- التعليم الجيد كان له الأثر الكبير في صفقة «طلبات»
- صرفت النظر عن الجنسية «كويتي أو غير كويتي»في التعيينات فنجحنا
- رشحت شاباً سورياً خلفاً لي في الرئاسة التنفيذية
- ألزمنا المطاعم المتعاقدين معها بتعويض العميل في حالة أي أخطاء وفي هذا إرساء لمبادئ الأخلاق
عبدالرحمن خالد
تساءل البعض كيف أصبح «فلان» ناجحا وكيف رشح «x» لهذا المنصب الكبير، وكيف ينظم اوقاته بين الحياة العائلية والحياة العملية وما هو سر نجاحه؟ اسئلة عدة تطرح من قبل اشخاص طموحين، ينظرون الى الناجحين كأنهم معجزة أو شيء نادر. من هذا المنطلق، رصدت «الأنباء» بعض الشخصيات التي ألهمت الشباب وفاجأت الكثيرين كالرئيس التنفيذي للموقع الالكتروني طلبات دوت كوم محمد جعفر. محمد جعفر أعطى مثالا يحتذى للشباب الكويتي الطموح، بعد أن قرر المفاوضة على بيع مشروعه على الانترنت، وهو شركة «طلبات» الكويتية لتوصيل طلبات المطاعم في صفقة ضخمة تصل إلى 50 مليون دينار لشركة «روكيت انترنت» الألمانية. ونجح مشروع طلبات في الوصول إلى العالمية بعد أن وجد فرصة استثمارية في الإنترنت، وكان نموذج عمله يقتصر على 3 عناصر رئيسية أعطته الميزة التنافسية، هي «الخدمة الجيدة والصدق في التعامل وجودة المنتج».
ودائما كان جعفر يتحدث في الندوات أو المؤتمرات الصحافية عن «الخلطة السرية» لنجاح مشروعه وكانت تلك الخلطة تتمحور حول منح حصة من الأعمال الخيرية والالتزام بالجانب الديني والإسلامي الحنيف واتباع اساليبه في التجارة والاخلاق والتعيين على أساس الكفاءة وليس الواسطة وكل هؤلاء كان لهم الأثر والمردود الكبير في نجاح أي مشروع.
ويؤمن محمد بفريق عمله ويحثهم على الأداء الأفضل ويحفزهم بطرق عدة، وهنا سر نجاح مشروعه.
ويشجع جعفر الشباب على خوض تجربة الاستثمار في الإنترنت، حيث إن الفرص كثيرة، لكنه ينصحهم بالعمل الدؤوب والجهد كي يحصدوا النتائج الجيدة.
وقد أحدث خبر الصفقة دويا قويا في الكويت حيث فوجئ كثيرون بحجم الصفقة التي اعتبرها البعض مبالغا فيها خصوصا من فئة رجال الأعمال التقليديين غير المؤمنين بالانترنت كمكان لصناعة الثروة.
التعليم وتأثيره على النجاح
كان للتعليم الذي حصله محمد تأثير على قدرته على قراءة زبائن المستقبل قبل غيره والقفز الى الفرصة كما هي حال معظم رواد الأعمال الناجحين، فقد تخرج محمد في جامعة «سري» البريطانية بتخصص الاقتصاد والأعمال، وتشتهر هذه الجامعة بأنها من أفضل جامعات بريطانيا في الهندسة الإلكترونية والعلوم التقنية والتكنولوجيا، وكان محمد قد عاش فترة طويلة في بريطانيا (نحو 12 سنة)، وهو يتقن اللغة الانجليزية، وعمل موظفا في قسم الائتمان في بنك الخليج لمدة 4 أعوام قبل أن يبدأ في تأسيس مطعمه «the kitchen» وأعقبه استحواذه على شركة «طلبات». ويقول: «بدأت مفاوضات مع أصحاب الموقع، كنت أعلم مسبقا أنه ثروة ضخمة، وتمكنت أخيرا من شرائه مع بعض التكاليف بأقل من مليون دينار بقليل».
ويتابع: «كان هناك 7 موظفين فقط في طلبات، وبدأت في عملية التطوير وتحسين أداء الموقع». كما يفتخر محمد بأنه في 4 سنوات تمكن من مضاعفة عدد الموظفين 10 مرات ليصبح 170 موظفا ونجح في الانتشار بـ 6 دول خليجية.
