- أكد أهمية أن توزن العادات والتقاليد والأعراف بميزان القرآن والسنة
- الحلف بغيـر اللــه لا يجوز بل هو من الكبائر إن اعتقد الإنسـان تعظيم المحلوف به
على المسلم أن يراعي أثناء عمله وتعبده لخالقه سبحانه شرطين هامين، الأول أن يكون العمل صالحا، ولا يكون صالحا إلا بموافقته لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ، وفق ما نقله وفهمه الصحابة رضي الله عنهم ، والثاني أن يكون العمل قد تم فعله لوجه الله سبحانه وتعالى وحده، فلم يقصد به أحدا من الخلق حيا كان أو ميتا، وفقا لقوله تعالى (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا). هذا ما أوضحه الداعية راشد سعد العليمي عبر كتابه صغير الحجم كبير النفع، المسمى «عادات وليست عبادات - تنبيهات وفق ميزان الشرع فيما اعتاده بعض الناس من أمور»، والذي احتوى على جملة من الأقوال والأفعال والمصطلحات التي اعتاد عليها بعض الناس، منها ما يعتقدون أنه من الشرع لكن يكون مصدره التقاليد والأعراف المخالفة للشريعة. وأكد العليمي في لقائه مع «الأنباء» أن النية الطيبة لا تكفي لقبول العمل مثلما أوضح لنا ذلك الصحابي الجليل ابن مسعود رضي الله عنه بقوله «وكم مريد خير لم يبلغه»، مشيرا إلى انه يجب على من عرف السنة الصحيحة أن يرشد وينصح من غفل عنها بلطيف العبارة وجميل البيان، وفيما يلي تفاصيل اللقاء:
حدثنا في البداية عن موضوع الرسالة واهميتها؟
لنعلم أن رعاية الدين مطلب هام، ينبغي على كل مسلم ومسلمة الاهتمام به، وحفظه من كل زلل أو خطأ، خاصة مع تباعد الأيام عن زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكثرة انشغال الناس بالدنيا، وتداخل الثقافات، وقلة العلم الشرعي في معرفة الصحيح مع العادات والموروثات عند طائفة من المسلمين، لهذا كان لزاما على كل من عرف السنة الصحيحة، أن يرشد وينصح من غفل عنها، أو تأثر بما انتشر بين الناس من عادات في الفعل والقول، وأصبحت من الأعراف والقوانين التي تأصلت في قلوب العوام، وتوهموا أنها من الدين، أو أن بعض العادات والتقاليد المباحة صارت مقدمة ومعمولا بها قبل أحكام الشرع الكريم، ومما تجدر الإشارة إليه أن بعض هذه الأخطاء، منها ما يعد خطرا قادحا في دين المسلم إن وقع فيها، ومنها ما يعد من الزلل والهفوات التي يذكر فاعلها ويوجه إلى الصواب، بلطيف العبارة وجميل البيان، إذ ليس كل ما نراه من فعل الناس، يكون حكمه القبول والصحة، بل ينبغي عرضه على ميزان الشرع الصحيح، ومن ثم نحكم بصوابه من زيفه، فمن هذا المنطق أحببت أن أضع هذه الرسالة الموجزة في القراءة، والكاشفة لجملة من الأخطاء التي صدرت عن طائفة من المسلمين، وعلى كل قارئ عدم توهم أن هذه الرسالة فيها تصيد لأخطاء الناس، أو جعل كل ما يفعلونه حراما وخطأ، بل لنتذكر أن النصح هو قوام ديننا، وأيضا فيها نشر لهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم ، من بعد أن انتشرت البدع والجهالات في حياة طائفة من المسلمين باسم عادات وتقاليد متوارثة.
خطة الرسالة
ما الخطة والمنهج الذي اتبعته في تصنيف وتأليف الرسالة؟
جاء ترتيب هذه الرسالة بعون الله بعد المقدمة وبيان مفهومين هامين لجعلهما كميزان شرعي يبين الصواب من الخطأ، وجاءت الرسالة في ثلاثة فصول، ولكل فصل مباحثه المتعلقة به، وفق الآتي، المفهوم الأول وهو ميزان قبول الأعمال، والمفهوم الثاني هو قواعد محددة للبدعة، ثم تأتي فصول ثلاثة، الأول هو من أخطاء الناس في بعض العقائد والعبادات، وأما الفصل الثاني فهو أخطاء في بعض الاعتقادات والأقوال والأفعال العامة، وأما الفصل الثالث والأخير فهو مصطلحات وتعبيرات خاطئة.
