام رسمي وتنتهي بتوجيه الاتهام، ملابسات غامضة عن سلسلة جرائم ارتكبها واستمرت منذ بدأ بأول اعتداء دموي في مايو الماضي إلى الآن.
وكعادة معظم معارف المرتكبين للجرائم استغرب كثيرون ممن كانت لهم معرفة بالياس أبوالعظام أن يكون هو بطل 20 جريمة اعتداء دموي في 3 أشهر، ودون أي سبب لارتكاب أي منها، وأهمهم حماته السابقة، كمبرلي هيرث، بحسب ما ظهر مما قالته لبعض وسائل الإعلام الأميركية من أن أبوالعظام الذي كان متزوجا من ابنتها جيسيكا نيميتز وطلقها في 2007 بعد العيش معها 3 سنوات دون أن يرزق منها بأولاد: «لا يمكن أن يرتكب جريمة، فقد كان من ألطف الناس» وفق تعبيرها.
كذلك أدلى بدلوه الفلسطيني عبدالله فراح، مدير محل «كينغ ووتر ماركت» في مدينة فلينت بولاية ميتشيغن، حيث اشتغل أبوالعظام أقل من شهر هناك ثم ترك العمل بداية أغسطس الجاري، فقد ذكر أنه «كان شابا طيبا ولطيفا ولم يشتك منه أي موظف عندنا» وفق ما نقلت محطة «فوكس ديترويت» التلفزيونية.