وقد أصبح جعفر نموذجا لنجاح الشباب الكويتي في قطاع الانترنت حيث يعتبر أصغر رئيس تنفيذي يحقق صفقة بهذا الحجم منذ بداية الأزمة المالية.
أبرز 8 نقاط حول الإدارة والفكر الاقتصادي لمحمد جعفر
1 الأخلاق تأتي بالمال
لدى محمد جعفر اسلوب مميز في الحديث عن سر نجاح إدارته للمشروع، فهو يردد دائما مصطلح «الأخلاق» التي كانت عاملا رئيسيا في النجاح، يحاول أن يقدم نموذجا جديدا في الأخلاق التي تولد مالا، وليس المال الذي يأتي بالمال، وهو عكس ما درج الرؤساء التنفيذيون (خصوصا في الكويت) على ترديده.
ويقول جعفر في احدى الندوات إن السبب في خسارة الأموال في الأزمة المالية هو عدم التحلي بالأخلاق مع المساهمين والموظفين والعملاء، وهو أمر ادركه سريعا في مشروع «طلبات» حيث اهتم بإعلاء شأن الأخلاق في التواصل مع العملاء والموظفين والموردين.
ويضيف أن الأخلاق هي الصدق مع العميل وتقديم منتج جيد له وتأمين بيئة متساوية للموظفين والاخلاص مع الموردين.
وفي مسعاه لتطبيق الأخلاق في الشركة، يجسد جعفر احدث المفاهيم الاقتصادية في الإدارة، التي تفترض أن الأخلاق ليست مفهوما معنويا، وانما هو مفهوم يخفض التكلفة على الشركة، لأنه يرفع قيمة الشهرة والسمعة لدى العملاء والشركاء.
2 التوظيف على أساس الكفاءة
يقول جعفر إنه عندما كان يقابل المتقدمين لوظيفة عمل، كان يستبعد المتقدم الذي يسأل عن مواعيد العمل في الشركة، لأنه يرى أن هذا الموظف يفكر في راحته قبل عمله، وهو ما يرجح أنه موظف غير منتج.
ويهتم جعفر بالتوظيف على أساس الكفاءة ويستبعد التوظيف على أساس الواسطة والمحسوبية والجنس والدين والجنسية.
ويقول إن تعيين الأقارب والأصدقاء سيحمل الشركة أعباء مالية ويضعف تنافسيتها في السوق.
وأعطى مثالا في فتح المجال أمام الكفؤ بصرف النظر عن جنسيته (كويتي أو غير كويتي) اذ انه رشح شابا سوريا ليكون خلفه في الرئاسة التنفيذية.
3 الحوكمة بصرف النظر
عن حجم الشركة
يقول محمد جعفر انه عندما بدأ العمل في موقع طلبات اتجه الى تطبيق نظام الحوكمة في شركته رغم أن عدد الموظفين بها قليل.
وباختصار الحوكمة تنظم العلاقات بين أصحاب المصالح (stakeholders) وأهداف وإدارة الشركة، حيث تهدف إلى تحقيق التوازن بين أصحاب المصالح كالعمال (الموظفين)، والعملاء والدائنين (مثل المصارف، وحاملي الأسهم)، والموردين، والمنظمين، والمجتمع بأسره.
وبمعنى آخر، قد تتطلب الحوكمة تكاليف اضافية على شركة صغيرة مثل تلك التي بدأها جعفر، لكنه أراد تطبيق الحوكمة لتحقيق التوازن مع أصحاب المصالح والشفافية في الإدارة، وهو أمر يرى انه أثمر في فترة قليلة عندما بدأت الشركات العالمية في طلب الاستحواذ على الشركة، وأدت لرفع قيمة الشركة.
ومن مبادئ حوكمة الشركات هي: الافصاح والشفافية الكاملة، وتحقيق العدالة وتحديد مسؤوليات مجلس الإدارة.