هل تذكر لنا بعضا من الأخطاء المنتشرة سواء من الأقوال أو الأفعال أو المعتقدات التي ذكرت في رسالتكم؟
من جهة العبادات، فهناك أمثلة كثيرة، منها اعتقاد البعض أن مشروعية المسح على الخفين لا تكون إلا في فصل الشتاء، بينما الحق أن المسح رخصة لكل زمان ومكان، ومن الأخطاء أيضا مسح العنق في الوضوء رغم أن الأحاديث الواردة فيه ضعيفة لا يصح، ومن أشهر الأخطاء تلفظ البعض بالنية عند الوضوء وعند الصلاة، وذلك لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن جهة الأفعال احتفال البعض ببداية السنة الهجرية وبعيد الحب والسنة الميلادية وبأعياد الميلاد، وبالإسراء والمعراج، ومعلوم أن هذا لم يرد عن سلف الأمة فعله، ومن جهة الأقوال المخالفة، الحلف بغير الله، كالحلف برأس الأب والنبي صلى الله عليه وسلم ، والنعمة، والكعبة، وكل ما سبق من مخلوقات الله، والحلف بغير الله لا يجوز، بل هو من الكبائر إن اعتقد الإنسان فيه، والألفاظ السيئة والدارجة إطلاق اللسان باللعن، وتساهل البعض بقضية شتم الوالدين، وعند العودة للرسالة ستجد توسعا في ذكر هذه الأمثلة.
شروط قبول العمل
متى يقبل الله سبحانه وتعالى الأعمال والأقوال التي يقوم بها المسلم؟
هذا سؤال مهم يجب على المسلم أن يتذكره، ولا يغفل عنه، لأنه ميزان وضابط له في حياته بما يقدمه من قول أو عمل، وحتى المقاصد لينال من رضا الله سبحانه، وجاءت الإجابة من الوحيين الشريفيين، قال تعالى (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم)، وقال تعالى عنه صلى الله عليه وسلم (قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا)، وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت قال النبي صلى الله عليه وسلم «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» رواه مسلم، فبين الله تعالى لنا أن من كان يرجو لقاءه، ونيل ما عنده سبحانه من خير وسعادة فينبغي عليه أن يعمل ويجد في عمله، وأن يراعي أثناء عمله وتعبده لخالقه شرطين هامين، الشرط الأول وهو للأمر الظاهري بأن يكون العمل صالحا، ولا يكون صالحا إلا بموافقته لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وفق ما نقله وفهمه الصحابة رضي الله عنهم، وهذا هو الاتباع، والشرط الثاني هو للأمر الباطني، بأن يكون العمل قد تم فعله لوجه الله سبحانه وتعالى وحده، فلم يقصد به أحدا من الخلق حيا كان أو ميتا، وهذا ما يطلق عليه شرط الإخلاص، ولتتذكر أن النية الطيبة لا تكفي لقبول العمل، مثلما أوضح لنا ذلك الصحابي الجليل ابن مسعود رضي الله عنه بقوله «وكم مريد خير لم يبلغه».
قواعد في معرفة البدعة
كيف يمكننا معرفة البدع من غيرها؟
حرص العلماء قديما وحديثا على تبيين ما يتعلق بالبدع، لأنها من أخطر ما يهدم الدين بعد الشرك، بل هي من السبل الموصلة إلى كل شر، لأنه ما أحييت بدعة إلا أميتت في مقابلها سنة مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن هذا الباب لزاما على المسلم والمسلمة الحذر من البدع، وقراءة الكتب المحذرة منها، ليحقق المسلم العبادة الصحيحة البعيدة عن كل شين حولها، ويمكن معرفة البدع من خلال عدة قواعد، منها القول أو الفعل أو المعتقد المعارض للقرآن أو السنة الصحيحة، ولو كان عن اجتهاد من فاعله، ومنها أن يشرع الإنسان أمرا.
وهذا الأمر لا يمكن تشريعه إلا بنص، أو بتوقيف من الصحابة، فإن لم يكن مع القائل به دليل صحيح عليه يؤيده وإلا فهو بدعة، ومنها أيضا ما يلتصق بالعبادة ويكون من أفعال النصارى وغيرهم.
ومنها ما نص على اباحته بعض العلماء، لاسيما المتأخرين منهم، ولا يكون عندهم دليل على استحبابه، ومنها العبادة التي ورد كيفية فعلها من خلال حديث ضعيف أو موضوع أي مكذوب، وكذلك منها الغلو في العبادة مثل الزيادة في شيء محدود معلوم، وكذلك كل عبادة أطلقها الشارع الحكيم، لكن جاء بعض الناس وقيدوها بقيود وشروط مثل الزمان أو صفة معينة أو عدد محدد، ولنتذكر دائما أن الأصل في العبادات التوقف، أي انها لا تفعل إلا وفق نص شرعي، ونحن لا نعلم ما الأفعال التي يحبها الله سبحانه وتعالى والدالة على طاعتنا له سبحانه الا بواسطة رسله.
ميزان الشرع
هل من كلمة أخيرة تود قولها في نهاية اللقاء؟
بعد إتمام قراءة الكتاب سندرك كم تبلغ كمية المخالفات التي وقع بها بعضهم، والتي أبعدتهم عن الشرع الصحيح، وشط مسار بعضهم عن الهدي النبوي، واستبدلوه بعادات ما أنزل الله بها من سلطان، إلا من باب تمسكهم بعادات وتقاليد وموروثات يجب دائما أن نزنها بميزان الشرع القرآن والسنة النبوية، ولتعلمنا أيضا أن المسؤولية كبيرة على من تعلم أمرا من الدين أن عليه أن يبلغه لغيره ممن جهل السنة.