هو الوليد بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي المخزومي.
ويعد الوليد بن المغيرة من الذين حملوا راية العداء للإسلام والمسلمين وحاول بشتى الوسائل الوقوف في وجه الإسلام. فمن ذلك طلبه مع جماعة من مشركي قريش من النبي صلى الله عليه وسلم ان يشق لهم القمر، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم ربه فاستجاب له، ورغم ذلك بقي على عناده وكفره.
عن أنس رضي الله عنه قال: سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم آية، فانشق القمر بمكة مرتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اشهدوا». ونزل قوله تعالى: (اقتربت الساعة وانشق القمر. وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر) رواه مسلم.
وفي رواية عن ابن مسعود قال: انشق القمر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقالت قريش: هذا سحر ابن أبي كبشة، فقالوا: انتظروا ما يأتيكم به السفار فإن محمدا لا يستطيع ان يسحر الناس كلهم، فجاء السفار فسألوهم فقالوا: نعم، قد رأيناه فأنزل الله تعالى: (اقتربت الساعة وانشق القمر) الآية. اخرجه ابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه، وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في (الدلائل).
وحاول الوليد أيضا مع جمع من صحبه ان يعرضوا على النبي صلى الله عليه وسلم ان يعبد آلهتهم يوما ويعبدوا الله يوما آخر، فباءت محاولتهم بالفشل.
قال ابن هشام: واعترض رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يطوف بالكعبة – فيما بلغني – الأسود بن المطلب، والوليد بن المغيرة، وأميّة بن خلف، والعاص بن وائل السهمي، وكانوا ذوي أسنان في قومهم، فقالوا: يا محمد، هلُمّ فلنعبد ما تعبد، وتعبد ما نعبد، فنشترك نحن وأنت في الأمر، فإن كان الذي تعبد خيرا مما نعبد، كنّا قد أخذنا بحظنا منه، وإن كان ما نعبد خيرا مما تعبد، كنت قد أخذت بحظك منه. فأنزل الله تعالى فيم: (قل يأيها الكافرون. لا أعبد ما تعبدون. ولا أنتم عابدون ما أعبد. ولا أنا عابد ما عبدتم. ولا أنتم عابدون ما أعبد. لكم دينكم ولي دين) سورة الكافرون.
أي: إن كنتم لا تعبدون الله، إلا أن أعبد ما تعبدون، فلا حاجة لي بذلك منكم، لكم دينكم جميعا، ولي ديني.
وهو القائل عن القرآن الذي أُنزل على النبي صلى الله عليه وسلم انه سحر.
فلقد اجتمع إليه نفر من قريش، وكان ذا سنّ فيهم، وقد حضر الموسم فقال لهم: يا معشر قريش، إنه قد حضر هذا الموسم، وإن وفود العرب ستقدم عليكم فيه، وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا، فأجمعوا فيه رأيا واحدا، ولا تختلفوا فيكذّب بعضكم بعضا، ويرد قولكم بعضه بعضا، قالوا: فأنت يا أبا عبد شمس، فقل وأقم لنا رأيا نقول به، قال: بل أنتم فقولوا أسمع، قالوا: نقول كاهن، قال: لا والله ما هو بكاهنٍ، لقد رأينا الكهّان فما هو بزمزمة الكاهن ولا سجعه، قالوا: فنقول: مجنون، قال: ما هو بمجنون، لقد رأينا الجنون وعرفناه، فما هو بخنقه، ولا تخالجه، ولا وسوسته، قالوا: فنقول: شاعر، قال: ما هو بشاعرٍ، لقد عرفنا الشعر كله رجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه، فما هو بالشعر، قالوا: فنقول: ساحر، قال: ما هو بساحرٍ، لقد رأينا السحّار، وسحرهم، فما هو بنفثهم ولا عقدهم، قالوا: فما نقول يا أبا عبد شمس؟ قال: والله إن لقوله لحلاوة، وإن أصله لعذق، وإن فرعه لجناة – قال ابن هشام: ويقال لغدق – وما أنتم بقائلين من هذا شيئا إلا عُرف أنه باطل، وإن أقرب القول فيه لأن تقولوا هو ساحر، جاء بقولٍ هو سحر يفرّق به بين المرء وأبيه، وبين المرء وأخيه، وبين المرء وزوجته، وبين المرء وعشيرته. فتفرّقوا عنه بذلك، فجعلوا يجلسون بسبل الناس حين قدموا الموسم، لا يمر بهم أحد إلا حذّروه إياه، وذكروا لهم أمره.
فأنزل الله تعالى في الوليد بن المغيرة وفي ذلك من قوله: (ذَرني ومن خلقت وحيدا. وجلعت له مالا ممدودا. وبنين شهودا. ومهّدت له تمهيدا. ثم يطمع أن أزيد. كلّا إنه كان لآياتنا عنيدا): أي خصيما. المدثر: 11 – 16.
قال ابن هشام: عنيد: معاند مخالف. قال رؤبة بن العجاج: (من الرجز).
وحن ضرابون رأس العُنّدٍ
وهذا البيت في أرجوزة له.
(سأرهقه صعودا. إنه فكّر وقدّر. فقُتل كيف قدّر. ثم قُتل كيف قدّر. ثم نظر. ثم عبس وبسر) المدثر: 17 – 22.
قال ابن هشام: بسر: كره وجهه. قال العجاج: (من الرجز).
مُضّبر اللحيين بسرا منهسا
يصف كراهية وجهه. وهذا البيت في أرجوزة له.
(ثم أدبر واستكبر. فقال إن هذا إلا سحرٌ يؤثر. إن هذا إلا قول البشر) المدثر: 23 – 25.
(سيرة ابن هشام 1/317).
ذكر ابن اسحاق: ان الوليد لما حضرته الوفاة أوصى بنيه الثلاثة قائلا: أوصيكم بدمي في خزاعة فلا تطلبوه، والله إني لأعلم أنهم منه براء، ورباي في ثقيف فلا تدعوه حتى تأخذوه، وعقري عند أبي أزيهر فلا يفوتكم به.
وكان أبوأزيهر قد زوّج الوليد بنتا له ثم أمسكها عنه، فلم يدخل عليه حتى مات.