عبدالله العنزي
إن خرجت من ديارك باحثا عن المجد، توجه الى كل بقاع المعمورة ولكن إياك والتوجه الى بريطانيا، فهناك شعب يجيد لعبة الغرور جيدا وبالكاد يعترف بالموهبة اذا ما كنت اجنبيا، فهم يرون كل شيء لديهم هو الأفضل، فنهر الراين لا يضاهيه نهر إطلاقا، وساعة البيك بن هي الأدق في العالم، ووليام شكسبير لم تنجب الأمهات شاعرا مثله قط، ولكن ان كسرت تلك القاعدة هناك وبرزغ نجمك فاعلم انك إما ان تكون أسطورة خيالية من ورق كما هيركل بوارو بطل روايات اغاثا كريستي او انك معجزة حقيقية على الارض مثل كرستيانو رونالدو، فالشهرة التي حققهما بوارو ورونالدو من بلاد الضباب فاقت كل الاحتمالات، فالأول كان الشخصية الخيالية الاولى التي أبنت في وفاته بصحيفة النيويورك، اما الثاني فلأنه اصبح الشخص المفضل لدى ثلث سكان الكرة الارضية بدون مبالغة.
رونالدو لم يحتج إلا لفترة بسيطة في صفوف مان يونايتد ليحطم تلك المقولة الشهيرة في عالم كرة القدم «المواهب في اميركا اللاتينية والمدارس في اوروبا»، فذاك الفتى البرتغالي الوسيم أخذ يبهر العالم بأسره وهو يداعب المستديرة بقدميه، فإن ولى بها يمينا قالت جماهير الخصوم «يا ساتر» وان اخذها يسارا ردد المدافعون «لطفا بنا يا رب»، فهو صنع كل شيء في انجلترا، وقاد فريقه الى المجد من بطولة الى اخرى، فكافأته الجماهير بأن تضعه في خانة جورج بست وبوبي تشارلتون، فعلى الرغم من صافرات الاستهجان التي ينالها كلما وطأت قدماه ايا من الملاعب الانجليزية باستثناء «اولدترافولد» الا انه اثبت ثقة كبيرة بالنفس وأخذ يسجل الهدف تلو الآخر محققا 3 بطولات للدوري على التوالي مع مان يونايتد، ليشد الرحال الى ريال مدريد كأغلى لاعب في التاريخ مقابل 132 مليون دولار.
رونالدو لاعب بثقل كبير في أرضية الملعب، وجوده فقط من دون حركة يربك حسابات الخصوم، فتجدهم في حيرة من أمرهم هل نتركه أم نراقبه، وان تحرك في البساط الأخضر قام زملاؤه مرحبين «اسفرت وانورت»، هو لن يكون بحاجة الى احد سوى كرة قدم بين قدميه، وحكم شديد الحزم تجاه الخشونة، اما الباقي فاتركه على ابن البرتغال الذي سيجد ألف طريقة وطريقة ليركن الكرة بها في شباك الخصوم، مرة بقدمه اليمنى، واخرى باليسرى، وتارة برأسه، وهذه من ركلة حرة، وتلك من ركلة جزاء، وان تطلب الأمر «فزعة» من احد فلا تقلق سيجبر احد المدافعين على وضعها في مرماه، كل هذه الأمور يفعلها رونالدو اذا ما دخل المباراة بمزاج سيئ للغاية، اما اذا ما علمت انه «رايق» قبل المباراة، فحدث ولا حرج، فعليك أولا ان تغلق هاتفك الناقل لعدم الإزعاج، ولابد ان تدعو كل اصدقائك لحضور فيلم الموسم الذي يقوم رونالدو ببطولته وكتابته وإخراجه.
والبرتغال التي لم يحالفها الحظ في الحصول على كأس العالم على الرغم من المحاولات الجادة التي قام بها النجم الكبير ايزيبيو دي سلفا في مونديال 1966 ولكنه لم يستطيع الا ان يحقق لقب الهداف آنذاك من دون ان يلامس الكأس الذهبية، الا ان البرتغال أعادت مجدها مع جيل لويس فيغو وروي كوستا ونونو غوميش وتحت قيادة سكولاري في مونديال ألمانيا 2006 الا انها لم تفلح ايضا واكتفت بالمركز الرابع، ولكن هذه المرة سيكون كل شيء على عاتق رونالدو، فقد نضج كثيرا عما كان عليه في 2006، فطريق الشباك الى مرمى الخصوم اصبح اسهل كثيرا، هذا بالإضافة الى تواجد نجوم من وزن لويس ناني، وديكو، وسيماو ليكونوا جنبا الى جنب للعودة من جنوب افريقيا الى لشبونة ببطولة.
هيركل بوارو احتاج الى عوامل عديدة للشهرة في بلاد الضباب، مثل الأناقة، وشاربين كثيفين، وخلايا رمادية صغيرة «ذكائه»، هذا بالإضافة الى الغرور الذي يملكه وهو بلا شك اكتسبه من التعايش في المجتمع البريطاني، أما رونالدو فإنه قد يتشابه كثيرا مع صفات بوارو، فهو يملك الأناقة والذكاء والغرور ايضا الا انه قد يختلف عن بوارو في حلاقة شاربيه، وقد يكون في وقت لاحق بطلا للعالم، من يدري ربما!