4 العميل أولا
ويأتي مبدأ الاهتمام بالعميل مثالا على هذه الأخلاق التي رفعت من سمعة موقع طلبات، اذ يقول جعفر انه ألزم المطاعم المتعاقد معها بتعويض العميل في حالة تأخير الوجبة عليه أو في حالة كان بها أي أخطاء، واذا رفض المطعم تعويض العميل يتم انذاره من قبل شركة طلبات، وفي هذا إرساء لمبدأ الأخلاق في العمل والالتزام تجاه العملاء، وتحفيز للعميل على العودة مرة أخرى للشراء بواسطة «طلبات»، وهي سياسة لابد من اتباعها في كل شركة تريد النجاح حيث إن العميل هو مصدر الدخل الأول لكل شركة، وذلك بعد انفتاح السوق وتعدد الشركات العاملة في المجال الواحد، حيث اصبح على الشركات الاهتمام بالعملاء لأنه إذا وجد خدمة سيئة بهذه الشركة فسيتوجه إلى شركة أخرى بكل سهولة.
5 الاستثمار بالإنترنت
ويقول جعفر إن الاستثمار بالإنترنت بالخليج عموما وبالكويت خصوصا مازال في بداية طريقه، وان هناك مجالات كثيرة للاستثمار فيها متوقعا نموا لهذا القطاع.
ويقدم بعض النماذج عن كيفية تحقيق الثروة في هذا القطاع عن طريق الاهتمام بتحليل البيانات والمعلومات، حيث إن الوظيفية الأساسية التي يقوم بها الموظفون داخل «طلبات» هي تحليل بيانات العملاء لمعرفة ما يهمهم وبالتالي معرفة اكثر الوجبات التي عليها الطلب في كل مطعم، فأصبح بإمكان «طلبات» ان يقدم للمطاعم المتعاقد معها بيانات عن اكثر الوجبات المطلوبة لديهم، لذلك يعتبر تحليل البيانات جانبا مهما يجب التركيز عليه في كل شركة تتعامل مع المستهلكين.
6 التعاطي مع الموظفين
ويتحدث جعفر عن ضرورة الاهتمام بالموظفين وتوفير جميع السبل لهم للإبداع وتحقيق قيمة مضافة لعملهم، ويشير إلى أن هناك نية داخل «طلبات» لإعطاء الموظفين لديها حق امتلاك اسهم للشركة منحه حال إدراجها بالبورصة، فهو يجعل بذلك الموظف يمتلك في مكان عمله ما يجعله يجتهد اكثر في العمل ويطور ويبدع أكثر للحفاظ على هذا الكيان الذي يمتلك به، ويعتبر هذا الفكر من أذكى الطرق للتعامل مع الموظفين للحصول على اكبر قدر ممكن من انتاجهم.
7 حصة للأعمال الخيرية
وضمن الأشياء المتبعة في شركة طلبات هو اخراج جزء من دخل الشركة في أعمال الخير، حيث يقول جعفر مثل هذه الأعمال من شأنها أن تحل البركة على الشركة، وفي ذلك جانب ديني وهو التصدق الذي يجعل المال في زيادة مستمرة، ويضيف أن الشركة الألمانية عندما وجدت هذا العمل الخيري في «طلبات» قررت أن تطبقه لديها ولدى فروعها.
8 نصائح للشباب
يعطي جعفر بعضا من النصائح إلى الشباب الطامحين لدخول مجال الاستثمار في الإنترنت بالالتزام بهذه العوامل السابقة وهي أخلاق البزنس وإرضاء العميل والصدق معه بالإضافة إلى تقديم افضل الخدمات، وكذلك تطوير الذات والاهتمام بدراسة كل ما هو جديد من تجارب خارجية ناجحة والاستفادة منها، إذ يدعو جعفر إلى التواصل مع دول أوروبا وتطبيق التجارب الناجحة هناك.
ما هي «طلبات»؟
فحسب موقعها على الإنترنت، فقد بدأت «طلبات» تقدم خدماتها منذ عام 2004 وتعتبر الشركة «سباقة في مجال استخدام الخدمات الإلكترونية في الشرق الأوسط لتقديم طلبات المأكولات»، ويعبر الموقع عن ذلك «موقع طلبات دوت كوم يعتبر مولا تجاريا للمطاعم والمستخدمين على شبكة الإنترنت».
وفي الموقع، بعض المعلومات عن الشركة، حيث لديها قائمة من 2600 مطعم من مختلف أنواع المطابخ العالمية واكثر من 23 ملايين طلب حتى الآن، واكثر من 960.000 مشترك، كما هناك مليون تحميل لتطبيق طلبات على الآيفون والآندرويد وأكثر من 200.000 زيارة يومية للموقع.