القاهرة ـ علاء عبدالحميد
مازالت جريمة مقتل ابنة ليلى غفران (هبة) وصديقتها نادين، رغم القبض على القاتل، تثير تساؤلات عديدة، خاصة بعد ان ظهر القاتل الذي لا يتعدى عمره العشرين عاما امام المحققين والصحافيين، فالوجه لا يوحي ابدا بوحشية، والجسم هزيل ربما لا يقدر على ذبح دجاجة، فكيف قتل نادين وهبة بكل هذا الانتقام وكأن بينه وبينهما ثأرا قديما والامر كله مجرد محاولة سرقة انتهت بأخذ 200 جنيه وترك الفتاتين غارقتين في الدماء والهروب المضطرب الذي ادى الى كشفه في اقل من 4 ايام؟
وحسب مصادر امنية فحينما انتهى القاتل من السرقة وازهاق روح الفتاتين عاد من حيث اتى عن طريق نافذة المطبخ ومشى مضطربا بعد ان تسلق سور المجمع السكني الى ان وصل الى موقف الميكروباص بعد الفجر، وبسرعة طلب من السائق ان يقوم بتوصيله الى ميدان رمسيس وسط القاهرة مقابل 50 جنيها، وفرح السائق بهذا المبلغ الكبير واخذه الى حيث يريد، لكنه عندما وصل للميدان طلب منه ان يقوم بتوصيله الى حي روض الفرج حيث يسكن هناك.
وبتحريات المباحث تم سؤال اكثر من 50 سائق ميكروباص منهم السائق الذي قام بتوصيل الجاني، حيث افاد بأن المتهم كان في حالة رعب شديد واضطراب واضح في تصرفاته وعرض عليه المبلغ دون ان يطلبه السائق بنفسه، وقد ارشد السائق عن المكان الذي نزل فيه المتهم والبيت الذي دخله وبالتالي تم القبض عليه.
والمثير ان محمود عبدالحفيظ العيسوي (القاتل) كشف في التحقيقات المبدئية عن اسرار ومفاجآت عديدة حول كيفية ارتكابه للجريمة التي حيرت الشرطة المصرية والرأي العام طيلة الاسبوع الماضي بأكمله، بعد اشتعال بورصة التكهنات والسيناريوهات المتعددة التي فرضت نفسها حول كيفية وقوع الحادث ودوافعه وبواعثه والتي اتجهت جميعا في منحى وجود علاقات عاطفية وغرامية وبواعث انتقامية ربما تعود لاسباب عاطفية او غرامية ورغبة عارمة في الانتقام، وكالت الصحافة ووسائل الاعلام الاتهامات للجميع، وتم التفتيش بدقة في دفتر احوال عواطف الفتاتين وعلاقاتهما المتعددة وكأن الفتاتين لم يكفهما النهاية الدرامية المأساوية التي لحقت بهما، ليتم فضح سيرتهما والنبش في ادق خصوصياتهما واسرارهما العاطفية والغرامية وتصرفــاتــهما وعلاقـــاتهـما واصدقائهما وزملائهما في الجامعة وكل من كانوا يعرفونهما ومع الاستبعاد التام لدافع السرقة في البداية عاد ليطل من جديد اكتشاف «العتلة» أو «الاجنة الحديدية» في مسرح الجريمة، ويصبح الامس دافع السرقة هو الباعث الرئيسي وراء الحادث.
القاتل «النحيف» محمود عيساوي وضع في اعترافاته عددا من النقاط فوق الحروف، وان لم تكن كلها، القاتل اكد انه اختار المنزل الذي يسرقه بطريقة عشوائية من بين منازل الحي الارستقراطي الهادئ لقد تسلق القاتل احدى الشجيرات للوصول للطابق الثاني ثم مواسير الصرف الصحي وقام باستخدام «العتلة» أو «الاجنة» في التسلل للشقة عبر نافذة المطبخ الخلفية، وانه بمجرد دخوله تسلل على اطراف اصابعه والتقط مبلغ المائتي جنيه وكانت في حقيبة «هبة» في ردهة المنزل، حصل عليها وكان في طريقه للهروب والعودة من حيث اتى، لكن «هبة» تنبهت له وقامت باستيقافه ونادت «مين» واصبح هو وهي وجها لوجه فقامت بدفعه، وبدأت في الصراخ وحاولت الامساك به مستغلة نحافة جسده، ولكنه التقط سكين المطبخ وسدد لها ثلاثة طعنات وأدى الصياح لاستيقاظ الفتاة الاخرى «نادين» والتي صرخت هي الاخرى وجرت مطاردة بينهما، وانها قامت بدفعه واسقطته ارضا وفي يده السكين وسقطا الاثنان ارضا وقامت نادين وحاولت الهروب، ولكنه تمكن منها بالقرب من دولاب ملابسها وسدد لها عدة طعنات وانها قاومت بعنف وشراسة بالغة بالرغم من اصابتها، وانها بعد ان خارت قواها تماما قام باغلاق الباب عليها وعاد للفتاة الاخرى ووجدها تحاول طلب النجدة من زوجها «علي» كما عرف فيما بعد فاختطف منها الهاتف وقام باغلاقه وسدد لها عدة طعنات اخرى لضمان سكوتها، وانه اصيب بحالة هستيرية نتيجة المقاومة والدماء واكد انه لم يكن ينوي قتل اي منهما ولم يكن يتوقع وجود احد في المنزل، وانه كان يأمل في ان ينصرف بسلام ومعه مبلغ المائتي جنيه، ولكن هبة قامت باعتراض طريقه.
ونفى «محمود» بشدة ان يكون قد حاول الاعتداء على اي من الفتاتين مشددا على انه قام بالسرقة بسبب احتياجه وانه كان يبحث عن المال فقط فحسب، وانه عاد بنفس الطريقة التي دخل بها المنزل.
واكد انه بالتأكيد نادم على ارتكاب الجريمة وانه لم يذق طعم النوم منذ وقوع الحادث، وان القتيلة نادين كانت اقوى منه بدنيا.
ولا احد يدري اذا كان القاتل اللص نادما على الجريمة ام على غبائه بعد اكتشاف انه كانت هناك مبالغ تصل لنحو عشرة آلاف جنيه مع القتيلة الثانية «نادين» اضافة لمجوهرات ذهبية وألماس مع الفتاتين لم يلتفت اليها، واكتفى فيما يبدو بالمائتي جنيه وهاتف «الثريا» الخاص بنادين والذي اختفى من مسرح الجريمة وان كان يؤكد انه لم يحصل عليه.
والسؤال: اذا كان الهدف مجرد السرقة فلماذا القتل بكل هذه البشاعة؟ اجاب خبير قانوني في برنامج العاشرة مساء على قناة دريم الفضائية: ان طريقة القتل تدل على غباء السارق، وانه ليس لصا محترفا لانه طعن بعشوائية مما يدل على انه كان هناك مقاومة عنيفة من الفتاتين، ومما يدل على اضطرابه الشديد انه كانت امامه مبالغ اخرى ومجوهرات لم يسرقها من فرط احساسه بالتورط في شيء لم يكن يخطط له.