قبل مباراة المنتخبين الاسباني والألماني في الدور نصف النهائي، تركز الحديث على اللاعبين الشبان في صفوف المنتخب الألماني، وقدرتهم على تجاوز العقبة الاسبانية والتغلب على أسلوب التمرير المتقن والرائع للاعبي «الماتادور».
ولكن الحسم لم يأت عن طريق الشباب، وإنما عن طريق أحد الجياد الكبيرة حيث أحرز هدف الفوز المدافع الاسباني المخضرم كارليس بويول. ورغم قصر قامته، مقارنة بلاعبي المنتخب الالماني، فقد ارتقى بويول، صاحب تصفيفة الشعر المميزة والمعروفة لدى الجميع، وقابل برأسه الضربة الركنية التي لعبها زميله تشافي هرنانديز في الدقيقة 73 من المباراة ليسقط الشباب الألماني بالضربة القاضية ويصعد بفريقه إلى المباراة النهائية.
وعندما حاول المنتخب الألماني تكرار ما فعله في مباريات عديدة في الماضي والعودة إلى أجواء المباراة، كان بويول نفسه هو من ألقى بجسده في مواجهة تسديدات لاعبي المنتخب الألماني ليحافظ على الفوز الثمين. قدم بويول، نجم خط وسط برشلونة الاسباني، أداء رائعا في المباراة رغم الاتهامات التي وجهت إليه في السابق بأنه يلعب ببطء لا يتناسب مع سرعة مهاجمي الفرق المنافسة. ولكن النجم الاسباني (32 عاما) تغلب على مشكلتي افتقاد السرعة وقصر القامة باتخاذ مواقع جيدة، وكذلك الرغبة الشديدة في استخلاص كل كرة والفوز بكل مباراة، ويقاتل من اجله حتى الرمق الاخير.
وقال تشافي «حالفنا الحظ بتسجيل هذا الهدف اثر ضربة ركنية وبضربة رأس رائعة من بويول».
وتأخرت موهبة بويول كمدافع في الظهور حيث بدأ مسيرته كحارس مرمى، ثم لعب في قطاع الشباب والناشئين بنادي برشلونة كظهير أيمن قبل أن يشارك للمرة الأولى مع الفريق الأول عام 1999، في مركز الظهير الأيمن.
ولكنه انتقل بعدها بعامين فقط إلى مركز قلب الدفاع واختاره الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) أفضل لاعب أوروبي في هذا المركز في أعوام 2005 و2006 و2008.
وأصبح بويول قائدا لفريق برشلونة بداية من موسم 2004/2005، كما فاز بويول مع برشلونة بلقب الدوري الاسباني لموسمين، بالإضافة للقب دوري أبطال أوروبا عام 2006 قبل أن يقود الفريق إلى موسم تاريخي في 2009 حيث فاز الفريق بستة ألقاب، هي دوري وكأس اسبانيا ودوري أبطال أوروبا بالإضافة لكأسي السوبر الاسباني والأوروبي وكأس العالم للأندية.
خاض بويول نحو 500 مباراة مع برشلونة، وشارك للمرة الأولى مع المنتخب الاسباني عام 2000 وكان هدفه في شباك ألمانيا هو الثالث له في 89 مباراة دولية، وربما يصبح الأهم له في مسيرته مع المنتخب، إلا إذا نجح في هز شباك المنتخب الهولندي اليوم في المباراة النهائية. وقال خوان كابديفيلا، زميله في دفاع المنتخب الاسباني «إذا فزنا بلقب كأس العالم، فسنحاول قص شعره (بويول)».
تزاوج وتمازج كروي بين إسبانيا وهولندا
رغم تساوي كفة الفريقين بشكل كبير في المستوى العام والمهارات الفردية وجمال الأداء، تبدو المواجهة هي الأنسب للمنتخب الإسباني من وجوه عدة. ظلت هولندا مستعمرة اسبانية على مدار نحو 200 عاما، ومازال التأثر الاسباني واضحا هناك من خلال الفن المعماري وفنون أخرى.
أما في شأن كرة القدم، فيقدم البلدان كرة جذابة وهجومية، ويشعر كثير من المحايدين في أنحاء العالم بالسعادة لأن النهائي سيجمع بين هذين المنتخبين.
وعلقت إذاعة «ماركا» على ذلك بالقول إن «منتخبي اسبانيا وهولندا دائما ما يقدمان كرة قدم جيدة.. إنها أنباء طيبة لكأس العالم وللعبة بشكل عام أن يلتقي الفريقان في المباراة النهائية».
ومنذ سبعينيات القرن العشرين تركت هولندا تأثيرا هائلا على كرة القدم الاسبانية.
بدأ ذلك بوصول المدرب الهولندي رينوس ميشيلز إلى برشلونة عام 1971 حيث تعاقد نادي برشلونة الاسباني مع ميشيلز مخترع أسلوب «الكرة الشاملة» بعدما قاد هذا المدرب فريق أياكس الشاب إلى الفوز بلقب كأس أوروبا للأندية الأبطال.
وفي عام 1974، وبعد خسارته مع المنتخب الهولندي في نهائي كأس العالم 1974 أمام ألمانيا الغربية، انضم النجم الهولندي يوهان نيسكنز لخط وسط برشلونة ليدعم صفوف الفريق. وأدرك ميشيلز أنه أنشأ بذلك «مستعمرة هولندية» في «كامب نو». وقاد كرويف فريق برشلونة للفوز بلقب وحيد في الدوري الاسباني ولقب وحيد في كأس إسبانيا على مدار السنوات الخمس التي قضاها في الفريق. وعلقت صحيفة «سبورت» الكتالونية الرياضية في مارس الماضي على تعيين كرويف رئيسا فخريا لنادي برشلونة بالقول «منح كرويف برشلونة هوية خاصة ومميزة له من خلال أسلوب لعب واضح». قيل كرويف بشكل مفاجئ في عام 1996 لأسباب مثيرة للجدل، منها شعور بعض مسؤولي النادي بأنه صار صاحب سلطة كبيرة داخل النادي.
ولكن الإقالة لم تكن نهاية التأثير الهولندي على «كامب نو»، ففي عام 1997 تعاقد النادي مع المدرب الهولندي لويس فان غال الذي بدأ في جلب معظم اللاعبين الذي فاز معهم بلقب دوري الأبطال الأوروبي عام 1995 عندما كان مديرا فنيا لأياكس الهولندي.
وبعد 6 شهور من إقالة فان غال عام 2003 (كانت الإقالة الأولى في عام 2000)، أسند النادي مهمة تدريب الفريق إلى مواطنه فرانك رايكارد.
كان أول الهولنديين الذين انضموا لصفوف الفريق هو اللاعب كلارنس سيدورف أحد نجوم أياكس عام 1995 بقيادة فان غال.
وقبل عام 2009 شهدت سجلات ريال مدريد ستة لاعبين هولنديين هم رويستن درينثه ورافاييل فان در فارت وويسلي سنايدر وآريين روبن ورود فان نيستلروي وكلاي سان هونتلار، ولكن الفريق لا يضم حاليا سوى اللاعبين درينثه وفان در فارت.